الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من العصبية وكثرة الشك، فما الطريقة الصحيحة للتخلص منهما؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركات

جزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرًا بموقعكم الأكثر من رائع..

مشكلتي تكمن في أنني منذ فترة كنت أعاني من القلق والوساوس والرهاب، ووصف لي الطبيب دواء ليسبرالكس 20 ملجم، وأريبركس 5 ملجم، بالإضافة إلى زانكس عند حدوث نوبات الفزع فقط عند اللزوم، كما كنت أتناول ريميرون 30 ملجم ليلاً لتحسين المزاج، استمريت على العلاج لعدة أعوام -ولله الحمد-، تحسنت حالتي بشكل جيد جدًا.

بعد التحسن، تزوجت وسافرت إلى الخليج حيث أعمل حاليًا، وزوجتي وابني في بلنا، وأنا هنا مع إخواني ووالدتي في الخليج، تركت العلاج نهائيًا بعد التحسن، لكن في الآونة الأخيرة بدأت أعاني من مشكلة جديدة تتعلق بكثرة العصبية لاتفه الأسباب، وكثرة الشكوك تجاه أهلي وزوجتي، مع العلم أن جميعهم على خلق ودين، سواء أهلي أو زوجتي.

عندما أتصل بزوجتي وأجد هاتفها مشغولًا، أصاب بالشك، ولكنني أسيطر عليه ولا أذكر لها شيئًا عن هذا الشك، ومع ذلك، أشعر بالعتاب الداخلي لدرجة أنني أحتاج إلى البكاء، وليس السبب هو الشك فقط، بل هناك أيضًا ضغوط داخلية أشعر بها، لكنها ليست محددة.

بدأت أشعر أنني أفقد علاقتي مع إخواني، فهم غاضبون من كثرة المشاكل المفتعلة، وعصبيتي الزائدة، ويقولون لي وزوجتي تقول أيضًا: "أنت ليس لك عزيز"، وهذه العصبية الغريبة غير معروفة عليك من قبل، رغم أنك طيب وكريم، وأيضًا يقولون لي: "أنت لا تهتم بمن حولك حتى لو كانوا أقرب الناس إليك، وهذا قد يؤدي إلى خسارتهم بسبب عصبيتك" دائمًا يقولون لي: أنت سريع الحكم على الآخرين، وتتهمهم، وبعدها تندم وتعتذر، ولكن لن يتحملك الجميع في كل مرة تخطئ فيها، كما يقولون لي: من ليس لديه خير في أهله، لا يمكنه أن يكون لديه خير في الناس.

أنا من داخلي، لا أكون مرتاحًا أبدًا عندما أغضب أحدًا، سواء كان من أهلي أو زوجتي أو أي شخص آخر، ومع ذلك لا أستطيع السيطرة على غضبي، ليس من عادتي أن أتصرف هكذا، وأنا غاضب جدًا من نفسي، والندم يكاد يقتلني عندما أزعج أي شخص، وليس أهلي وزوجتي فقط.

كيف أحسن إلى أهلي وإخواني ووالدتي وزوجتي؟ لا أريد أن أخسرهم، وحكمي على نفسي ليس منطقيًا، لكنني تعبت من كثرة العصبية والشكوك، أريد أن أجد حلًا لهذه الشكوك والعصبية، لماذا لا أستطيع أن أكون هادئًا وأفكر بعمق وأحل مشاكلي بهدوء؟ لاحظت أيضًا أنني أصبحت لا أحب الجدل الكثير، ولا أملك الصبر على الأغلب، رغم أنني لم أكن هكذا في السابق.

هدفي الأول والأخير هو رضا الله ورضا الوالدين، وعدم خسارة أهلي وإخواني وزوجتي وأقاربي، فأنا متعب ونادم على ما أنا فيه، ويوجد في داخلي صحوة ضمير، لكنها ليست أقوى من الشر الكامن بداخلي الذي يسبب لي العصبية، أدعو الله أن يخلصني مما أنا فيه بفضله، ومن ثم بمساعدتكم لي.

جزاكم الله عني وعن المسلمين خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت تعاني من مشاكل في الشخصية، وتعاني من سمات في الشخصية، سمات الغيرة والتعصُّب والشكِّ، وتؤثّر هذه السمات في علاقتك مع الآخرين، وينتج عنها الغضب والانفعال والعصبية، وفعلاً تحتاج هذه السمات إلى علاج، وأول خطوات العلاج أنك أدركتَ هذا الشيء، إدراكك هو الذي سيساعدك في التغيير، والتخلص من هذه السمات السلبية الضارة في شخصيتك.

الأدوية النفسية هنا لا تكون هي العلاج وحدها، قد تساعد لفترة ما، ولكنّ العلاج المهم هو العلاج النفسي، من خلال جلسات نفسية، يعطيك المعالج النفسي تمارين للتخلص من هذه السمات السالبة في الشخصية، أو التغلب عليها، من خلال أشياء مُعيّنة تقوم بأدائها، ومهارات مُعينة تُطالبُ بتطبيقها في الحياة، وتراجع مع المعالج النفسي أين نجحتَ وأين فشلت، وهكذا.

والأدوية قد تساعد -كما ذكرتُ- في هذه العملية، في عملية العلاج النفسي، ودواء واحد قد يكفي، إذا استطعت الحصول الآن على السبرالكس مثلاً وأنت في السعودية، استعملتَ السبرالكس مع العلاج النفسي فهذا يكون أفضل.

وهناك أشياء يمكن أن تفعلها أنت -أخي الكريم- وأهمها الرياضة، وبالذات رياضة المشي، لأنها تساعد على الاسترخاء، وعلى إخراج الشحنات السلبية في الشخصية، وأيضًا إذا كان لك صديق تثق فيه من غير الأهل، يمكن أن تتواصل معه، وتفرّغ ما في داخلك، وتُشاركه همومك والأشياء التي تدور في داخلك، وهذا سوف يُساعدك كثيرًا.

المهم أنه يمكن أن تتغيّر، والجيد الآن إدراكك للمشاكل، وكما ذكرتُ لك -إن شاء الله- مع العلاج النفسي ومع أخذ بعض الأدوية، ومع محاولاتك أنت أيضًا بممارسة الرياضة وتغيير نمط الحياة الذي تعيشه، والإكثار من الهوايات، وعدم الاستسلام للشكوك، ومحاولة طردها عندما تبدأ معك، كل هذا -إن شاء الله- يفيد ويساعد في أن تتغيّر إلى الأفضل وتتخلص من هذه الأشياء.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً