الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصرفاتي غير منضبطة، والعصبية تدمر حياتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
جزاكم الله خيرًا على هذا المجهود، وهذا الموقع المبارك.

عمري 22 سنة، أنا شخص غير مستقر نفسيًا، وأعاني من مشاكل في الغضب، وتم تشخيصي بمرض اضطراب ثنائي القطب، أقول أشياء خارجة عن إرادتي، وأؤذي من حولي من عائلة وأصدقاء، هذه المشكلة أثرت بشكل كبير على علاقتي بوالدي، خصوصًا أمي، التي قلت لها أشياء، حتى أسوأ الناس في التاريخ لم يقولوها لوالداتهم.

خسرت الكثير من الأصدقاء؛ لأني أتصرف بشكل غريب عندما أحس بالغضب، أو بأقل مقدار من الاستفزاز، أو التقليل من احترامي، والشيء العجيب هو أنني لا أحس تمامًا بما أفعل، وبما أقول، عندما أكون في تلك الحالة، بل بعد وقت قصير من خروجي من تلك الحالة، أنسى تمامًا ما فعلت وما قلت.

هل أُحاسب عن هذه الأشياء رغم أنها خارجة عن إرادتي؟ هل أُعتبر عاقًا لوالدي؟ رغم أنني أحبهم من كل قلبي، وقد أفعل أي شيء لأجلهم، خصوصًا أمي وأخواتي! هل يمكن أن يكون سبب حالتي هذه السحر؟

أصلي مرة وأتوقف مرة، ولكن إيماني بالله قوي جدًا، وأخاف أن يؤدي بي مرضي لنهاية لم أتخيلها من قبل، أخاف أن يصل بي الأمر للانتحار أو فعل شيء يدمر حياة شخص قريب لي، فهل من حل لمشكلتي؟

رغم كل هذه الجمل، ولكني أحس أنني لم أشرح مشكلتي بشكل كامل، فكما قلت: أنا لست في تحكم كامل بنفسي وشخصي وعقلي، ادعوا لي بالشفاء والمغفرة، والرحمة من الله سبحانه وتعالى، فأنا في خوف دائم من عقاب الله لما أفعل، وأتمنى من كل قلبي أن أصبح شخصًا أفضل وأتوقف عما أفعل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

سأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أنت ذكرت أنه قد تم تشخيصك بأنك تعاني من حالة اضطراب وجداني ثنائي القطبية، وكنت أتمنى أن تذكر لنا تفاصيل علاجك: ما هي المتابعات الطبية التي تقوم بها؟ ما هي الأدوية التي تتناولها؟ لأن الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية يعتبر من الحالات النفسية الأساسية، والتي يجب أن تكون تحت المتابعة الطبية، وهذه الحالات تُعالج بصورة ممتازة جدًا.

ما ذكرته من حالات غضب وانفعالات ومشاكل مع الآخرين، حتى مع الوالدين، ما دام الإنسان مستبصرًا بفعله فهو مسؤول عنه، ولا شك في ذلك، أمَّا فيما يتعلق بالحساب والعقاب في يوم القيامة، فهذا أمره إلى الله تعالى، والله لطيف بعباده، إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.

والإنسان -يا أخي- إذا كان لا يدرك الأمر فعلًا، فهو لا يدرك أنه لا يدرك، هذه حقيقة، فأنا أنصحك، ما دمت مستبصرًا ومدركًا لهذه الأشياء، يجب أن تتجنبها، وأن تكون دائمًا على السلوك القويم، ونحن نعرف أن هنالك علاجات ممتازة جدًا للتخلص من الغضب.

هنالك أدوية مضادة للذهان وتُستعمل في علاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، مثل عقار أولانزابين، أو عقار ريسبيريدون، أو عقار باليبيريدون، كلها أدوية رائعة، أو عقار الليثيوم، هذه أدوية تُستعمل لتثبيت المزاج، وعلاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية بكل انفعالاته السلبية.

فأنا أعتقد -يا أخي الكريم- يجب أن تعرض نفسك على طبيبك مرة أخرى، ويجب أن تكون الخطة العلاجية واضحة جدًا، وأنا متأكد أن الطبيب سوف يقوم بوضع البرنامج العلاجي المناسب والصحيح بالنسبة لحالتك.

لا أعتقد أن الأمر له علاقة بالسحر، هذه حالة طبية نفسية معروفة، والإنسان طبعًا لا بد أن يتحوط، ودائمًا يحرص على تحصين نفسه من السحر وغيره، فأنا أعتقد أن مراجعة الطبيب مهمة، وأرجو أن تفيدني بالعلاجات التي تتناولها، وموضوع الانتحار، أنا حقيقةً أنزعج كثيرًا حين يذكر لي أي شاب أو شابة، أو أي إنسان مسلم عن الانتحار، الحياة طيبة، والحياة هي هبة الله تعالى، والإنسان يجب أن لا يفكر في الانتحار، هذا أمر بشع وأمر فظيع جدًا.

فيا أخي الكريم: الله لطيف بنا، فيجب أن نكون لطفاء بأنفسنا، والحياة طيبة كما ذكرت لك. أرجو إفادتي بالبرامج العلاجية أو الأدوية العلاجية التي تتناولها، وأنا حين أقول البرامج العلاجية، أقصد الأشياء غير الدوائية.

ففي حالتك ممارسة الرياضة مهمة جدًا، تجنب السهر مهم جدًا، لا تُكثر من شرب القهوة والشاي، فالإكثار من الكافيين قد يزيد الانفعالات السلبية عند الناس، مصاحبة الخيرين والطيبين مهمة جدًا، الإبداع في العمل، والحرص على حسن إدارة الوقت، والسعي دائمًا نحو بر الوالدين، هذه كلها أشياء تأهيلية مهمة، أرجو أن تحرص عليها.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا.. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً