الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد الحديث معها، متردد بين تركها وخطبتها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لم أتحدث مع أي فتاة من قبل، حتى لو كانت من أقاربي، ولكن في الجامعة كنت أجيب على أسئلة الزملاء العلمية بنية المساعدة فقط، دون أي شيء آخر، وقد بدأت بعض الفتيات بمراسلتي على الخاص لطلب المساعدة، وكنت أجيبهن بحزم، وبما يخص السؤال فقط.

ولكن في الفصل الثاني، عرضت عليَّ فتاة أن نكون أصدقاء، فلم أرفض مباشرًة، ولكن كنت أنوِ معاملتها كصديقٍ ذكر، كان الحوار أغلبه عن المواد الدراسية، وأحيانًا كانت تستشيرني في مشكلاتها، فقد حاول شاب التحدث معها، فنصحتها بقطع التواصل معه.

مع الوقت، اعترفت الفتاة بحبها لي بنية الزواج، وليس لأي شيء آخر، وهي محتشمة، وتحثني على الأمور الدينية، وقد بدأت بالفعل في حفظ القرآن، وتشجعني على ذلك، تحسنت علاقتها بربها، وأخبرتني بأنها كانت غير منتظمة في الصلاة، ولكنها بدأت التغيير في الثانوية، والتزمت بالحجاب الواسع، وترك البناطيل، واهتمت بالمواظبة على الصلاة وقراءة القرآن، شجعتني على أخذ دورات في السيرة وحفظ القرآن.

في الفترة الأخيرة قررت التوقف عن الحديث معها، وأخبرتها بأنه إذا كان لنا نصيب فسوف يجمعنا الله، فبكت، وأخبرتني بأنها لا تريد التوقف عن التواصل؛ لأنني ساعدتها كثيرًا في تحسين علاقتها بربها ودراستها.

ولم يكن في حديثنا أي تجاوزات في الألفاظ، أو حتى كلام حب كما يسميه البعض، ولا أخاطبها إلا بصيغة المذكر، حتى أنها لم تصرح لي بكلمة حب، بل لمحت إلى ذلك، ولم نتقابل أبدًا، أو نتحدث في مكالمة هاتفية، ولم يكن بيننا صور مرسلة.

أنا مدرك أن ما فعلته ليس صحيحًا، وقد تبت إلى الله، وأفكر الآن في الزواج بها، ولم تمانع في الانتظار لست سنوات، وأتساءل إن كنا نصلح للزواج من بعضنا؟ كما أنها تقول بأنها ستكون مخلصةً حتى لو زال الحب؛ لأنها تقدر المودة والرحمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Anonymous حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

أولاً: نحمد الله الكريم أن جنبك طريق الهلاك، وحبب إليك طريق الطاعة، وهو الفوز العظيم لمن ثبت عليه، وإننا نسأل الله أن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من العشرة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ..... " وهذا طريقك -إن شاء الله- لو صبرت عليه.

ثانيًا: آفة كل متدين -أخي الكريم- هي الخطوة الأولى، والشيطان يستدرج العبد من باب محبب إليه، وقد علمنا القرآن ذلك، ونبهنا على خطورته، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، وقد دخل إليك ابتداء من جواز الحديث معها على أنها ذكر، ثم بعد ذلك على أنها مساعدة، ثم بعد ذلك على أنك لو تركتها قد تبتعد عن تدينها، وهذه كلها -يا طالب الجنة- من خطوات الشيطان، فاحذر صنيعه.

ثالثًا: أنت -والحمد لله- معترف بالخطأ، غير مكابر، وأنت كذلك لا زلت في الخطوات الأولى التي يمكنك التراجع فيها، لذا ننصحك بما يلي:

1- إن كنت قادرًا الآن على الخطبة فاسأل عن الفتاة أولاً من ناحية تدينها، وأخلاقها، عن طريق محارمك، فإن تأكدت من ذلك، فانظر إليها النظرة الشرعية، فإن أعجبتك، فاستخر الله تعالى، وتوكل عليه، وابدأ في خطبتها مباشرةً.

2- إن كنت لا تستطيع الزواج، فاقطع فورًا تلك العلاقة، ولا تبق لها أي ذيل؛ لأن الشيطان كامن في الذيول -يا أخي-، وأخبرها أن الحلال لا يبنى على الحرام، والإنسان لا يدري ماذا في الغد، قل لها: إن قدر الله لنا الزواج فالواجب أن يكون مبنيًا على الحلال الذي لا شبهة فيه، وعليه فلن أتواصل بعد اليوم، وأرجو منك ألا تتواصلي مع أي أجنبي؛ لأن مداخل الشيطان كثيرةً، ثم بعد ذلك احظر الرقم، ثم امسحه، ثم غير كل وسيلة تواصل بينك وبينها، مع مسح كل ما بينكما من رسائل، حتى لا يجذبك الشيطان لقراءتها فتضعف، افعل ذلك، واحتسب الأجر عند الله، وتذكر أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.

3- لا يغرنك الشيطان، أو يخدعنك بمسألة تدينك، أو تدينها، فأنت مسؤول عن نفسك كما هي مسؤولة عن نفسها، والله سيحاسب كل طرف عما قدمته يداه.

4- الإنسان يمر بمراحل متقلبة في حياته، فالشاب قبل العشرين يختلف تفكيره كثيرًا عن الشاب قريب الثلاثين، وأحياناً يتسرع البعض ليعقد آماله على فتاة يراها اليوم أجود ما تكون له وأفضل، لكن بعد فترة من الزمن تتغير بعض نظرته للأمور، فيرى ما كان محببًا إليه ليس على وجهه، ويرى بعض ما كان يتجاهله أصبح ضرورةً، ويكون هنا بين حيرة قاتلة بين الزواج فيمن لا يراها مناسبةً، لكنها انتظرته طويلاً، ورفضت لأجله كل من أراد التقدم، أو التخلص منها، مع ملازمة الندم ووخز الضمير، وهي معادلة شديدة القسوة.

لذلك نقول لك -يا أخي-: أغلق هذا الباب بالكلية، واجتهد في دراستك، واعلم أن الله ما جعل لعبد من قلبين في جوفه، فحدد هدفك، وصوب جهدك إليه، فإذا انتهيت تكون كل الخيارات أمامك مفتوحة، إن رأيت هذه الفتاة هي المناسبة فتقدم لها، وستجد الخير في ذلك بعد الاستشارة والاستخارة، وإن وجدت غيرها أنسب، فلن تجد عناءً أو ندمًا على اختيار الأفضل.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً