الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج بفتاة فيها الصفات التي أحبها، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب -والحمد لله- أؤدي الصلاة، وأقرأ القرآن باستمرار، فأنا بعمر 32 عامًا، وأعمل في وظيفة محترمة، لدي شهادة جامعية، وأمارس الرياضة بانتظام، ومنذ فترة أبحث عن زوجة، مسلمة، تصون نفسها وتصونني، ونكون سندًا لبعضنا، على سنة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، لكن لم أوفَّق بسبب أني أرغب في بعض الصفات التي أحب أن تتوفر في المرأة، كما هو حال أي شاب.

طلبت من والدتي أن تساعدني، لكنها لم تأخذ الأمر بجدية، وكلما أخبرتها تقول لي: من أين آتي لك بواحدة؟ إن شاء الله سيرزقك الله، ولدي أختان، لم تقوما بأي دور لمساعدتي، على الرغم من أن كلتيهما لديهما صديقات، ويعرفن عددًا من الفتيات، بحكم العمل والعلاقات الاجتماعية.

حاولت بنفسي أن أبحث عن فتاة، لكن في كل مرة كان يقف أمامي عائق، كأن تختلف عني في الأخلاق أو في طريقة التفكير، ومنذ فترة، تعرفت على فتاة جميلة وعلى خلق، -الحمد لله-، وبعد دعاء طويل، وجدت فيها الصفات التي أبحث عنها، هي تصلي، وتقرأ القرآن، وأنا متأكد بأنها تناسبني كثيرًا، وشعرت أنها إجابة دعائي -والحمد لله-.

أخبرت والدتي وأخواتي عنها، لكنهن سخرن مني، لأن الفتاة من بلد آخر وتعيش هناك، سألوني: لماذا لم تختر من نفس بلدك؟ فرددت بأنه لا مانع في ذلك، فالفتاة أصغر مني بعام، ولم يسبق لها الزواج، ولا أنا، ونرغب في تكوين حياة زوجية مستقرة -بعون الله-.

والدتي تماطل، وتقول: إنه لا يجوز، ويجب أن أختار فتاة من بلدي، فقلت لها: أنتن لم تساعدنني منذ أربع سنوات، والآن بعدما وجدت فتاة مناسبة، لا تردن مساعدتي!

والدتي بعد ذلك عرضت عليّ صورة فتاة من هاتفها وقالت: انظر، هذه جميلة، فقلت لها: كيف يكون التوافق بمجرد صورة؟!

لقد تعبت كثيرًا من هذه المماطلة، خاصة أن كثيرًا من أصدقائي قد تزوجوا في سنٍّ أصغر، وأنا بحاجة إلى الزواج مثل أي شاب، ولا أجد أي عذر لرفض الفتاة التي أحببتها، وأنا مصر على الارتباط بها، وأدعو الله أن تكون من نصيبي.

أتحدث مع والدتي باستمرار في هذا الموضوع، ولا أريد أن أفقد الفتاة، ولا كذلك رضا أمي، لكن عنادها وخوفها بلا مبرر يرهقني، علماً بأن الفتاة مستعدة للعيش معي في أي بلد أكون فيه، وأشعر تجاهها براحة وخير وطمأنينة، وأرغب في اتخاذ خطوة جديّة أكثر، وقد أخبرت والدتي بذلك، فما الحل؟ أعينوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم والابن الفاضل- في الموقع، ونسأل الله أن يُسهّل أمرك، وأن يضع في طريقك الفتاة الصالحة التي تُسعدك، ونسأل الله أن يجمع بينكما في الخير وعلى الخير، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

أرجو أن تستمر في إقناع الوالدة، ونتمنّى أن تجد من الأخوال والخالات والصالحات، مَن يمكن أن يُؤثّر عليها، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، وطبعًا إذا كان حصل ارتباط وحصل تواصل مع الفتاة المذكورة، ووجدت فيها ما يُعجبك وما يُسعدك؛ أرجو أن تجتهد في إقناعها.

أمَّا إذا كانت الأمور لا تزال في إطار الخيارات، فنحن أيضًا نميل إلى أن تتزوج من بلدك، خاصة إذا كانت هناك صعوبة في انتقال الفتاة، أو لا تتاح لكم فرصة التعرُّف الكامل عليها وعلى أسرتها؛ لأن الزواج ليس علاقة بين شاب وفتاة فقط، لكنه بين أسرتين، وبين بيتين، وبين قبيلتين أحيانًا، والآن بين دولتين، المهم من حقهم أن يسألوا عنكم، ومن حقك أن تسأل عنهم.

إذا كانت الأسرة دورها سلبياً، الوالدة قصّرت، الأخوات قصرنَ، فأرجو أن تتواصل مع العلماء وطُلاب العلم، فإن لديهم طالبات، ولديهم معرفة بالصالحات؛ لأن الزواج من الفتاة، من نفس البيئة، هذا يُعطي ضمانات أكبر في العيش، وفي مصلحة الذريّة التي تأتي، وليس معنى هذا أن الزواج من خارج هذه الدائرة أو من بلدٍ آخر فيه إشكالات، لكن نتمنّى أن تكون الصورة أمامك واضحة.

إذا كانت هذه الفتاة مناسبة -بعد بحثٍ وسؤال عنك وعنها، ووصلتُم إلى هذا الارتياح فيما بينكما- فأرجو أن تجتهد في إقناع الوالدة، وإذا لم يحصل هذا، وكانت هذه السلبية مستمرة؛ فلا مانع من أن ترتبط بالفتاة المذكورة، ونتمنّى قبل ذلك أن تُمهّد الأمر مع أخواتك ومع الوالدة.

بكل حال: نحن نحب أن نؤكد أنك صاحب الرأي، وأنك صاحب المصلحة، ولا يُعتدّ برأي أحد، والد أو والدة، إلَّا إذا كان لاعتبارات شرعية، فإذا لم يكن لهم ملاحظة من الناحية الشرعية، فلا مانع من إكمال مراسيم الزواج، ونتمنّى قبل ذلك أن يكون لك اجتهاد في توضيح الصورة، حتى لو تجعل الفتاة تتواصل معهم، أو يتواصلن مع الفتاة، أو مع أم الفتاة، حتى يحصل بينهن تعارف، وكما قلنا: نتمنّى أن تجد خالة أو خالاً، أو إنساناً مؤثّراً، يستطيع أن يكون له كلمة على والدتك وأخواتك، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

نحن أيضًا لا نؤيد الانتظار الطويل، فنحن في زمان الفتن، وإذا عزمت فتوكل، لكن اجتهد قبل ذلك في فعل ما تستطيعه، إمَّا في البحث عن فتاة في البلد تُناسبك، أو في الاستمرار في إكمال المشوار مع الفتاة المذكورة، إذا كانت أمور السفر وأمور التواصل سهلة.

نسأل الله أن يجمع بينكما في الخير وعلى الخير، وأنت أدّيت ما عليك، وأعطيتهم فرصة، نتمنّى أن يكونوا إيجابيين الآن، ونتمنّى أيضًا أن يتقبّلوا اختيارك؛ لأنك صاحب المصلحة، وأنت مَن ستعيش مع الفتاة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً