الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدعو على من ظلمني وأحاول أن أنتقم منه بنفسي، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إذا دعوتُ الله أن يردّ لي حقي ممَّن ظلمني، وفي الوقت نفسه حاولتُ أن أنتقم منه بنفسي، فهل يكون ذلك صحيحًا، أم أنني أُخالف بذلك الدعاء؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، وينصرك على من ظلمك، وأن يجعل لك من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، وأن يردّ إليك حقك برحمته وفضله.

أولًا: هل يجوز للمظلوم أن يدعو على ظالمه؟

نعم يجوز للمظلوم أن يدعو على ظالمه، وهذا ما بينه النبي ﷺ بقوله: «وَاتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَاب» [متفق عليه]، فالحديث دليل على جواز الدعاء على الظالم، وإخباره بأن هذه الدعوة مستجابة، وفي الحديث القدسي: «وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ فَيُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ»، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ» [رواه الترمذي وابن ماجه].

كما يجوز للمظلوم أن يقدم شكواه إلى الحكومة أو الهيئة المختصة بذلك، كما قال الله تعالى: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ [النساء: 148].

ثانيًا: ما موقف السعي للانتصار باليد بعد الدعاء:

‏وبالنسبة لدعائك بهذا اللفظ "أن يرد الله تعالى لي حقي ممن ظلمني" دعاء ليس فيه أي اعتداء، فأحسنت صنعًا، وبارك الله فيك، أمَّا إن حاولت الانتقام ممن ظلمك، فهذا قد يكون أمرًا زائدًا على الدعاء؛ فإن الانتصار قد حصل بالدعاء، كما قال الإمام أحمد -رحمه الله-: (الدعاء قصاص، ومن دعا على من ظلمه فما صبر)، أي أنه قد انتصر لنفسه.

وفي الحديث يقول الرسول ﷺ: «مَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدِ انْتَصَرَ» [رواه الترمذي]، فلو اقتصرت على الدعاء دون السعي في الانتقام فهو أقرب إلى العدل، وإن صبرت وعفوت فهو أقرب إلى الإحسان.

ثالثًا: شروط وضوابط للدعاء على الظالم:

‏مع بيان أن العفو والإصلاح أفضل لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى:40]، مع الإشارة إلى أن الدعاء على الظالم يشترط فيه ألا يتعدى بالدعاء على غير الظالم، فلا يجوز الدعاء على أولاد الظالم أو أهله أو أسرته، وحينما يكون الدعاء خاصًا بالظالم نفسه، فلا يجوز أيضًا الزيادة في الدعاء، وإنما يكون بقدر الظلم.

نسأل الله أن يُقدّر لك الخير حيث كان ويرضّيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً