الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طرق القراءات العشر مقطوع بصحتها

السؤال

نُقل عن الصحابة القرآن الكريم بطرقٍ متعددة؛ حيث ذكر ابن الجزري في كتابه النشر في القراءات العشر أنه أحصى (980) طريقًا. فهل جميع هذه الطرق متواترة؟ وإذا أردنا طباعة المصحف بكل هذه الطرق، فهل سنحتاج إلى طباعة 980 مصحفًا مختلفًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن أغلب طرق القراءات العشرية مروية بالتواتر، وما لم يبلغ التواتر منها ثبتت روايته، وقد جزم الجزري بأنه صحيح مقطوع به، فقد قال في كتابه منجد المقرئين ومرشد الطالبين (ص: 21) بعد كلام له في الكتب المؤلفة في العشر، قال -رحمه الله تعالى-: فإن قلت: قد وجدنا في الكتب المشهورة المتلقاة بالقبول تباينا في بعض الأصول والفرش كما في الشاطبية نحو قراءة ابن ذكوان "تَتَّبِعَان" بتخفيف النون، وقراءة هشام "أَفْئيدَةً" بياء بعد الهمزة، وغير ذلك من التسهيلات، والإمالات التي لا توجد في غيرها من الكتب إلا في كتاب أو اثنين، وهذا لا يثبت به تواتر. قلت: هذا وشبهه وإن لم يبلغ مبلغ التواتر، صحيح مقطوع به، نعتقد أنه من القرآن، وأنه من الأحرف السبعة التي نزل القرآن بها، والعدل الضابط إذا انفرد بشيء تحتمله العربية والرسم واستفاض وتلقي بالقبول، قطع به، وحصل به العلم، وهذا قاله الأئمة في الحديث المتلقى بالقبول أنه يفيد القطع، وبحثه الإمام أبو عمرو بن الصلاح في كتابه علوم الحديث، وظن أن أحدًا لم يسبقه إليه، وقد قاله قبله الإمام أبو إسحاق الشيرازي في كتابه "اللمع في أصول الفقه" ونقله الإمام الثقة مجتهد عصره أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية عن جماعة من الأئمة منهم القاضي عبد الوهاب المالكي، والشيخ أبو حامد الإسفرايني، والقاضي أبو الطيب الطبري، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي من الشافعية، وابن حامد، وأبو يعلى بن الفراء، وأبو الخطاب، وابن الزغوني، وأمثالهم من الحنابلة، وشمس الأئمة السرخسي من الحنفي.
قال ابن تيمية: وهو مذهب أهل الكلام من الأشعرية وغيرهم، كأبي إسحاق الإسفرايني وابن فورك. قال: وهو مذهب أهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة.
قلت: فثبت من ذلك أن خبر الواحد العدل الضابط إذا حفته قرائن يفيد العلم، ونحن ما ندعي التواتر في كل فرد مما انفرد به بعض الرواة أو اختص ببعض الطرق، لا يدعي ذلك إلا جاهل لا يعرف ما التواتر، وإنما المقروء به عن القراء العشرة على قسمين: متواتر وصحيح مستفاض متلقى بالقبول، والقطع حاصل بهما
. اهـ.

والطرق التي عدها ابن الجزري وغيره 980 طريقًا، فكثير منها لا يوجد بينها اختلاف جوهري، إنما يذكرونها لإثبات الرواية، بمعنى أن أصول الرواية وفرشها لا يتغير، وإنما المتغير هو السند فقط.

وقد تكون متفقة فيما يقرب من 98 % وإنما الاختلاف بينها في بعض الأوجه، والدافع لهم على إبراز كل طريق عن الأخرى هو شدة التحري والدقة عندهم، حيث إن القارئ يثبت ما قرأه على شيخه، ويصير مؤلفًا، فيأخذه العلماء طريقًا جديدا، وهذا ممدوح لا مذموم.

ومثال هذه الطرق أن: الإمام حفص له أربع وخمسون (54) طريقًا في النشر، وتدور كلها على أربع طرق:

حفص بقصر المد المنفصل.

حفص بتوسط المد المنفصل.

حفص بالسكت على الساكن قبل الهمز.

حفص بغنة النون عند اللام والراء.

وهذه هي الطرق الرئيسة، ويدخل تحت كل طريق منها طرق فرعية، تتفق فيما بينها وتختلف في السند، أو طرق تختلف في قاعدة أو قاعدتين كمن يقرأ (يبصط وبصطة) بالسين أو الصاد. والأمر سهل يسير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني