[ ص: 128 ] السادس
nindex.php?page=treesubj&link=28716الإلحاد في أسمائه - تعالى - المشار إليه في قوله - تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها ، وهو مأخوذ من الميل كما تدل عليه مادة - ل ح د ، تقول العرب : التحد فلان إلى فلان ، إذا عدل إليه ، فالإلحاد في أسمائه - تعالى - أنواع :
( أحدها ) : أن تسمى الأصنام بها كتسميتهم اللات من الإلهية ، والعزى من العزيز ، وتسميتهم الصنم إلها ، وهذا إلحاد حقيقة ، فإنهم عدلوا بأسمائه إلى أوثانهم وآلهتهم الباطلة .
( الثاني ) : تسميته بما لا يليق بجلاله ، كتسمية النصارى له أبا ، وتسمية الفلاسفة له موجبا بذاته أو علة فاعلة بالطبع ، ونحو ذلك .
( والثالث ) : وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص ، كقول أخبث اليهود إنه فقير ، وقولهم إنه استراح بعد أن خلق خلقه ، وقولهم يد الله مغلولة ، وأمثال ذلك مما هو إلحاد في أسمائه وصفاته .
( ورابعها ) : تعطيل الأسماء عن معانيها ، وجحد حقائقها ، كقول
الجهمية ومن تبعهم : إن أسماءه - تعالى - ألفاظ مجردة ، لا تتضمن صفات ولا معاني ، فيطلقون عليه اسم السميع والبصير والحي والرحيم ، والمتكلم والمريد ، ويقولون : لا حياة له ، ولا سمع ، ولا بصر ، ولا كلام ، ولا إرادة تقوم به ، وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلا ولغة وشرعا وفطرة ، وهو مقابل لإلحاد المشركين .
( وخامسها ) : تشبيه صفاته - تعالى - بصفات خلقه ، فهو إلحاد في مقابلة إلحاد المعطلة ، تعالى الله عن إلحادهم علوا كبيرا ، وبرأ الله أتباع رسوله وورثة نبيه القائمين بسنته عن ذلك كله ، فلم يصفوه إلا بما وصف به نفسه ، ووصفه به نبيه ، فأثبتوا له الأسماء والصفات ، ونفوا عنه مشابهة المخلوقات ، فكان إثباتهم بريئا من التمثيل ، وتنزيههم خليا عن التعطيل ، والله يهدي من يشاء إلى سواء السبيل . انتهى ملخصا من البدائع ، والله الموفق .
[ ص: 128 ] السَّادِسُ
nindex.php?page=treesubj&link=28716الْإِلْحَادُ فِي أَسْمَائِهِ - تَعَالَى - الْمُشَارُ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) هُوَ الْعُدُولُ بِهَا وَبِحَقَائِقِهَا وَمَعَانِيهَا عَنِ الْحَقِّ الثَّابِتِ لَهَا ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَيْلِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مَادَّةُ - ل ح د ، تَقُولُ الْعَرَبُ : الْتَحَدَ فُلَانٌ إِلَى فُلَانٍ ، إِذَا عَدَلَ إِلَيْهِ ، فَالْإِلْحَادُ فِي أَسْمَائِهِ - تَعَالَى - أَنْوَاعٌ :
( أَحَدُهَا ) : أَنْ تُسَمَّى الْأَصْنَامُ بِهَا كَتَسْمِيَتِهِمُ اللَّاتَ مِنَ الْإِلَهِيَّةِ ، وَالْعُزَّى مِنَ الْعَزِيزِ ، وَتَسْمِيَتِهِمُ الصَّنَمَ إِلَهًا ، وَهَذَا إِلْحَادٌ حَقِيقَةً ، فَإِنَّهُمْ عَدَلُوا بِأَسْمَائِهِ إِلَى أَوْثَانِهِمْ وَآلِهَتِهِمُ الْبَاطِلَةِ .
( الثَّانِي ) : تَسْمِيَتُهُ بِمَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ ، كَتَسْمِيَةِ النَّصَارَى لَهُ أَبًا ، وَتَسْمِيَةِ الْفَلَاسِفَةِ لَهُ مُوجَبًا بِذَاتِهِ أَوْ عِلَّةً فَاعِلَةً بِالطَّبْعِ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ .
( وَالثَّالِثُ ) : وَصْفُهُ بِمَا يَتَعَالَى عَنْهُ وَيَتَقَدَّسُ مِنَ النَّقَائِصِ ، كَقَوْلِ أَخْبَثِ الْيَهُودِ إِنَّهُ فَقِيرٌ ، وَقَوْلِهِمْ إِنَّهُ اسْتَرَاحَ بَعْدَ أَنْ خَلَقَ خَلْقَهُ ، وَقَوْلِهِمْ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ إِلْحَادٌ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ .
( وَرَابِعُهَا ) : تَعْطِيلُ الْأَسْمَاءِ عَنْ مَعَانِيهَا ، وَجَحْدُ حَقَائِقِهَا ، كَقَوْلِ
الْجَهْمِيَّةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ : إِنَّ أَسْمَاءَهُ - تَعَالَى - أَلْفَاظٌ مُجَرَّدَةٌ ، لَا تَتَضَمَّنُ صِفَاتٍ وَلَا مَعَانِيَ ، فَيُطْلِقُونَ عَلَيْهِ اسْمَ السَّمِيعِ وَالْبَصِيرِ وَالْحَيِّ وَالرَّحِيمِ ، وَالْمُتَكَلِّمِ وَالْمُرِيدِ ، وَيَقُولُونَ : لَا حَيَاةَ لَهُ ، وَلَا سَمْعَ ، وَلَا بَصَرَ ، وَلَا كَلَامَ ، وَلَا إِرَادَةَ تَقُومُ بِهِ ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْإِلْحَادِ فِيهَا عَقْلًا وَلُغَةً وَشَرْعًا وَفِطْرَةً ، وَهُوَ مُقَابِلٌ لِإِلْحَادِ الْمُشْرِكِينَ .
( وَخَامِسُهَا ) : تَشْبِيهُ صِفَاتِهِ - تَعَالَى - بِصِفَاتِ خَلْقِهِ ، فَهُوَ إِلْحَادٌ فِي مُقَابَلَةِ إِلْحَادِ الْمُعَطِّلَةِ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ إِلْحَادِهِمْ عُلُوًّا كَبِيرًا ، وَبَرَّأَ اللَّهُ أَتْبَاعَ رَسُولِهِ وَوَرَثَةَ نَبِيِّهِ الْقَائِمِينَ بِسُنَّتِهِ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ، فَلَمْ يَصِفُوهُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ ، وَوَصَفَهُ بِهِ نَبِيُّهُ ، فَأَثْبَتُوا لَهُ الْأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ ، وَنَفَوْا عَنْهُ مُشَابَهَةَ الْمَخْلُوقَاتِ ، فَكَانَ إِثْبَاتُهُمْ بَرِيئًا مِنَ التَّمْثِيلِ ، وَتَنْزِيهُهُمْ خَلِيًّا عَنِ التَّعْطِيلِ ، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ . انْتَهَى مُلَخَّصًا مِنَ الْبَدَائِعِ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .