( فصل ) :
وأما صلاة التطوع فالكلام فيها يقع في مواضع : في بيان أن
nindex.php?page=treesubj&link=20544التطوع هل يلزم بالشروع ، وفي بيان مقدار ما يلزم منه بالشروع ، وفي بيان أفضل التطوع ، وفي بيان ما يكره من التطوع ، وفي بيان ما يفارق التطوع الفرض فيه .
أما الأول فقد قال أصحابنا :
nindex.php?page=treesubj&link=20544إذا شرع في التطوع يلزمه المضي فيه ، وإذا أفسده يلزمه القضاء ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يلزمه المضي في التطوع ولا القضاء بالإفساد وجه قوله : أن التطوع تبرع وأنه ينافي الوجوب ، وإذا لم يجب المضي فيه لا يجب القضاء بالإفساد ; لأن القضاء تسليم مثل الواجب ، ولنا أن المؤدى عبادة ، وإبطال العبادة حرام لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=33ولا تبطلوا أعمالكم } فيجب صيانتها عن الإبطال ، وذا بلزوم المضي فيها ، وإذا أفسدها فقد أفسد عبادة واجبة الأداء فيلزمه القضاء جبرا للفائت كما في المنذور والمفروض ، وقد خرج الجواب كما ذكره أنه تبرع ; لأنا نقول : نعم قبل الشروع .
وأما بعد الشروع فقد صار واجبا لغيره وهو صيانة المؤدى عن البطلان ولو
nindex.php?page=treesubj&link=20544_1724افتتح الصلاة مع الإمام وهو ينوي التطوع والإمام في الظهر ثم قطعها فعليه قضاؤها لما قلنا ، فإن دخل معه فيها ينوي التطوع فهذا على ثلاثة أوجه : إما أن ينوي قضاء الأولى ، أو لم يكن له نية أصلا ، أو نوى صلاة أخرى ففي الوجهين الأولين يسقط عنه ، وتنوب هذه عن قضاء ما لزمه بالإفساد عندنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر لا يسقط وجه قوله : إن ما لزمه بالإفساد صار دينا في ذمته كالصلاة المنذورة فلا يتأدى خلف إمام يصلي صلاة أخرى ، ولنا أنه لو أتمها حين شرع فيها لا يلزمه شيء آخر ، فكذا إذا أتمها بالشروع الثاني ; لأنه ما التزم بالشروع إلا أداء هذه الصلاة مع الإمام ، وقد أداها وإن نوى تطوعا آخر ذكر في الأصل أنه ينوب عما لزمه بالإفساد ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف ، وذكر في زيادات الزيادات أنه لا ينوب وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد ووجهه أنه لما نوى صلاة أخرى فقد أعرض عما كان دينا عليه بالإفساد ، فلا ينوب هذا المؤدى عنه بخلاف الأول وجه قولهما : أنه ما التزم في المرتين إلا أداء هذه الصلاة مع الإمام ، وقد أداها والله أعلم .
( فَصْلٌ ) :
وَأَمَّا صَلَاةُ التَّطَوُّعِ فَالْكَلَامُ فِيهَا يَقَعُ فِي مَوَاضِعَ : فِي بَيَانِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20544التَّطَوُّعَ هَلْ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ ، وَفِي بَيَانِ مِقْدَارِ مَا يَلْزَمُ مِنْهُ بِالشُّرُوعِ ، وَفِي بَيَانِ أَفْضَلِ التَّطَوُّعِ ، وَفِي بَيَانِ مَا يُكْرَهُ مَنْ التَّطَوُّعِ ، وَفِي بَيَانِ مَا يُفَارِقُ التَّطَوُّعُ الْفَرْضَ فِيهِ .
أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا :
nindex.php?page=treesubj&link=20544إذَا شَرَعَ فِي التَّطَوُّعِ يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ فِيهِ ، وَإِذَا أَفْسَدَهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَا يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ فِي التَّطَوُّعِ وَلَا الْقَضَاءُ بِالْإِفْسَادِ وَجْهُ قَوْلِهِ : أَنَّ التَّطَوُّعَ تَبَرُّعٌ وَأَنَّهُ يُنَافِي الْوُجُوبَ ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ الْمُضِيُّ فِيهِ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْإِفْسَادِ ; لِأَنَّ الْقَضَاءَ تَسْلِيمٌ مِثْلُ الْوَاجِبِ ، وَلَنَا أَنَّ الْمُؤَدَّى عِبَادَةٌ ، وَإِبْطَالُ الْعِبَادَةِ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=33وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } فَيَجِبُ صِيَانَتُهَا عَنْ الْإِبْطَالِ ، وَذَا بِلُزُومِ الْمُضِيِّ فِيهَا ، وَإِذَا أَفْسَدَهَا فَقَدْ أَفْسَدَ عِبَادَةً وَاجِبَةَ الْأَدَاءِ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ جَبْرًا لِلْفَائِتِ كَمَا فِي الْمَنْذُورِ وَالْمَفْرُوضِ ، وَقَدْ خَرَجَ الْجَوَابُ كَمَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ ; لِأَنَّا نَقُولُ : نَعَمْ قَبْلَ الشُّرُوعِ .
وَأَمَّا بَعْدَ الشُّرُوعِ فَقَدْ صَارَ وَاجِبًا لِغَيْرِهِ وَهُوَ صِيَانَةُ الْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=20544_1724افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ يَنْوِي التَّطَوُّعَ وَالْإِمَامُ فِي الظُّهْرِ ثُمَّ قَطَعَهَا فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا لِمَا قُلْنَا ، فَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فِيهَا يَنْوِي التَّطَوُّعَ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : إمَّا أَنْ يَنْوِيَ قَضَاءَ الْأُولَى ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا ، أَوْ نَوَى صَلَاةً أُخْرَى فَفِي الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَسْقُطُ عَنْهُ ، وَتَنُوبُ هَذِهِ عَنْ قَضَاءِ مَا لَزِمَهُ بِالْإِفْسَادِ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ لَا يَسْقُطُ وَجْهُ قَوْلِهِ : إنَّ مَا لَزِمَهُ بِالْإِفْسَادِ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ كَالصَّلَاةِ الْمَنْذُورَةِ فَلَا يَتَأَدَّى خَلْفَ إمَامٍ يُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى ، وَلَنَا أَنَّهُ لَوْ أَتَمَّهَا حِينَ شَرَعَ فِيهَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ ، فَكَذَا إذَا أَتَمَّهَا بِالشُّرُوعِ الثَّانِي ; لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ بِالشُّرُوعِ إلَّا أَدَاءَ هَذِهِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ ، وَقَدْ أَدَّاهَا وَإِنْ نَوَى تَطَوُّعًا آخَرَ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَنُوبُ عَمَّا لَزِمَهُ بِالْإِفْسَادِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ ، وَذُكِرَ فِي زِيَادَاتِ الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَنُوبُ وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا نَوَى صَلَاةً أُخْرَى فَقَدْ أَعْرَضَ عَمَّا كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ بِالْإِفْسَادِ ، فَلَا يَنُوبُ هَذَا الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَجْهُ قَوْلِهِمَا : أَنَّهُ مَا الْتَزَمَ فِي الْمَرَّتَيْنِ إلَّا أَدَاءَ هَذِهِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ ، وَقَدْ أَدَّاهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .