[ ص: 96 ] 7
ودخلت سنة سبع
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=29332غزوة خيبر لما عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من
الحديبية أقام
بالمدينة ذا الحجة وبعض المحرم ، وسار إلى
خيبر في ألف وأربعمائة رجل ، معهم مائتا فارس ، وكان مسيره إلى
خيبر في المحرم سنة سبع ، واستخلف على
المدينة سباع بن عرفطة الغفاري ، فمضى حتى نزل بجيشه
بالرجيع ؛ ليحول بين
أهل خيبر وغطفان ؛ لأنهم كانوا مظاهرين لهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقصدت
غطفان خيبر ليظاهروا
يهود عليه ، ثم خافوا المسلمين أن يخلفوهم في أهليهم وأموالهم ، فرجعوا ، ونزلوا بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ويهود ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025897فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال في مسيره لعامر بن الأكوع ، عم nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن عمرو بن الأكوع : احد لنا ، فنزل ، وحداهم يقول :
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم : رحمك الله ! فقال له عمر : هلا أمتعتنا به يا رسول الله ! وكان إذا قالها لرجل قتل ، فلما نازلوا خيبر بارز عامر ، فعاد عليه سيفه فجرحه جرحا [ ص: 97 ] شديدا ، فمات منه ، فقال الناس : إنه قتل نفسه . فقال سلمة ابن أخيه للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما قالوا ، فقال : كذبوا ، بل له أجره مرتين . فلما أشرف عليها قال لأصحابه : قفوا . ثم قال : اللهم رب السماوات وما أظللن ، ورب الأرضين وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، ورب الرياض وما أذرين ، نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها ، أقدموا بسم الله . وكان يقول ذلك لكل قرية يقدمها .
ونزل خيبر ليلا ولم يعلم أهلها ، فخرجوا عند الصباح إلى عملهم بمساحيهم ، فلما رأوه عادوا وقالوا : محمد والخميس ، يعنون الجيش ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : الله أكبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=177فساء صباح المنذرين .
ثم حصرهم وضيق عليهم ، وبدأ بالأموال يأخذها مالا مالا ، ويفتحها حصنا حصنا ، فكان أول حصن افتتحه حصن ناعم ، وعنده قتل
محمود بن سلمة ، ألقي عليه منه رحى فقتلته ، ثم القموص حصن بني
أبي الحقيق ، وأصاب منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبايا ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=199صفية بنت حيي بن أخطب ، وكانت عند
كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق ، فاصطفاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه ، وفشت السبايا في المسلمين ، وأكلوا لحوم الحمر الإنسية ، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها .
وكان
الزبير بن باطا القرظي قد من على
nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية يوم بعاث ، فأطلقه ، فلما كان الآن أتاه
ثابت فقال له : أتعرفني ؟ قال : وهل يجهل مثلي مثلك ! قال : أريد أن أجزيك بيدك عندي . قال : إن الكريم يجيز الكريم . فأتى
ثابت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : كان
للزبير عندي يد أريد أن أجزيه بها فهبه لي . فوهبه له . فأتاه فقال له : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد وهب لي دمك فهو لك . قال : شيخ كبير لا أهل له ولا ولد ، فاستوهب
ثابت أهله وولده من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوهبهم له . فقال
الزبير : أهل بيت
بالحجاز لا مال لهم ، فاستوهب
ثابت ماله من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوهبه له ، فمن عليه بالجميع .
فقال
الزبير : أي
ثابت ، ما فعل الذي كان وجهه مرآة صقيلة ، يتراءى فيها عذارى الحي ؛
كعب بن أسد ؟ قال : قتل . قال : فما فعل سيد الحاضر والبادي ؛
حيي بن أخطب ؟ قال : قتل . قال : فما فعل مقدمتنا إذا شددنا ، وحاميتنا إذا كررنا ؛
عزال بن سموال ؟ قال . قتل . قال : فما فعل المجلسان ؟ يعني
بني كعب بن قريظة ،
وبني عمرو بن قريظة . قال :
[ ص: 98 ] ذهبوا .
قال : فإني أسألك يا
ثابت بيدي عندك إلا ما ألحقتني بهم ، فوالله ما في العيش بعدهم خير . فقتله .
ثم افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصن الصعب ، وهو أكثرها طعاما وودكا ، ثم قصد حصنهم الوطيح والسلالم ، وكانا آخر ما افتتح ، فخرج منه
مرحب اليهودي وهو يقول :
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحيانا وحينا أضرب إذا الليوث أقبلت تلهب
كان حماي كالحمى لا يقرب
وسأل المبارزة ، فخرج إليه
nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة وقال : أنا والله الموتور الثائر ، قتلوا أخي بالأمس .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025898فأقره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمبارزته وقال : اللهم أعنه عليه ، فخرج إليه فتقاتلا طويلا ، ثم حمل
مرحب على
nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة فضربه ، فاتقاه بالدرقة ، فوقع سيفه فيها ، فعضت به فأمسكته ، وضربه
محمد بن مسلمة حتى قتله . ثم خرج أخوه
ياسر وهو يقول :
قد علمت
خيبر أني
ياسر شاكي السلاح بطل مغاور
وطلب المبارزة ، فخرج إليه
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام ، فقتله
الزبير .
وقيل : إن الذي قتل
مرحبا وأخذ الحصن -
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب . وهو الأشهر والأصح .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة الأسلمي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025899كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربما أخذته الشقيقة ، فيلبث اليوم واليومين لا يخرج ، فلما نزل خيبر أخذته فلم يخرج إلى الناس ، فأخذ أبو بكر الراية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نهض فقاتل قتالا شديدا ، ثم رجع فأخذها عمر ، فقاتل قتالا شديدا هو أشد من القتال الأول ، ثم رجع ، فأخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أما والله لأعطينها غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يأخذها عنوة . وليس ثم علي ، [ ص: 99 ] كان قد تخلف بالمدينة لرمد لحقه ، فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته هذه تطاولت لها قريش ، فأصبح فجاء علي على بعير له حتى أناخ قريبا من خباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أرمد ، قد عصب عينيه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ما لك ؟ قال : رمدت بعدك . فقال له : ادن مني . فدنا منه ، فتفل في عينيه ، فما شكا وجعا حتى مضى لسبيله . ثم أعطاه الراية ، فنهض بها وعليه حلة حمراء ، فأتى
خيبر ، فأشرف عليه رجل من
يهود فقال : من أنت ؟ قال : أنا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب . فقال اليهودي : غلبتم يا معشر
يهود ، وخرج
مرحب صاحب الحصن ، وعليه مغفر يماني قد نقبه مثل البيضة على رأسه ، وهو يقول :
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
فقال
علي :
أنا الذي سمتني أمي حيدره أكيلكم بالسيف كيل السندره
ليث بغابات شديد قسوره
فاختلفا ضربتين ، فبدره
علي فضربه ، فقد الحجفة والمغفر ورأسه حتى وقع في الأرض ، وأخذ
المدينة .
قال
أبو رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025900خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برايته إلى خيبر ، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله ، فقاتلهم ، فضربه يهودي فطرح ترسه من يده ، فتناول علي بابا كان عند الحصن فترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ، ثم ألقاه من يده ، فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه .
وكان فتحها في صفر .
فلما فتحت خيبر جاء بلال بصفية وأخرى معها على قتلى يهود ، فلما رأتهم التي مع صفية صرخت وصكت وجهها ، وحثت التراب على رأسها ، فاصطفى رسول الله [ ص: 100 ] - صلى الله عليه وسلم - صفية ، وأبعد الأخرى وقال : إنها شيطانة - لأجل فعلها . وقال nindex.php?page=showalam&ids=115لبلال : أنزعت منك الرحمة ؟ جئت بهما على قتلاهما !
وكانت
صفية قد رأت في منامها وهي عروس
لكنانة بن أبي الحقيق أن قمرا وقع في حجرها ، فعرضت رؤياها على زوجها ، فقال : ما هذا إلا أنك تتمنين
محمدا . ولطم وجهها لطمة اخضرت عينها منها ، فأتي بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبها أثر منها ، وسألها فأخبرته ، ودفع
كنانة بن أبي الحقيق إلى
محمد بن مسلمة ، فقتله بأخيه
محمود .
وحاصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصني
أهل خيبر الوطيح والسلالم ، فلما أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم ويحقن دماءهم ، فأجابهم إلى ذلك ، وكان قد حاز الأموال كلها ، الشق ونطاة والكتيبة ، وجميع حصونهم .
فلما سمع بذلك أهل
فدك بعثوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونه أن يسيرهم ويخلوا له الأموال . ففعل ذلك ، ولما نزل
أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعاملهم في الأموال على النصف ، وأن يخرجهم إذا شاء ، فساقاهم على الأموال على الشرط الذي طلبوا ، وفعل مثل ذلك أهل
فدك ، وكانت
خيبر فيئا للمسلمين ، وكانت
فدك خالصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب .
ولما
nindex.php?page=treesubj&link=30839استقر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم شاة مصلية مسمومة ، فوضعتها بين يديه ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها مضغة فلم يسغها ، ومعه
nindex.php?page=showalam&ids=1054بشر بن البراء بن معرور ، فأكل
بشر منها ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025902إن هذه الشاة تخبرني أنها مسمومة ، ثم دعا المرأة فاعترفت ، فقال : ما حملك على ذلك ؟ قالت : بلغت من قومي ما لم يخف عليك ، فقلت : إن كان نبيا فسيخبر ، وإن كان ملكا استرحنا منه . فتجاوز عنها . ومات بشر من تلك الأكلة .
[ ص: 101 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=1025903وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه : هذا الأوان وجدت انقطاع أبهري من أكلة خيبر . فكان المسلمون يرون أنه مات شهيدا مع كرامة النبوة .
[ ص: 96 ] 7
وَدَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=29332غَزْوَةِ خَيْبَرَ لَمَّا عَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ
الْحُدَيْبِيَةِ أَقَامَ
بِالْمَدِينَةِ ذَا الْحَجَّةِ وَبَعْضَ الْمُحَرَّمِ ، وَسَارَ إِلَى
خَيْبَرَ فِي أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ رَجُلٍ ، مَعَهُمْ مِائَتَا فَارِسٍ ، وَكَانَ مَسِيرُهُ إِلَى
خَيْبَرَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى
الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ الْغِفَارِيَّ ، فَمَضَى حَتَّى نَزَلَ بِجَيْشِهِ
بِالرَّجِيعِ ؛ لِيَحُولَ بَيْنَ
أَهْلِ خَيْبَرَ وَغَطَفَانَ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُظَاهِرِينَ لَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَصَدَتْ
غَطَفَانُ خَيْبَرَ لِيُظَاهِرُوا
يَهُودَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ خَافُوا الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُخَلِّفُوهُمْ فِي أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، فَرَجَعُوا ، وَنَزَلُوا بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَيَهُودَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025897فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ فِي مَسِيرِهِ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ ، عَمِّ nindex.php?page=showalam&ids=119سَلَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ : احْدُ لَنَا ، فَنَزَلَ ، وَحَدَاهُمْ يَقُولُ :
وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَحِمَكَ اللَّهُ ! فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : هَلَّا أَمْتَعْتَنَا بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! وَكَانَ إِذَا قَالَهَا لِرَجُلٍ قُتِلَ ، فَلَمَّا نَازَلُوا خَيْبَرَ بَارَزَ عَامِرٌ ، فَعَادَ عَلَيْهِ سَيْفُهُ فَجَرَحَهُ جُرْحًا [ ص: 97 ] شَدِيدًا ، فَمَاتَ مِنْهُ ، فَقَالَ النَّاسُ : إِنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ . فَقَالَ سَلَمَةُ ابْنُ أَخِيهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَالُوا ، فَقَالَ : كَذَبُوا ، بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ . فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهَا قَالَ لِأَصْحَابِهِ : قِفُوا . ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَمَا أَظْلَلْنَ ، وَرَبَّ الْأَرَضِينَ وَمَا أَقْلَلْنَ ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ ، وَرَبَّ الرِّيَاضِ وَمَا أَذْرَيْنَ ، نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا ، أَقْدِمُوا بِسْمِ اللَّهِ . وَكَانَ يَقُولُ ذَلِكَ لِكُلِّ قَرْيَةٍ يَقْدَمُهَا .
وَنَزَلَ خَيْبَرَ لَيْلًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَهْلُهَا ، فَخَرَجُوا عِنْدَ الصَّبَاحِ إِلَى عَمَلِهِمْ بِمِسَاحِيِّهِمْ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ عَادُوا وَقَالُوا : مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ ، يَعْنُونَ الْجَيْشَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=177فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ .
ثُمَّ حَصَرَهُمْ وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ ، وَبَدَأَ بِالْأَمْوَالِ يَأْخُذُهَا مَالًا مَالًا ، وَيَفْتَحُهَا حِصْنًا حِصْنًا ، فَكَانَ أَوَّلَ حِصْنٍ افْتَتَحَهُ حِصْنُ نَاعِمٍ ، وَعِنْدَهُ قُتِلَ
مَحْمُودُ بْنُ سَلَمَةَ ، أُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ رَحًى فَقَتَلَتْهُ ، ثُمَّ الْقَمُوصُ حِصْنُ بَنِي
أَبِي الْحُقَيْقِ ، وَأَصَابَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَايَا ، مِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=199صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ ، وَكَانَتْ عِنْدَ
كِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ ، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَفْسِهِ ، وَفَشَتِ السَّبَايَا فِي الْمُسْلِمِينَ ، وَأَكَلُوا لُحُومَ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ ، فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا .
وَكَانَ
الزَّبِيرُ بْنُ بَاطَا الْقُرَظِيُّ قَدْ مَنَّ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=215ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ بُعَاثَ ، فَأَطْلَقَهُ ، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ أَتَاهُ
ثَابِتٌ فَقَالَ لَهُ : أَتَعْرِفُنِي ؟ قَالَ : وَهَلْ يَجْهَلُ مِثْلِي مِثْلَكَ ! قَالَ : أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَكَ بِيَدِكَ عِنْدِي . قَالَ : إِنَّ الْكَرِيمَ يُجِيزُ الْكَرِيمَ . فَأَتَى
ثَابِتٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : كَانَ
لِلزَّبِيرِ عِنْدِي يَدٌ أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهُ بِهَا فَهَبْهُ لِي . فَوَهَبَهُ لَهُ . فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ : إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ وَهَبَ لِي دَمَكَ فَهُوَ لَكَ . قَالَ : شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا وَلَدَ ، فَاسْتَوْهَبَ
ثَابِتٌ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَهَبَهُمْ لَهُ . فَقَالَ
الزَّبِيرُ : أَهْلُ بَيْتٍ
بِالْحِجَازِ لَا مَالَ لَهُمْ ، فَاسْتَوْهَبَ
ثَابِتٌ مَالَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَهَبَهُ لَهُ ، فَمَنَّ عَلَيْهِ بِالْجَمِيعِ .
فَقَالَ
الزَّبِيرُ : أَيْ
ثَابِتُ ، مَا فَعَلَ الَّذِي كَانَ وَجْهُهُ مِرْآةً صَقِيلَةً ، يَتَرَاءَى فِيهَا عَذَارَى الْحَيِّ ؛
كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ ؟ قَالَ : قُتِلَ . قَالَ : فَمَا فَعَلَ سَيِّدُ الْحَاضِرِ وَالْبَادِي ؛
حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ ؟ قَالَ : قُتِلَ . قَالَ : فَمَا فَعَلَ مُقَدِّمَتُنَا إِذَا شَدَدْنَا ، وَحَامِيَتُنَا إِذَا كَرَرْنَا ؛
عَزَّالُ بْنُ سَمْوَالَ ؟ قَالَ . قُتِلَ . قَالَ : فَمَا فَعَلَ الْمَجْلِسَانِ ؟ يَعْنِي
بَنِي كَعْبِ بْنِ قُرَيْظَةَ ،
وَبَنِي عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ . قَالَ :
[ ص: 98 ] ذَهَبُوا .
قَالَ : فَإِنِّي أَسْأَلُكَ يَا
ثَابِتُ بِيَدِي عِنْدَكَ إِلَّا مَا أَلْحَقْتَنِي بِهِمْ ، فَوَاللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُمْ خَيْرٌ . فَقَتَلَهُ .
ثُمَّ افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِصْنَ الصَّعْبِ ، وَهُوَ أَكْثَرُهَا طَعَامًا وَوَدَكًا ، ثُمَّ قَصَدَ حِصْنَهُمُ الْوَطِيحَ وَالسُّلَالِمَ ، وَكَانَا آخِرَ مَا افْتَتَحَ ، فَخَرَجَ مِنْهُ
مَرْحَبٌ الْيَهُودِيُّ وَهُوَ يَقُولُ :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
أَطْعَنُ أَحْيَانًا وَحِينًا أَضْرِبُ إِذَا اللُّيُوثُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
كَانَ حِمَايَ كَالْحِمَى لَا يُقْرَبُ
وَسَأَلَ الْمُبَارَزَةَ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16969مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَقَالَ : أَنَا وَاللَّهِ الْمَوْتُورُ الثَّائِرُ ، قَتَلُوا أَخِي بِالْأَمْسِ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025898فَأَقَرَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُبَارَزَتِهِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ أَعِنْهُ عَلَيْهِ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَتَقَاتَلَا طَوِيلًا ، ثُمَّ حَمَلَ
مَرْحَبٌ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16969مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ فَضَرَبَهُ ، فَاتَّقَاهُ بِالدَّرَقَةِ ، فَوَقَعَ سَيْفُهُ فِيهَا ، فَعَضَّتْ بِهِ فَأَمْسَكَتْهُ ، وَضَرَبَهُ
مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَتَّى قَتَلَهُ . ثُمَّ خَرَجَ أَخُوهُ
يَاسِرٌ وَهُوَ يَقُولُ :
قَدْ عَلِمَتْ
خَيْبَرُ أَنِّي
يَاسِرُ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَاوِرُ
وَطَلَبَ الْمُبَارَزَةَ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ ، فَقَتَلَهُ
الزُّبَيْرُ .
وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِي قَتَلَ
مَرْحَبًا وَأَخَذَ الْحِصْنَ -
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ . وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَالْأَصَحُّ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=134بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025899كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُبَّمَا أَخَذَتْهُ الشَّقِيقَةُ ، فَيَلْبَثُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لَا يَخْرُجُ ، فَلَمَّا نَزَلَ خَيْبَرَ أَخَذَتْهُ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الرَّايَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ نَهَضَ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخَذَهَا عُمَرُ ، فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْقِتَالِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ رَجَعَ ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَأُعْطِيَنَّهَا غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، يَأْخُذُهَا عَنْوَةً . وَلَيْسَ ثَمَّ عَلِيٌّ ، [ ص: 99 ] كَانَ قَدْ تَخَلَّفَ بِالْمَدِينَةِ لِرَمَدٍ لَحِقَهُ ، فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَالَتَهُ هَذِهِ تَطَاوَلَتْ لَهَا قُرَيْشٌ ، فَأَصْبَحَ فَجَاءَ عَلِيٌّ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ حَتَّى أَنَاخَ قَرِيبًا مِنْ خِبَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَرْمَدُ ، قَدْ عَصَبَ عَيْنَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا لَكَ ؟ قَالَ : رَمَدْتُ بَعْدَكَ . فَقَالَ لَهُ : ادْنُ مِنِّي . فَدَنَا مِنْهُ ، فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ ، فَمَا شَكَا وَجَعًا حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ . ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ ، فَنَهَضَ بِهَا وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ ، فَأَتَى
خَيْبَرَ ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ
يَهُودَ فَقَالَ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ . فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : غُلِبْتُمْ يَا مَعْشَرَ
يَهُودَ ، وَخَرَجَ
مَرْحَبٌ صَاحِبُ الْحِصْنِ ، وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ يَمَانِيٌّ قَدْ نَقَبَهُ مِثْلَ الْبَيْضَةِ عَلَى رَأْسِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
فَقَالَ
عَلِيٌّ :
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ أَكِيلُكُمْ بِالسَّيْفِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ
لَيْثٌ بِغَابَاتٍ شَدِيدٌ قَسْوَرَهْ
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ ، فَبَدَرَهُ
عَلِيٌّ فَضَرَبَهُ ، فَقَدَّ الْحَجَفَةَ وَالْمِغْفَرَ وَرَأَسَهُ حَتَّى وَقَعَ فِي الْأَرْضِ ، وَأَخَذَ
الْمَدِينَةَ .
قَالَ
أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025900خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَايَتِهِ إِلَى خَيْبَرَ ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنِ خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ ، فَقَاتَلَهُمْ ، فَضَرَبَهُ يَهُودِيٌّ فَطَرَحَ تُرْسَهُ مِنْ يَدِهِ ، فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ فَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ وَهُوَ يُقَاتِلُ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي نَفَرٍ سَبْعَةٍ أَنَا ثَامِنُهُمْ نُجْهِدُ عَلَى أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ فَمَا نَقْلِبُهُ .
وَكَانَ فَتْحُهَا فِي صَفَرٍ .
فَلَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ جَاءَ بِلَالٌ بِصَفِيَّةَ وَأُخْرَى مَعَهَا عَلَى قَتْلَى يَهُودَ ، فَلَمَّا رَأَتْهُمُ الَّتِي مَعَ صَفِيَّةَ صَرَخَتْ وَصَكَّتْ وَجْهَهَا ، وَحَثَتِ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا ، فَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ [ ص: 100 ] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَفِيَّةَ ، وَأَبْعَدَ الْأُخْرَى وَقَالَ : إِنَّهَا شَيْطَانَةٌ - لِأَجْلِ فِعْلِهَا . وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=115لِبِلَالٍ : أَنُزِعَتْ مِنْكَ الرَّحْمَةُ ؟ جِئْتَ بِهِمَا عَلَى قَتْلَاهُمَا !
وَكَانَتْ
صَفِيَّةُ قَدْ رَأَتْ فِي مَنَامِهَا وَهِيَ عَرُوسٌ
لِكِنَانَةَ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ أَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِهَا ، فَعَرَضَتْ رُؤْيَاهَا عَلَى زَوْجِهَا ، فَقَالَ : مَا هَذَا إِلَّا أَنَّكِ تَتَمَنِّينَ
مُحَمَّدًا . وَلَطَمَ وَجْهَهَا لَطْمَةً اخْضَرَّتْ عَيْنُهَا مِنْهَا ، فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهَا أَثَرٌ مِنْهَا ، وَسَأَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ ، وَدَفَعَ
كِنَانَةَ بْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ إِلَى
مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، فَقَتَلَهُ بِأَخِيهِ
مَحْمُودٍ .
وَحَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِصْنَيْ
أَهْلِ خَيْبَرَ الْوَطِيحَ وَالسُّلَالِمَ ، فَلَمَّا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ سَأَلُوهُ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ وَيَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ ، وَكَانَ قَدْ حَازَ الْأَمْوَالَ كُلَّهَا ، الشِّقَّ وَنَطَاةَ وَالْكَتِيبَةَ ، وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ .
فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ
فَدَكَ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُونَهُ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ وَيُخَلُّوا لَهُ الْأَمْوَالَ . فَفَعَلَ ذَلِكَ ، وَلَمَّا نَزَلَ
أَهْلُ خَيْبَرَ عَلَى ذَلِكَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعَامِلَهُمْ فِي الْأَمْوَالِ عَلَى النِّصْفِ ، وَأَنْ يُخْرِجَهُمْ إِذَا شَاءَ ، فَسَاقَاهُمْ عَلَى الْأَمْوَالِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي طَلَبُوا ، وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ أَهْلُ
فَدَكَ ، وَكَانَتْ
خَيْبَرُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ ، وَكَانَتْ
فَدَكُ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجْلِبُوا عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ .
وَلَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30839اسْتَقَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَتْ لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ امْرَأَةُ سَلَّامِ بْنِ مِشْكَمٍ شَاةً مَصْلِيَّةً مَسْمُومَةً ، فَوَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا مُضْغَةً فَلَمْ يُسِغْهَا ، وَمَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=1054بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ ، فَأَكَلَ
بِشْرٌ مِنْهَا ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025902إِنَّ هَذِهِ الشَّاةَ تُخْبِرُنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ ، ثُمَّ دَعَا الْمَرْأَةَ فَاعْتَرَفَتْ ، فَقَالَ : مَا حَمَلَكِ عَلَى ذَلِكَ ؟ قَالَتْ : بَلَغْتَ مِنْ قَوْمِي مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ ، فَقُلْتُ : إِنْ كَانَ نَبِيًّا فَسَيُخْبَرُ ، وَإِنْ كَانَ مَلِكًا اسْتَرَحْنَا مِنْهُ . فَتَجَاوَزَ عَنْهَا . وَمَاتَ بِشْرٌ مِنْ تِلْكَ الْأَكْلَةِ .
[ ص: 101 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=1025903وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ : هَذَا الْأَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ أَكْلَةِ خَيْبَرَ . فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَرَوْنَ أَنَّهُ مَاتَ شَهِيدًا مَعَ كَرَامَةِ النُّبُوَّةِ .