[ ص: 78 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=156وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155بل طبع الله عليها بكفرهم ) .
فإن حملنا الآية المتقدمة على التأويل الأول كان المراد من هذه الآية أنه تعالى كذبهم في ادعائهم أن قلوبهم أوعية للعلم وبين أنه تعالى طبع عليها وختم عليها فلا يصل أثر الدعوة والبيان إليها ، وهذا يليق بمذهبنا ، وإن حملنا الآية المتقدمة على التأويل الثاني كان المراد من هذه الآية أنه تعالى كذبهم في ادعائهم أن قلوبهم في الأكنة والأغطية ، وهذا يليق بمذهب
المعتزلة ، إلا أن الوجه الأول أولى ، وهو المطابق لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155بل طبع الله عليها بكفرهم ) .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155فلا يؤمنون إلا قليلا ) أي : لا يؤمنون إلا
بموسى والتوراة ، وهذا إخبار منهم على حسب دعواهم وزعمهم ، وإلا فقد بينا أن
nindex.php?page=treesubj&link=28746_30172من يكفر برسول واحد وبمعجزة واحدة فإنه لا يمكنه الإيمان بأحد من الرسل البتة .
وخامسها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=156وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ) .
اعلم أنهم لما نسبوا
مريم إلى الزنا لإنكارهم
nindex.php?page=treesubj&link=33679قدرة الله تعالى على خلق الولد من دون الأب ، ومنكر قدرة الله على ذلك كافر ؛ لأنه يلزمه أن يقول : كل ولد ولد فهو مسبوق بوالد لا إلى أول ، وذلك يوجب القول بقدم العالم والدهر ، والقدح في وجود الصانع المختار ، فالقوم لا شك أنهم :
أولا : أنكروا قدرة الله تعالى على خلق الولد من دون الأب .
وثانيا : نسبوا
مريم إلى الزنا ، فالمراد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=156وبكفرهم ) هو إنكارهم قدرة الله تعالى ، وبقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=156وقولهم على مريم بهتانا عظيما ) نسبتهم إياها إلى الزنا ، ولما حصل التغير لا جرم حسن العطف ، وإنما صار هذا الطعن بهتانا عظيما لأنه ظهر عند
nindex.php?page=treesubj&link=31981_31982_33951ولادة عيسى - عليه السلام - من الكرامات والمعجزات ما دل على براءتها من كل عيب ، نحو قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=25وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ) [مريم : 25] ونحو
nindex.php?page=treesubj&link=31984_33951_29638كلام عيسى - عليه السلام - حال كونه طفلا منفصلا عن أمه ، فإن كل ذلك دلائل قاطعة على براءة
مريم - عليها السلام - من كل ريبة ، فلا جرم وصف الله تعالى طعن
اليهود فيها بأنه بهتان عظيم ، وكذلك وصف طعن المنافقين في
عائشة بأنه بهتان عظيم حيث قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=16سبحانك هذا بهتان عظيم ) [النور : 16] وذلك يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=10033_28829أن الروافض الذين يطعنون في عائشة بمنزلة اليهود الذين يطعنون في مريم - عليها السلام - .
[ ص: 78 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=156وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ ) .
فَإِنْ حَمَلْنَا الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى كَذَّبَهُمْ فِي ادِّعَائِهِمْ أَنَّ قُلُوبَهُمْ أَوْعِيَةٌ لِلْعِلْمِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ تَعَالَى طَبَعَ عَلَيْهَا وَخَتَمَ عَلَيْهَا فَلَا يَصِلُ أَثَرُ الدَّعْوَةِ وَالْبَيَانِ إِلَيْهَا ، وَهَذَا يَلِيقُ بِمَذْهَبِنَا ، وَإِنْ حَمَلْنَا الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي كَانَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى كَذَّبَهُمْ فِي ادِّعَائِهِمْ أَنَّ قُلُوبَهُمْ فِي الْأَكِنَّةِ وَالْأَغْطِيَةِ ، وَهَذَا يَلِيقُ بِمَذْهَبِ
الْمُعْتَزِلَةِ ، إِلَّا أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ أَوْلَى ، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ ) .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ) أَيْ : لَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا
بِمُوسَى وَالتَّوْرَاةِ ، وَهَذَا إِخْبَارٌ مِنْهُمْ عَلَى حَسَبِ دَعْوَاهُمْ وَزَعْمِهِمْ ، وَإِلَّا فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28746_30172مَنْ يَكْفُرُ بِرَسُولٍ وَاحِدٍ وَبِمُعْجِزَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِيمَانُ بِأَحَدٍ مِنَ الرُّسُلِ الْبَتَّةَ .
وَخَامِسُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=156وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ) .
اعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمَّا نَسَبُوا
مَرْيَمَ إِلَى الزِّنَا لِإِنْكَارِهِمْ
nindex.php?page=treesubj&link=33679قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِ الْوَلَدِ مِنْ دُونِ الْأَبِ ، وَمُنْكِرُ قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ كَافِرٌ ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ : كُلُّ وَلَدٍ وُلِدَ فَهُوَ مَسْبُوقٌ بِوَالِدٍ لَا إِلَى أَوَّلٍ ، وَذَلِكَ يُوجِبُ الْقَوْلَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَالدَّهْرِ ، وَالْقَدْحَ فِي وُجُودِ الصَّانِعِ الْمُخْتَارِ ، فَالْقَوْمُ لَا شَكَّ أَنَّهُمْ :
أَوَّلًا : أَنْكَرُوا قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِ الْوَلَدِ مِنْ دُونِ الْأَبِ .
وَثَانِيًا : نَسَبُوا
مَرْيَمَ إِلَى الزِّنَا ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=156وَبِكُفْرِهِمْ ) هُوَ إِنْكَارُهُمْ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَبِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=156وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ) نِسْبَتُهُمْ إِيَّاهَا إِلَى الزِّنَا ، وَلَمَّا حَصَلَ التَّغَيُّرُ لَا جَرَمَ حَسُنَ الْعَطْفُ ، وَإِنَّمَا صَارَ هَذَا الطَّعْنُ بُهْتَانًا عَظِيمًا لِأَنَّهُ ظَهَرَ عِنْدَ
nindex.php?page=treesubj&link=31981_31982_33951وِلَادَةِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنَ الْكَرَامَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ مَا دَلَّ عَلَى بَرَاءَتِهَا مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ، نَحْوَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=25وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ) [مَرْيَمَ : 25] وَنَحْوَ
nindex.php?page=treesubj&link=31984_33951_29638كَلَامِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَالَ كَوْنِهِ طِفْلًا مُنْفَصِلًا عَنْ أُمِّهِ ، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ دَلَائِلُ قَاطِعَةٌ عَلَى بَرَاءَةِ
مَرْيَمَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - مِنْ كُلِّ رِيبَةٍ ، فَلَا جَرَمَ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى طَعْنَ
الْيَهُودِ فِيهَا بِأَنَّهُ بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ، وَكَذَلِكَ وَصَفَ طَعْنَ الْمُنَافِقِينَ فِي
عَائِشَةَ بِأَنَّهُ بُهْتَانٌ عَظِيمٌ حَيْثُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=16سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ) [النُّورِ : 16] وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=10033_28829أَنَّ الرَّوَافِضَ الَّذِينَ يَطْعَنُونَ فِي عَائِشَةَ بِمَنْزِلَةِ الْيَهُودِ الَّذِينَ يَطْعَنُونَ فِي مَرْيَمَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - .