(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )
قوله تعالى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) .
اعلم أنه تعالى : لما بين في الآية الأولى أن شياطين الجن والإنس لا يقصرون في الإغواء والإضلال بين في هذه الآية نوعا من أنواع الإغواء والإضلال وهو أنهم
nindex.php?page=treesubj&link=29281كانوا يطلبون آيات معينة ومعجزات مخصوصة على سبيل التعنت كقوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=90وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) [الإسراء : 90] ثم أعاد : أنه عليه الصلاة والسلام ما كان يأتيهم ، فعند ذلك قالوا :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203لولا اجتبيتها ) قال
الفراء : تقول العرب اجتبيت الكلام واختلقته وارتجلته إذا افتعلته من قبل نفسك ، والمعنى لولا تقولتها وافتعلتها وجئت بها من عند نفسك لأنهم كانوا يقولون :(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=43ما هذا إلا إفك مفترى ) [سبأ : 43] أو يقال هلا اقترحتها على إلهك ومعبودك إن كنت صادقا في أن الله
[ ص: 83 ] يقبل دعاءك ويجيب التماسك ! وعند هذا أمر رسوله أن يذكر الجواب الشافي ، وهو قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي ) ومعناه ليس لي أن أقترح على ربي في أمر من الأمور ، وإنما أنتظر الوحي فكل شيء أكرمني به قلته ، وإلا فالواجب السكوت وترك الاقتراح ، ثم بين أن عدم الإتيان بتلك المعجزات التي اقترحها لا يقدح في الغرض ، لأن ظهور القرآن على وفق دعواه معجزة بالغة باهرة ، فإذا ظهرت هذه المعجزة الواحدة كانت كافية في تصحيح النبوة ، فكان طلب الزيادة من باب التعنت ، فذكر في وصف القرآن ألفاظا ثلاثة :
أولها : قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203هذا بصائر من ربكم ) أصل البصيرة الإبصار ، ولما كان القرآن سببا لبصائر العقول في دلائل التوحيد والنبوة والمعاد ، أطلق عليه لفظ البصيرة ، تسمية للسبب باسم المسبب .
وثانيها : قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203وهدى ) والفرق بين هذه المرتبة وما قبلها أن الناس في معارف التوحيد والنبوة والمعاد قسمان :
أحدهما : الذين بلغوا في هذه المعارف إلى حيث صاروا كالمشاهدين لها وهم أصحاب عين اليقين .
والثاني : الذين ما بلغوا إلى ذلك الحد إلا أنهم وصلوا إلى درجات المستدلين ، وهم أصحاب علم اليقين ، فالقرآن في حق الأولين وهم السابقون بصائر ، وفي حق القسم الثاني وهم المقتصدون هدى ، وفي حق عامة المؤمنين رحمة ، ولما كانت الفرق الثلاث من المؤمنين لا جرم قال :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203لقوم يؤمنون ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى : لَمَّا بَيَّنَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى أَنَّ شَيَاطِينَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَا يُقْصِرُونَ فِي الْإِغْوَاءِ وَالْإِضْلَالِ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْإِغْوَاءِ وَالْإِضْلَالِ وَهُوَ أَنَّهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=29281كَانُوا يَطْلُبُونَ آيَاتٍ مُعَيَّنَةً وَمُعْجِزَاتٍ مَخْصُوصَةً عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ كَقَوْلِهِ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=90وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ) [الْإِسْرَاءِ : 90] ثُمَّ أَعَادَ : أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا كَانَ يَأْتِيهِمْ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالُوا :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا ) قَالَ
الْفَرَّاءُ : تَقُولُ الْعَرَبُ اجْتَبَيْتُ الْكَلَامَ وَاخْتَلَقْتُهُ وَارْتَجَلْتُهُ إِذَا افْتَعَلْتَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِكَ ، وَالْمَعْنَى لَوْلَا تَقَوَّلْتَهَا وَافْتَعَلْتَهَا وَجِئْتَ بِهَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=43مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى ) [سَبَأٍ : 43] أَوْ يُقَالُ هَلَّا اقْتَرَحْتَهَا عَلَى إِلَهِكَ وَمَعْبُودِكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي أَنَّ اللَّهَ
[ ص: 83 ] يَقْبَلُ دُعَاءَكَ وَيُجِيبُ الْتِمَاسَكَ ! وَعِنْدَ هَذَا أَمَرَ رَسُولَهُ أَنْ يَذْكُرَ الْجَوَابَ الشَّافِيَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي ) وَمَعْنَاهُ لَيْسَ لِي أَنْ أَقْتَرِحَ عَلَى رَبِّي فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ ، وَإِنَّمَا أَنْتَظِرُ الْوَحْيَ فَكُلُّ شَيْءٍ أَكْرَمَنِي بِهِ قُلْتُهُ ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ السُّكُوتُ وَتَرْكُ الِاقْتِرَاحِ ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ عَدَمَ الْإِتْيَانِ بِتِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي اقْتَرَحَهَا لَا يَقْدَحُ فِي الْغَرَضِ ، لِأَنَّ ظُهُورَ الْقُرْآنِ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ مُعْجِزَةٌ بَالِغَةٌ بَاهِرَةٌ ، فَإِذَا ظَهَرَتْ هَذِهِ الْمُعْجِزَةُ الْوَاحِدَةُ كَانَتْ كَافِيَةً فِي تَصْحِيحِ النُّبُوَّةِ ، فَكَانَ طَلَبُ الزِّيَادَةِ مِنْ بَابِ التَّعَنُّتِ ، فَذَكَرَ فِي وَصْفِ الْقُرْآنِ أَلْفَاظًا ثَلَاثَةً :
أَوَّلُهَا : قَوْلُهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ) أَصْلُ الْبَصِيرَةِ الْإِبْصَارُ ، وَلَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ سَبَبًا لِبَصَائِرِ الْعُقُولِ فِي دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ ، أَطْلَقَ عَلَيْهِ لَفْظَ الْبَصِيرَةِ ، تَسْمِيَةً لِلسَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبِّبِ .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203وَهُدًى ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّ النَّاسَ فِي مَعَارِفِ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ قِسْمَانِ :
أَحَدُهُمَا : الَّذِينَ بَلَغُوا فِي هَذِهِ الْمَعَارِفِ إِلَى حَيْثُ صَارُوا كَالْمُشَاهِدِينَ لَهَا وَهُمْ أَصْحَابُ عَيْنِ الْيَقِينِ .
وَالثَّانِي : الَّذِينَ مَا بَلَغُوا إِلَى ذَلِكَ الْحَدِّ إِلَّا أَنَّهُمْ وَصَلُوا إِلَى دَرَجَاتِ الْمُسْتَدِلِّينَ ، وَهُمْ أَصْحَابُ عِلْمِ الْيَقِينِ ، فَالْقُرْآنُ فِي حَقِّ الْأَوَّلِينَ وَهُمُ السَّابِقُونَ بَصَائِرُ ، وَفِي حَقِّ الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُمُ الْمُقْتَصِدُونَ هَدًى ، وَفِي حَقِّ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ رَحْمَةٌ ، وَلَمَّا كَانَتِ الْفِرَقُ الثَّلَاثُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَا جَرَمَ قَالَ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .