[ ص: 20 ] فصل :
nindex.php?page=treesubj&link=5937_5935ومن شرط صحة المضاربة تقدير نصيب العامل ; لأنه يستحقه بالشرط ، فلم يقدر إلا به . ولو قال : خذ هذا المال مضاربة . ولم يسم للعامل شيئا من الربح ، فالربح كله لرب المال ، والوضيعة عليه ، وللعامل أجر مثله . نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وأصحاب الرأي . وقال
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
والأوزاعي : الربح بينهما نصفين ، لأنه لو قال : والربح بيننا .
لكان بينهما نصفين ، فكذلك إذا لم يذكر شيئا . ولنا ، أن المضارب إنما يستحق بالشرط ، ولم يوجد . وقوله : مضاربة . اقتضى أن له جزءا من الربح مجهولا ، فلم تصح المضاربة ، كما لو قال : ولك جزء من الربح . فأما إذا قال : والربح بيننا . فإن المضاربة تصح ، ويكون بينهما نصفين ; لأنه أضافه إليهما إضافة واحدة ، لم يترجح فيها أحدهما على الآخر ، فاقتضى التسوية ، كما لو قال : هذه الدار بيني وبينك .
وإن قدر نصيب العامل ، فقال : ولك ثلث الربح ، أو ربعه ، أو جزء معلوم ، أي جزء كان . فالباقي لرب المال ; لأنه يستحق الربح بماله ، لكونه نماءه وفرعه ، والعامل يأخذ بالشرط ، فما شرط له استحقه ، وما بقي فلرب المال بحكم الأصل . وإن قدر نصيب رب المال ، مثل أن يقول : ولي ثلث الربح .
ولم يذكر نصيب العامل ، ففيه وجهان ; أحدهما ، لا يصح ; لأن العامل إنما يستحق بالشرط ، ولم يشترط له شيء ، فتكون المضاربة فاسدة . والثاني ، يصح ، ويكون الباقي للعامل . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور ، وأصحاب الرأي ; لأن الربح لهما لا يستحقه غيرهما ، فإذا قدر نصيب أحدهما منه فالباقي للآخر من مفهوم اللفظ ، كما علم ذلك من قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث } . ولم يذكر نصيب الأب ، فعلم أن الباقي له . ولأنه لو قال : أوصيت بهذه المائة لزيد وعمرو .
ونصيب زيد منها ثلاثون ، كان الباقي لعمرو . كذا هاهنا . وإن قال : لي النصف ولك الثلث . وسكت عن السدس ، صح . وكان لرب المال ; لأنه لو سكت عن جميع الباقي بعد جزء العامل كان لرب المال ; فكذلك إذا ذكر بعضه وترك بعضه .
وإن قال : خذه مضاربة على الثلث أو النصف . أو قال : بالثلث أو الربع . صح ، وكان تقدير النصيب للعامل ; لأن الشرط يراد لأجله ، فإن رب المال يستحق بماله لا بالشرط ، والعامل يستحق بالعمل والعمل يكثر ويقل ، وإنما تتقدر حصته بالشرط ، فكان الشرط له ، ومتى شرطا لأحدهما شيئا ، واختلفا في الجزء المشروط لمن هو ؟ فهو للعامل ، قليلا كان أو كثيرا ; لذلك . وإن قال : خذه مضاربة ، ولك ثلث الربح ، وثلث ما بقي .
صح ، وكان له خمسة أتساع ; لأن هذا معناه . وإن قال : لك ثلث الربح ، وربع ما بقي . فله النصف . وإن قال : لك ربع الربح ، وربع ما بقي ، فله ثلاثة أثمان ونصف ثمن . وسواء عرفا الحساب أو جهلاه ; لأن ذلك أجزاء معلومة مقدرة ، فأشبه ما لو شرط الخمسين . ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في هذا الفصل كله كمذهبنا .
[ ص: 20 ] فَصْلٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=5937_5935وَمَنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ تَقْدِيرُ نَصِيبِ الْعَامِلِ ; لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالشَّرْطِ ، فَلَمْ يُقَدَّرْ إلَّا بِهِ . وَلَوْ قَالَ : خُذْ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً . وَلَمْ يُسَمِّ لِلْعَامِلِ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ ، فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ ، وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ . نَصَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ . وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ،
وَإِسْحَاقَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبِي ثَوْرٍ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنُ سِيرِينَ ،
وَالْأَوْزَاعِيُّ : الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ : وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا .
لَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، فَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا . وَلَنَا ، أَنَّ الْمُضَارِبَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالشَّرْطِ ، وَلَمْ يُوجَدْ . وَقَوْلُهُ : مُضَارَبَةً . اقْتَضَى أَنَّ لَهُ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ مَجْهُولًا ، فَلَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ ، كَمَا لَوْ قَالَ : وَلَك جُزْءٌ مِنْ الرِّبْحِ . فَأَمَّا إذَا قَالَ : وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا . فَإِنَّ الْمُضَارَبَةَ تَصِحُّ ، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ; لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إلَيْهِمَا إضَافَةً وَاحِدَةً ، لَمْ يَتَرَجَّحْ فِيهَا أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ، فَاقْتَضَى التَّسْوِيَةَ ، كَمَا لَوْ قَالَ : هَذِهِ الدَّارُ بَيْنِي وَبَيْنَك .
وَإِنْ قَدَّرَ نَصِيبَ الْعَامِلِ ، فَقَالَ : وَلَك ثُلُثُ الرِّبْحِ ، أَوْ رُبْعُهُ ، أَوْ جُزْءٌ مَعْلُومٌ ، أَيِّ جُزْءٍ كَانَ . فَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ ; لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ بِمَالِهِ ، لِكَوْنِهِ نَمَاءَهُ وَفَرْعَهُ ، وَالْعَامِلُ يَأْخُذُ بِالشَّرْطِ ، فَمَا شَرَطَ لَهُ اسْتَحَقَّهُ ، وَمَا بَقِيَ فَلِرَبِّ الْمَالِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ . وَإِنْ قَدَّرَ نَصِيبَ رَبِّ الْمَالِ ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ : وَلِيَ ثُلُثُ الرِّبْحِ .
وَلَمْ يَذْكُرْ نَصِيبَ الْعَامِلِ ، فَفِيهِ وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا ، لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالشَّرْطِ ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ شَيْءٌ ، فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً . وَالثَّانِي ، يَصِحُّ ، وَيَكُونُ الْبَاقِي لِلْعَامِلِ . وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11956أَبِي ثَوْرٍ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ ; لِأَنَّ الرِّبْحَ لَهُمَا لَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُمَا ، فَإِذَا قُدِّرَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مِنْهُ فَالْبَاقِي لِلْآخَرِ مِنْ مَفْهُومِ اللَّفْظِ ، كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ } . وَلَمْ يَذْكُرْ نَصِيبَ الْأَبِ ، فَعُلِمَ أَنَّ الْبَاقِيَ لَهُ . وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ : أَوْصَيْت بِهَذِهِ الْمِائَةِ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو .
وَنَصِيبُ زَيْدٍ مِنْهَا ثَلَاثُونَ ، كَانَ الْبَاقِي لِعَمْرٍو . كَذَا هَاهُنَا . وَإِنْ قَالَ : لِي النِّصْفُ وَلَك الثُّلُثُ . وَسَكَتَ عَنْ السُّدُسِ ، صَحَّ . وَكَانَ لِرَبِّ الْمَالِ ; لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْ جَمِيعِ الْبَاقِي بَعْدَ جُزْءِ الْعَامِلِ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ ; فَكَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ بَعْضَهُ وَتَرَك بَعْضَهُ .
وَإِنْ قَالَ : خُذْهُ مُضَارَبَةً عَلَى الثُّلُثِ أَوْ النِّصْفِ . أَوْ قَالَ : بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ . صَحَّ ، وَكَانَ تَقْدِيرُ النَّصِيبِ لِلْعَامِلِ ; لِأَنَّ الشَّرْطَ يُرَادُ لِأَجْلِهِ ، فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَسْتَحِقُّ بِمَالِهِ لَا بِالشَّرْطِ ، وَالْعَامِلُ يَسْتَحِقُّ بِالْعَمَلِ وَالْعَمَلُ يَكْثُرُ وَيَقِلُّ ، وَإِنَّمَا تَتَقَدَّرُ حِصَّتُهُ بِالشَّرْطِ ، فَكَانَ الشَّرْطُ لَهُ ، وَمَتَى شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا شَيْئًا ، وَاخْتَلَفَا فِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ لِمَنْ هُوَ ؟ فَهُوَ لِلْعَامِلِ ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا ; لِذَلِكَ . وَإِنْ قَالَ : خُذْهُ مُضَارَبَةً ، وَلَك ثُلُثُ الرِّبْحِ ، وَثُلُثُ مَا بَقِيَ .
صَحَّ ، وَكَانَ لَهُ خَمْسَةُ أَتْسَاعٍ ; لِأَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ . وَإِنْ قَالَ : لَك ثُلُثُ الرِّبْحِ ، وَرُبْعُ مَا بَقِيَ . فَلَهُ النِّصْفُ . وَإِنْ قَالَ : لَك رُبْعُ الرِّبْحِ ، وَرُبْعُ مَا بَقِيَ ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ وَنِصْفُ ثُمْنٍ . وَسَوَاءٌ عَرَفَا الْحِسَابَ أَوْ جَهِلَاهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَجْزَاءٌ مَعْلُومَةٌ مُقَدَّرَةٌ ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ الْخُمْسَيْنِ . وَمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ كُلِّهِ كَمَذْهَبِنَا .