[ ص: 87 ] كتاب الإقرار بالحقوق الإقرار : هو الاعتراف . والأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع ; أما الكتاب فقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وإذ أخذ الله ميثاق النبيين } إلى قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا } . وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102وآخرون اعترفوا بذنوبهم } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172ألست بربكم قالوا بلى } . في آي كثيرة مثل هذا . وأما السنة فما روي أن
ماعزا أقر بالزنى ، فرجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك
الغامدية ، وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39697واغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها } . وأما الإجماع ، فإن الأمة أجمعت على صحة الإقرار .
ولأن الإقرار إخبار على وجه ينفي عنه التهمة والريبة ، فإن العاقل لا يكذب على نفسه كذبا يضر بها ، ولهذا كان آكد من الشهادة ، فإن المدعى عليه إذا اعترف لا تسمع عليه الشهادة ، وإنما تسمع إذا أنكر ، ولو كذب المدعي ببينة لم تسمع ، وإن كذب المقر ثم صدقه سمع .
( 3815 ) فصل :
nindex.php?page=treesubj&link=15594_15591_15590_15589_15587_15597_15578_15579ولا يصح الإقرار إلا من عاقل مختار . فأما الطفل ، والمجنون ، والمبرسم ، والنائم ، والمغمى عليه ، فلا يصح إقرارهم . لا نعلم في هذا خلافا . وقد قال عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19570رفع القلم عن ثلاثة ; عن الصبي حتى يبلغ ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ } .
فنص على الثلاثة ، والمبرسم والمغمى عليه في معنى المجنون والنائم . ولأنه قول من غائب العقل ، فلم يثبت له حكم ، كالبيع والطلاق . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=15601_27136_15593_15595الصبي المميز ، فإن كان محجورا عليه ، لم يصح إقراره ، وإن كان مأذونا له ، صح إقراره في قدر ما أذن له فيه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
مهنا ، في
nindex.php?page=treesubj&link=27136_15595_15587اليتيم : إذا أذن له في التجارة وهو يعقل البيع والشراء ، فبيعه وشراؤه جائز . وإن أقر أنه اقتضى شيئا من ماله ، جاز بقدر ما أذن له وليه فيه .
وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة . وقال
أبو بكر وابن أبي موسى : إنما يصح إقراره فيما أذن له في التجارة فيه ، في الشيء اليسير . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا يصح إقراره بحال ; لعموم الخبر ، ولأنه غير بالغ ، فأشبه الطفل ، ولأنه لا تقبل شهادته ولا روايته ، فأشبه الطفل . ولنا ، أنه عاقل مختار ، يصح تصرفه ، فصح إقراره ، كالبالغ ، وقد دللنا على صحة تصرفه فيما مضى ، والخبر محمول على رفع التكليف والإثم . فإن
nindex.php?page=treesubj&link=15595_26270_15651أقر مراهق غير مأذون له ، ثم اختلف هو والمقر له في بلوغه ، فالقول قوله ، إلا أن تقوم بينة ببلوغه ; لأن الأصل الصغر .
ولا يحلف المقر ; لأننا حكمنا بعدم بلوغه ، إلا أن يختلفا بعد ثبوت بلوغه ، فعليه اليمين أنه حين أقر لم يكن بالغا . ومن
nindex.php?page=treesubj&link=24814_15592_15587زال عقله بسبب مباح أو معذور فيه ، فهو كالمجنون ، لا يسمع إقراره . بلا خلاف . وإن كان بمعصية ، كالسكران ، ومن
nindex.php?page=treesubj&link=15598_15587_15592شرب ما يزيل عقله عامدا لغير حاجة ، لم يصح إقراره . ويتخرج أن يصح بناء على وقوع طلاقه . وهو منصوص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لأن أفعاله تجري مجرى الصاحي .
ولنا أنه غير عاقل ، فلم يصح إقراره ، كالمجنون الذي سبب جنونه فعل محرم ، ولأن السكران لا يوثق بصحة ما يقول ، ولا تنتفي عنه التهمة فيما يخبر به ، فلم يوجد معنى الإقرار الموجب لقبول قوله .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=15597المكره فلا يصح
[ ص: 88 ] إقراره بما أكره على الإقرار به . وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لقول رسول الله : صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19568رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه . } ولأنه قول أكره عليه بغير حق ، فلم يصح كالبيع . وإن أقر بغير ما أكره عليه ، مثل أن
nindex.php?page=treesubj&link=15581_15597يكره على الإقرار لرجل ، فأقر لغيره ، أو بنوع من المال ، فيقر بغيره ، أو على الإقرار بطلاق امرأة ، فأقر بطلاق أخرى ، أو أقر بعتق عبد ، صح ; لأنه أقر بما لم يكره عليه ، فصح ، كما لو أقر به ابتداء . ولو
nindex.php?page=treesubj&link=15581_15597أكره على أداء مال ، فباع شيئا من ماله ليؤدي ذلك ، صح بيعه .
نص عليه ; لأنه لم يكره على البيع . ومن
nindex.php?page=treesubj&link=24814_15597أقر بحق ، ثم ادعى أنه كان مكرها ، لم يقبل قوله إلا ببينة ، سواء أقر عند السلطان أو عند غيره ; لأن الأصل عدم الإكراه ، إلا أن يكون هناك دلالة على الإكراه ، كالقيد والحبس والتوكيل به ، فيكون القول قوله مع يمينه ; لأن هذه الحال تدل على الإكراه .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=27380_15587ادعى أنه كان زائل العقل حال إقراره ، لم يقبل قوله إلا ببينة ; لأن الأصل السلامة حتى يعلم غيرها . ولو شهد الشهود بإقراره ، لم تفتقر صحة الشهادة إلى أن يقولوا طوعا في صحة عقله ; لأن الظاهر سلامة الحال وصحة الشهادة . وقد ذكرنا حكم
nindex.php?page=treesubj&link=15601_15600_15593إقرار السفيه والمفلس والمريض في أبوابه
. وأما
nindex.php?page=treesubj&link=26172_27138_15603العبد فيصح إقراره بالحد والقصاص فيما دون النفس ; لأن الحق له دون مولاه . ولا يصح إقرار المولى عليه ; لأن المولى لا يملك من العبد إلا المال .
ويحتمل أن يصح إقرار المولى عليه بما يوجب القصاص ، ويجب المال دون القصاص ; لأن المال يتعلق برقبته ، وهي مال السيد ، فصح إقراره به ، كجناية الخطأ . وأما إقراره بما يوجب القصاص في النفس ، فالمنصوص عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه لا يقبل ، ويتبع به بعد العتق . وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير الطبري لأنه يسقط حق سيده بإقراره ، فأشبه الإقرار بقتل الخطأ ، ولأنه متهم في أنه يقر لرجل ليعفو عنه ، ويستحق أخذه ، فيتخلص بذلك من سيده .
واختار
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب أنه يصح إقراره به . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي لأنه أحد نوعي القصاص ، فصح إقراره به ، كما دون النفس . وبهذا الأصل ينتقض دليل الأول . وينبغي على هذا القول أن لا يصح عفو ولي الجناية على مال إلا باختيار سيده ، لئلا يفضي إلى إيجاب المال على سيده بإقرار غيره ، فلا يقبل إقرار العبد بجناية الخطأ ، ولا شبه العمد ، ولا بجناية عمد موجبها المال ، كالجائفة والمأمومة ، لأنه إيجاب حق في رقبته ، وذلك يتعلق بحق المولى . ويقبل إقرار المولى عليه ; لأنه إيجاب حق في ماله .
وإن
nindex.php?page=treesubj&link=15581_24814_26172_27138_15603أقر بسرقة موجبها المال ، لم يقبل إقراره ، ويقبل إقرار المولى عليه ; لما ذكرنا . وإن كان موجبها القطع والمال ، فأقر بها العبد ، وجب قطعه ، ولم يجب المال ، سواء كان ما أقر بسرقته باقيا ، أو تالفا في يد السيد أو يد العبد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في
nindex.php?page=treesubj&link=25855_26172_15603عبد أقر بسرقة دراهم في يده أنه سرقها من رجل ، والرجل يدعي ذلك ، وسيده يكذبه : فالدراهم لسيده ، ويقطع العبد ، ويتبع بذلك بعد العتق .
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي في وجوب المال في هذه الصورة وجهان .
ويحتمل أن لا يجب القطع ; لأن ذلك شبهة ، فيدرأ بها القطع ، لكونه حدا يدرأ بالشبهات . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ; وذلك لأن العين التي يقر بسرقتها لم يثبت حكم السرقة فيها ، فلا يثبت حكم القطع بها . وإن
nindex.php?page=treesubj&link=7490_7476_26172_24814_15603أقر العبد بسرقة لغير من هو في يده ، لم يقبل إقراره بالرق ; لأن الإقرار بالرق إقرار بالملك ، والعبد لا يقبل إقراره بحال ، ولأننا لو قبلنا إقراره ، أضررنا بسيده ، لأنه إذا شاء أقر لغير سيده ، فأبطل ملكه . وإن أقر به السيد لرجل ، وأقر هو لآخر ، فهو للذي أقر له السيد ; لأنه في يد السيد ، لا في يد نفسه ، ولأن
[ ص: 89 ] السيد لو أقر به منفردا قبل .
ولو أقر العبد منفردا لم يقبل ، فإذا لم يقبل إقرار العبد منفردا فكيف يقبل مع معارضته لإقرار السيد ؟ . ولو قبل إقرار العبد ، لما قبل إقرار السيد ، كالحد وجناية العمد . وأما المكاتب فحكمه حكم الحر في صحة إقراره . ولو أقر بجناية خطأ صح إقراره ، فإن عجز بيع فيها إن لم يفده سيده . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة يستسعى في الكتابة ، وإن عجز بطل إقراره بها ، سواء قضي بها أو لم يقض . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كقولنا .
وعنه أنه مراعى إن أدى لزمه ، وإن عجز بطل . ولنا ، أنه إقرار لزمه في كتابته ، فلا يبطل بعجزه ، كالإقرار بالدين . وعلى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن المكاتب في يد نفسه فصح إقراره بالجناية ، كالحر .
[ ص: 87 ] كِتَابُ الْإِقْرَارِ بِالْحُقُوقِ الْإِقْرَارُ : هُوَ الِاعْتِرَافُ . وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ ; أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ } إلَى قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا } . وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى } . فِي آيٍ كَثِيرَةٍ مِثْلِ هَذَا . وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ أَنَّ
مَاعِزًا أَقَرَّ بِالزِّنَى ، فَرَجَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ
الْغَامِدِيَّةُ ، وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39697وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا ، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا } . وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ ، فَإِنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارَ .
وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَلَى وَجْهٍ يَنْفِي عَنْهُ التُّهْمَةَ وَالرِّيبَةَ ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ لَا يَكْذِبُ عَلَى نَفْسِهِ كَذِبًا يُضِرُّ بِهَا ، وَلِهَذَا كَانَ آكَدَ مِنْ الشَّهَادَةِ ، فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا اعْتَرَفَ لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ إذَا أَنْكَرَ ، وَلَوْ كَذَّبَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ لَمْ تُسْمَعْ ، وَإِنْ كَذَّبَ الْمُقِرَّ ثُمَّ صَدَّقَهُ سُمِعَ .
( 3815 ) فَصْلٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=15594_15591_15590_15589_15587_15597_15578_15579وَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ إلَّا مِنْ عَاقِلٍ مُخْتَارٍ . فَأَمَّا الطِّفْلُ ، وَالْمَجْنُونُ ، وَالْمُبَرْسَمُ ، وَالنَّائِمُ ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ ، فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُمْ . لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا . وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19570رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ ; عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ } .
فَنَصَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ ، وَالْمُبَرْسَمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي مَعْنَى الْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ . وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ مِنْ غَائِبِ الْعَقْلِ ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمٌ ، كَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=15601_27136_15593_15595الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ ، فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ ، لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ ، وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ ، صَحَّ إقْرَارُهُ فِي قَدْرِ مَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ
مُهَنَّا ، فِي
nindex.php?page=treesubj&link=27136_15595_15587الْيَتِيمِ : إذَا أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَهُوَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ ، فَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ . وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ اقْتَضَى شَيْئًا مِنْ مَالِهِ ، جَازَ بِقَدْرِ مَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِيهِ .
وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ . وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى : إنَّمَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فِيهِ ، فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِحَالٍ ; لِعُمُومِ الْخَبَرِ ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ ، فَأَشْبَهَ الطِّفْلَ ، وَلِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا رِوَايَتُهُ ، فَأَشْبَهَ الطِّفْلَ . وَلَنَا ، أَنَّهُ عَاقِلٌ مُخْتَارٌ ، يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ ، فَصَحَّ إقْرَارُهُ ، كَالْبَالِغِ ، وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِيمَا مَضَى ، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ التَّكْلِيفِ وَالْإِثْمِ . فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=15595_26270_15651أَقَرَّ مُرَاهِقٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هُوَ وَالْمُقَرُّ لَهُ فِي بُلُوغِهِ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ، إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِبُلُوغِهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّغَرُ .
وَلَا يَحْلِفُ الْمُقِرُّ ; لِأَنَّنَا حَكَمْنَا بِعَدَمِ بُلُوغِهِ ، إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَا بَعْدَ ثُبُوتِ بُلُوغِهِ ، فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنَّهُ حِينَ أَقَرَّ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا . وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24814_15592_15587زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبِ مُبَاحٍ أَوْ مَعْذُورٍ فِيهِ ، فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ ، لَا يُسْمَعُ إقْرَارُهُ . بِلَا خِلَافٍ . وَإِنْ كَانَ بِمَعْصِيَةٍ ، كَالسَّكْرَانِ ، وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=15598_15587_15592شَرِبَ مَا يُزِيلُ عَقْلَهُ عَامِدًا لِغَيْرِ حَاجَةٍ ، لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ . وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَصِحَّ بِنَاءً عَلَى وُقُوعِ طَلَاقِهِ . وَهُوَ مَنْصُوصُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ أَفْعَالَهُ تَجْرِي مَجْرَى الصَّاحِي .
وَلَنَا أَنَّهُ غَيْرُ عَاقِلٍ ، فَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ ، كَالْمَجْنُونِ الَّذِي سَبَّبَ جُنُونَهُ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ ، وَلِأَنَّ السَّكْرَانَ لَا يُوثَقُ بِصِحَّةِ مَا يَقُولُ ، وَلَا تَنْتَفِي عَنْهُ التُّهْمَةُ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ ، فَلَمْ يُوجَدْ مَعْنَى الْإِقْرَارِ الْمُوجِبِ لِقَبُولِ قَوْلِهِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=15597الْمُكْرَهُ فَلَا يَصِحُّ
[ ص: 88 ] إقْرَارُهُ بِمَا أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ . وَهَذَا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19568رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ . } وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، فَلَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ . وَإِنْ أَقَرَّ بِغَيْرِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ ، مِثْلُ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=15581_15597يُكْرَهَ عَلَى الْإِقْرَارِ لِرَجُلٍ ، فَأَقَرَّ لِغَيْرِهِ ، أَوْ بِنَوْعٍ مِنْ الْمَالِ ، فَيُقِرَّ بِغَيْرِهِ ، أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ ، فَأَقَرَّ بِطَلَاقِ أُخْرَى ، أَوْ أَقَرَّ بِعِتْقِ عَبْدٍ ، صَحَّ ; لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا لَمْ يُكْرَهْ عَلَيْهِ ، فَصَحَّ ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ ابْتِدَاءً . وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=15581_15597أُكْرِهَ عَلَى أَدَاءِ مَالٍ ، فَبَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِيُؤَدِّيَ ذَلِكَ ، صَحَّ بَيْعُهُ .
نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الْبَيْعِ . وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24814_15597أَقَرَّ بِحَقٍّ ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، سَوَاءٌ أَقَرَّ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ دَلَالَةً عَلَى الْإِكْرَاهِ ، كَالْقَيْدِ وَالْحَبْسِ وَالتَّوْكِيلِ بِهِ ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَ تَدُلُّ عَلَى الْإِكْرَاهِ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=27380_15587ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ حَالَ إقْرَارِهِ ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ حَتَّى يُعْلَمَ غَيْرُهَا . وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِإِقْرَارِهِ ، لَمْ تَفْتَقِرْ صِحَّةُ الشَّهَادَةِ إلَى أَنْ يَقُولُوا طَوْعًا فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ سَلَامَةُ الْحَالِ وَصِحَّةُ الشَّهَادَةِ . وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ
nindex.php?page=treesubj&link=15601_15600_15593إقْرَارِ السَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ وَالْمَرِيضِ فِي أَبْوَابِهِ
. وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=26172_27138_15603الْعَبْدُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ دُونَ مَوْلَاهُ . وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ مِنْ الْعَبْدِ إلَّا الْمَالَ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ ، وَيَجِبُ الْمَالُ دُونَ الْقِصَاصِ ; لِأَنَّ الْمَالَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ، وَهِيَ مَالُ السَّيِّدِ ، فَصَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ ، كَجِنَايَةِ الْخَطَأِ . وَأَمَّا إقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ ، فَالْمَنْصُوصُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ، وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ . وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرُ nindex.php?page=showalam&ids=15215وَالْمُزَنِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15858وَدَاوُد nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ حَقَّ سَيِّدِهِ بِإِقْرَارِهِ ، فَأَشْبَهَ الْإِقْرَارَ بِقَتْلِ الْخَطَأِ ، وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي أَنَّهُ يُقِرُّ لِرَجُلٍ لِيَعْفُوَ عَنْهُ ، وَيَسْتَحِقَّ أَخْذَهُ ، فَيَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ مِنْ سَيِّدِهِ .
وَاخْتَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=11851أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهِ . وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْقِصَاصِ ، فَصَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ ، كَمَا دُونَ النَّفْسِ . وَبِهَذَا الْأَصْلِ يَنْتَقِضُ دَلِيلُ الْأَوَّلِ . وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ لَا يَصِحُّ عَفْوُ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ عَلَى مَالٍ إلَّا بِاخْتِيَارِ سَيِّدِهِ ، لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى إيجَابِ الْمَالِ عَلَى سَيِّدِهِ بِإِقْرَارِ غَيْرِهِ ، فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ ، وَلَا شِبْهِ الْعَمْدِ ، وَلَا بِجِنَايَةِ عَمْدٍ مُوجِبُهَا الْمَالُ ، كَالْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ ، لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ فِي رَقَبَتِهِ ، وَذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ الْمَوْلَى . وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ فِي مَالِهِ .
وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=15581_24814_26172_27138_15603أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ مُوجِبُهَا الْمَالُ ، لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ ; لِمَا ذَكَرْنَا . وَإِنْ كَانَ مُوجِبُهَا الْقَطْعَ وَالْمَالَ ، فَأَقَرَّ بِهَا الْعَبْدُ ، وَجَبَ قَطْعُهُ ، وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ ، سَوَاءٌ كَانَ مَا أَقَرَّ بِسَرِقَتِهِ بَاقِيًا ، أَوْ تَالِفًا فِي يَدِ السَّيِّدِ أَوْ يَدِ الْعَبْدِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=25855_26172_15603عَبْدٍ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ دَرَاهِمَ فِي يَدِهِ أَنَّهُ سَرَقَهَا مِنْ رَجُلٍ ، وَالرَّجُلُ يَدَّعِي ذَلِكَ ، وَسَيِّدُهُ يُكَذِّبُهُ : فَالدَّرَاهِمُ لِسَيِّدِهِ ، وَيُقْطَعُ الْعَبْدُ ، وَيُتْبَعُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعِتْقِ .
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَلِلشَّافِعِيِّ فِي وُجُوبِ الْمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَجْهَانِ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ الْقَطْعُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ شُبْهَةٌ ، فَيُدْرَأُ بِهَا الْقَطْعُ ، لِكَوْنِهِ حَدًّا يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ . وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي يُقِرُّ بِسَرِقَتِهَا لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ السَّرِقَةِ فِيهَا ، فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْقَطْعِ بِهَا . وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=7490_7476_26172_24814_15603أَقَرَّ الْعَبْدُ بِسَرِقَةِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ ، لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ ; لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالرِّقِّ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ ، وَالْعَبْدُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِحَالٍ ، وَلِأَنَّنَا لَوْ قَبِلْنَا إقْرَارَهُ ، أَضْرَرْنَا بِسَيِّدِهِ ، لِأَنَّهُ إذَا شَاءَ أَقَرَّ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ ، فَأَبْطَلَ مِلْكَهُ . وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ السَّيِّدُ لِرَجُلِ ، وَأَقَرَّ هُوَ لِآخَرَ ، فَهُوَ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ السَّيِّدُ ; لِأَنَّهُ فِي يَدِ السَّيِّدِ ، لَا فِي يَدِ نَفْسِهِ ، وَلِأَنَّ
[ ص: 89 ] السَّيِّدَ لَوْ أَقَرَّ بِهِ مُنْفَرِدًا قُبِلَ .
وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ مُنْفَرِدًا لَمْ يُقْبَلْ ، فَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُ الْعَبْدِ مُنْفَرِدًا فَكَيْفَ يُقْبَلُ مَعَ مُعَارَضَتِهِ لِإِقْرَارِ السَّيِّدِ ؟ . وَلَوْ قُبِلَ إقْرَارُ الْعَبْدِ ، لَمَا قُبِلَ إقْرَارُ السَّيِّدِ ، كَالْحَدِّ وَجِنَايَةِ الْعَمْدِ . وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحُرِّ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ . وَلَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ خَطَأً صَحَّ إقْرَارُهُ ، فَإِنْ عَجَزَ بِيعَ فِيهَا إنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ يُسْتَسْعَى فِي الْكِتَابَةِ ، وَإِنْ عَجَزَ بَطَلَ إقْرَارُهُ بِهَا ، سَوَاءٌ قُضِيَ بِهَا أَوْ لَمْ يُقْضَ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ كَقَوْلِنَا .
وَعَنْهُ أَنَّهُ مُرَاعًى إنْ أَدَّى لَزِمَهُ ، وَإِنْ عَجَزَ بَطَلَ . وَلَنَا ، أَنَّهُ إقْرَارٌ لَزِمَهُ فِي كِتَابَتِهِ ، فَلَا يَبْطُلُ بِعَجْزِهِ ، كَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ . وَعَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُكَاتَبَ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَصَحَّ إقْرَارُهُ بِالْجِنَايَةِ ، كَالْحُرِّ .