2161 - مسألة :
nindex.php?page=treesubj&link=9659_9662أحكام أهل البغي ؟ اختلف الناس في أحكام أهل البغي فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وأصحابه - حاشا
[ ص: 352 ] nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي - أنه ما حكم به قاضي أهل البغي فلا يجوز لقاضي أهل العدل أن يجيز ذلك ، ولا أن يقبل كتابه قالوا :
nindex.php?page=treesubj&link=9691_25902_9654وما أخذوه من صدقة فلا يأخذها الإمام ثانية ، لكن الأفضل لمن أخذوها منه أن يؤديها مرة أخرى .
قالوا : وأما من مر عليهم من التجار فعشروه فإن الإمام يأخذه ثانية من التجار .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ينفذ كل قضية قضوها إذا وافقت الحق ، ويجزي ما أخذوه من الزكاة ، وما أقاموا من الحدود - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15858أبو سليمان - وأصحابنا لا ينفذ شيء من قضاياهم ، ولا بد من إعادتها ولا يجزئ ما أخذوه من الصدقات ، ولا ما أقاموا من الحدود ، ولا بد من أخذ الصدقات ، ومن إقامة الحدود ثانية .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : فلما اختلفوا وجب أن ننظر في ذلك لنعلم الحق فنتبعه بعون الله تعالى .
فنظرنا في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، فوجدناهم يحتجون بأن قالوا : إن أخذ الصدقات إنما جاء التضييع من قبل الإمام فقد يجب عليه دفعهم ، وأما من مر عليهم فقد عرض ماله للتلف قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : ما نعلم لهم شبهة غير هذا وهذا لا شيء ; لأنه لم يأت نص ولا إجماع بأن تضييع الإمام يسقط الحقوق الواجبات لله تعالى وأيضا - فكما أخذوا العشر ثانية ممن جعلوا ذنبه أنه عرض ماله للتلف فكذلك يلزمهم أن يأخذوا الزكاة ثانية ، ويجعلوا ذنب أهلها أنهم عرضوا أموالهم للتلف ، فقد كان يمكنهم الهرب عن موضع البغاة ، أو يعذروا المعشرين .
ثم نظرنا فيما احتج به
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، فوجدناهم يقولون : إنهم إذا حكموا بالحق كما أمر الله تعالى ; وإذا أخذوا الزكاة كما أمر الله تعالى ، وأقاموا الحدود كما أمر الله تعالى ، فقد تأدى كل ذلك كما أمر الله تعالى ، وإذا تأدى كما أمر الله تعالى ، فلا يجوز أن يقام ذلك على أهله ثانية ، فيكون ذلك ظلما .
وقال بعضهم : كما لا يؤاخذون بما أصابوا من دم أو مال ، فكذلك لا يؤاخذون -
[ ص: 353 ] هم ولا غيرهم - بما حكموا أو أقاموا من حد ، أو أخذوا من مال صدقة ، أو غيرها - بحق أو بباطل - ولا فرق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : وهذا كله ليس كما قالوا ، وذلك أننا نسألهم ، فنقول لهم : ماذا تقولون : إذا كان الإمام حاضرا ممكنا عدلا ، أيحل أن يأخذ صدقة دونه ، أو يقيم حدا دونه ، أو يحكم بين اثنين دونه ، أم لا يحل ذلك ؟ ولا سبيل إلى قسم ثالث ؟ فإن قالوا : هذا كله مباح : خرقوا الإجماع ، وتركوا قولهم ، وأبطلوا الأمانة التي افترضها الله تعالى ، وأوجبوا أن لا حاجة بالناس إلى إمام - وهذا خلاف الإجماع والنص . وإن قالوا : بل لا يحل أخذ شيء من ذلك كله ما دام الإمام قائما فقد صح أن لا يحل أن يكون حاكما إلا من ولاه الإمام الحكم ، ولا أن يكون آخذا للحدود إلا من ولاه الإمام ذلك ، ولا أن يكون مصدقا إلا من ولاه الإمام أخذها ، فإن ذلك كذلك فكل من أقام - حدا ، أو أخذ صدقة ، أو قضى قضية ، وليس ممن جعل الله ذلك له بتقديم الإمام ، فلم يحكم كما أمره الله تعالى ، ولا أقام الحد كما أمره الله تعالى ، ولا أخذ الصدقة كما أمره الله تعالى ; فإذ لم يفعل ذلك كما أمر ، فلم يفعل شيئا من ذلك بحق ، وإذا لم يفعل ذلك بحق ، فإنما فعله بباطل ، وإذ فعله بباطل فقد تعدى ; وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47564من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } فإذ هو ظلم ، فالظلم لا حكم له إلا رده ونقضه فصح من هذا أن كل من أخذ منهم صدقة فعليه ردها ; لأنه أخذها بغير حق ، فهو متعد ، فعليه ضمان ما أخذ ، إلا أن يوصله إلى الأصناف المذكورة في القرآن فإذا أوصلها إليهم فقد تأدت الزكاة إلى أهلها - وبالله تعالى التوفيق .
وصح من هذا أن كل حد أقاموه فهو مظلمة لا يعتد به ، وتعاد الحدود ثانية ولا بد ، وتؤخذ الدية من مال من قتلوه قودا ، وأن يفسخ كل حكم حكموه ولا بد .
ويبين ما قلناه نصا : ما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : نا
محمد بن نمير نا
nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله - هو ابن إدريس - نا
ابن عجلان ،
nindex.php?page=showalam&ids=17314ويحيى بن سعيد الأنصاري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16524وعبيد الله بن عمر ، كلهم
[ ص: 354 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=16293عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده ، قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16091بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره ، وعلى أثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله ، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا ، لا نخاف في الله لومة لائم } .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
أبو بكر بن نافع ثنا
غندر ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
زياد بن علاقة قال : سمعت
عرفجة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48028إنه سيكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة - وهي جميع - فاضربوه بالسيف ، كائنا من كان } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : فصح أن لهذا الأمر أهلا لا يحل لأحد أن ينازعهم إياه ، وأن تفريق هذه الأمة بعد اجتماعها لا يحل .
فصح أن المنازعين في الملك والرياسة مريدون تفريق جماعة هذه الأمة ، وأنهم منازعون أهل الأمر أمرهم ، فهم عصاة بكل ذلك .
فصح أن أهل البغي عصاة في منازعتهم الإمام الواجب الطاعة ، وإذ هم فيه عصاة ، فكل حكم حكموه مما هو إلى إمام ، وكل زكاة قبضوها مما قبضها إلى الإمام ، وكل حد أقاموه مما إقامته إلى الإمام - فكل ذلك منهم ظلم وعدوان .
ومن الباطل أن تنوب معصية الله تعالى عن طاعته ، وأن يجزي الظلم عن العدل ، وأن يقوم الباطل مقام الحق ، وأن يغني العدوان عن الإنصاف .
فصح ما قلنا نصا ووجب رد كل ما عملوا من ذلك لقول النبي عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36820من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } فإن لم يكن للناس إمام ممكن فقد قلنا : إن كل من قام بالحق حينئذ فهو نافذ ، فالبغاة - إن كانوا مسلمين - فكل ما فعلوه في ذلك فهو نافذ - وأما إن كانوا كفارا فلا ينفذ من حكم الكافر في دين الله تعالى شيء أصلا - وبالله تعالى التوفيق .
2161 - مَسْأَلَةٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=9659_9662أَحْكَامُ أَهْلِ الْبَغْيِ ؟ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَحْكَامِ أَهْلِ الْبَغْيِ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ - حَاشَا
[ ص: 352 ] nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيَّ - أَنَّهُ مَا حَكَمَ بِهِ قَاضِي أَهْلِ الْبَغْيِ فَلَا يَجُوزُ لِقَاضِي أَهْلِ الْعَدْلِ أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ ، وَلَا أَنْ يَقْبَلَ كِتَابَهُ قَالُوا :
nindex.php?page=treesubj&link=9691_25902_9654وَمَا أَخَذُوهُ مِنْ صَدَقَةٍ فَلَا يَأْخُذُهَا الْإِمَامُ ثَانِيَةً ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ لِمَنْ أَخَذُوهَا مِنْهُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا مَرَّةً أُخْرَى .
قَالُوا : وَأَمَّا مَنْ مَرَّ عَلَيْهِمْ مِنْ التُّجَّارِ فَعَشَّرُوهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُهُ ثَانِيَةً مِنْ التُّجَّارِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : يَنْفُذُ كُلُّ قَضِيَّةٍ قَضَوْهَا إذَا وَافَقَتْ الْحَقَّ ، وَيَجْزِي مَا أَخَذُوهُ مِنْ الزَّكَاةِ ، وَمَا أَقَامُوا مِنْ الْحُدُودِ - وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15858أَبُو سُلَيْمَانَ - وَأَصْحَابُنَا لَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ قَضَايَاهُمْ ، وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا وَلَا يُجْزِئُ مَا أَخَذُوهُ مِنْ الصَّدَقَاتِ ، وَلَا مَا أَقَامُوا مِنْ الْحُدُودِ ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَخْذِ الصَّدَقَاتِ ، وَمِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ ثَانِيَةً .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِنَعْلَمَ الْحَقَّ فَنَتْبَعُهُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى .
فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِأَنْ قَالُوا : إنَّ أَخْذَ الصَّدَقَاتِ إنَّمَا جَاءَ التَّضْيِيعُ مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ فَقَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهُمْ ، وَأَمَّا مَنْ مَرَّ عَلَيْهِمْ فَقَدْ عَرَّضَ مَالَهُ لِلتَّلَفِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : مَا نَعْلَمُ لَهُمْ شُبْهَةً غَيْرً هَذَا وَهَذَا لَا شَيْءَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ بِأَنَّ تَضْيِيعَ الْإِمَامِ يُسْقِطُ الْحُقُوقَ الْوَاجِبَاتِ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَيْضًا - فَكَمَا أَخَذُوا الْعُشْرَ ثَانِيَةً مِمَّنْ جَعَلُوا ذَنْبَهُ أَنَّهُ عَرَّضَ مَالَهُ لِلتَّلَفِ فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الزَّكَاةَ ثَانِيَةً ، وَيَجْعَلُوا ذَنْبَ أَهْلِهَا أَنَّهُمْ عَرَّضُوا أَمْوَالَهُمْ لِلتَّلَفِ ، فَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهُمْ الْهَرَبُ عَنْ مَوْضِعِ الْبُغَاةِ ، أَوْ يُعَذِّرُوا الْمُعَشِّرِينَ .
ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ، فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ : إنَّهُمْ إذَا حَكَمُوا بِالْحَقِّ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى ; وَإِذَا أَخَذُوا الزَّكَاةَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَأَقَامُوا الْحُدُودَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَقَدْ تَأَدَّى كُلُّ ذَلِكَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَإِذَا تَأَدَّى كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَامَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِهِ ثَانِيَةً ، فَيَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : كَمَا لَا يُؤَاخَذُونَ بِمَا أَصَابُوا مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ ، فَكَذَلِكَ لَا يُؤَاخَذُونَ -
[ ص: 353 ] هُمْ وَلَا غَيْرُهُمْ - بِمَا حَكَمُوا أَوْ أَقَامُوا مَنْ حَدٍّ ، أَوْ أَخَذُوا مِنْ مَالِ صَدَقَةٍ ، أَوْ غَيْرِهَا - بِحَقٍّ أَوْ بِبَاطِلٍ - وَلَا فَرْقَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ كَمَا قَالُوا ، وَذَلِكَ أَنَّنَا نَسْأَلُهُمْ ، فَنَقُولُ لَهُمْ : مَاذَا تَقُولُونَ : إذَا كَانَ الْإِمَامُ حَاضِرًا مُمَكَّنًا عَدْلًا ، أَيَحِلُّ أَنْ يَأْخُذَ صَدَقَةً دُونَهُ ، أَوْ يُقِيمَ حَدًّا دُونَهُ ، أَوْ يَحْكُمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ دُونَهُ ، أَمْ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ ؟ وَلَا سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ ؟ فَإِنْ قَالُوا : هَذَا كُلُّهُ مُبَاحٌ : خَرَقُوا الْإِجْمَاعَ ، وَتَرَكُوا قَوْلَهُمْ ، وَأَبْطَلُوا الْأَمَانَةَ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ تَعَالَى ، وَأَوْجَبُوا أَنْ لَا حَاجَةَ بِالنَّاسِ إلَى إمَامٍ - وَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَالنَّصِّ . وَإِنْ قَالُوا : بَلْ لَا يَحِلُّ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا دَامَ الْإِمَامُ قَائِمًا فَقَدْ صَحَّ أَنْ لَا يَحِلَّ أَنْ يَكُونَ حَاكِمًا إلَّا مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْحُكْمَ ، وَلَا أَنْ يَكُونَ آخِذًا لِلْحُدُودِ إلَّا مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ ذَلِكَ ، وَلَا أَنْ يَكُونَ مُصَدِّقًا إلَّا مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ أَخْذَهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَكُلُّ مَنْ أَقَامَ - حَدًّا ، أَوْ أَخَذَ صَدَقَةً ، أَوْ قَضَى قَضِيَّةً ، وَلَيْسَ مِمَّنْ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لَهُ بِتَقْدِيمِ الْإِمَامِ ، فَلَمْ يَحْكُمْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَا أَقَامَ الْحَدَّ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ; فَإِذْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَمَا أُمِرَ ، فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِحَقٍّ ، وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِحَقٍّ ، فَإِنَّمَا فَعَلَهُ بِبَاطِلٍ ، وَإِذْ فَعَلَهُ بِبَاطِلٍ فَقَدْ تَعَدَّى ; وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47564مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ } فَإِذْ هُوَ ظُلْمٌ ، فَالظُّلْمُ لَا حُكْمَ لَهُ إلَّا رَدُّهُ وَنَقْضُهُ فَصَحَّ مِنْ هَذَا أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ صَدَقَةً فَعَلَيْهِ رَدُّهَا ; لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ ، فَهُوَ مُتَعَدٍّ ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا أَخَذَ ، إلَّا أَنْ يُوَصِّلَهُ إلَى الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ فَإِذَا أَوْصَلَهَا إلَيْهِمْ فَقَدْ تَأَدَّتْ الزَّكَاةُ إلَى أَهْلِهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وَصَحَّ مِنْ هَذَا أَنَّ كُلَّ حَدٍّ أَقَامُوهُ فَهُوَ مَظْلَمَةٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ ، وَتُعَادُ الْحُدُودُ ثَانِيَةً وَلَا بُدَّ ، وَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْ مَالِ مَنْ قَتَلُوهُ قَوَدًا ، وَأَنْ يُفْسَخَ كُلُّ حُكْمٍ حَكَمُوهُ وَلَا بُدَّ .
وَيُبَيِّنُ مَا قُلْنَاهُ نَصًّا : مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ : نا
مُحَمَّدُ بْنُ نُمَيْرٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16410عَبْدُ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ إدْرِيسَ - نا
ابْنُ عِجْلَانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17314وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16524وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، كُلُّهُمْ
[ ص: 354 ] عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16293عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16091بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا ، لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ } .
وَمِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ نا
أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ ثنا
غُنْدَرٌ ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةُ عَنْ
زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ : سَمِعْتُ
عَرْفَجَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48028إنَّهُ سَيَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ - وَهِيَ جَمِيعٌ - فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ ، كَائِنًا مَنْ كَانَ } .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَصَحَّ أَنَّ لِهَذَا الْأَمْرِ أَهْلًا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُنَازِعَهُمْ إيَّاهُ ، وَأَنَّ تَفْرِيقَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ اجْتِمَاعِهَا لَا يَحِلُّ .
فَصَحَّ أَنَّ الْمُنَازِعِينَ فِي الْمُلْكِ وَالرِّيَاسَةِ مَرِيدُونَ تَفْرِيقَ جَمَاعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَأَنَّهُمْ مُنَازِعُونَ أَهْلَ الْأَمْرِ أَمْرَهُمْ ، فَهُمْ عُصَاةٌ بِكُلِّ ذَلِكَ .
فَصَحَّ أَنَّ أَهْلَ الْبَغْيِ عُصَاةٌ فِي مُنَازَعَتِهِمْ الْإِمَامَ الْوَاجِبَ الطَّاعَةَ ، وَإِذْ هُمْ فِيهِ عُصَاةٌ ، فَكُلُّ حُكْمٍ حَكَمُوهُ مِمَّا هُوَ إلَى إمَامٍ ، وَكُلُّ زَكَاةٍ قَبَضُوهَا مِمَّا قَبْضُهَا إلَى الْإِمَامِ ، وَكُلُّ حَدٍّ أَقَامُوهُ مِمَّا إقَامَتُهُ إلَى الْإِمَامِ - فَكُلُّ ذَلِكَ مِنْهُمْ ظُلْمٌ وَعُدْوَانٌ .
وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ تَنُوبَ مَعْصِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ طَاعَتِهِ ، وَأَنْ يُجْزِيَ الظُّلْمُ عَنْ الْعَدْلِ ، وَأَنْ يَقُومَ الْبَاطِلُ مَقَامَ الْحَقِّ ، وَأَنْ يُغْنِيَ الْعُدْوَانُ عَنْ الْإِنْصَافِ .
فَصَحَّ مَا قُلْنَا نَصًّا وَوَجَبَ رَدُّ كُلِّ مَا عَمِلُوا مِنْ ذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36820مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ } فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ إمَامٌ مُمَكَّنٌ فَقَدْ قُلْنَا : إنَّ كُلَّ مَنْ قَامَ بِالْحَقِّ حِينَئِذٍ فَهُوَ نَافِذٌ ، فَالْبُغَاةُ - إنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ - فَكُلُّ مَا فَعَلُوهُ فِي ذَلِكَ فَهُوَ نَافِذٌ - وَأَمَّا إنْ كَانُوا كُفَّارًا فَلَا يَنْفُذُ مِنْ حُكْمِ الْكَافِرِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ أَصْلًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .