، وعن
أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81437أخذ المشركون nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر رضي الله عنه ، فلم يتركوه حتى سب الله ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير ، ثم تركوه ، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام ما وراءك ؟ قال : شر ما تركوني حتى نلت منك ، وذكرت آلهتهم بخير قال عليه الصلاة والسلام : فكيف تجد قلبك ؟ قال : أجده مطمئنا بالإيمان قال : عليه الصلاة والسلام إن عادوا ، فعد } ، ففيه دليل أنه لا بأس
nindex.php?page=treesubj&link=24889_9943للمسلم أن يجري كلمة الشرك على اللسان مكرها بعد أن يكون مطمئن [ ص: 44 ] القلب بالإيمان ، وإن ذلك لا يخرجه من الإيمان ; لأنه لم يترك اعتقاده بما أجراه على لسانه .
( ألا ترى ) أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر رضي الله عنه عن حال قلبه ، فلما أخبر أنه مطمئن بالإيمان لم يعاتبه على ما كان منه ، وبعض العلماء رحمهم الله يحملون قوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81437، فإن عادوا فعد } على ظاهره يعني إن عادوا إلى الإكراه ، فعد إلى ما كان منك من النيل مني ، وذكر آلهتهم بخير ، وهو غلط ، فإنه لا يظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يأمر أحدا بالتكلم بكلمة الشرك ، ولكن مراده عليه الصلاة والسلام ، فإن عادوا إلى الإكراه ، فعد إلى طمأنينة القلب بالإيمان ، وهذا ; لأن التكلم وإن كان يرخص له فيه ، فالامتناع منه أفضل .
( ألا ترى ) {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81438أن nindex.php?page=showalam&ids=290خبيب بن عدي رضي الله عنه لما امتنع حتى قتل سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الشهداء ، وقال : هو رفيقي في الجنة وقصته أن المشركين أخذوه ، وباعوه من أهل مكة ، فجعلوا يعاقبونه على أن يذكر آلهتهم بخير ، ويسب محمدا صلى الله عليه وسلم ، وهو يسب آلهتهم ، ويذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير ، فأجمعوا على قتله ، فلما أيقن أنهم قاتلوه سألهم أن يدعوه ليصلي ركعتين ، فأوجز صلاته ، ثم قال إنما أوجزت لكي لا تظنوا أني أخاف القتل ، ثم سألهم أن يلقوه على وجهه ليكون هو ساجدا لله حين يقتلونه ، فأبوا عليه ذلك ، فرفع يديه إلى السماء ، وقال اللهم إني لا أرى هنا إلا وجه عدو ، فأقرئ رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام اللهم احص هؤلاء عددا ، واجعلهم بددا ، ولا تبق منهم أحدا ، ثم أنشأ يقول :
ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان لله مصرعي
، فلما قتلوه ، وصلبوه تحول ، وجهه إلى القبلة ، وجاء جبريل عليه الصلاة والسلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئه سلام خبيب رضي الله عنه ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له ، وقال هو أفضل الشهداء ، وهو رفيقي في الجنة } ، فبهذا تبين أن الامتناع أفضل .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=5أبي عبيدة أيضا في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106من كفر بالله من بعد إيمانه } قال ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر رضي الله عنه {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106ولكن من شرح بالكفر صدرا } {
عبيد الله بن أبي سرح ، فإنه كان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أخذه المشركون ، وأكرهوه على ما أكرهوا عليه nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر رضي الله عنه أجابهم إلى ذلك معتقدا ، فأكرموه ، وكان معهم إلى أن فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، فجاء به عثمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يبايعه ، وفيه قصة ، وهو المراد بقوله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106، ولكن من شرح بالكفر صدرا } } ، فعرفنا أنه إذا بدل الاعتقاد يحكم بكفره مكرها كان ، أو طائعا ، وهذا
[ ص: 45 ] لأنه لا ضرورة إلى تبديل الاعتقاد ، فإنه لا اطلاع لأحد من العباد على اعتقاده ، وهو المراد أيضا من قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106من كفر بالله من بعد إيمانه } ، فأما قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106إلا من أكره ، وقلبه مطمئن بالإيمان } ، فهو
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر رضي الله عنه ، وقد ذكرنا قصته ، وعن
جابر الجعفي أنه سأل
الشعبي رحمه الله عن
nindex.php?page=treesubj&link=24889_23599_27178الرجل يأمر عبده أن يقتل رجلا قال فيها ثلاثة أقاويل : قائل : يقتل العبد ، وآخر قال : يقتل المولى ، والعبد ، وآخر قال : يقتل المولى ، والمراد بيان
nindex.php?page=treesubj&link=27177_23599حكم القصاص عند القتل مكرها أنه على من يجب ، فإن أمر المولى عبده بمنزلة الإكراه ; لأنه يخاف على نفسه إن خالف أمره كأمر السلطان في حق رعيته ، ثم لم يذكر القول الرابع ، وهو الذي ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف أنه لا يقتل واحد منهما ، وكان هذا القول لم يكن في السلف ، وإنما سبق به
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف رحمه الله ، واستحسنه ، وبيان المسألة يأتي في موضعه .
وفي الحديث دليل أن المفتي لا يقطع الجواب على شيء ، ولكن يذكر أقاويل العلماء في الحادثة كما ، فعلها
الشعبي رحمه الله ، ولكن هذا إذا كان المستفتي ممن يمكنه التمييز بين الأقاويل ، ويرجح بعضها على البعض ، فإن كان بحيث لا يمكنه ذلك ، فلا يحصل مقصوده ببيان أقاويل العلماء رحمهم الله ، فلا بد للمفتي من أن يبين له أصح الأقاويل عنده للأخذ به ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري رحمه الله
nindex.php?page=treesubj&link=24889التقية جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة إلا أنه كان لا يجعل في القتل تقية ، وبه نأخذ .
، والتقية أن يقي نفسه من العقوبة بما يظهره ، وإن كان يضمر خلافه ، وقد كان بعض الناس يأبى ذلك ، ويقول : إنه من النفاق ، والصحيح أن ذلك جائز لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28إلا أن تتقوا منهم تقاة } ، وإجراء كلمة الشرك على اللسان مكرها مع طمأنينة القلب بالإيمان من باب التقية ، وقد بينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص فيه
nindex.php?page=showalam&ids=56لعمار بن ياسر رضي الله عنه إلا أن هذا النوع من التقية يجوز لغير الأنبياء ، والرسل عليهم الصلاة والسلام ، فأما في حق المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين ، فما كان يجوز ذلك فيما يرجع إلى أصل الدعوة إلى الدين الحق ، وقد جوزه بعض
الروافض لعنهم الله ، ولكن تجويز ذلك محال ; لأنه يؤدي إلى أن لا يقطع القول بما هو شريعة لاحتمال أن يكون قال ذلك أو فعله تقية ، والقول بهذا محال ، وقوله إلا أنه كان لا يجعل في القتل تقية : يعني إذا أكره على قتل مسلم ليس له أن يقتله لما فيه من طاعة المخلوق في معصية الخالق ، وإيثار روحه على روح من هو مثله في الحرمة ، وذلك لا يجوز ، وبهذا يتبين عظم حرمة المؤمن ; لأن الشرك بالله أعظم الأشياء وزرا ، وأشدها تحريما قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تكاد السموات يتفطرن منه } إلى قوله عز ، وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أن دعوا للرحمن ، ولدا } ، ثم يباح له
nindex.php?page=treesubj&link=24889_9942إجراء كلمة الكفر في حالة الإكراه [ ص: 46 ]
ولا يباح
nindex.php?page=treesubj&link=24889الإقدام على القتل في حالة الإكراه فيه يتبين عظم حرمة المؤمن عند الله تعالى ، وهو مراد
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه إنما التقية باللسان ليس باليد يعني القتل ، والتقية باللسان هو إجراء كلمة الكفر مكرها ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة رضي الله عنه قال : فتنة السوط أشد من فتنة السيف قالوا له : وكيف ذلك ؟ قال إن الرجل ليضرب بالسوط حتى يركب الخشب يعني الذي يراد صلبه يضرب بالسوط حتى يصعد السلم ، وإن كان يعلم ما يراد به إذا صعد ، وفيه دليل أن الإكراه كما يتحقق بالتهديد بالقتل يتحقق بالتهديد بالضرب الذي يخاف منه التلف ، والمراد بالفتنة العذاب ، قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=14ذوقوا فتنتكم } ، وقال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10 : إن الذين فتنوا المؤمنين ، والمؤمنات } أي عذبوهم ، فمعناه عذاب السوط أشد من عذاب السيف ; لأن الألم في القتل بالسيف يكون في ساعته ، وتوالي الألم في الضرب بالسوط إلى أن يكون آخره الموت ، وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81440كان nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة رضي الله عنه ممن يستعمل التقية على ما روي أنه يداري رجلا ، فقيل له : إنك منافق ، فقال لا ، ولكني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله ، وقد ابتلي ببعض ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما روي أن المشركين أخذوه ، واستحلفوه على أن لا ينصر رسول الله في غزوة ، فلما تخلص منهم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك ، فقال عليه الصلاة والسلام أوف لهم بعهدهم ، ونحن نستعين بالله عليهم } ، وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق رحمه الله قال : بعث
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية رضي الله عنه بتماثيل من صفر تباع بأرض
الهند ، فمر بها على
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق رحمه الله قال : والله لو أني أعلم أنه يقتلني لغرقتها ، ولكني أخاف أن يعذبني ، فيفتنني ، والله لا أدري أي الرجلين
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية رجل قد زين له سوء عمله ، أو رجل قد يئس من الآخرة ، فهو يتمتع في الدنيا ، وقيل هذه تماثيل كانت أصيبت في الغنيمة ، فأمر
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية رضي الله عنه ببيعها بأرض
الهند ليتخذ بها الأسلحة ، والكراع للغزاة ، فيكون دليلا
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة رحمه الله في جواز
nindex.php?page=treesubj&link=4454_24030بيع الصنم ، والصليب ممن يعبده كما هو طريقة القياس .
وقد استعظم ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق رحمه الله كما هو طريق الاستحسان الذي ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله في كراهة ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق من علماء التابعين ، وكان يزاحم الصحابة رضي الله عنهم في الفتوى ، وقد رجع
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إلى قوله في مسألة النذر بذبح الولد ، ولكن مع هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية رضي الله عنه مقدم على قوله ، وقد كانوا في المجتهدات يلحق بعضهم الوعيد بالبعض كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه من أراد أن يتقحم جراثيم جهنم ، فليقل في الحديث يعني بقول
زيد رضي الله عنه ، وإنما قلنا هذا ; لأنه لا يظن
nindex.php?page=showalam&ids=17073بمسروق رحمه الله أنه قال في
[ ص: 47 ] nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية رضي الله عنه ما قال عن اعتقاد ، وقد كان هو من كبار الصحابة رضي الله عنهم ، وكان كاتب الوحي ، وكان أمير المؤمنين ، وقد أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملك بعده ، فقال له عليه السلام يوما إذا ملكت أمر أمتي ، فأحسن إليهم إلا أن نوبته كانت بعد انتهاء نوبة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه ، ومضى مدة الخلافة ، فكان هو مخطئا في مزاحمة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه تاركا لما هو واجب عليه من الانقياد له ; لا يجوز أن يقال فيه أكثر من هذا ، ويحكى أن
أبا بكر محمد بن الفضل رحمه الله كان ينال منه في الابتداء ، فرأى في منامه كأن شعرة تدلت من لسانه إلى موضع قدمه ، فهو يطؤها ، ويتألم من ذلك ، ويقطر الدم من لسانه ، فسأل المعبر عن ذلك فقال إنك تنال من واحد من كبار الصحابة رضي الله عنه فإياك ، ثم إياك .
وقد قيل : في تأويل الحديث أيضا أن تلك التماثيل كانت صغارا لا تبدو للناظر من بعد ، ولا بأس باتخاذ مثل ذلك على ما روي أنه وجد خاتم
دانيال عليه السلام في زمن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه كان عليه نقش رجل بين أسدين يلحسانه ، وكان على خاتم
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ذبابتان ، فعرفنا أنه لا بأس باتخاذ ما صغر من ذلك ، ولكن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروقا رحمه الله كان يبالغ في الاحتياط ، فلا يجوز اتخاذ شيء من ذلك ، ولا بيعه ، ثم كان تغريق ذلك من الأمر بالمعروف عنده ، وقد ترك ذلك مخافة على نفسه ، وفيه تبيين أنه لا بأس باستعمال التقية ، وأنه يرخص له في ترك بعض ما هو فرض عند خوف التلف على نفسه ، ومقصوده من إيراد الحديث أن يبين أن التعذيب بالسوط يتحقق فيه الإكراه كما يتحقق في القتل ; لأنه قال لو علمت أنه يقتلني لغرقتها ، ولكن أخاف أن يعذبني ، فيفتنني ، فتبين بهذا أن فتنة السوط أشد من فتنة السيف .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : لا جناح علي في طاعة الظالم إذا أكرهني عليها ، وإنما أراد بيان جواز
nindex.php?page=treesubj&link=9942_24889التقية في إجراء كلمة الكفر إذا أكرهه المشرك عليها ، فالظالم هو الكافر قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254 : والكافرون هم الظالمون } ، ولم يرد به طاعة الظالم في القتل ; لأن الإثم على المكره في القتل لا يندفع بعذر الإكراه بل إذا قدم على القتل كان آثما إثم القتل على ما بينه ، والله أعلم .
، وَعَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81437أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى سَبَّ اللَّهَ ، وَرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ ، ثُمَّ تَرَكُوهُ ، فَلَمَّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا وَرَاءَك ؟ قَالَ : شَرٌّ مَا تَرَكُونِي حَتَّى نِلْتُ مِنْك ، وَذَكَرْتُ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : فَكَيْفَ تَجِدُ قَلْبَك ؟ قَالَ : أَجِدُهُ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ قَالَ : عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إنْ عَادُوا ، فَعُدْ } ، فَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ
nindex.php?page=treesubj&link=24889_9943لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُجْرِيَ كَلِمَةَ الشِّرْكِ عَلَى اللِّسَانِ مُكْرَهًا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُطْمَئِنَّ [ ص: 44 ] الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ ، وَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْإِيمَانِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ اعْتِقَادَهُ بِمَا أَجْرَاهُ عَلَى لِسَانِهِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ حَالِ قَلْبِهِ ، فَلَمَّا أَخْبَرَ أَنَّهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لَمْ يُعَاتِبْهُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ ، وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يَحْمِلُونَ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81437، فَإِنْ عَادُوا فَعُدْ } عَلَى ظَاهِرِهِ يَعْنِي إنْ عَادُوا إلَى الْإِكْرَاهِ ، فَعُدْ إلَى مَا كَانَ مِنْك مِنْ النَّيْلِ مِنِّي ، وَذِكْرِ آلِهَتِهِمْ بِخَيْرٍ ، وَهُوَ غَلَطٌ ، فَإِنَّهُ لَا يُظَنُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَأْمُرُ أَحَدًا بِالتَّكَلُّمِ بِكَلِمَةِ الشِّرْكِ ، وَلَكِنَّ مُرَادَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَإِنْ عَادُوا إلَى الْإِكْرَاهِ ، فَعُدْ إلَى طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ ، وَهَذَا ; لِأَنَّ التَّكَلُّمَ وَإِنْ كَانَ يُرَخَّصُ لَهُ فِيهِ ، فَالِامْتِنَاعُ مِنْهُ أَفْضَلُ .
( أَلَا تَرَى ) {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81438أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=290خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا امْتَنَعَ حَتَّى قُتِلَ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلَ الشُّهَدَاءِ ، وَقَالَ : هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ وَقِصَّتُهُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَخَذُوهُ ، وَبَاعُوهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، فَجَعَلُوا يُعَاقِبُونَهُ عَلَى أَنْ يَذْكُرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ ، وَيَسُبَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ يَسُبُّ آلِهَتَهُمْ ، وَيَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْرٍ ، فَأَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ ، فَلَمَّا أَيْقَنَ أَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ سَأَلَهُمْ أَنْ يَدَعُوهُ لِيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ ، فَأَوْجَزَ صَلَاتَهُ ، ثُمَّ قَالَ إنَّمَا أَوْجَزْتُ لِكَيْ لَا تَظُنُّوا أَنِّي أَخَافُ الْقَتْلَ ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ أَنْ يُلْقُوهُ عَلَى وَجْهِهِ لِيَكُونَ هُوَ سَاجِدًا لِلَّهِ حِينَ يَقْتُلُونَهُ ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ ذَلِكَ ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ ، وَقَالَ اللَّهُمَّ إنِّي لَا أَرَى هُنَا إلَّا وَجْهَ عَدُوٍّ ، فَأَقْرِئْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي السَّلَامَ اللَّهُمَّ احْصِ هَؤُلَاءِ عَدَدًا ، وَاجْعَلْهُمْ بَدَدًا ، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ :
وَلَسْت أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
، فَلَمَّا قَتَلُوهُ ، وَصَلَبُوهُ تَحَوَّلَ ، وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ ، وَجَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْرِئُهُ سَلَامَ خُبَيْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ ، وَقَالَ هُوَ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ ، وَهُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ } ، فَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الِامْتِنَاعَ أَفْضَلُ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=5أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ } قَالَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا } {
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَرْحٍ ، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ ، وَأَكْرَهُوهُ عَلَى مَا أَكْرَهُوا عَلَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجَابَهُمْ إلَى ذَلِكَ مُعْتَقِدًا ، فَأَكْرَمُوهُ ، وَكَانَ مَعَهُمْ إلَى أَنْ فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ ، فَجَاءَ بِهِ عُثْمَانُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ أَنْ يُبَايِعَهُ ، وَفِيهِ قِصَّةٌ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106، وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا } } ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ إذَا بَدَّلَ الِاعْتِقَادَ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ مُكْرَهًا كَانَ ، أَوْ طَائِعًا ، وَهَذَا
[ ص: 45 ] لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَبْدِيلِ الِاعْتِقَادِ ، فَإِنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لِأَحَدٍ مِنْ الْعِبَادِ عَلَى اعْتِقَادِهِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ أَيْضًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ } ، فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106إلَّا مَنْ أُكْرِهَ ، وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ } ، فَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا قِصَّتَهُ ، وَعَنْ
جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ
الشَّعْبِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24889_23599_27178الرَّجُلِ يَأْمُرُ عَبْدَهُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا قَالَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ : قَائِلٌ : يُقْتَلُ الْعَبْدُ ، وَآخَرُ قَالَ : يُقْتَلُ الْمَوْلَى ، وَالْعَبْدُ ، وَآخَرُ قَالَ : يُقْتَلُ الْمَوْلَى ، وَالْمُرَادُ بَيَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=27177_23599حُكْمِ الْقِصَاصِ عِنْدَ الْقَتْلِ مُكْرَهًا أَنَّهُ عَلَى مَنْ يَجِبُ ، فَإِنَّ أَمْرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِكْرَاهِ ; لِأَنَّهُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ إنْ خَالَفَ أَمْرَهُ كَأَمْرِ السُّلْطَانِ فِي حَقِّ رَعِيَّتِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ الْقَوْلَ الرَّابِعَ ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ، وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ لَمْ يَكُنْ فِي السَّلَفِ ، وَإِنَّمَا سَبَقَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَاسْتَحْسَنَهُ ، وَبَيَانُ الْمَسْأَلَةِ يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ .
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ أَنَّ الْمُفْتِيَ لَا يَقْطَعُ الْجَوَابَ عَلَى شَيْءٍ ، وَلَكِنْ يَذْكُرُ أَقَاوِيلَ الْعُلَمَاءِ فِي الْحَادِثَةِ كَمَا ، فَعَلَهَا
الشَّعْبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَلَكِنْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْتَفْتِي مِمَّنْ يُمْكِنُهُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْأَقَاوِيلِ ، وَيُرَجِّحُ بَعْضَهَا عَلَى الْبَعْضِ ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ ، فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُهُ بِبَيَانِ أَقَاوِيلِ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ، فَلَا بُدَّ لِلْمُفْتِي مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ أَصَحَّ الْأَقَاوِيلِ عِنْدَهُ لِلْأَخْذِ بِهِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=24889التَّقِيَّةُ جَائِزَةٌ لِلْمُؤْمِنِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْعَلُ فِي الْقَتْلِ تَقِيَّةً ، وَبِهِ نَأْخُذُ .
، وَالتَّقِيَّةُ أَنْ يَقِيَ نَفْسَهُ مِنْ الْعُقُوبَةِ بِمَا يُظْهِرُهُ ، وَإِنْ كَانَ يُضْمِرُ خِلَافَهُ ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَأْبَى ذَلِكَ ، وَيَقُولُ : إنَّهُ مِنْ النِّفَاقِ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28إلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً } ، وَإِجْرَاءُ كَلِمَةِ الشِّرْكِ عَلَى اللِّسَانِ مُكْرَهًا مَعَ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ مِنْ بَابِ التَّقِيَّةِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=56لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَّا أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ التَّقِيَّةِ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالرُّسُلِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَأَمَّا فِي حَقِّ الْمُرْسَلِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، فَمَا كَانَ يَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى أَصْلِ الدَّعْوَةِ إلَى الدِّينِ الْحَقِّ ، وَقَدْ جَوَّزَهُ بَعْضُ
الرَّوَافِضِ لَعَنَهُمْ اللَّهُ ، وَلَكِنَّ تَجْوِيزَ ذَلِكَ مُحَالٌ ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا يَقْطَعَ الْقَوْلَ بِمَا هُوَ شَرِيعَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ أَوْ فَعَلَهُ تَقِيَّةً ، وَالْقَوْلُ بِهَذَا مُحَالٌ ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْعَلُ فِي الْقَتْلِ تَقِيَّةً : يَعْنِي إذَا أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ طَاعَةِ الْمَخْلُوقِ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ ، وَإِيثَارِ رُوحِهِ عَلَى رُوحِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْحُرْمَةِ ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ عِظَمُ حُرْمَةِ الْمُؤْمِنِ ; لِأَنَّ الشِّرْكَ بِاَللَّهِ أَعْظَمُ الْأَشْيَاءِ وِزْرًا ، وَأَشَدُّهَا تَحْرِيمًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرُنَّ مِنْهُ } إلَى قَوْلِهِ عَزَّ ، وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ ، وَلَدًا } ، ثُمَّ يُبَاحُ لَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=24889_9942إجْرَاءُ كَلِمَةِ الْكُفْرِ فِي حَالَةِ الْإِكْرَاهِ [ ص: 46 ]
وَلَا يُبَاحُ
nindex.php?page=treesubj&link=24889الْإِقْدَامُ عَلَى الْقَتْلِ فِي حَالَةِ الْإِكْرَاهِ فِيهِ يَتَبَيَّنُ عِظَمُ حُرْمَةِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ مُرَادُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّمَا التَّقِيَّةُ بِاللِّسَانِ لَيْسَ بِالْيَدِ يَعْنِي الْقَتْلَ ، وَالتَّقِيَّةُ بِاللِّسَانِ هُوَ إجْرَاءُ كَلِمَةِ الْكُفْرِ مُكْرَهًا ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : فِتْنَةُ السَّوْطِ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ السَّيْفِ قَالُوا لَهُ : وَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ قَالَ إنَّ الرَّجُلَ لَيُضْرَبُ بِالسَّوْطِ حَتَّى يَرْكَبَ الْخَشَبَ يَعْنِي الَّذِي يُرَادُ صَلْبُهُ يُضْرَبُ بِالسَّوْطِ حَتَّى يَصْعَدَ السُّلَّمَ ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ مَا يُرَادُ بِهِ إذَا صَعِدَ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ الْإِكْرَاهَ كَمَا يَتَحَقَّقُ بِالتَّهْدِيدِ بِالْقَتْلِ يَتَحَقَّقُ بِالتَّهْدِيدِ بِالضَّرْبِ الَّذِي يَخَافُ مِنْهُ التَّلَفَ ، وَالْمُرَادُ بِالْفِتْنَةِ الْعَذَابُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=14ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ } ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10 : إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ ، وَالْمُؤْمِنَاتِ } أَيْ عَذَّبُوهُمْ ، فَمَعْنَاهُ عَذَابُ السَّوْطِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ السَّيْفِ ; لِأَنَّ الْأَلَمَ فِي الْقَتْلِ بِالسَّيْفِ يَكُونُ فِي سَاعَتِهِ ، وَتَوَالِي الْأَلَمِ فِي الضَّرْبِ بِالسَّوْطِ إلَى أَنْ يَكُونَ آخِرَهُ الْمَوْتُ ، وَقَدْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81440كَانَ nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُ التَّقِيَّةَ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ يُدَارِي رَجُلًا ، فَقِيلَ لَهُ : إنَّك مُنَافِقٌ ، فَقَالَ لَا ، وَلَكِنِّي أَشْتَرِي دِينِي بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ كُلُّهُ ، وَقَدْ اُبْتُلِيَ بِبَعْضِ ذَلِكَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَخَذُوهُ ، وَاسْتَحْلَفُوهُ عَلَى أَنْ لَا يَنْصُرَ رَسُولَ اللَّهِ فِي غَزْوَةٍ ، فَلَمَّا تَخَلَّصَ مِنْهُمْ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْفِ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ ، وَنَحْنُ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ عَلَيْهِمْ } ، وَذَكَرَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17073مَسْرُوقٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ : بَعَثَ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِتَمَاثِيلَ مِنْ صُفْرٍ تُبَاعُ بِأَرْضِ
الْهِنْدِ ، فَمُرَّ بِهَا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=17073مَسْرُوقٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ : وَاَللَّهِ لَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُنِي لَغَرَّقْتُهَا ، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يُعَذِّبَنِي ، فَيَفْتِنَنِي ، وَاَللَّهِ لَا أَدْرِي أَيَّ الرَّجُلَيْنِ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةُ رَجُلٌ قَدْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ، أَوْ رَجُلٌ قَدْ يَئِسَ مِنْ الْآخِرَةِ ، فَهُوَ يَتَمَتَّعُ فِي الدُّنْيَا ، وَقِيلَ هَذِهِ تَمَاثِيلُ كَانَتْ أُصِيبَتْ فِي الْغَنِيمَةِ ، فَأَمَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِبَيْعِهَا بِأَرْضِ
الْهِنْدِ لِيَتَّخِذَ بِهَا الْأَسْلِحَةَ ، وَالْكُرَاعَ لِلْغُزَاةِ ، فَيَكُونُ دَلِيلًا
nindex.php?page=showalam&ids=11990لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=4454_24030بَيْعِ الصَّنَمِ ، وَالصَّلِيبِ مِمَّنْ يَعْبُدُهُ كَمَا هُوَ طَرِيقَةُ الْقِيَاسِ .
وَقَدْ اسْتَعْظَمَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=17073مَسْرُوقٌ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا هُوَ طَرِيقُ الِاسْتِحْسَانِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=17073وَمَسْرُوقٌ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ ، وَكَانَ يُزَاحِمُ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْفَتْوَى ، وَقَدْ رَجَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ النَّذْرِ بِذَبْحِ الْوَلَدِ ، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ ، وَقَدْ كَانُوا فِي الْمُجْتَهَدَاتِ يُلْحِقُ بَعْضُهُمْ الْوَعِيدَ بِالْبَعْضِ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَقَحَّمَ جَرَاثِيمَ جَهَنَّمَ ، فَلْيَقُلْ فِي الْحَدِيثِ يَعْنِي بِقَوْلِ
زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا ; لِأَنَّهُ لَا يُظَنُّ
nindex.php?page=showalam&ids=17073بِمَسْرُوقٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ فِي
[ ص: 47 ] nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا قَالَ عَنْ اعْتِقَادٍ ، وَقَدْ كَانَ هُوَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَكَانَ كَاتِبَ الْوَحْيِ ، وَكَانَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقَدْ أَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ ، فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمًا إذَا مَلَكْتَ أَمَرَ أُمَّتِي ، فَأَحْسِنْ إلَيْهِمْ إلَّا أَنَّ نَوْبَتَهُ كَانَتْ بَعْدَ انْتِهَاءِ نَوْبَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَضَى مُدَّةُ الْخِلَافَةِ ، فَكَانَ هُوَ مُخْطِئًا فِي مُزَاحَمَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَارِكًا لِمَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مِنْ الِانْقِيَادِ لَهُ ; لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا ، وَيُحْكَى أَنَّ
أَبَا بَكْرِ مُحَمَّدَ بْنَ الْفَضْلِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ يَنَالُ مِنْهُ فِي الِابْتِدَاءِ ، فَرَأَى فِي مَنَامِهِ كَأَنَّ شَعْرَةً تَدَلَّتْ مِنْ لِسَانِهِ إلَى مَوْضِعِ قَدَمِهِ ، فَهُوَ يَطَؤُهَا ، وَيَتَأَلَّمُ مِنْ ذَلِكَ ، وَيَقْطُرُ الدَّمُ مِنْ لِسَانِهِ ، فَسَأَلَ الْمُعَبِّرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنَّك تَنَالُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِيَّاكَ ، ثُمَّ إيَّاكَ .
وَقَدْ قِيلَ : فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ تِلْكَ التَّمَاثِيلَ كَانَتْ صِغَارًا لَا تَبْدُو لِلنَّاظِرِ مِنْ بُعْدٍ ، وَلَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِ مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ وُجِدَ خَاتَمُ
دَانْيَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي زَمَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ عَلَيْهِ نَقْشُ رَجُلٍ بَيْنَ أَسَدَيْنِ يَلْحَسَانِهِ ، وَكَانَ عَلَى خَاتَمِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ذُبَابَتَانِ ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِ مَا صَغُرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=17073مَسْرُوقًا رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ يُبَالِغُ فِي الِاحْتِيَاطِ ، فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا بَيْعُهُ ، ثُمَّ كَانَ تَغْرِيقُ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ عِنْدَهُ ، وَقَدْ تَرَكَ ذَلِكَ مَخَافَةً عَلَى نَفْسِهِ ، وَفِيهِ تَبْيِينُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ التَّقِيَّةِ ، وَأَنَّهُ يُرَخَّصُ لَهُ فِي تَرْكِ بَعْضِ مَا هُوَ فَرْضٌ عِنْدَ خَوْفِ التَّلَفِ عَلَى نَفْسِهِ ، وَمَقْصُودُهُ مِنْ إيرَادِ الْحَدِيثِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ التَّعْذِيبَ بِالسَّوْطِ يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْقَتْلِ ; لِأَنَّهُ قَالَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ يَقْتُلُنِي لَغَرَّقْتهَا ، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ يُعَذِّبَنِي ، فَيَفْتِنَنِي ، فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ فِتْنَةَ السَّوْطِ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ السَّيْفِ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَا جُنَاحَ عَلَيَّ فِي طَاعَةِ الظَّالِمِ إذَا أَكْرَهَنِي عَلَيْهَا ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بَيَانَ جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=9942_24889التَّقِيَّةِ فِي إجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ إذَا أَكْرَهَهُ الْمُشْرِكُ عَلَيْهَا ، فَالظَّالِمُ هُوَ الْكَافِرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254 : وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ } ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ طَاعَةَ الظَّالِمِ فِي الْقَتْلِ ; لِأَنَّ الْإِثْمَ عَلَى الْمُكْرَهِ فِي الْقَتْلِ لَا يَنْدَفِعُ بِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ بَلْ إذَا قَدِمَ عَلَى الْقَتْلِ كَانَ آثِمًا إثْمَ الْقَتْلِ عَلَى مَا بَيَّنَهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .