nindex.php?page=treesubj&link=10821_30515_30578_34147_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم شروع في
nindex.php?page=treesubj&link=10971بيان من يحرم نكاحها من النساء ومن لا يحرم بعد بيان كيفية معاشرة الأزواج ، وهو عند بعض مرتبط بقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=19لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها وإنما خص هذا النكاح بالنهي ولم ينظم في سلك نكاح المحرمات الآتية مبالغة في الزجر عنه حيث كان ذلك ديدنا لهم في الجاهلية . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16965ابن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب قال :
كان الرجل إذا توفي عن امرأته كان ابنه أحق بها أن ينكحها إن شاء إن لم تكن أمه ، أو ينكحها من شاء فلما مات أبو قيس بن الأسلت قام ابنه حصن فورث نكاح امرأته ولم ينفق عليها ولم يورثها من المال شيئا فأتت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : « ارجعي لعل الله تعالى ينزل فيك شيئا فنزلت nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا الآية ، ونزلت أيضا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=19لا يحل لكم إلخ » وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي وغيره أنها نزلت في
حصن المذكور ، وفي
الأسود بن خلف تزوج امرأة أبيه ، وفي
صفوان بن أمية بن خلف تزوج امرأة أبيه
فاختة بنت الأسود بن المطلب ، وفي
منظور بن ريان تزوج امرأة أبيه
مليكة بنت خارجة ، واسم الآباء ينتظم الأجداد كيف كانوا باعتبار معنى يعمهما لغة لا باعتبار الجمع بين الحقيقة والمجاز ، وفي « النهاية » إن دلالة الأب على الجد بأحد طريقين : إما أن يكون المراد بالأب الأصل وإما بالإجماع ، ولا يخفى أن كون
[ ص: 246 ] الدلالة بالإجماع مما لا معنى له ، نعم لثبوت حرمة من نكحها الجد بالإجماع معنى لا خفاء فيه فتثبت حرمة ما نكحوها نصا وإجماعا ، ويستقل في إثبات هذه الحرمة نفس النكاح أعني العقد إن كان صحيحا ولا يشترط الدخول ، وإلى ذلك ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فقد أخرج عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي أنه قال : كل امرأة تزوجها أبوك دخل بها أو لم يدخل بها فهي عليك حرام ، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وابن أبي رباح ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=10981كان النكاح فاسدا فلا بد في إثبات الحرمة من الوطء أو ما يجري مجراه من التقبيل والمس بشهوة مثلا بل هو المحرم في الحقيقة حتى لو وقع شيء من ذلك بملك اليمين ، وبالوجه المحرم ثبتت به الحرمة عندنا ، وإليه ذهبت
الإمامية ، وخالفت الشافعية في المحرم ، وتحقيق ذلك أن الناس اختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=10787مفهوم النكاح لغة فقيل : هو مشترك لفظي بين الوطء والعقد وهو ظاهر كلام كثير من اللغويين ، وقيل : حقيقة في العقد مجاز في الوطء وعليه الشافعية ، وقيل : بالعكس وعليه أصحابنا ، ولا ينافيه تصريحهم بأنه حقيقة في الضم لأن الوطء من أفراده، والموضوع للأعم حقيقة في كل من أفراده على ما أطلقه الأقدمون ، وقد تحقق استعمال النكاح في كل من هذه المعاني ، ففي الوطء قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=42481ولدت من نكاح لا من سفاح " أي من وطء حلال لا من وطء حرام ، وقوله عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=908250 " يحل للرجل من امرأته الحائض كل شيء إلا النكاح " ، وقول الشاعر :
ومن أيم قد " أنكحتها " رماحنا وأخرى على خال وعم تلهف
وقول الآخر :
" ومنكوحة " غير ممهورة
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق :
إذ سقى الله قوما صوب عادية فلا سقى الله أرض الكوفة المطرا
التاركين على طهر نساءهم " والناكحين " بشطي دجلة البقرا
وفي « العقد » قول
الأعشى :
فلا تقربن جارة إن سرها عليك حرام " فانكحن " أو تأبدا
وفي المعنى الأعم قول القائل :
ضممت إلى صدري معطر صدرها كما " نكحت " أم الغلام صبيها
وقول
أبي الطيب :
"
أنكحت " صم حصاها خف يعملة تغشمرت بي إليك السهل والجبلا
فمدعي الاشتراك اللفظي يقول: تحقق الاستعمال والأصل الحقيقة ، والثاني يقول : كونه مجازا في أحدهما حقيقة في الآخر حيث أمكن أولى من الاشتراك ، ثم يدعي تبادر العقد عند إطلاق لفظ النكاح دون الوطء ويحيل فهم الوطء منه حيث فهم على القرينة ، ففي الحديث الأول هي عطف السفاح بل يصح حمل النكاح فيه على العقد، وإن كانت الولادة بالذات من الوطء ، وفي الثاني إضافة المرأة إلى ضمير الرجل فإن امرأته هي المعقود عليها فيلزم إرادة الوطء من النكاح المستثنى وإلا فسد المعنى إذ يصير: يحل من المعقود عليها كل شيء إلا العقد ، وفي الأبيات الإضافة إلى البقر ونفي المهور ، والإسناد إلى الرماح إذ يستفاد أن المراد وطء البقر والمسبيات ، والجواب منع تبادر العقد عند الإطلاق لغة بل ذلك في المفهوم الشرعي الفقهي ، ولا نسلم أن فهم الوطء فيما ذكر مسند إلى القرينة وإن كانت موجودة إذ وجود قرينة تؤيد إرادة المعنى الحقيقي مما يثبت مع إرادة الحقيقي فلا يستلزم ذلك كون المعنى مجازيا بل المعتبر مجرد النظر إلى القرينة إن عرف أنه لولاها لم يدل اللفظ على ما عنيته فهو مجاز وإلا فلا ، ونحن في هذه المواد المذكورة نفهم الوطء قبل طلب القرينة ، والنظر في
[ ص: 247 ] وجه دلالتها فيكون اللفظ حقيقة وإن كان مقرونا بما إذا نظر فيه استدعى إرادة ذلك المعنى ، ألا يرى أن ما ادعوا فيه الشهادة على أنه حقيقة في العقد مجاز في الوطء من بيت
الأعشى فيه قرينة تفيد العقد أيضا فإن قوله :
فلا تقربن جارة
نهي عن الزنا بدليل أن سرها عليك حرام فيلزم أن قوله :
فانكحن أمر بالعقد أي فتزوج إن كان الزنا عليك حراما أو تأبد
أي توحش أي كن كالوحش بالنسبة إلى الآدميات فلا يكن منك قربان لهن كما لا يقربهن وحش ، ولم يمنع ذلك أن يكون اللفظ حقيقة في العقد عندهم في البيت إذ هم لا يقولون بأنه مجاز فيه ، وأما ادعاء أنه في الحديث للعقد فيستلزم التجوز في نسبة الولادة إليه لأن العقد إنما هو سبب السبب ، ففيه دعوى حقيقة بالخروج عن حقيقة وهو ترجيح بلا مرجح لو كانا سواء ، فكيف والأنسب كونه في الوطء ليتحقق التقابل بينه وبين السفاح إذ يصير المعنى عن وطء حلال لا وطء حرام فيكون على خاص من الوطء ، والدال على الخصوصية لفظ السفاح أيضا فثبت إلى هنا أنا لم نزده على ثبوت مجرد الاستعمال شيئا يجب اعتباره ، وقد علم أيضا ثبوت الاستعمال في الضم فباعتباره حقيقة فيه يكون مشتركا معنويا من أفراده الوطء والعقد إن اعتبرنا الضم أعم من ضم الجسم إلى الجسم والقول إلى القول ، أو الوطء فقط فيكون مجازا في العقد لأنه إذا دار بين المجاز والاشتراك اللفظي كان المجاز أولى ما لم يثبت صريحا خلافه ولم يثبت نقل ذلك بل قالوا : نقل المبرد عن البصريين ، وغلام
nindex.php?page=showalam&ids=15611ثعلب عن الكوفيين أنه الجمع والضم ، ثم المتبادر من لفظ الضم تعلقه بالأجسام لا الأقوال لأنها أعراض يتلاشى الأول منها قبل وجود الثاني فلا يصادف الثاني ما ينضم إليه فوجب كونه مجازا في العقد كذا في « فتح القدير » .
إذا علمت ذلك فنقول : حمل الشافعية النكاح في الآية التي نحن فيها على العقد دون الوطء ، واستدلوا بها على حرمة المعقود عليها وإن لم توطأ ، وذهبوا إلى عدم ثبوت الحرمة بالزنا وحمله بعض أصحابنا على العقد فيها ، واستدلوا بها على حرمة نكاح نساء الآباء والأجداد ، وثبوت حرمة المصاهرة بالزنا وجعلوا حرمة العقد ثابتة بالإجماع ثم قالوا : ولو حمل على العقد تكون حرمة الوطء ثابتة بطريق الأولى .
واعترض بأنه لا ينبغي أن يقال : ثبت حرمة الموطوأة بالآية ، والمعقود عليها بلا وطء بالإجماع لأنه إذا كان الحكم الحرمة بمجرد العقد ولفظ الدليل الصالح له كان مرادا منه بلا شبهة; فإن الإجماع تابع للنص إذ القياس عن أحدهما يكون ، ولو كان عن علم ضروري يخلق لهم ثبت بذلك أن ذلك الحكم مراد من كلام الشارع إذا احتمله ، وحمله آخرون على الوطء والعقد معا فقد قال
الزيلعي : الآية تتناول منكوحة الأب وطء وعقدا صحيحا ، ولا يضر الجمع بين الحقيقة والمجاز لأن الكلام نفي ، وفي النفي يجوز الجمع بينهما كما يجوز فيه أن يعم المشترك جميع معانيه ، وقد نقل أيضا
سعدي أفندي عن وصايا « الهداية » جواز الجمع بين معاني المشترك في النفي وحينئذ لا إشكال في كون الآية دليلا على حرمة الموطوأة والمعقود عليها كما لا يخفى .
واعترض ما قاله
الزيلعي بأنه ضعيف في الأصول ، والصحيح أنه لا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=28914الجمع بين الحقيقة والمجاز لا في النفي ولا في الإثبات ، ولا عموم للمشترك مطلقا ، وفي « الأكمل » والحق أن النفي كما اقتضاه الإثبات فإن اقتضى الإثبات الجمع بين المعنيين فالنفي كذلك وإلا فلا .
ومسألة اليمين المذكورة في « المبسوط »
nindex.php?page=treesubj&link=16478حلف لا يكلم مواليه وله أعلون وأسفلون فأيهم كلم حنث ليست باعتبار عموم المشترك في النفي كما توهم البعض ، وإنما هو لأن حقيقة الكلام متروكة بدلالة اليمين إلى مجاز يعمها ، وفي « البحر » إن الأولى أن النكاح في الآية للعقد كما هو المجمع عليه ، ويستدل
[ ص: 248 ] لثبوت حرمة المصاهرة بالوطء الحرام بدليل آخر فليفهم ، وما موصول اسمي واقعة على من يعقل ولا كلام في ذلك على رأي من جوزه مطلقا ، وكذا على رأي من جوزه إذا أريد معنى صفة مقصودة منه ، وقيل : مصدرية على إرادة المفعول من المصدر أي منكوحات آبائكم ، واختار
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري إبقاء المصدر على مصدريته ويكون المراد النهي عن كل نكاح كان لهم فاسد أي لا تنكحوا مثل نكاح آبائكم وليس بالوجيه .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22من النساء في موضع الحال من ( ما ) أو من العائد عليها ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري متعلقة بنكح ، وذكر غير واحد أنها بيان لما على الوجهين السابقين ، وظاهره أنها بيانية ، ويحتمل أن تكون تبعيضية والبيان معنوي ، ونكتته مع عدم الاحتياج إليه إذ المنكوحات لا يكن إلا نساء التعميم كأنه قيل : أي امرأة كانت ، واحتمال كونه رفع توهم التغليب في آبائكم وجعله أعم من الأمهات حتى يفيد أنه نهي للبنت عن نكاح منكوح أمها لا يخلو عن خفاء .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إلا ما قد سلف أي مات كما روي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب وهو استثناء متصل على المختار مما نكح للمبالغة في التحريم والتعميم ، والكلام حينئذ من باب تأكيد الشيء بما يشبه نقيضه كما في قول
nindex.php?page=showalam&ids=8572النابغة :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم " بهن فلول من قراع الكتائب
"
والمعنى لا تنكحوا حلائل آبائكم إلا من مات منهن . والمقصود سد باب الإباحة بالكلية لما فيه من تعليق الشيء بالمحال كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=40حتى يلج الجمل في سم الخياط والمعلق على المحال محال ، وقيل : إنه استثناء متصل مما يستلزمه النهي وتستلزمه مباشرة المنهي عنه من العقاب كأنه قيل : تستحقون العقاب بنكاح ما نكح آباؤكم إلا ما قد سلف ومضى فإنه معفو عنه ، وبهذا التأويل يندفع الاستشكال بأن النهي للمستقبل ، وما قد سلف ماض فكيف يستثنى منه ، وجعل بعض محققي النحاة الاستثناء مما دخل في حكم دلالة المفهوم منقطعا فحكم على ما هنا بالانقطاع أي لكن ما سلف لا مؤاخذة عليه فلا تلامون به لأن الإسلام يهدم ما قبله فتثبت به أحكام النسب وغيره ، ولا يعد ذلك زنا ، وقد ذكر
البلخي أنه ليس كل نكاح حرمه الله تعالى يكون زنا لأن الزنا فعل مخصوص لا يجري على طريقة لازمة وسنة جارية ، ولذلك لا يقال للمشركين في الجاهلية أولاد زنا ، ولا لأولاد أهل الذمة مثلا إذا كان ذلك عن عقد بينهم يتعارفونه ، وزعم بعضهم على تقدير الانقطاع أن المعنى لكن ما سلف أنتم مقرون عليه ، وحكي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أقرهم على منكوحات آبائهم مدة ثم أمر بمفارقتهن ، وفعل ذلك ليكون إخراجهم عن هذه العادة الرديئة على سبيل التدريج ، قال
البلخي : وهذا خلاف الإجماع ، وما علم من دين الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فالقول به خطأ والمعول عليه من بين الأقوال الأول لقوله سبحانه :
( إنه ) أي نكاح ما نكح الآباء
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22كان فاحشة ومقتا فإنه تعليل للنهي وبيان لكون المنهي عنه في غاية القبح كما يدل عليه الأخبار بأنه فاحشة مبغوضا باستحقار جدا حتى كأنه نفس البغض كما يدل عليه الأخبار بأنه مقت ، وإنه لم يزل في حكم الله تعالى وعلمه موصوفا بذلك ما رخص فيه لأمة من الأمم كما يقتضيه كان على ما ذكره
علي بن عيسى وغيره ، وهذا لا يلائم أن يوسط بينهما ما يهون أمره من ترك المؤاخذة على ما سلف منه كما أشار إليه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وارتضاه جمع من المحققين ، ومن الناس من استظهر كون هذه الجملة خبرا على تقدير الانقطاع وليس بالظاهر ، ومنهم من فسر الفاحشة هنا بالزنا وليس بشيء ، وقد كان هذا النكاح يسمى في الجاهلية نكاح المقت ، ويسمى الولد منه مقتيا ، ويقال له أيضا : مقيت أي مبغوض مستحقر ، وكان من هذا النكاح
[ ص: 249 ] على ما ذكره
الطبرسي الأشعث بن قيس ومعيط جد
الوليد بن عقبة nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وساء سبيلا أي بئس طريقا طريق ذلك النكاح ، ففي ساء ضمير مبهم يفسره ما بعده ، والمخصوص بالذم محذوف ، وذم الطريق مبالغة في ذم سالكها وكناية عنه ، ويجوز -واختاره الليث- أن تكون ساء كسائر الأفعال ففيها ضمير يعود إلى ما عاد إليه ضمير به .
وسبيلا تمييز محول عن الفاعل ، والجملة إما مستأنفة لا محل لها من الإعراب ، وإما معطوفة على خبر كان محكية بقول مضمر هو المعطوف في الحقيقة أي ومقولا في حقه ذلك في سائر الأعصار .
قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11943الرازي : « مراتب القبح ثلاث : القبح العقلي والقبح الشرعي والقبح العادي ، وقد وصف الله سبحانه هذا النكاح بكل ذلك ، فقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22فاحشة إشارة إلى مرتبة قبحه العقلي ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ومقتا إشارة إلى مرتبة قبحه الشرعي ، وقوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وساء سبيلا إشارة إلى مرتبة قبحه العادي ، وما اجتمع فيه هذه المراتب فقد بلغ أقصى مراتب القبح » ، وأنت تعلم أن كون قوله عز شأنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ومقتا إشارة إلى مرتبة قبحه الشرعي ظاهر على تقدير أن يكون المراد " ومقتا " عند الله تعالى ، وأما على تقدير أن يكون المراد " ومقتا " عند ذوي المروآت فليس بظاهر ، ومن هنا قيل : إن قوله جل شأنه : ( فاحشة ) إشارة إلى القبح الشرعي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ومقتا إشارة إلى العقلي بمعنى المنافرة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وساء سبيلا إلى العرفي ، وعندي أن لكل وجها ، ولعل ترتيب الإمام أولى من بعض الحيثيات كما لا يخفى ، ومما يدل على فظاعة أمره ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675788لقيت خالي ومعه الراية قلت : أين تريد؟ قال : بعثني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله .
nindex.php?page=treesubj&link=10821_30515_30578_34147_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ شُرُوعٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10971بَيَانِ مَنْ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا مِنَ النِّسَاءِ وَمَنْ لَا يَحْرُمُ بَعْدَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ مُعَاشَرَةِ الْأَزْوَاجِ ، وَهُوَ عِنْدَ بَعْضٍ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=19لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَإِنَّمَا خُصَّ هَذَا النِّكَاحُ بِالنَّهْيِ وَلَمْ يُنَظَّمْ فِي سِلْكِ نِكَاحِ الْمُحَرَّمَاتِ الْآتِيَةِ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ عَنْهُ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ دَيْدَنًا لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ . وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16965ابْنُ سَعْدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ :
كَانَ الرَّجُلُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنِ امْرَأَتِهِ كَانَ ابْنُهُ أَحَقَّ بِهَا أَنْ يَنْكِحَهَا إِنْ شَاءَ إِنْ لَمْ تَكُنْ أُمَّهُ ، أَوْ يَنْكِحُهَا مَنْ شَاءَ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو قَيْسِ بْنُ الْأَسْلَتِ قَامَ ابْنُهُ حِصْنٌ فَوَرِثَ نِكَاحَ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا وَلَمْ يُورِثْهَا مِنَ الْمَالِ شَيْئًا فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : « ارْجِعِي لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْزِلُ فِيكِ شَيْئًا فَنَزَلَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلا تَنْكِحُوا الْآيَةَ ، وَنَزَلَتْ أَيْضًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=19لا يَحِلُّ لَكُمْ إِلَخْ » وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15466الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
حِصْنِ الْمَذْكُورِ ، وَفِي
الْأَسْوَدِ بْنِ خَلَفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ ، وَفِي
صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ
فَاخِتَةَ بِنْتَ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ ، وَفِي
مَنْظُورِ بْنِ رَيَّانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ
مُلَيْكَةَ بِنْتَ خَارِجَةٍ ، وَاسْمُ الْآبَاءِ يَنْتَظِمُ الْأَجْدَادَ كَيْفَ كَانُوا بِاعْتِبَارِ مَعْنًى يَعُمُّهُمَا لُغَةً لَا بِاعْتِبَارِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ ، وَفِي « النِّهَايَةِ » إِنَّ دَلَالَةَ الْأَبِ عَلَى الْجِدِّ بِأَحَدِ طَرِيقَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَبِ الْأَصْلَ وَإِمَّا بِالْإِجْمَاعِ ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ
[ ص: 246 ] الدَّلَالَةِ بِالْإِجْمَاعِ مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ ، نَعَمْ لِثُبُوتِ حُرْمَةِ مَنْ نَكَحَهَا الْجَدُّ بِالْإِجْمَاعِ مَعْنًى لَا خَفَاءَ فِيهِ فَتَثْبُتُ حُرْمَةُ مَا نَكَحُوهَا نَصًّا وَإِجْمَاعًا ، وَيَسْتَقِلُّ فِي إِثْبَاتِ هَذِهِ الْحُرْمَةِ نَفْسُ النِّكَاحِ أَعْنِي الْعَقْدَ إِنْ كَانَ صَحِيحًا وَلَا يُشْتَرَطُ الدُّخُولُ ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَقَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ قَالَ : كُلُّ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا أَبُوكَ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ عَلَيْكَ حَرَامٌ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ وَابْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10981كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا فَلَا بُدَّ فِي إِثْبَاتِ الْحُرْمَةِ مِنَ الْوَطْءِ أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَاهُ مِنَ التَّقْبِيلِ وَالْمَسِّ بِشَهْوَةٍ مَثَلًا بَلْ هُوَ الْمُحَرَّمُ فِي الْحَقِيقَةِ حَتَّى لَوْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ ، وَبِالْوَجْهِ الْمُحَرَّمِ ثَبَتَتْ بِهِ الْحُرْمَةُ عِنْدَنَا ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَتِ
الْإِمَامِيَّةُ ، وَخَالَفَتِ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُحَرَّمِ ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10787مَفْهُومِ النِّكَاحِ لُغَةً فَقِيلَ : هُوَ مُشْتَرَكٌ لَفْظِيٌّ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالْعَقْدِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنَ اللُّغَوِيِّينَ ، وَقِيلَ : حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ ، وَقِيلَ : بِالْعَكْسِ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا ، وَلَا يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الضَّمِّ لِأَنَّ الْوَطْءَ مِنْ أَفْرَادِهِ، وَالْمَوْضُوعُ لِلْأَعَمِّ حَقِيقَةً فِي كُلٍّ مِنْ أَفْرَادِهِ عَلَى مَا أَطْلَقَهُ الْأَقْدَمُونَ ، وَقَدْ تَحَقَّقَ اسْتِعْمَالُ النِّكَاحِ فِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي ، فَفِي الْوَطْءِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=42481وُلِدْتُ مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ " أَيْ مِنْ وَطْءٍ حَلَالٍ لَا مِنْ وَطْءٍ حَرَامٍ ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=908250 " يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ " ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ :
وَمِنْ أَيِّمٍ قَدْ " أَنَكَحَتْهَا " رِمَاحُنَا وَأُخْرَى عَلَى خَالٍ وَعَمٍّ تَلَهَّفُ
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
" وَمَنْكُوحَةٍ " غَيْرِ مَمْهُورَةٍ
وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقِ :
إِذْ سَقَى اللَّهُ قَوْمًا صَوْبَ عَادِيَةٍ فَلَا سَقَى اللَّهُ أَرْضَ الْكُوفَةِ الْمَطَرَا
التَّارِكِينَ عَلَى طُهْرٍ نِسَاءَهُمُ " وَالنَّاكِحِينَ " بِشَطَّيْ دِجْلَةَ الْبَقَرَا
وَفِي « الْعَقْدِ » قَوْلُ
الْأَعْشَى :
فَلَا تَقْرَبَنَّ جَارَةً إِنَّ سِرَّهَا عَلَيْكَ حَرَامٌ " فَانْكِحَنْ " أَوْ تَأَبَّدَا
وَفِي الْمَعْنَى الْأَعَمِّ قَوْلُ الْقَائِلِ :
ضَمَمْتُ إِلَى صَدْرِي مُعَطَّرَ صَدْرِهَا كَمَا " نَكَحَتْ " أُمُّ الْغُلَامِ صَبِيَّهَا
وَقَوْلُ
أَبِي الطَّيِّبِ :
"
أَنْكَحْتُ " صُمَّ حَصَاهَا خُفَّ يَعْمَلَةٍ تَغَشْمَرَتْ بِي إِلَيْكَ السَّهْلُ وَالْجَبَلَا
فَمُدَّعِي الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ يَقُولُ: تَحَقَّقَ الِاسْتِعْمَالُ وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ ، وَالثَّانِي يَقُولُ : كَوْنُهُ مَجَازًا فِي أَحَدِهِمَا حَقِيقَةً فِي الْآخَرِ حَيْثُ أَمْكَنَ أَوْلَى مِنَ الِاشْتِرَاكِ ، ثُمَّ يَدَّعِي تَبَادُرَ الْعَقْدِ عِنْدَ إِطْلَاقِ لَفْظِ النِّكَاحِ دُونَ الْوَطْءِ وَيُحِيلُ فَهْمَ الْوَطْءِ مِنْهُ حَيْثُ فُهِمَ عَلَى الْقَرِينَةِ ، فَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ هِيَ عَطْفُ السِّفَاحِ بَلْ يَصِحُّ حَمْلُ النِّكَاحِ فِيهِ عَلَى الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَتِ الْوِلَادَةُ بِالذَّاتِ مِنَ الْوَطْءِ ، وَفِي الثَّانِي إِضَافَةُ الْمَرْأَةِ إِلَى ضَمِيرِ الرَّجُلِ فَإِنَّ امْرَأَتَهُ هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا فَيَلْزَمُ إِرَادَةُ الْوَطْءِ مِنَ النِّكَاحِ الْمُسْتَثْنَى وَإِلَّا فَسَدَ الْمَعْنَى إِذْ يَصِيرُ: يَحِلُّ مِنَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْعَقْدَ ، وَفِي الْأَبْيَاتِ الْإِضَافَةُ إِلَى الْبَقَرِ وَنَفْيُ الْمُهُورِ ، وَالْإِسْنَادُ إِلَى الرِّمَاحِ إِذْ يُسْتَفَادُ أَنَّ الْمُرَادَ وَطْءُ الْبَقْرِ وَالْمَسْبِيَّاتِ ، وَالْجَوَابُ مَنْعُ تَبَادُرِ الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لُغَةً بَلْ ذَلِكَ فِي الْمَفْهُومِ الشَّرْعِيِّ الْفِقْهِيِّ ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ فَهْمَ الْوَطْءِ فِيمَا ذُكِرَ مُسْنَدٌ إِلَى الْقَرِينَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً إِذْ وُجُودُ قَرِينَةٍ تُؤَيِّدُ إِرَادَةَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ مِمَّا يُثْبِتُ مَعَ إِرَادَةِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ كَوْنَ الْمَعْنَى مَجَازِيًّا بَلِ الْمُعْتَبَرُ مُجَرَّدُ النَّظَرِ إِلَى الْقَرِينَةِ إِنْ عُرِفَ أَنَّهُ لَوْلَاهَا لَمْ يَدُلَّ اللَّفْظُ عَلَى مَا عَنَيْتُهُ فَهُوَ مَجَازٌ وَإِلَّا فَلَا ، وَنَحْنُ فِي هَذِهِ الْمَوَادِّ الْمَذْكُورَةِ نَفْهَمُ الْوَطْءَ قَبْلَ طَلَبِ الْقَرِينَةِ ، وَالنَّظَرُ فِي
[ ص: 247 ] وَجْهِ دَلَالَتِهَا فَيَكُونُ اللَّفْظُ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ مَقْرُونًا بِمَا إِذَا نُظِرَ فِيهِ اسْتَدْعَى إِرَادَةَ ذَلِكَ الْمَعْنَى ، أَلَا يَرَى أَنَّ مَا ادَّعَوْا فِيهِ الشَّهَادَةَ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ مِنْ بَيْتِ
الْأَعْشَى فِيهِ قَرِينَةٌ تُفِيدُ الْعَقْدَ أَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ :
فَلَا تَقْرَبَنَّ جَارَةً
نَهْيٌ عَنِ الزِّنَا بِدَلِيلِ أَنَّ سِرَّهَا عَلَيْكَ حَرَامٌ فَيَلْزَمُ أَنَّ قَوْلَهُ :
فَانْكِحَنَّ أَمْرٌ بِالْعَقْدِ أَيْ فَتَزَوَّجَ إِنْ كَانَ الزِّنَا عَلَيْكَ حَرَامًا أَوْ تَأَبَّدَ
أَيْ تَوَحَّشَ أَيْ كُنْ كَالْوَحْشِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآدَمِيَّاتِ فَلَا يَكُنْ مِنْكَ قُرْبَانٌ لَهُنَّ كَمَا لَا يَقْرَبَهُنَّ وَحْشٌ ، وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ حَقِيقَةً فِي الْعَقْدِ عِنْدَهُمْ فِي الْبَيْتِ إِذْ هُمْ لَا يَقُولُونَ بِأَنَّهُ مَجَازٌ فِيهِ ، وَأَمَّا ادِّعَاءُ أَنَّهُ فِي الْحَدِيثِ لِلْعَقْدِ فَيَسْتَلْزِمُ التَّجَوُّزَ فِي نِسْبَةِ الْوِلَادَةِ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ إِنَّمَا هُوَ سَبَبُ السَّبَبِ ، فَفِيهِ دَعْوَى حَقِيقَةٌ بِالْخُرُوجِ عَنْ حَقِيقَةٍ وَهُوَ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ لَوْ كَانَا سَوَاءً ، فَكَيْفَ وَالْأَنْسَبُ كَوْنُهُ فِي الْوَطْءِ لِيَتَحَقَّقَ التَّقَابُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السِّفَاحِ إِذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَنْ وَطْءٍ حَلَالٍ لَا وَطْءٍ حَرَامٍ فَيَكُونُ عَلَى خَاصٍّ مِنَ الْوَطْءِ ، وَالدَّالُّ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ لَفْظُ السِّفَاحِ أَيْضًا فَثَبَتَ إِلَى هُنَا أَنَّا لَمْ نَزِدْهُ عَلَى ثُبُوتِ مُجَرَّدِ الِاسْتِعْمَالِ شَيْئًا يَجِبُ اعْتِبَارُهُ ، وَقَدْ عُلِمَ أَيْضًا ثُبُوتُ الِاسْتِعْمَالِ فِي الضَّمِّ فَبِاعْتِبَارِهِ حَقِيقَةً فِيهِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا مِنْ أَفْرَادِهِ الْوَطْءُ وَالْعَقْدُ إِنِ اعْتَبَرْنَا الضَّمَّ أَعَمَّ مِنْ ضَمِّ الْجِسْمِ إِلَى الْجِسْمِ وَالْقَوْلِ إِلَى الْقَوْلِ ، أَوِ الْوَطْءِ فَقَطْ فَيَكُونُ مَجَازًا فِي الْعَقْدِ لِأَنَّهُ إِذَا دَارَ بَيْنَ الْمَجَازِ وَالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ كَانَ الْمَجَازُ أَوْلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ صَرِيحًا خِلَافَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ نَقْلُ ذَلِكَ بَلْ قَالُوا : نَقَلَ الْمُبَرِّدُ عَنِ الْبَصْرِيِّينَ ، وَغُلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=15611ثَعْلَبٍ عَنِ الْكُوفِيِّينَ أَنَّهُ الْجَمْعُ وَالضَّمُّ ، ثُمَّ الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ الضَّمِّ تَعَلُّقُهُ بِالْأَجْسَامِ لَا الْأَقْوَالِ لِأَنَّهَا أَعْرَاضٌ يَتَلَاشَى الْأَوَّلُ مِنْهَا قَبْلَ وُجُودِ الثَّانِي فَلَا يُصَادِفُ الثَّانِيَ مَا يَنْضَمُّ إِلَيْهِ فَوَجَبَ كَوْنُهُ مَجَازًا فِي الْعَقْدِ كَذَا فِي « فَتْحِ الْقَدِيرِ » .
إِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَنَقُولُ : حَمَلَ الشَّافِعِيَّةُ النِّكَاحَ فِي الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا عَلَى الْعَقْدِ دُونَ الْوَطْءِ ، وَاسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى حُرْمَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تُوطَأْ ، وَذَهَبُوا إِلَى عَدَمِ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بِالزِّنَا وَحَمَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى الْعَقْدِ فِيهَا ، وَاسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى حُرْمَةِ نِكَاحِ نِسَاءِ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ ، وَثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِالزِّنَا وَجَعَلُوا حُرْمَةَ الْعَقْدِ ثَابِتَةً بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ قَالُوا : وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْعَقْدِ تَكُونُ حُرْمَةُ الْوَطْءِ ثَابِتَةً بِطَرِيقِ الْأَوْلَى .
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ : ثَبَتَ حُرْمَةُ الْمَوْطُوأَةِ بِالْآيَةِ ، وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهَا بِلَا وَطْءٍ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْحُكْمُ الْحُرْمَةَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَفْظُ الدَّلِيلِ الصَّالِحِ لَهُ كَانَ مُرَادًا مِنْهُ بِلَا شُبْهَةٍ; فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ تَابِعٌ لِلنَّصِّ إِذِ الْقِيَاسُ عَنْ أَحَدِهِمَا يَكُونُ ، وَلَوْ كَانَ عَنْ عِلْمٍ ضَرُورِيٍّ يَخْلُقُ لَهُمْ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مُرَادٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ إِذَا احْتَمَلَهُ ، وَحَمَلَهُ آخَرُونَ عَلَى الْوَطْءِ وَالْعَقْدِ مَعًا فَقَدْ قَالَ
الزَّيْلَعِيُّ : الْآيَةُ تَتَنَاوَلُ مَنْكُوحَةَ الْأَبِ وَطْءً وَعَقْدًا صَحِيحًا ، وَلَا يَضُرُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لِأَنَّ الْكَلَامَ نَفْيٌ ، وَفِي النَّفْيِ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَجُوزُ فِيهِ أَنْ يَعُمَّ الْمُشْتَرَكُ جَمِيعَ مَعَانِيهِ ، وَقَدْ نَقَلَ أَيْضًا
سَعْدِي أَفَنْدِي عَنْ وَصَايَا « الْهِدَايَةِ » جَوَازَ الْجَمْعِ بَيْنَ مَعَانِي الْمُشْتَرَكِ فِي النَّفْيِ وَحِينَئِذٍ لَا إِشْكَالَ فِي كَوْنِ الْآيَةِ دَلِيلًا عَلَى حُرْمَةِ الْمَوْطُوأَةِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهَا كَمَا لَا يَخْفَى .
وَاعْتُرِضَ مَا قَالَهُ
الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ فِي الْأُصُولِ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=28914الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لَا فِي النَّفْيِ وَلَا فِي الْإِثْبَاتِ ، وَلَا عُمُومَ لِلْمُشْتَرَكِ مُطْلَقًا ، وَفِي « الْأَكْمَلِ » وَالْحَقُّ أَنَّ النَّفْيَ كَمَا اقْتَضَاهُ الْإِثْبَاتُ فَإِنِ اقْتَضَى الْإِثْبَاتُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ فَالنَّفْيُ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا .
وَمَسْأَلَةُ الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةُ فِي « الْمَبْسُوطِ »
nindex.php?page=treesubj&link=16478حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ مُوَالِيَهُ وَلَهُ أَعْلَوْنَ وَأَسْفَلُونَ فَأَيُّهُمْ كَلَّمَ حَنِثَ لَيْسَتْ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْمُشْتَرَكِ فِي النَّفْيِ كَمَا تَوَهَّمَ الْبَعْضُ ، وَإِنَّمَا هُوَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْكَلَامِ مَتْرُوكَةٌ بِدَلَالَةِ الْيَمِينِ إِلَى مَجَازٍ يَعُمُّهَا ، وَفِي « الْبَحْرِ » إِنَّ الْأَوْلَى أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْآيَةِ لِلْعَقْدِ كَمَا هُوَ الْمَجْمَعُ عَلَيْهِ ، وَيَسْتَدِلُّ
[ ص: 248 ] لِثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ بِدَلِيلٍ آخَرَ فَلْيُفْهَمْ ، وَمَا مَوْصُولٌ اسْمِيٌّ وَاقِعَةٌ عَلَى مَنْ يَعْقِلُ وَلَا كَلَامَ فِي ذَلِكَ عَلَى رَأْيِ مَنْ جَوَّزَهُ مُطْلَقًا ، وَكَذَا عَلَى رَأْيِ مَنْ جَوَّزَهُ إِذَا أُرِيدَ مَعْنَى صِفَةٍ مَقْصُودَةٍ مِنْهُ ، وَقِيلَ : مَصْدَرِيَّةٌ عَلَى إِرَادَةِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْمَصْدَرِ أَيْ مَنْكُوحَاتُ آبَائِكُمْ ، وَاخْتَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ إِبْقَاءَ الْمَصْدَرِ عَلَى مَصْدَرِيَّتِهِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ النَّهْيَ عَنْ كُلِّ نِكَاحٍ كَانَ لَهُمْ فَاسِدَ أَيْ لَا تَنْكِحُوا مِثْلَ نِكَاحِ آبَائِكُمْ وَلَيْسَ بِالْوَجِيهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22مِنَ النِّسَاءِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ( مَا ) أَوْ مِنَ الْعَائِدِ عَلَيْهَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيِّ مُتَعَلِّقَةٌ بِنَكَحَ ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهَا بَيَانٌ لِمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا بَيَانِيَّةٌ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ تَبْعِيضِيَّةً وَالْبَيَانُ مَعْنَوِيٌّ ، وَنُكْتَتُهُ مَعَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ إِذِ الْمَنْكُوحَاتُ لَا يَكُنَّ إِلَّا نِسَاءً التَّعْمِيمُ كَأَنَّهُ قِيلَ : أَيُّ امْرَأَةٍ كَانَتْ ، وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ رَفَعَ تَوَهُّمَ التَّغْلِيبِ فِي آبَائِكُمْ وَجَعَلَهُ أَعَمَّ مِنَ الْأُمَّهَاتِ حَتَّى يُفِيدَ أَنَّهُ نُهِيَ لِلْبِنْتِ عَنْ نِكَاحِ مَنْكُوحٍ أُمُّهَا لَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إِلا مَا قَدْ سَلَفَ أَيْ مَاتَ كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ عَلَى الْمُخْتَارِ مِمَّا نَكَحَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّعْمِيمِ ، وَالْكَلَامُ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ تَأْكِيدِ الشَّيْءِ بِمَا يُشْبِهُ نَقِيضَهُ كَمَا فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8572النَّابِغَةِ :
وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ " بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ
"
وَالْمَعْنَى لَا تَنْكِحُوا حَلَائِلَ آبَائِكُمْ إِلَّا مَنْ مَاتَ مِنْهُنَّ . وَالْمَقْصُودُ سَدُّ بَابِ الْإِبَاحَةِ بِالْكُلِّيَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ الشَّيْءِ بِالْمُحَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=40حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَالْمُعَلَّقُ عَلَى الْمُحَالِ مُحَالٌ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ مِمَّا يَسْتَلْزِمُهُ النَّهْيُ وَتَسْتَلْزِمُهُ مُبَاشَرَةُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مِنَ الْعِقَابِ كَأَنَّهُ قِيلَ : تَسْتَحِقُّونَ الْعِقَابَ بِنِكَاحِ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ وَمَضَى فَإِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ ، وَبِهَذَا التَّأْوِيلِ يَنْدَفِعُ الِاسْتِشْكَالُ بِأَنَّ النَّهْيَ لِلْمُسْتَقْبَلِ ، وَمَا قَدْ سَلَفَ مَاضٍ فَكَيْفَ يُسْتَثْنَى مِنْهُ ، وَجَعَلَ بَعْضُ مُحَقِّقِي النُّحَاةِ الِاسْتِثْنَاءَ مِمَّا دَخَلَ فِي حُكْمِ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ مُنْقَطِعًا فَحُكِمَ عَلَى مَا هُنَا بِالِانْقِطَاعِ أَيْ لَكِنْ مَا سَلَفَ لَا مُؤَاخَذَةَ عَلَيْهِ فَلَا تُلَامُونَ بِهِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُهْدَمُ مَا قَبْلَهُ فَتَثْبُتُ بِهِ أَحْكَامُ النِّسَبِ وَغَيْرِهِ ، وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ زِنًا ، وَقَدْ ذَكَرَ
الْبَلْخِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ نِكَاحٍ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَكُونُ زِنًا لِأَنَّ الزِّنَا فِعْلٌ مَخْصُوصٌ لَا يَجْرِي عَلَى طَرِيقَةٍ لَازِمَةٍ وَسُنَّةٍ جَارِيَةٍ ، وَلِذَلِكَ لَا يُقَالُ لِلْمُشْرِكِينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْلَادُ زِنًا ، وَلَا لِأَوْلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَثَلًا إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ عَقْدٍ بَيْنَهُمْ يَتَعَارَفُونَهُ ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ الِانْقِطَاعِ أَنَّ الْمَعْنَى لَكِنْ مَا سَلَفَ أَنْتُمْ مُقِرُّونَ عَلَيْهِ ، وَحُكِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّهُمْ عَلَى مَنْكُوحَاتِ آبَائِهِمْ مُدَّةً ثُمَّ أَمَرَ بِمُفَارَقَتِهِنَّ ، وَفَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ إِخْرَاجُهُمْ عَنْ هَذِهِ الْعَادَةِ الرَّدِيئَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّدْرِيجِ ، قَالَ
الْبَلْخِيُّ : وَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ ، وَمَا عُلِمَ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْقَوْلُ بِهِ خَطَأٌ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِ الْأَقْوَالِ الْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
( إِنَّهُ ) أَيِ نِكَاحَ مَا نَكَحَ الْآبَاءُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا فَإِنَّهُ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ وَبَيَانٌ لِكَوْنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي غَايَةِ الْقُبْحِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّهُ فَاحِشَةٌ مَبْغُوضًا بِاسْتِحْقَارٍ جِدًّا حَتَّى كَأَنَّهُ نَفْسُ الْبُغْضِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّهُ مَقْتٌ ، وَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِلْمِهِ مَوْصُوفًا بِذَلِكَ مَا رُخِّصَ فِيهِ لِأُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَانَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ
عَلِيُّ بْنُ عِيسَى وَغَيْرُهُ ، وَهَذَا لَا يُلَائِمُ أَنْ يُوَسَّطَ بَيْنَهُمَا مَا يُهَوِّنُ أَمْرَهُ مِنْ تَرْكِ الْمُؤَاخَذَةِ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَارْتَضَاهُ جَمْعٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ ، وَمِنَ النَّاسِ مَنِ اسْتَظْهَرَ كَوْنَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ خَبَرًا عَلَى تَقْدِيرِ الِانْقِطَاعِ وَلَيْسَ بِالظَّاهِرِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَ الْفَاحِشَةَ هُنَا بِالزِّنَا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، وَقَدْ كَانَ هَذَا النِّكَاحُ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ نِكَاحَ الْمَقْتِ ، وَيُسَمَّى الْوَلَدُ مِنْهُ مَقْتِيًّا ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا : مَقِيتٌ أَيْ مَبْغُوضٌ مُسْتَحْقِرٌ ، وَكَانَ مِنْ هَذَا النِّكَاحِ
[ ص: 249 ] عَلَى مَا ذَكَرَهُ
الطَّبَرَسِيُّ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَمُعَيْطٌ جَدُّ
الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَسَاءَ سَبِيلا أَيْ بِئْسَ طَرِيقًا طَرِيقُ ذَلِكَ النِّكَاحِ ، فَفِي سَاءَ ضَمِيرٌ مُبْهَمٌ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ ، وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ ، وَذَمَّ الطَّرِيقَ مُبَالَغَةً فِي ذَمِّ سَالِكِهَا وَكِنَايَةً عَنْهُ ، وَيَجُوزُ -وَاخْتَارَهُ اللَّيْثُ- أَنْ تَكُونَ سَاءَ كَسَائِرِ الْأَفْعَالِ فَفِيهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ بِهِ .
وَسَبِيلًا تَمْيِيزٌ مُحَوِّلٌ عَنِ الْفَاعِلِ ، وَالْجُمْلَةُ إِمَّا مُسْتَأْنِفَةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ ، وَإِمَّا مَعْطُوفَةٌ عَلَى خَبَرِ كَانَ مَحْكِيَّةٌ بِقَوْلٍ مُضْمَرٍ هُوَ الْمَعْطُوفُ فِي الْحَقِيقَةِ أَيْ وَمَقُولًا فِي حَقِّهِ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ .
قَالَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=11943الرَّازِيُّ : « مَرَاتِبُ الْقُبْحِ ثَلَاثٌ : الْقُبْحُ الْعَقْلِيُّ وَالْقُبْحُ الشَّرْعِيُّ وَالْقُبْحُ الْعَادِيُّ ، وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذَا النِّكَاحَ بِكُلِّ ذَلِكَ ، فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22فَاحِشَةً إِشَارَةٌ إِلَى مَرْتَبَةِ قُبْحِهِ الْعَقْلِيِّ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَمَقْتًا إِشَارَةٌ إِلَى مَرْتَبَةِ قُبْحِهِ الشَّرْعِيِّ ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَسَاءَ سَبِيلا إِشَارَةٌ إِلَى مَرْتَبَةِ قُبْحِهِ الْعَادِيِّ ، وَمَا اجْتَمَعَ فِيهِ هَذِهِ الْمَرَاتِبُ فَقَدْ بَلَغَ أَقْصَى مَرَاتِبِ الْقُبْحِ » ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ كَوْنَ قَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَمَقْتًا إِشَارَةً إِلَى مَرْتَبَةِ قُبْحِهِ الشَّرْعِيِّ ظَاهِرٌ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ " وَمَقْتًا " عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ " وَمَقْتًا " عِنْدَ ذَوِي الْمُرُوآتِ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ ، وَمِنْ هُنَا قِيلَ : إِنَّ قَوْلَهُ جَلَّ شَأْنُهُ : ( فَاحِشَةً ) إِشَارَةٌ إِلَى الْقُبْحِ الشَّرْعِيِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَمَقْتًا إِشَارَةٌ إِلَى الْعَقْلِيِّ بِمَعْنَى الْمُنَافَرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَسَاءَ سَبِيلا إِلَى الْعُرْفِيِّ ، وَعِنْدِي أَنَّ لِكُلٍّ وَجْهًا ، وَلَعَلَّ تَرْتِيبَ الْإِمَامِ أَوْلَى مِنْ بَعْضِ الْحَيْثِيَّاتِ كَمَا لَا يَخْفَى ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَظَاعَةِ أَمْرِهِ مَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=14070وَالْحَاكِمُ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675788لَقِيتُ خَالِي وَمَعَهُ الرَّايَةُ قُلْتُ : أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ وَآخُذَ مَالَهُ .