باب المكاسبة
قال الله (تعالى):
nindex.php?page=treesubj&link=28973_23465_23504_28723nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض : فيه
nindex.php?page=treesubj&link=24475_24476إباحة المكاسب؛ وإخبار أن فيها طيبا ؛ والمكاسب وجهان؛ أحدهما إبدال الأموال؛ وإرباحها؛ والثاني: إبدال المنافع؛ وقد نص الله (تعالى) على إباحتها في مواضع من كتابه؛ نحو قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وأحل الله البيع ؛ وقوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله ؛ وقال (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ؛ يعني - والله أعلم - من يتجر؛ ويكري؛ ويحج مع ذلك؛ وقال (تعالى) - في إبدال المنافع -:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ؛ وقال
شعيب - عليه السلام -:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=27إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج ؛ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=35757 "من استأجر أجيرا فليعلمه أجره"؛ وقال - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=687861 "لأن يأخذ أحدكم حبلا فيحتطب؛ خير له من أن يسأل الناس؛ أعطوه؛ أو منعوه"؛ وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
إبراهيم؛ عن
الأسود ؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ؛ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=670637 "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه؛ وإن ولده من كسبه"؛ وقد روي عن جماعة من السلف في قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267أنفقوا من طيبات ما كسبتم ؛ أنه من التجارات؛ منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن؛ nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ؛ وعموم هذه الآية يوجب
nindex.php?page=treesubj&link=2687_2646الصدقة في سائر الأموال ; لأن قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ما كسبتم ؛ ينتظمها؛ وإن كان غير مكتف بنفسه في المقدار الواجب فيها؛ فهو عموم في أصناف الأموال؛ مجمل في المقدار الواجب فيها؛ فهو مفتقر إلى البيان؛ ولما ورد البيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - بذكر مقادير الواجبات فيها؛ صح الاحتجاج بعمومها في كل مال اختلفنا في إيجاب الحق فيه؛ نحو أموال التجارة؛ ويحتج بظاهر الآية على من ينفي إيجاب
nindex.php?page=treesubj&link=2994الزكاة في العروض ؛ ويحتج به أيضا في إيجاب
nindex.php?page=treesubj&link=2793_2646صدقة الخيل؛ وفي كل ما اختلف فيه من الأموال ؛ وذلك لأن قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267أنفقوا ؛ المراد به الصدقة؛ والدليل عليه قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ؛ يعني: تتصدقون؛ ولم يختلف السلف والخلف في أن المراد به الصدقة؛ ومن أهل العلم من قال: إن هذا في
nindex.php?page=treesubj&link=23851_23515_23510صدقة التطوع ; لأن الفرض إذا أخرج عنه الرديء كان الفضل باقيا في ذمته حتى يؤدى؛ وهذا عندنا يوجب صرف اللفظ عن الوجوب إلى النفل؛ من وجوه؛ أحدها أن قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267أنفقوا أمر؛ والأمر عندنا على الوجوب حتى تقوم دلالة الندب؛ وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ؛ لا دلالة فيه على أنه ندب؛ إذ لا يختص
[ ص: 175 ] النهي عن إخراج الرديء بالنفل؛ دون الفرض؛ وأن يجب عليه إخراج فضل ما بين الرديء إلى الجيد; لأنه لا ذكر له في الآية؛ وإنما يعلم ذلك بدلالة أخرى؛ فلا يعترض ذلك على مقتضى الآية في إيجاب الصدقة؛ ومع ذلك لو دلت الدلالة من الآية على أنه ليس عليه إخراج غير الرديء الذي أخرجه؛ لم يوجب ذلك صرف حكم الآية عن الإيجاب إلى الندب; لأنه جائز أن يبتدئ الخطاب بالإيجاب؛ ثم يعطف عليه بحكم مخصوص في بعض ما اقتضاه عمومه؛ ولا يوجب ذلك الاقتصار بحكم ابتداء الخطاب على الخصوص؛ وصرفه عن العموم؛ ولذلك نظائر كثيرة قد بيناها في مواضع.
وقوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ومما أخرجنا لكم من الأرض عموم في إيجابه الحق في قليل ما تخرجه الأرض؛ وكثيره؛ في سائر الأصناف الخارجة منها؛ ويحتج به
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة - رحمه الله - في إيجابه
nindex.php?page=treesubj&link=2852_22788_2900_22779العشر في قليل ما تخرجه الأرض؛ وكثيره ؛ في سائر الأصناف الخارجة منها؛ مما تقصد الأرض بزراعتها؛ ومما يدل من فحوى الآية على أن المراد بها
nindex.php?page=treesubj&link=2646الصدقات الواجبة قوله (تعالى) - في نسق التلاوة -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ؛ وهذا إنما هو في الديون؛ إذا اقتضاها صاحبها؛ لا يتسامح بالرديء عن الجيد؛ إلا على إغماض؛ وتساهل؛ فدل ذلك على أن المراد الصدقة الواجبة؛ والله أعلم؛ إذ ردها إلى الإغماض في اقتضاء الدين؛ ولو كان تطوعا؛ لم يكن فيها إغماض؛ إذ له أن يتصدق بالقليل؛ والكثير؛ وله ألا يتصدق؛ وفي ذلك دليل على أن المراد الصدقة الواجبة.
وأما قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ؛ فروى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=131أبي أمامة بن سهل بن حنيف ؛ عن أبيه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=673292نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نوعين من التمر: الجعرور؛ ولون الحبيق ؛ قال: وكان ناس يخرجون شر ثمارهم في الصدقة؛ فنزلت:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ؛ وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب مثل ذلك؛ قال - في قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه -: لو أن أحدكم أهدي إليه مثل ما أعطى لما أخذه؛ إلا على إغماض؛ وحياء؛ وقال
عبيدة: إنما ذلك في الزكاة؛ والدرهم الزائف أحب إلي من الثمرة؛ وعن
ابن معقل - في هذه الآية - قال: ليس في أموالهم خبيث؛ ولكنه الدرهم القسي؛ والزيف؛ ولستم بآخذيه؛ قال: لو كان لك على رجل حق لم تأخذ الدرهم القسي؛ والزيف؛ ولم تأخذ من الثمر إلا الجيد؛ إلا أن تغمضوا فيه؛ تجوزوا فيه.
وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا؛ وهو ما كتبه في كتاب الصدقة؛ وقال فيه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651363 "ولا تؤخذ هرمة؛ ولا ذات عوار"؛ رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم ؛ عن أبيه؛ وقد قيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - في قوله
[ ص: 176 ] (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267إلا أن تغمضوا فيه -: إلا أن تحطوا من الثمن؛ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن؛ nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة مثله؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب : إلا أن تتساهلوا فيه؛ وقيل: لستم بآخذيه إلا بوكس؛ فكيف تعطونه في الصدقة؟
هذه الوجوه كلها محتملة؛ وجائز أن يكون جميعها مراد الله (تعالى) بأنهم لا يقبلونه في الهدية؛ إلا بإغماض؛ ولا يقبضونه من الجيد إلا بتساهل؛ ومسامحة؛ ولا يبيعون بمثله إلا بحط ووكس؛ وقد اختلف أصحابنا
nindex.php?page=treesubj&link=24606فيمن أدى من المكيل؛ والموزون؛ دون الواجب في الصفة ؛ فأدى عن الجيد رديئا؛ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف: لا يجب عليه أداء الفضل؛ وقال
محمد: عليه أن يؤدي الفضل الذي بينهما؛ وقالوا جميعا - في الغنم؛ والبقر؛ وجميع الصدقات؛ مما لا يكال؛ ولا يوزن -: إن عليه أداء الفضل؛ فيجوز أن يحتج
لمحمد بهذه الآية؛ وقوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ؛ والمراد به الرديء منه؛ وقوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ؛ ولصاحب الحق ألا يغمض فيه؛ ولا يتساهل؛ ويطالب بحقه من الجودة؛ فهذا يدل على أن عليه أداء الفضل؛ حتى لا يقع فيه إغماض; لأن الحق في ذلك لله (تعالى)؛ وقد نفى الإغماض في الصدقة بنهيه عن إعطاء الرديء فيها.
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف؛ فإنهما قالا: كل ما لا يجوز التفاضل فيه؛ فإن الجيد والرديء حكمهما سواء؛ في حظر التفاضل بينهما؛ وإن قيمته من جنسه لا تكون إلا بمثله؛ ألا ترى أنه
nindex.php?page=treesubj&link=18505لو اقتضى دينا على أنه جيد؛ فأنفقه؛ ثم علم أنه كان رديئا ؛ أنه لا يرجع على الغريم بشيء؛ وأن ما بينهما من الفضل لا يغرمه؟ وإنما يقول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف فيه: إنه يغرم مثل ما قبض من الغريم؛ ويرجع بدينه؛ وغير ممكن مثله في الصدقة; لأن الفقير لا يغرم شيئا؛ فلو غرمه لم تكن له مطالبة المتصدق برد الجيد عليه؛ فلذلك لم يلزمه إعطاء الفضل؛ وإنما نهى الله (تعالى) المتصدق عن قصد الرديء بالإخراج؛ وقد وجب إخراج الجيد؛ فإنهم يقولون: إنه منهي عنه؛ ولكن لما كان حكم ما أعطى حكم الجيد؛ فيما وصفنا؛ أجزأ عنه؛ وأما ما يجوز فيه التفاضل؛ فإنه مأمور بإخراج الفضل فيه; لأنه جائز أن تكون قيمته من جنسه أكثر منه؛ ويباع بعضه ببعض متفاضلا.
وأما
محمد فإنه لم يجز إخراج الرديء من الجيد؛ إلا بمقدار قيمته منه؛ فأوجب عليه إخراج الفضل؛ إذ ليس بين العبد وبين سيده ربا؛ وفي هذه الآية دلالة على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=5469اقتضاء الرديء عن الجيد في سائر الديون ; لأن الله (تعالى) أجاز الإغماض في الديون؛ بقوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267إلا أن تغمضوا فيه ؛ ولم يفرق بين شيء منه؛ فدل ذلك على معان؛ منها جواز اقتضاء الزيوف التي أقلها غش؛ وأكثرها
[ ص: 177 ] فضة؛ عن الجياد؛ في رأس مال السلم؛ وثمن الصرف؛ اللذين لا يجوز أن يأخذ عنهما غيرهما؛ ودل على أن حكم الرديء في ذلك حكم الجيد؛ وهذا يدل أيضا على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=5436بيع الفضة الجيدة بالرديئة؛ وزنا بوزن ; لأن ما جاز اقتضاء بعضه عن بعض جاز بيعه به؛ ويدل على أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=907325 "الذهب بالذهب؛ مثلا بمثل"؛ إنما أراد المماثلة في الوزن؛ لا في الصفة؛ وكذلك سائر ما ذكره معه؛ ويدل على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=5469اقتضاء الجيد عن الرديء برضا الغريم ؛ كما جاز اقتضاء الرديء عن الجيد؛ إذ لم يكن لاختلافهما في الصفة حكم.
وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652141 "خيركم أحسنكم قضاء"؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670775قضاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وزادني ؛ وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ؛
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ؛
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم؛ nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ؛ قالوا: لا بأس إذا أقرضه دراهم سودا أن يقبضه بيضا؛ إذا لم يشترط ذلك عليه؛ وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16030سليمان التيمي ؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي ؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه كان يكره إذا أقرض دراهم أن يأخذ خيرا منها؛ وهذا ليس فيه دلالة على أنه كرهه إذا رضي المستقرض؛ وإنما لا يجوز له أن يأخذ خيرا منها إذا لم يرض صاحبه.
قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء : قد قيل: إن الفحشاء تقع على وجوه؛ والمراد بها في هذا الموضع البخل؛ والعرب تسمي البخيل "فاحشا"؛ والبخل "فحشا"؛ و"فحشاء"؛ قال الشاعر:
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدد
يعني مال البخيل.
وفي هذه الآية
nindex.php?page=treesubj&link=18897ذم البخيل؛ والبخل ؛ وقوله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271إن تبدوا الصدقات فنعما هي ؛ الآية؛ روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال: هذا في صدقة التطوع ؛ فأما في الفريضة فإظهارها أفضل؛ لئلا تلحقه تهمة؛ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن؛ ويزيد بن أبي حبيب؛ nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة : الإخفاء في جميع الصدقات أفضل؛ وقد مدح الله (تعالى) على
nindex.php?page=treesubj&link=23515_23510_23851إظهار الصدقة ؛ كما مدح على إخفائها؛ في قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=274الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ؛ وجائز أن يكون قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ؛ في صدقة التطوع ؛ على ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؛ وجائز أن يكون في جميع الصدقات الموكول أداؤها إلى أربابها من نفل؛ أو فرض؛ دون ما كان منها أخذه إلى الإمام؛ إلا أن عموم اللفظ يقتضي جميعها; لأن الألف واللام هنا للجنس؛ فهي شاملة لجميعها؛ وهذا يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=3132_23494جميع الصدقات مصروفة إلى الفقراء ؛ وأنها إنما تستحق بالفقر؛ لا غير؛ وأن ما ذكر الله (تعالى) من أصناف من تصرف إليهم الصدقة؛ في قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إنما الصدقات للفقراء والمساكين ؛ إنما
[ ص: 178 ] يستحق منهم من يأخذها صدقة بالفقر؛ دون غيره؛ وإنما ذكر الأصناف لما يعمهم من أسباب الفقر؛ دون من لا يأخذها صدقة؛ من المؤلفة قلوبهم؛ والعاملين عليها؛ فإنهم لا يأخذونها صدقة؛ وإنما تحصل في يد الإمام صدقة للفقراء؛ ثم يصرف إلى المؤلفة قلوبهم؛ والعاملين؛ ما يعطون؛ على أنه ليس بصدقة؛ لكن عوضا من العمل؛ ولدفع أذيتهم عن أهل الإسلام؛ أو ليستمالوا به إلى الإيمان.
ومن المخالفين من يحتج بذلك في جواز إعطاء
nindex.php?page=treesubj&link=3087_3132جميع الصدقات للفقراء؛ دون الإمام ؛ وأنهم إذا أعطوا الفقراء من صدقة المواشي سقط حق الإمام في الأخذ؛ لقوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ؛ وذلك عام في سائرها; لأن الصدقة ههنا اسم للجنس؛ وليس في هذا عندنا دلالة على ما ذكروا; لأن أكثر ما فيه أنه خير للمعطي؛ فليس فيه سقوط حق الإمام في الأخذ؛ وليس كونها خيرا له نافيا لثبوت حق الإمام في الأخذ؛ إذ لا يمتنع أن يكون خيرا لهم؛ ويأخذها الإمام فيتضاعف الخير بأخذها ثانيا؛ وقد قدمنا قول من يقول: إن هذا في صدقة التطوع .
ومن أهل العلم من يقول: إن الإجماع قد حصل على أن إظهار صدقة الفرض أولى من إخفائها؛ كما قالوا في الصلوات المفروضة؛ ولذلك أمروا بالاجتماع عليها في الجماعات؛ بأذان؛ وإقامة؛ وليصلوها ظاهرين؛ فكذلك سائر الفروض؛ لئلا يقيم نفسه مقام تهمة في ترك أداء الزكاة؛ وفعل الصلاة؛ قالوا: فهذا يوجب أن يكون قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ؛ في التطوع خاصة; لأن ستر الطاعات النوافل أفضل من إظهارها; لأنه أبعد من الرياء؛ وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=914491 "سبعة يظلهم الله في ظل عرشه"؛ أحدهم رجل تصدق بصدقة لم تعلم شماله ما تصدقت به يمينه؛ وهذا إنما هو في التطوع؛ دون الفرض؛ ويدل على أن المراد صدقة التطوع أنه لا خلاف أن
nindex.php?page=treesubj&link=23510_23851العامل إذا جاء قبل أن تؤدى صدقة المواشي؛ فطالبه بأدائها ؛ أن الفرض عليه أداؤها إليه؛ فصار إظهار أدائها في هذه الحال فرضا؛ وفي ذلك دليل على أن المراد بقوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء ؛ صدقة التطوع ؛ والله (تعالى) أعلم بالصواب.
بَابُ الْمُكَاسَبَةِ
قَالَ اللَّهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=treesubj&link=28973_23465_23504_28723nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ : فِيهِ
nindex.php?page=treesubj&link=24475_24476إِبَاحَةُ الْمَكَاسِبِ؛ وَإِخْبَارٌ أَنَّ فِيهَا طَيِّبًا ؛ وَالْمَكَاسِبُ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا إِبْدَالُ الْأَمْوَالِ؛ وَإِرْبَاحُهَا؛ وَالثَّانِي: إِبْدَالُ الْمَنَافِعِ؛ وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ (تَعَالَى) عَلَى إِبَاحَتِهَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ؛ نَحْوَ قَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ؛ وَقَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ وَقَالَ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ ؛ يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مَنْ يَتَّجِرُ؛ وَيُكْرِي؛ وَيَحُجُّ مَعَ ذَلِكَ؛ وَقَالَ (تَعَالَى) - فِي إِبْدَالِ الْمَنَافِعِ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ؛ وَقَالَ
شُعَيْبٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=27إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ؛ وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=35757 "مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ"؛ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=687861 "لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلًا فَيَحْتَطِبَ؛ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ؛ أَعْطَوْهُ؛ أَوْ مَنَعُوهُ"؛ وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ؛ عَنِ
الْأَسْوَدِ ؛ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ ؛ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=670637 "إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ؛ وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ"؛ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ فِي قَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ؛ أَنَّهُ مِنَ التِّجَارَاتِ؛ مِنْهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ؛ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ ؛ وَعُمُومُ هَذِهِ الْآيَةِ يُوجِبُ
nindex.php?page=treesubj&link=2687_2646الصَّدَقَةَ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267مَا كَسَبْتُمْ ؛ يَنْتَظِمُهَا؛ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكْتَفٍ بِنَفْسِهِ فِي الْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ فِيهَا؛ فَهُوَ عُمُومٌ فِي أَصْنَافِ الْأَمْوَالِ؛ مُجْمَلٌ فِي الْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ فِيهَا؛ فَهُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى الْبَيَانِ؛ وَلَمَّا وَرَدَ الْبَيَانُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذِكْرِ مَقَادِيرِ الْوَاجِبَاتِ فِيهَا؛ صَحَّ الِاحْتِجَاجُ بِعُمُومِهَا فِي كُلِّ مَالٍ اخْتَلَفْنَا فِي إِيجَابِ الْحَقِّ فِيهِ؛ نَحْوُ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ؛ وَيُحْتَجُّ بِظَاهِرِ الْآيَةِ عَلَى مَنْ يَنْفِي إِيجَابَ
nindex.php?page=treesubj&link=2994الزَّكَاةِ فِي الْعُرُوضِ ؛ وَيُحْتَجُّ بِهِ أَيْضًا فِي إِيجَابِ
nindex.php?page=treesubj&link=2793_2646صَدَقَةِ الْخَيْلِ؛ وَفِي كُلِّ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْأَمْوَالِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267أَنْفِقُوا ؛ اَلْمُرَادُ بِهِ الصَّدَقَةُ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ؛ يَعْنِي: تَتَصَدَّقُونَ؛ وَلَمْ يَخْتَلِفِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الصَّدَقَةُ؛ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ قَالَ: إِنَّ هَذَا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=23851_23515_23510صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ ; لِأَنَّ الْفَرْضَ إِذَا أُخْرِجَ عَنْهُ الرَّدِيءُ كَانَ الْفَضْلُ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُؤَدَّى؛ وَهَذَا عِنْدَنَا يُوجِبُ صَرْفَ اللَّفْظِ عَنِ الْوُجُوبِ إِلَى النَّفْلِ؛ مِنْ وُجُوهٍ؛ أَحَدُهَا أَنَّ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267أَنْفِقُوا أَمْرٌ؛ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى الْوُجُوبِ حَتَّى تَقُومَ دَلَالَةُ النَّدْبِ؛ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ؛ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ نَدْبٌ؛ إِذْ لَا يَخْتَصُّ
[ ص: 175 ] النَّهْيُ عَنْ إِخْرَاجِ الرَّدِيءِ بِالنَّفْلِ؛ دُونَ الْفَرْضِ؛ وَأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ فَضْلِ مَا بَيْنَ الرَّدِيءِ إِلَى الْجَيِّدِ; لِأَنَّهُ لَا ذِكْرَ لَهُ فِي الْآيَةِ؛ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِدَلَالَةٍ أُخْرَى؛ فَلَا يَعْتَرِضُ ذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَى الْآيَةِ فِي إِيجَابِ الصَّدَقَةِ؛ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ دَلَّتِ الدَّلَالَةُ مِنَ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ غَيْرِ الرَّدِيءِ الَّذِي أَخْرَجَهُ؛ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ صَرْفَ حُكْمِ الْآيَةِ عَنِ الْإِيجَابِ إِلَى النَّدْبِ; لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَبْتَدِئَ الْخِطَابُ بِالْإِيجَابِ؛ ثُمَّ يُعْطَفُ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ مَخْصُوصٍ فِي بَعْضِ مَا اقْتَضَاهُ عُمُومُهُ؛ وَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ الِاقْتِصَارَ بِحُكْمِ ابْتِدَاءِ الْخِطَابِ عَلَى الْخُصُوصِ؛ وَصَرْفَهُ عَنِ الْعُمُومِ؛ وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ قَدْ بَيَّنَّاهَا فِي مَوَاضِعَ.
وَقَوْلُهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ عُمُومٌ فِي إِيجَابِهِ الْحَقَّ فِي قَلِيلِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ؛ وَكَثِيرِهِ؛ فِي سَائِرِ الْأَصْنَافِ الْخَارِجَةِ مِنْهَا؛ وَيُحْتَجُّ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي إِيجَابِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=2852_22788_2900_22779الْعُشْرَ فِي قَلِيلِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ؛ وَكَثِيرِهِ ؛ فِي سَائِرِ الْأَصْنَافِ الْخَارِجَةِ مِنْهَا؛ مِمَّا تُقْصَدُ الْأَرْضُ بِزِرَاعَتِهَا؛ وَمِمَّا يَدُلُّ مِنْ فَحْوَى الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا
nindex.php?page=treesubj&link=2646الصَّدَقَاتُ الْوَاجِبَةُ قَوْلُهُ (تَعَالَى) - فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ؛ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الدُّيُونِ؛ إِذَا اقْتَضَاهَا صَاحِبُهَا؛ لَا يَتَسَامَحُ بِالرَّدِيءِ عَنِ الْجَيِّدِ؛ إِلَّا عَلَى إِغْمَاضٍ؛ وَتَسَاهُلٍ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ؛ وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ إِذْ رَدُّهَا إِلَى الْإِغْمَاضِ فِي اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ؛ وَلَوْ كَانَ تَطَوُّعًا؛ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إِغْمَاضٌ؛ إِذْ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْقَلِيلِ؛ وَالْكَثِيرِ؛ وَلَهُ أَلَّا يَتَصَدَّقَ؛ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ؛ فَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=131أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ؛ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=673292نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نَوْعَيْنِ مِنَ التَّمْرِ: اَلْجُعْرُورِ؛ وَلَوْنِ الْحُبَيْقِ ؛ قَالَ: وَكَانَ نَاسٌ يُخْرِجُونَ شَرَّ ثِمَارِهِمْ فِي الصَّدَقَةِ؛ فَنَزَلَتْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ؛ وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مِثْلُ ذَلِكَ؛ قَالَ - فِي قَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ -: لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ مِثْلُ مَا أَعْطَى لَمَا أَخَذَهُ؛ إِلَّا عَلَى إِغْمَاضٍ؛ وَحَيَاءٍ؛ وَقَالَ
عُبَيْدَةُ: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ؛ وَالدِّرْهَمُ الزَّائِفُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الثَّمَرَةِ؛ وَعَنِ
ابْنِ مَعْقِلٍ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ - قَالَ: لَيْسَ فِي أَمْوَالِهِمْ خَبِيثٌ؛ وَلَكِنَّهُ الدِّرْهَمُ الْقِسِيُّ؛ وَالزَّيْفُ؛ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ؛ قَالَ: لَوْ كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ لَمْ تَأْخُذِ الدِّرْهَمَ الْقِسِيَّ؛ وَالزَّيْفَ؛ وَلَمْ تَأْخُذْ مِنَ الثَّمَرِ إِلَّا الْجَيِّدَ؛ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ؛ تَجَوَّزُوا فِيهِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوُ هَذَا؛ وَهُوَ مَا كَتَبَهُ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ؛ وَقَالَ فِيهِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651363 "وَلَا تُؤْخَذُ هَرِمَةٌ؛ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ"؛ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15959سَالِمٍ ؛ عَنْ أَبِيهِ؛ وَقَدْ قِيلَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ
[ ص: 176 ] (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ -: إِلَّا أَنْ تَحُطُّوا مِنَ الثَّمَنِ؛ وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ؛ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ مِثْلُهُ؛ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ : إِلَّا أَنْ تَتَسَاهَلُوا فِيهِ؛ وَقِيلَ: لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا بِوَكْسٍ؛ فَكَيْفَ تُعْطُونَهُ فِي الصَّدَقَةِ؟
هَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ؛ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهَا مُرَادَ اللَّهِ (تَعَالَى) بِأَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَهُ فِي الْهَدِيَّةِ؛ إِلَّا بِإِغْمَاضٍ؛ وَلَا يَقْبِضُونَهُ مِنَ الْجَيِّدِ إِلَّا بِتَسَاهُلٍ؛ وَمُسَامَحَةٍ؛ وَلَا يَبِيعُونَ بِمِثْلِهِ إِلَّا بِحَطٍّ وَوَكْسٍ؛ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا
nindex.php?page=treesubj&link=24606فِيمَنْ أَدَّى مِنَ الْمَكِيلِ؛ وَالْمَوْزُونِ؛ دُونَ الْوَاجِبِ فِي الصِّفَةِ ؛ فَأَدَّى عَنِ الْجَيِّدِ رَدِيئًا؛ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبُو يُوسُفَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاءُ الْفَضْلِ؛ وَقَالَ
مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْفَضْلَ الَّذِي بَيْنَهُمَا؛ وَقَالُوا جَمِيعًا - فِي الْغَنَمِ؛ وَالْبَقَرِ؛ وَجَمِيعِ الصَّدَقَاتِ؛ مِمَّا لَا يُكَالُ؛ وَلَا يُوزَنُ -: إِنَّ عَلَيْهِ أَدَاءَ الْفَضْلِ؛ فَيَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ
لِمُحَمَّدٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ؛ وَقَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ؛ وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّدِيءُ مِنْهُ؛ وَقَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ؛ وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ أَلَّا يُغْمِضَ فِيهِ؛ وَلَا يَتَسَاهَلَ؛ وَيُطَالِبَ بِحَقِّهِ مِنَ الْجَوْدَةِ؛ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَدَاءَ الْفَضْلِ؛ حَتَّى لَا يَقَعُ فِيهِ إِغْمَاضٌ; لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ (تَعَالَى)؛ وَقَدْ نَفَى الْإِغْمَاضَ فِي الصَّدَقَةِ بِنَهْيِهِ عَنْ إِعْطَاءِ الرَّدِيءِ فِيهَا.
وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبُو يُوسُفَ؛ فَإِنَّهُمَا قَالَا: كُلُّ مَا لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ؛ فَإِنَّ الْجَيِّدَ وَالرَّدِيءَ حُكْمُهُمَا سَوَاءٌ؛ فِي حَظْرِ التَّفَاضُلِ بَيْنَهُمَا؛ وَإِنَّ قِيمَتَهُ مِنْ جِنْسِهِ لَا تَكُونُ إِلَّا بِمِثْلِهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=18505لَوِ اقْتَضَى دَيْنًا عَلَى أَنَّهُ جَيِّدٌ؛ فَأَنْفَقَهُ؛ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ رَدِيئًا ؛ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ؛ وَأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَضْلِ لَا يَغْرَمُهُ؟ وَإِنَّمَا يَقُولُ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ فِيهِ: إِنَّهُ يَغْرَمُ مِثْلَ مَا قَبَضَ مِنَ الْغَرِيمِ؛ وَيَرْجِعُ بِدَيْنِهِ؛ وَغَيْرُ مُمْكِنٍ مِثْلُهُ فِي الصَّدَقَةِ; لِأَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا؛ فَلَوْ غَرِمَهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُتَصَدِّقِ بِرَدِّ الْجَيِّدِ عَلَيْهِ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِعْطَاءُ الْفَضْلِ؛ وَإِنَّمَا نَهَى اللَّهُ (تَعَالَى) الْمُتَصَدِّقَ عَنْ قَصْدِ الرَّدِيءِ بِالْإِخْرَاجِ؛ وَقَدْ وَجَبَ إِخْرَاجُ الْجَيِّدِ؛ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ؛ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ حُكْمُ مَا أَعْطَى حُكْمَ الْجَيِّدِ؛ فِيمَا وَصَفْنَا؛ أَجْزَأَ عَنْهُ؛ وَأَمَّا مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ؛ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِخْرَاجِ الْفَضْلِ فِيهِ; لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مِنْ جِنْسِهِ أَكْثَرَ مِنْهُ؛ وَيُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا.
وَأَمَّا
مُحَمَّدٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُجِزْ إِخْرَاجَ الرَّدِيءِ مِنَ الْجَيِّدِ؛ إِلَّا بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ مِنْهُ؛ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاجَ الْفَضْلِ؛ إِذْ لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ رِبًا؛ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=5469اقْتِضَاءِ الرَّدِيءِ عَنِ الْجَيِّدِ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ ; لِأَنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) أَجَازَ الْإِغْمَاضَ فِي الدُّيُونِ؛ بِقَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ؛ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْهُ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَعَانٍ؛ مِنْهَا جَوَازُ اقْتِضَاءِ الزُّيُوفِ الَّتِي أَقَلُّهَا غِشٌّ؛ وَأَكْثَرُهَا
[ ص: 177 ] فِضَّةٌ؛ عَنِ الْجِيَادِ؛ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ وَثَمَنِ الصَّرْفِ؛ اللَّذَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُمَا غَيْرَهُمَا؛ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الرَّدِيءِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْجَيِّدِ؛ وَهَذَا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=5436بَيْعِ الْفِضَّةِ الْجَيِّدَةِ بِالرَّدِيئَةِ؛ وَزْنًا بِوَزْنٍ ; لِأَنَّ مَا جَازَ اقْتِضَاءُ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ جَازَ بَيْعُهُ بِهِ؛ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=907325 "اَلذَّهَبُ بِالذَّهَبِ؛ مِثْلًا بِمِثْلٍ"؛ إِنَّمَا أَرَادَ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْوَزْنِ؛ لَا فِي الصِّفَةِ؛ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا ذَكَرَهُ مَعَهُ؛ وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=5469اقْتِضَاءِ الْجَيِّدِ عَنِ الرَّدِيءِ بِرِضَا الْغَرِيمِ ؛ كَمَا جَازَ اقْتِضَاءُ الرَّدِيءِ عَنِ الْجَيِّدِ؛ إِذْ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الصِّفَةِ حُكْمٌ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652141 "خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً"؛ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670775قَضَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَزَادَنِي ؛ وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمَ؛ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيِّ ؛ قَالُوا: لَا بَأْسَ إِذَا أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ سُودًا أَنْ يَقْبِضَهُ بِيضًا؛ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16030سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ ؛ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12081أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ؛ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ إِذَا أَقْرَضَ دَرَاهِمَ أَنْ يَأْخُذَ خَيْرًا مِنْهَا؛ وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَرِهَهُ إِذَا رَضِيَ الْمُسْتَقْرِضُ؛ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ خَيْرًا مِنْهَا إِذَا لَمْ يَرْضَ صَاحِبُهُ.
قَوْلُهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ : قَدْ قِيلَ: إِنَّ الْفَحْشَاءَ تَقَعُ عَلَى وُجُوهٍ؛ وَالْمُرَادُ بِهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْبُخْلُ؛ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْبَخِيلَ "فَاحِشًا"؛ وَالْبُخْلَ "فُحْشًا"؛ وَ"فَحْشَاءَ"؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَرَى الْمَوْتَ يَعْتَامُ الْكِرَامَ وَيَصْطَفِي ... عَقِيلَةَ مَالِ الْفَاحِشِ الْمُتَشَدِّدِ
يَعْنِي مَالَ الْبَخِيلِ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=18897ذَمُّ الْبَخِيلِ؛ وَالْبُخْلِ ؛ وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ؛ اَلْآيَةَ؛ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ ؛ فَأَمَّا فِي الْفَرِيضَةِ فَإِظْهَارُهَا أَفْضَلُ؛ لِئَلَّا تَلْحَقَهُ تُهْمَةٌ؛ وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ؛ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ؛ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ : اَلْإِخْفَاءُ فِي جَمِيعِ الصَّدَقَاتِ أَفْضَلُ؛ وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ (تَعَالَى) عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=23515_23510_23851إِظْهَارِ الصَّدَقَةِ ؛ كَمَا مَدَحَ عَلَى إِخْفَائِهَا؛ فِي قَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=274الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ؛ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ؛ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ ؛ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ فِي جَمِيعِ الصَّدَقَاتِ الْمَوْكُولِ أَدَاؤُهَا إِلَى أَرْبَابِهَا مِنْ نَفْلٍ؛ أَوْ فَرْضٍ؛ دُونَ مَا كَانَ مِنْهَا أَخْذُهُ إِلَى الْإِمَامِ؛ إِلَّا أَنَّ عُمُومَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي جَمِيعَهَا; لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ هُنَا لِلْجِنْسِ؛ فَهِيَ شَامِلَةٌ لِجَمِيعِهَا؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3132_23494جَمِيعَ الصَّدَقَاتِ مَصْرُوفَةٌ إِلَى الْفُقَرَاءِ ؛ وَأَنَّهَا إِنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالْفَقْرِ؛ لَا غَيْرُ؛ وَأَنَّ مَا ذَكَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) مِنْ أَصْنَافِ مَنْ تُصْرَفُ إِلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ؛ فِي قَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ؛ إِنَّمَا
[ ص: 178 ] يَسْتَحِقُّ مِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهَا صَدَقَةً بِالْفَقْرِ؛ دُونَ غَيْرِهِ؛ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأَصْنَافَ لِمَا يَعُمُّهُمْ مِنْ أَسْبَابِ الْفَقْرِ؛ دُونَ مَنْ لَا يَأْخُذُهَا صَدَقَةً؛ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ؛ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا؛ فَإِنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَهَا صَدَقَةً؛ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ فِي يَدِ الْإِمَامِ صَدَقَةً لِلْفُقَرَاءِ؛ ثُمَّ يُصْرَفُ إِلَى الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ؛ وَالْعَامِلِينَ؛ مَا يُعْطَوْنَ؛ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِصَدَقَةٍ؛ لَكِنْ عِوَضًا مِنَ الْعَمَلِ؛ وَلِدَفْعِ أَذِيَّتِهِمْ عَنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؛ أَوْ لِيُسْتَمَالُوا بِهِ إِلَى الْإِيمَانِ.
وَمِنَ الْمُخَالِفِينَ مَنْ يَحْتَجُّ بِذَلِكَ فِي جَوَازِ إِعْطَاءِ
nindex.php?page=treesubj&link=3087_3132جَمِيعِ الصَّدَقَاتِ لِلْفُقَرَاءِ؛ دُونَ الْإِمَامِ ؛ وَأَنَّهُمْ إِذَا أَعْطَوُا الْفُقَرَاءَ مِنْ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي سَقَطَ حَقُّ الْإِمَامِ فِي الْأَخْذِ؛ لِقَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ؛ وَذَلِكَ عَامٌّ فِي سَائِرِهَا; لِأَنَّ الصَّدَقَةَ هَهُنَا اسْمٌ لِلْجِنْسِ؛ وَلَيْسَ فِي هَذَا عِنْدَنَا دَلَالَةٌ عَلَى مَا ذَكَرُوا; لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ خَيْرٌ لِلْمُعْطِي؛ فَلَيْسَ فِيهِ سُقُوطُ حَقِّ الْإِمَامِ فِي الْأَخْذِ؛ وَلَيْسَ كَوْنُهَا خَيْرًا لَهُ نَافِيًا لِثُبُوتِ حَقِّ الْإِمَامِ فِي الْأَخْذِ؛ إِذْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَهُمْ؛ وَيَأْخُذُهَا الْإِمَامُ فَيَتَضَاعَفُ الْخَيْرُ بِأَخْذِهَا ثَانِيًا؛ وَقَدْ قَدَّمْنَا قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ .
وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ حَصَلَ عَلَى أَنَّ إِظْهَارَ صَدَقَةِ الْفَرْضِ أَوْلَى مِنْ إِخْفَائِهَا؛ كَمَا قَالُوا فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ؛ وَلِذَلِكَ أُمِرُوا بِالِاجْتِمَاعِ عَلَيْهَا فِي الْجَمَاعَاتِ؛ بِأَذَانٍ؛ وَإِقَامَةٍ؛ وَلِيُصَلُّوهَا ظَاهِرِينَ؛ فَكَذَلِكَ سَائِرُ الْفُرُوضِ؛ لِئَلَّا يُقِيمَ نَفْسَهُ مَقَامَ تُهْمَةٍ فِي تَرْكِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ؛ وَفِعْلِ الصَّلَاةِ؛ قَالُوا: فَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ؛ فِي التَّطَوُّعِ خَاصَّةً; لِأَنَّ سَتْرَ الطَّاعَاتِ النَّوَافِلِ أَفْضَلُ مِنْ إِظْهَارِهَا; لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الرِّيَاءِ؛ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=914491 "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ"؛ أَحَدُهُمْ رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ لَمْ تَعْلَمْ شِمَالُهُ مَا تَصَدَّقَتْ بِهِ يَمِينُهُ؛ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي التَّطَوُّعِ؛ دُونَ الْفَرْضِ؛ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23510_23851الْعَامِلَ إِذَا جَاءَ قَبْلَ أَنْ تُؤَدَّى صَدَقَةُ الْمَوَاشِي؛ فَطَالَبَهُ بِأَدَائِهَا ؛ أَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا إِلَيْهِ؛ فَصَارَ إِظْهَارُ أَدَائِهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ فَرْضًا؛ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ ؛ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ ؛ وَاللَّهُ (تَعَالَى) أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.