وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23إلا ما قد سلف فإنه روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : " إلا ما كان في الجاهلية " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : يحتمل أن يريد : إلا ما كان في الجاهلية فإنكم لا تؤاخذون به ، ويحتمل : إلا ما قد سلف فإنكم مقرون عليه ، وتأوله بعضهم على ذلك ؛ وهذا خطأ ؛ لأنه لم يرو أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر أحدا على عقد نكاح امرأة أبيه وإن كان في الجاهلية . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675788أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث nindex.php?page=showalam&ids=177أبا بردة بن نيار إلى رجل عرس بامرأة أبيه وفي بعض الألفاظ : نكح امرأة أبيه أن يقتله ويأخذ ماله . وقد كان نكاح امرأة الأب مستفيضا شائعا في الجاهلية ، فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم أقر أحدا منهم على ذلك النكاح لنقل واستفاض ، فلما لم ينقل ذلك دل على أن المراد بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23إلا ما قد سلف فإنكم غير مؤاخذين به وذلك ؛ لأنهم قبل ورود الشرع بخلاف ما هم عليه كانوا مقرين على أحكامهم ، فأعلمهم الله تعالى أنهم غير مؤاخذين فيما لم تقم عندهم حجة السمع بتركه ، فلا احتمال في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23إلا ما قد سلف في هذا الموضع إلا ما ذكرنا ؛ وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23إلا ما قد سلف عند ذكر الجمع بين الأختين يحتمل غير ما ذكرنا ههنا ، وسنذكره إذا انتهينا إليه إن شاء الله تعالى . ومعنى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23إلا ما قد سلف ههنا استثناء منقطع كقوله : " لا تلق فلانا إلا ما لقيت " يعني لكن ما لقيت فلا لوم عليك فيه .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إنه كان فاحشة هذه الهاء كناية عن النكاح ؛ وقد قيل فيه وجهان :
أحدهما : النكاح بعد النهي فاحشة ، ومعناه هو فاحشة ، ف " كان " في هذا الموضع ملغاة وهو موجود في كلامهم ، قال الشاعر :
فإنك لو رأيت ديار قوم وجيران لنا كانوا كرام
فأدخل " كان " وهي ملغاة غير معتد بها ؛ لأن القوافي مجرورة . وقال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17وكان الله عليما حكيما والله عليم حكيم . ويحتمل أن يريد به أن ما كان منه في الجاهلية فهو فاحشة فلا تفعلوا مثله ، وهذا لا يكون إلا بعد قيام حجة السمع عليهم بتحريمه ، ومن قال هذا
[ ص: 64 ] جعل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إلا ما قد سلف فإنه يسلم منه بالإقلاع عنه والتوبة منه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : والأولى حمله على أنه فاحشة بعد نزول التحريم ؛ لأن ذلك مراد عند الجميع لا محالة ، ولم تقم الدلالة على أن حجة السمع قد كانت قامت عليهم بتحريمه من جهة الرسل المتقدمين فيستحقون اللوم عليه ؛ ويدل عليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إلا ما قد سلف وظاهره يقتضي نفي المؤاخذة بما سلف منه .
فإن قيل : هذا يدل على أن من
nindex.php?page=treesubj&link=10981عقد نكاحا على امرأة أبيه ووطئها كان وطؤه زنا موجبا للحد ؛ لأنه سماها فاحشة ، وقال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=32ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا قيل له : الفاحشة لفظ مشترك يقع على كثير من المحظورات ، وقد روي في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=19إلا أن يأتين بفاحشة مبينة أن خروجها من بيته فاحشة . وروي أن الفاحشة في ذلك أن تستطيل بلسانها على أهل زوجها ، وقيل فيها : إنها الزنا . فالفاحشة اسم يتناول مواقعة المحظور ، وليس يختص بالزنا دون غيره حتى إذا أطلق فيه اسم الفاحشة كان زنا ، وما كان من وطء عن عقد فاسد فإنه لا يسمى زنا ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=14346المجوس وسائر المشركين المولودين على مناكحاتهم التي هي فاسدة في الإسلام لا يسمون أولاد زنا والزنا اسم لوطء في غير ملك ، ولا نكاح ، ولا شبهة عن واحد منهما ، فأما إذا صدر عن عقد فإن ذلك لا يسمى زنا سواء كان العقد فاسدا أو صحيحا . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ومقتا وساء سبيلا يعني أنه مما يبغضه الله تعالى ويبغضه المسلمون ، وذلك تأكيد لتحريمه وتقبيحه وتهجين فاعله وبين أنه طريق سوء ؛ لأنه يؤدي إلى جهنم .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23إِلا مَا قَدْ سَلَفَ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ : " إِلَّا مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ : إِلَّا مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّكُمْ لَا تُؤَاخَذُونَ بِهِ ، وَيُحْتَمَلُ : إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ فَإِنَّكُمْ مُقِرُّونَ عَلَيْهِ ، وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ ؛ وَهَذَا خَطَأٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ أَحَدًا عَلَى عَقْدِ نِكَاحِ امْرَأَةِ أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ . وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675788أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ nindex.php?page=showalam&ids=177أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ إِلَى رَجُلِ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ : نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ يَقْتُلَهُ وَيَأْخُذَ مَالَهُ . وَقَدْ كَانَ نِكَاحُ امْرَأَةِ الْأَبِ مُسْتَفِيضًا شَائِعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ أَحَدًا مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ لَنُقِلَ وَاسْتَفَاضَ ، فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23إِلا مَا قَدْ سَلَفَ فَإِنَّكُمْ غَيْرُ مُؤَاخَذِينَ بِهِ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُمْ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ مَا هُمْ عَلَيْهِ كَانُوا مُقِرِّينَ عَلَى أَحْكَامِهِمْ ، فَأَعْلَمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ غَيْرُ مُؤَاخَذِينَ فِيمَا لَمْ تَقُمْ عِنْدَهُمْ حُجَّةُ السَّمْعِ بِتَرْكِهِ ، فَلَا احْتِمَالَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23إِلا مَا قَدْ سَلَفَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا ؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23إِلا مَا قَدْ سَلَفَ عِنْدَ ذِكْرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا هَهُنَا ، وَسَنَذْكُرُهُ إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَمَعْنَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23إِلا مَا قَدْ سَلَفَ هَهُنَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ كَقَوْلِهِ : " لَا تَلْقَ فُلَانًا إِلَّا مَا لَقِيتَ " يَعْنِي لَكِنْ مَا لَقِيتَ فَلَا لَوْمَ عَلَيْكَ فِيهِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً هَذِهِ الْهَاءُ كِنَايَةٌ عَنِ النِّكَاحِ ؛ وَقَدْ قِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : النِّكَاحُ بَعْدَ النَّهْيِ فَاحِشَةٌ ، وَمَعْنَاهُ هُوَ فَاحِشَةٌ ، فَ " كَانَ " فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُلْغَاةٌ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِهِمْ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
فَإِنَّكَ لَوْ رَأَيْتَ دِيَارَ قَوْمٍ وَجِيرَانٍ لَنَا كَانُوا كِرَامِ
فَأَدْخَلَ " كَانَ " وَهِيَ مُلْغَاةٌ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا ؛ لِأَنَّ الْقَوَافِيَ مَجْرُورَةٌ . وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَاَللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّ مَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ فَاحِشَةٌ فَلَا تَفْعَلُوا مِثْلَهُ ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ حُجَّةِ السَّمْعِ عَلَيْهِمْ بِتَحْرِيمِهِ ، وَمَنْ قَالَ هَذَا
[ ص: 64 ] جَعَلَ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إِلا مَا قَدْ سَلَفَ فَإِنَّهُ يَسْلَمُ مِنْهُ بِالْإِقْلَاعِ عَنْهُ وَالتَّوْبَةِ مِنْهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ فَاحِشَةٌ بَعْدَ نُزُولِ التَّحْرِيمِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُرَادٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ لَا مَحَالَةَ ، وَلَمْ تَقُمِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ حُجَّةَ السَّمْعِ قَدْ كَانَتْ قَامَتْ عَلَيْهِمْ بِتَحْرِيمِهِ مِنْ جِهَةِ الرُّسُلِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَيَسْتَحِقُّونَ اللَّوْمَ عَلَيْهِ ؛ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إِلا مَا قَدْ سَلَفَ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي نَفْيَ الْمُؤَاخَذَةِ بِمَا سَلَفَ مِنْهُ .
فَإِنْ قِيلَ : هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10981عَقَدَ نِكَاحًا عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ وَوَطِئَهَا كَانَ وَطْؤُهُ زِنًا مُوجِبًا لِلْحَدِّ ؛ لِأَنَّهُ سَمَّاهَا فَاحِشَةً ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=32وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا قِيلَ لَهُ : الْفَاحِشَةُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ يَقَعُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ ، وَقَدْ رُوِيَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=19إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ أَنَّ خُرُوجَهَا مِنْ بَيْتِهِ فَاحِشَةٌ . وَرُوِيَ أَنَّ الْفَاحِشَةَ فِي ذَلِكَ أَنْ تَسْتَطِيلَ بِلِسَانِهَا عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا ، وَقِيلَ فِيهَا : إِنَّهَا الزِّنَا . فَالْفَاحِشَةُ اسْمٌ يَتَنَاوَلُ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ ، وَلَيْسَ يَخْتَصُّ بِالزِّنَا دُونَ غَيْرِهِ حَتَّى إِذَا أُطْلِقَ فِيهِ اسْمُ الْفَاحِشَةِ كَانَ زِنًا ، وَمَا كَانَ مِنْ وَطْءٍ عَنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى زِنًا ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=14346الْمَجُوسَ وَسَائِرَ الْمُشْرِكِينَ الْمَوْلُودِينَ عَلَى مُنَاكَحَاتِهِمْ الَّتِي هِيَ فَاسِدَةٌ فِي الْإِسْلَامِ لَا يُسَمَّوْنَ أَوْلَادَ زِنًا وَالزِّنَا اسْمٌ لِوَطْءٍ فِي غَيْرِ مِلْكٍ ، وَلَا نِكَاحٍ ، وَلَا شُبْهَةٍ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، فَأَمَّا إِذَا صَدَرَ عَنْ عَقْدٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى زِنًا سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا أَوْ صَحِيحًا . وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا يَعْنِي أَنَّهُ مِمَّا يُبْغِضُهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُبْغِضُهُ الْمُسْلِمُونَ ، وَذَلِكَ تَأْكِيدٌ لَتَحْرِيمِهِ وَتَقْبِيحِهِ وَتَهْجِينِ فَاعِلِهِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ طَرِيقُ سُوءٍ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى جَهَنَّمَ .