nindex.php?page=treesubj&link=28963حكم التفسير بالمأثور
التفسير بالمأثور هو الذي يجب اتباعه والأخذ به ; لأنه طريق المعرفة الصحيحة . وهو آمن سبيل للحفظ من الزلل والزيغ في كتاب الله . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : " التفسير على أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه أحد إلا الله ).
فالذي تعرفه
العرب هو الذي يرجع فيه إلى لسانهم ببيان اللغة.
والذي لا يعذر أحد بجهله : هو ما يتبادر فهم معناه إلى الأذهان من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد ولا لبس فيها ، فكل امرئ يدرك معنى التوحيد من قوله تعالي :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19فاعلم أنه لا إله إلا الله وإن لم يعلم أن هذه العبارة وردت بطريق النفي والاستثناء فهي دالة على الحصر.
[ ص: 341 ] وأما ما لا يعلمه إلا الله : فهو المغيبات ، كحقيقة قيام الساعة ،وحقيقة الروح.
وأما ما يعلمه العلماء : فهو الذي يرجع إلى اجتهادهم المعتمد على الشواهد والدلائل دون مجرد الرأي ، من بيان مجمل ، أو تخصيص عام ، أو نحو ذلك .
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري نحو هذا; فقال : " فقد تبين ببيان الله جل ذكره :" أن مما أنزل الله من القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ، وذلك تأويل جميع ما فيه : من وجوه أمره ـ واجبه وندبه وإرشاده ـ وصنوف نهيه ، ووظائف حقوقه وحدوده ، ومبالغ فرائضه ، ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض ، وما أشبه ذلك من أحكام آيه التي لم يدرك علمها إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ، وهذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم له تأويله بنص منه عليه ، أو بدلالة قد نصبها دالة أمته على تأويله.
وإن منه ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار ، وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة ، وأوقات آتية ، كوقت قيام الساعة ، والنفخ في الصور ، ونزول
عيسى ابن مريم ، وما أشبه ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون وإن منه ما يعلم تأويله كل ذي علم باللسان الذي نزل به القرآن ، وذلك إقامة إعرابه ، ومعرفة المسميات بأسمائها اللازمة غير المشترك فيها ، والموضوعات بصفاتها الخاصة دون ما سواها ، فإن ذلك لا يجهله أحد منهم ، وذلك كسامع منهم لو سمع تاليا يتلو :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=11وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=12ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون لم يجهل أن معنى الإفساد هو ما ينبغي تركه مما هو مضرة وأن الإصلاح هو ما ينبغي فعله
[ ص: 342 ] مما فعله منفعة ، وإن جهل المعاني التي جعلها الله إفسادا والمعاني التي جعلها الله إصلاحا" .
"
nindex.php?page=treesubj&link=28963حُكْمُ التَّفْسِيرِ بِالْمَأْثُورِ
التَّفْسِيرُ بِالْمَأْثُورِ هُوَ الَّذِي يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَالْأَخْذُ بِهِ ; لِأَنَّهُ طَرِيقُ الْمَعْرِفَةِ الصَّحِيحَةِ . وَهُوَ آمَنُ سَبِيلٍ لِلْحِفْظِ مِنَ الزَّلَلِ وَالزَّيْغِ فِي كِتَابِ اللَّهِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : " التَّفْسِيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : وَجْهٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَلَامِهَا ، وَتَفْسِيرٌ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ ، وَتَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَماءُ ، وَتَفْسِيرٌ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ ).
فَالَّذِي تَعْرِفُهُ
الْعَرَبُ هُوَ الَّذِي يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى لِسَانِهِمْ بِبَيَانِ اللُّغَةِ.
وَالَّذِي لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهْلِهِ : هُوَ مَا يَتَبَادَرُ فَهْمُ مَعْنَاهُ إِلَى الْأَذْهَانِ مِنَ النُّصُوصِ الْمُتَضَمِّنَةِ شَرَائِعَ الْأَحْكَامِ وَدَلَائِلَ التَّوْحِيدِ وَلَا لَبْسَ فِيهَا ، فَكُلُّ امْرِئٍ يُدْرِكُ مَعْنَى التَّوْحِيدِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَرَدَتْ بِطَرِيقِ النَّفْيِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى الْحَصْرِ.
[ ص: 341 ] وَأَمَّا مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ : فَهُوَ الْمُغَيَّبَاتُ ، كَحَقِيقَةِ قِيَامِ السَّاعَةِ ،وَحَقِيقَةِ الرُّوحِ.
وَأَمَّا مَا يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ : فَهُوَ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى اجْتِهَادِهِمُ الْمُعْتَمِدِ عَلَى الشَّوَاهِدِ وَالدَّلَائِلِ دُونَ مُجَرَّدِ الرَّأْيِ ، مِنْ بَيَانٍ مُجْمَلٍ ، أَوْ تَخْصِيصٍ عَامٍّ ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ .
وَقَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ نَحْوَ هَذَا; فَقَالَ : " فَقَدْ تَبَيَّنَ بِبَيَانِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ :" أَنَّ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا يُوصَلُ إِلَى عِلْمِ تَأْوِيلِهِ إِلَّا بِبَيَانِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَلِكَ تَأْوِيلُ جَمِيعِ مَا فِيهِ : مِنْ وُجُوهِ أَمْرِهِ ـ وَاجِبِهِ وَنَدْبِهِ وَإِرْشَادِهِ ـ وَصُنُوفِ نَهْيِهِ ، وَوَظَائِفِ حُقُوقِهِ وَحُدُودِهِ ، وَمَبَالِغِ فَرَائِضِهِ ، وَمَقَادِيرِ اللَّازِمِ بَعْضِ خَلْقِهِ لِبَعْضٍ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ آيِهِ الَّتِي لَمْ يُدْرَكُ عِلْمُهَا إِلَّا بِبَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ ، وَهَذَا وَجْهٌ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْقَوْلُ فِيهِ إِلَّا بِبَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ تَأْوِيلُهُ بِنَصٍّ مِنْهُ عَلَيْهِ ، أَوْ بِدَلَالَةٍ قَدْ نَصَبَهَا دَالَّةٍ أُمَّتِهِ عَلَى تَأْوِيلِهِ.
وَإِنَّ مِنْهُ مَا لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ، وَذَلِكَ مَا فِيهِ مِنَ الْخَبَرِ عَنْ آجَالٍ حَادِثَةٍ ، وَأَوْقَاتٍ آتِيَةٍ ، كَوَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَالنَّفْخِ فِي الصُّورِ ، وَنُزُولِ
عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ وَإِنَّ مِنْهُ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ كُلُّ ذِي عِلْمٍ بِاللِّسَانِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ ، وَذَلِكَ إِقَامَةُ إِعْرَابِهِ ، وَمَعْرِفَةُ الْمُسَمَّيَاتِ بِأَسْمَائِهَا اللَّازِمَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ فِيهَا ، وَالْمَوْضُوعَاتِ بِصِفَاتِهَا الْخَاصَّةِ دُونَ مَا سِوَاهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجْهَلُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ ، وَذَلِكَ كَسَامِعٍ مِنْهُمْ لَوْ سَمِعَ تَالِيًا يَتْلُو :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=11وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=12أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ لَمْ يَجْهَلْ أَنَّ مَعْنَى الْإِفْسَادِ هُوَ مَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ مِمَّا هُوَ مِضِرَّةٌ وَأَنَّ الْإِصْلَاحَ هُوَ مَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ
[ ص: 342 ] مِمَّا فَعَلَهُ مَنْفَعَةً ، وَإِنْ جَهِلَ الْمَعَانِيَ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ إِفْسَادًا وَالْمَعَانِيَ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ إِصْلَاحًا" .
"