قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون nindex.php?page=treesubj&link=28976قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود اللام لام القسم ودخلت النون على قول
الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه فرقا بين الحال والمستقبل . عداوة نصب على البيان وكذا
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى وهذه الآية نزلت في
nindex.php?page=hadith&LINKID=839132النجاشي وأصحابه لما قدم عليهم المسلمون في الهجرة الأولى - حسب ما هو مشهور في سيرة ابن إسحاق وغيره - خوفا من المشركين وفتنتهم ; وكانوا ذوي عدد . ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد ذلك فلم يقدروا على الوصول إليه ، حالت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرب . فلما كانت وقعة بدر وقتل الله فيها صناديد الكفار ، قال كفار قريش : إن ثأركم بأرض الحبشة ، فاهدوا إلى النجاشي وابعثوا إليه رجلين من ذوي رأيكم لعله يعطيكم من عنده فتقتلونهم بمن قتل منكم ببدر ، فبعث كفار قريش عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة بهدايا ، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية الضمري ، وكتب معه إلى النجاشي ، فقدم على النجاشي ، فقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم دعا nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب والمهاجرين ، [ ص: 190 ] وأرسل إلى الرهبان والقسيسين فجمعهم . ثم أمر جعفرا أن يقرأ عليهم القرآن فقرأ سورة ( مريم ) فقاموا تفيض أعينهم من الدمع ، فهم الذين أنزل الله فيهم nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى وقرأ إلى الشاهدين رواه
أبو داود . قال : حدثنا
محمد بن سلمة المرادي قال حدثنا
ابن وهب قال أخبرني
يونس عن
ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11947أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وعن
عروة بن الزبير ، أن الهجرة الأولى
nindex.php?page=treesubj&link=29287هجرة المسلمين إلى أرض الحبشة ، وساق الحديث بطوله ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن
ابن إسحاق قال :
قدم على النبي صلى الله عليه وسلم عشرون رجلا وهو بمكة أو قريب من ذلك ، من النصارى حين ظهر خبره من الحبشة ، فوجدوه في المسجد فكلموه وسألوه ، ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة فلما فرغوا من مسألتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عما أرادوا ، دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل ، وتلا عليهم القرآن ، فلما سمعوه فاضت أعينهم من الدمع ، ثم استجابوا له وآمنوا به وصدقوه ، وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره ، فلما قاموا من عنده اعترضهم أبو جهل في نفر من قريش فقالوا : خيبكم الله من ركب ! بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم فتأتونهم بخبر الرجل ، فلم تظهر مجالستكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه بما قال لكم ، ما نعلم ركبا أحمق منكم - أو كما قال لهم - فقالوا : سلام عليكم لا نجاهلكم ، لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ، لا نألوا أنفسنا خيرا . فيقال : إن النفرالنصارى من أهل نجران ، ويقال : إن فيهم نزلت هؤلاء الآيات nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=52الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون إلى قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55لا نبتغي الجاهلين وقيل :
إن جعفرا وأصحابه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلا عليهم ثياب الصوف ، فيهم اثنان وستون من الحبشة وثمانية من أهل الشام وهم بحيرى الراهب وإدريس وأشرف وأبرهة وثمامة وقثم ودريد وأيمن ، فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة " يس " إلى آخرها ، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا ، وقالوا : ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى فنزلت فيهم nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى يعني وفد النجاشي وكانوا أصحاب الصوامع ، وقال
سعيد بن جبير : وأنزل الله فيهم أيضا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=52الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=54أولئك يؤتون أجرهم مرتين إلى آخر الآية ، وقال
مقاتل والكلبي : كانوا أربعين رجلا من
أهل نجران من
بني الحارث بن كعب ، واثنان وثلاثون من
الحبشة ، وثمانية وستون من
[ ص: 191 ] أهل الشام . وقال
قتادة : نزلت في ناس من
أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق مما جاء به
عيسى ، فلما بعث الله
محمدا صلى الله عليه وسلم آمنوا به فأثنى الله عليهم .
nindex.php?page=treesubj&link=28976قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا واحد القسيسين قس وقسيس ; قاله
قطرب . والقسيس العالم ; وأصله من قس إذا تتبع الشيء فطلبه ; قال الراجز :
يصبحن عن قس الأذى غوافلا وتقسست أصواتهم بالليل تسمعتها
، والقس النميمة ، والقس أيضا رئيس من رؤساء
النصارى في الدين والعلم ، وجمعه قسوس ، وكذلك القسيس مثل الشر والشرير فالقسيسون هم الذين يتبعون العلماء والعباد ، ويقال في جمع قسيس مكسرا : قساوسة أبدل من إحدى السينين واوا وقساوسة أيضا ك مهالبة ، والأصل قساسسة فأبدلوا إحدى السينات واوا لكثرتها . ولفظ القسيس إما أن يكون عربيا ، وإما أن يكون بلغة
الروم ولكن خلطته العرب بكلامهم فصار من لغتهم إذ ليس في الكتاب ما ليس من لغة العرب كما تقدم . وقال
أبو بكر الأنباري : حدثنا أبي حدثنا
نصر بن داود حدثنا
أبو عبيد ، قال : حدثت عن
معاوية بن هشام عن
نصير الطائي عن
الصلت عن
حامية بن رباب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500108قلت لسلمان بأن منهم قسيسين ورهبانا فقال : دع القسيسين في الصوامع والمحراب أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم " بأن منهم صديقين ورهبانا " ، وقال
عروة بن الزبير : ضيعت
النصارى الإنجيل ، وأدخلوا فيه ما ليس منه ; وكانوا أربعة نفر الذين غيروه ;
لوقاس ومرقوس ويحنس ومقبوس وبقي
قسيس على الحق وعلى الاستقامة ، فمن كان على دينه وهديه فهو قسيس .
قوله تعالى : ورهبانا الرهبان جمع راهب كركبان وراكب . قال
النابغة :
لو أنها عرضت لأشمط راهب عبد الإله صرورة متعبد
لرنا لرؤيتها وحسن حديثها ولخاله رشدا وإن لم يرشد
والفعل منه رهب الله يرهبه أي : خافه رهبا ورهبا ورهبة ، والرهبانية والترهب التعبد في صومعة . قال
أبو عبيد : وقد يكون ( رهبان ) للواحد والجمع ; قال
الفراء : ويجمع ( رهبان ) إذا كان للمفرد رهابنة ورهابين كقربان وقرابين ; قال جرير في الجمع :
رهبان مدين لو رأوك تنزلوا والعصم من شعف العقول الفادر
[ ص: 192 ] الفادر المسن من الوعول ، ويقال : العظيم ، وكذلك الفدور والجمع فدر وفدور وموضعها المفدرة ; قاله
الجوهري ، وقال آخر في التوحيد :
لو أبصرت رهبان دير في الجبل لانحدر الرهبان يسعى ويصل
من الصلاة . والرهابة على وزن السحابة عظم في الصدر مشرف على البطن مثل اللسان ، وهذا المدح لمن آمن منهم بمحمد صلى الله عليه وسلم دون من أصر على كفره ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82وأنهم لا يستكبرون يستكبرون أي : عن الانقياد إلى الحق .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28976قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ اللَّامُ لَامُ الْقَسَمِ وَدَخَلَتِ النُّونُ عَلَى قَوْلِ
الْخَلِيلِ nindex.php?page=showalam&ids=16076وَسِيبَوَيْهِ فَرْقًا بَيْنَ الْحَالِ وَالْمُسْتَقْبَلِ . عَدَاوَةً نُصِبَ عَلَى الْبَيَانِ وَكَذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=hadith&LINKID=839132النَّجَاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فِي الْهِجْرَةِ الْأُولَى - حَسَبَ مَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي سِيرَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ - خَوْفًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَفِتْنَتِهِمْ ; وَكَانُوا ذَوِي عَدَدٍ . ثُمَّ هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ ، حَالَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرْبُ . فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ وَقَتَلَ اللَّهُ فِيهَا صَنَادِيدَ الْكُفَّارِ ، قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ : إِنَّ ثَأْرَكُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ ، فَاهْدُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ وَابْعَثُوا إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ ذَوِي رَأْيِكُمْ لَعَلَّهُ يُعْطِيكُمْ مَنْ عِنْدَهُ فَتَقْتُلُونَهُمْ بِمَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ بِبَدْرٍ ، فَبَعَثَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بِهَدَايَا ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ ، فَبَعَثَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=243عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ ، وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى النَّجَاشِيِّ ، فَقَدِمَ عَلَى النَّجَاشِيِّ ، فَقَرَأَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ دَعَا nindex.php?page=showalam&ids=315جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالْمُهَاجِرِينَ ، [ ص: 190 ] وَأَرْسَلَ إِلَى الرُّهْبَانِ وَالْقِسِّيسِينَ فَجَمَعَهُمْ . ثُمَّ أَمَرَ جَعْفَرًا أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَرَأَ سُورَةَ ( مَرْيَمَ ) فَقَامُوا تَفِيضُ أَعْيُنُهُمْ مِنَ الدَّمْعِ ، فَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى وَقَرَأَ إِلَى الشَّاهِدِينَ رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ . قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي
يُونُسُ عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11947أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ الْهِجْرَةَ الْأُولَى
nindex.php?page=treesubj&link=29287هِجْرَةُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ :
قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرُونَ رَجُلًا وَهُوَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ ، مِنَ النَّصَارَى حِينَ ظَهَرَ خَبَرُهُ مِنَ الْحَبَشَةِ ، فَوَجَدُوهُ فِي الْمَسْجِدِ فَكَلَّمُوهُ وَسَأَلُوهُ ، وَرِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي أَنْدِيَتِهِمْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ مَسْأَلَتِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا أَرَادُوا ، دَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ ، فَلَمَّا سَمِعُوهُ فَاضَتْ أَعْيُنُهُمْ مِنَ الدَّمْعِ ، ثُمَّ اسْتَجَابُوا لَهُ وَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ ، وَعَرَفُوا مِنْهُ مَا كَانَ يُوصَفُ لَهُمْ فِي كِتَابِهِمْ مِنْ أَمْرِهِ ، فَلَمَّا قَامُوا مِنْ عِنْدِهِ اعْتَرَضَهُمْ أَبُو جَهْلٍ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا : خَيَّبَكُمُ اللَّهُ مِنْ رَكْبٍ ! بَعَثَكُمْ مَنْ وَرَاءَكُمْ مِنْ أَهْلِ دِينِكُمْ تَرْتَادُونَ لَهُمْ فَتَأْتُونَهُمْ بِخَبَرِ الرَّجُلِ ، فَلَمْ تَظْهَرْ مُجَالَسَتُكُمْ عِنْدَهُ حَتَّى فَارَقْتُمْ دِينَكُمْ وَصَدَّقْتُمُوهُ بِمَا قَالَ لَكُمْ ، مَا نَعْلَمُ رَكْبًا أَحْمَقَ مِنْكُمْ - أَوْ كَمَا قَالَ لَهُمْ - فَقَالُوا : سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نُجَاهِلُكُمْ ، لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ، لَا نَأْلُوا أَنْفُسَنَا خَيْرًا . فَيُقَالُ : إِنَّ النَّفَرَالنَّصَارَى مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ ، وَيُقَالُ : إِنَّ فِيهِمْ نَزَلَتْ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=52الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ إِلَى قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ وَقِيلَ :
إِنَّ جَعْفَرًا وَأَصْحَابَهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبْعِينَ رَجُلًا عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ ، فِيهِمُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ مِنَ الْحَبَشَةِ وَثَمَانِيَةٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَهُمْ بَحِيرَى الرَّاهِبُ وَإِدْرِيسُ وَأَشْرَفُ وَأَبْرَهَةُ وَثُمَامَةُ وَقُثَمٌ وَدُرَيْدٌ وَأَيْمَنُ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةَ " يس " إِلَى آخِرِهَا ، فَبَكَوْا حِينَ سَمِعُوا الْقُرْآنَ وَآمَنُوا ، وَقَالُوا : مَا أَشْبَهَ هَذَا بِمَا كَانَ يَنْزِلُ عَلَى عِيسَى فَنَزَلَتْ فِيهِمْ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى يَعْنِي وَفْدَ النَّجَاشِيِّ وَكَانُوا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ ، وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ أَيْضًا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=52الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=54أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، وَقَالَ
مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ : كَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا مِنْ
أَهْلِ نَجْرَانَ مِنْ
بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ ، وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ مِنَ
الْحَبَشَةِ ، وَثَمَانِيَةٌ وَسِتُّونَ مِنْ
[ ص: 191 ] أَهْلِ الشَّامِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : نَزَلَتْ فِي نَاسٍ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ كَانُوا عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْحَقِّ مِمَّا جَاءَ بِهِ
عِيسَى ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنُوا بِهِ فَأَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ .
nindex.php?page=treesubj&link=28976قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَاحِدُ الْقِسِّيسِينَ قَسٌّ وَقِسِّيسٌ ; قَالَهُ
قُطْرُبٌ . وَالْقِسِّيسُ الْعَالِمُ ; وَأَصْلُهُ مِنْ قَسَّ إِذَا تَتَبَّعَ الشَّيْءَ فَطَلَبَهُ ; قَالَ الرَّاجِزُ :
يُصْبِحْنَ عَنْ قَسِّ الْأَذَى غَوَافِلَا وَتَقَسَّسَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِاللَّيْلِ تَسَمَّعْتُهَا
، وَالْقَسُّ النَّمِيمَةُ ، وَالْقَسُّ أَيْضًا رَئِيسٌ مِنْ رُؤَسَاءِ
النَّصَارَى فِي الدِّينِ وَالْعِلْمِ ، وَجَمْعُهُ قُسُوسٌ ، وَكَذَلِكَ الْقِسِّيسُ مِثْلُ الشَّرِّ وَالشِّرِّيرِ فَالْقِسِّيسُونَ هُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الْعُلَمَاءَ وَالْعُبَّادَ ، وَيُقَالُ فِي جَمْعِ قِسِّيسٍ مُكَسَّرًا : قَسَاوِسَةٌ أُبْدِلَ مِنْ إِحْدَى السِّينَيْنِ وَاوًا وَقَسَاوِسَةً أَيْضًا كَ مَهَالِبَةً ، وَالْأَصْلُ قَسَاسِسَةٌ فَأَبْدَلُوا إِحْدَى السِّينَاتِ وَاوًا لِكَثْرَتِهَا . وَلَفْظُ الْقِسِّيسِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَرَبِيًّا ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِلُغَةِ
الرُّومِ وَلَكِنْ خَلَطَتْهُ الْعَرَبُ بِكَلَامِهِمْ فَصَارَ مِنْ لُغَتِهِمْ إِذْ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ مَا لَيْسَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ كَمَا تَقَدَّمَ . وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ : حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا
نَصْرُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا
أَبُو عُبَيْدٍ ، قَالَ : حُدِّثْتُ عَنْ
مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ عَنْ
نُصَيْرٍ الطَّائِيِّ عَنِ
الصَّلْتِ عَنْ
حَامِيَةَ بْنِ رَبَابٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500108قُلْتُ لِسَلْمَانَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا فَقَالَ : دَعِ الْقِسِّيسِينَ فِي الصَّوَامِعِ وَالْمِحْرَابِ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بِأَنَّ مِنْهُمْ صِدِّيقِينَ وَرُهْبَانًا " ، وَقَالَ
عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ : ضَيَّعَتِ
النَّصَارَى الْإِنْجِيلَ ، وَأَدْخَلُوا فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ ; وَكَانُوا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ الَّذِينَ غَيَّرُوهُ ;
لُوقَاسُ وَمَرْقُوسُ وَيحْنَسُ وَمَقْبُوسُ وَبَقِيَ
قِسِّيسٌ عَلَى الْحَقِّ وَعَلَى الِاسْتِقَامَةِ ، فَمَنْ كَانَ عَلَى دِينِهِ وَهَدْيِهِ فَهُوَ قِسِّيسٌ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : وَرُهْبَانًا الرُّهْبَانُ جَمْعُ رَاهِبٍ كَرُكْبَانٍ وَرَاكِبٍ . قَالَ
النَّابِغَةُ :
لَوْ أَنَّهَا عَرَضَتْ لِأَشْمَطِ رَاهِبٍ عَبَدَ الْإِلَهَ صَرُورَةٍ مُتَعَبِّدِ
لَرَنَا لِرُؤْيَتِهَا وَحُسْنِ حَدِيثِهَا وَلَخَالَهُ رَشَدًا وَإِنْ لَمْ يَرْشُدِ
وَالْفِعْلُ مِنْهُ رَهِبَ اللَّهَ يَرْهَبُهُ أَيْ : خَافَهُ رَهْبًا وَرَهَبًا وَرَهْبَةً ، وَالرَّهْبَانِيَّةُ وَالتَّرَهُّبُ التَّعَبُّدُ فِي صَوْمَعَةٍ . قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : وَقَدْ يَكُونُ ( رُهْبَانٌ ) لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ ; قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَيُجْمَعُ ( رُهْبَانٌ ) إِذَا كَانَ لِلْمُفْرَدِ رَهَابِنَةً وَرَهَابِينَ كَقُرْبَانٍ وَقَرَابِينَ ; قَالَ جَرِيرٌ فِي الْجَمْعِ :
رُهْبَانُ مَدْيَنَ لَوْ رَأَوْكِ تَنَزَّلُوا وَالْعُصْمُ مِنْ شَعَفِ الْعُقُولِ الْفَادِرُ
[ ص: 192 ] الْفَادِرُ الْمُسِنُّ مِنَ الْوُعُولِ ، وَيُقَالُ : الْعَظِيمُ ، وَكَذَلِكَ الْفَدُورُ وَالْجَمْعُ فُدْرٌ وَفُدُورٌ وَمَوْضِعُهَا الْمَفْدَرَةُ ; قَالَهُ
الْجَوْهَرِيُّ ، وَقَالَ آخَرُ فِي التَّوْحِيدِ :
لَوْ أَبْصَرَتْ رُهْبَانَ دَيْرٍ فِي الْجَبَلِ لَانْحَدَرَ الرُّهْبَانُ يَسْعَى وَيُصَلْ
مِنَ الصَّلَاةِ . وَالرَّهَابَةُ عَلَى وَزْنِ السَّحَابَةِ عَظْمٌ فِي الصَّدْرِ مُشْرِفٌ عَلَى الْبَطْنِ مِثْلُ اللِّسَانِ ، وَهَذَا الْمَدْحُ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ مَنْ أَصَرَّ عَلَى كُفْرِهِ وَلِهَذَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ يَسْتَكْبِرُونَ أَيْ : عَنِ الِانْقِيَادِ إِلَى الْحَقِّ .