[ ص: 6 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2يوم ترونها الهاء في ( ترونها ) عائدة عند الجمهور على الزلزلة ؛ ويقوي هذا
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها والرضاع والحمل إنما هو في الدنيا . وقالت فرقة : الزلزلة في يوم القيامة ؛ واحتجوا بحديث
عمران بن حصين الذي ذكرناه ، وفيه :
أتدرون أي يوم ذلك . . . الحديث . وهو الذي يقتضيه سياق
مسلم في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري .
قوله : ( تذهل ) أي تشتغل ؛ قاله
قطرب . وأنشد :
ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله
وقيل : تنسى . وقيل : تلهو ؛ وقيل : تسلو ؛ والمعنى متقارب .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2عما أرضعت قال
المبرد : ( ما ) بمعنى المصدر ؛ أي تذهل عن الإرضاع . قال : وهذا يدل على أن هذه الزلزلة في الدنيا ؛ إذ ليس بعد البعث حمل وإرضاع . إلا أن يقال : ما ماتت حاملا تبعث حاملا فتضع حملها للهول . ومن ماتت مرضعة بعثت كذلك . ويقال : هذا كما قال الله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=17يوما يجعل الولدان شيبا . وقيل : تكون مع النفخة الأولى . وقيل : تكون مع قيام الساعة ، حتى يتحرك الناس من قبورهم في النفخة الثانية . ويحتمل أن تكون الزلزلة في الآية عبارة عن أهوال يوم القيامة ؛ كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214مستهم البأساء والضراء وزلزلوا . وكما قال : عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500232اللهم اهزمهم وزلزلهم . وفائدة ذكر هول ذلك اليوم التحريض على التأهب له ، والاستعداد بالعمل الصالح . وتسمية الزلزلة ب شيء إما لأنها حاصلة متيقن وقوعها ، فيستسهل لذلك أن تسمى شيئا وهي معدومة ؛ إذ اليقين يشبه الموجودات . وإما على المآل ؛ أي هي إذا وقعت شيء عظيم . وكأنه لم يطلق الاسم الآن ، بل المعنى أنها إذا كانت فهي إذا شيء عظيم ،
[ ص: 7 ] ولذلك تذهل المراضع وتسكر الناس ؛ كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2وترى الناس سكارى أي من هولها ومما يدركهم من الخوف والفزع . ( وما هم بسكارى ) من الخمر . وقال أهل المعاني : وترى الناس كأنهم سكارى . يدل عليه قراءة
أبي زرعة هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله ( وترى الناس ) بضم التاء ؛ أي تظن ويخيل إليك . وقرأ
حمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، ( سكرى ) بغير ألف . الباقون ( سكارى ) وهما لغتان لجمع سكران ؛ مثل كسلى وكسالى . والزلزلة : التحريك العنيف . والذهول . الغفلة عن الشيء بطروء ما يشغل عنه من هم أو وجع أو غيره . قال
ابن زيد : المعنى تترك ولدها للكرب الذي نزل بها .
[ ص: 6 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2يَوْمَ تَرَوْنَهَا الْهَاءُ فِي ( تَرَوْنَهَا ) عَائِدَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى الزَّلْزَلَةِ ؛ وَيُقَوِّي هَذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَالرَّضَاعُ وَالْحَمْلُ إِنَّمَا هُوَ فِي الدُّنْيَا . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : الزَّلْزَلَةُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؛ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ ، وَفِيهِ :
أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ ذَلِكَ . . . الْحَدِيثَ . وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ
مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ .
قَوْلُهُ : ( تَذْهَلُ ) أَيْ تَشْتَغِلُ ؛ قَالَهُ
قُطْرُبٌ . وَأَنْشَدَ :
ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ
وَقِيلَ : تَنْسَى . وَقِيلَ : تَلْهُو ؛ وَقِيلَ : تَسْلُو ؛ وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2عَمَّا أَرْضَعَتْ قَالَ
الْمُبَرِّدُ : ( مَا ) بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ ؛ أَيْ تَذْهَلُ عَنِ الْإِرْضَاعِ . قَالَ : وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الزَّلْزَلَةَ فِي الدُّنْيَا ؛ إِذْ لَيْسَ بَعْدَ الْبَعْثِ حَمْلٌ وَإِرْضَاعٌ . إِلَّا أَنْ يُقَالَ : مَا مَاتَتْ حَامِلًا تُبْعَثُ حَامِلًا فَتَضَعُ حَمْلَهَا لِلْهَوْلِ . وَمَنْ مَاتَتْ مُرْضِعَةً بُعِثَتْ كَذَلِكَ . وَيُقَالُ : هَذَا كَمَا قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=17يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا . وَقِيلَ : تَكُونُ مَعَ النَّفْخَةِ الْأُولَى . وَقِيلَ : تَكُونُ مَعَ قِيَامِ السَّاعَةِ ، حَتَّى يَتَحَرَّكَ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ فِي النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ . وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الزَّلْزَلَةُ فِي الْآيَةِ عِبَارَةً عَنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا . وَكَمَا قَالَ : عَلَيْهِ السَّلَامُ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500232اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ . وَفَائِدَةُ ذِكْرِ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ التَّحْرِيضُ عَلَى التَّأَهُّبِ لَهُ ، وَالِاسْتِعْدَادِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ . وَتَسْمِيَةُ الزَّلْزَلَةِ بِ شَيْءٍ إِمَّا لِأَنَّهَا حَاصِلَةٌ مُتَيَقَّنٌ وُقُوعُهَا ، فَيُسْتَسْهَلُ لِذَلِكَ أَنْ تُسَمَّى شَيْئًا وَهِيَ مَعْدُومَةٌ ؛ إِذِ الْيَقِينُ يُشْبِهُ الْمَوْجُودَاتِ . وَإِمَّا عَلَى الْمَآلِ ؛ أَيْ هِيَ إِذَا وَقَعَتْ شَيْءٌ عَظِيمٌ . وَكَأَنَّهُ لَمْ يُطْلَقِ الِاسْمَ الْآنَ ، بَلِ الْمَعْنَى أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ فَهِيَ إِذًا شَيْءٌ عَظِيمٌ ،
[ ص: 7 ] وَلِذَلِكَ تُذْهِلُ الْمَرَاضِعَ وَتُسْكِرُ النَّاسَ ؛ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى أَيْ مِنْ هَوْلِهَا وَمِمَّا يُدْرِكُهُمْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْفَزَعِ . ( وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ) مِنَ الْخَمْرِ . وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي : وَتَرَى النَّاسَ كَأَنَّهُمْ سُكَارَى . يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ
أَبِي زُرْعَةَ هَرَمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ( وَتُرَى النَّاسَ ) بِضَمِّ التَّاءِ ؛ أَيْ تَظُنُّ وَيُخَيَّلُ إِلَيْكَ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ ، nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ، ( سَكْرَى ) بِغَيْرِ أَلِفٍ . الْبَاقُونَ ( سُكَارَى ) وَهُمَا لُغَتَانِ لِجَمْعِ سَكْرَانَ ؛ مِثْلُ كَسْلَى وَكُسَالَى . وَالزَّلْزَلَةُ : التَّحْرِيكُ الْعَنِيفُ . وَالذُّهُولُ . الْغَفْلَةُ عَنِ الشَّيْءِ بِطُرُوءِ مَا يَشْغَلُ عَنْهُ مِنْ هَمٍّ أَوْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ . قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : الْمَعْنَى تَتْرُكُ وَلَدَهَا لِلْكَرْبِ الَّذِي نَزَلَ بِهَا .