القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=89nindex.php?page=treesubj&link=28986_32028_32026وقل إني أنا النذير المبين ( 89 )
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين ( 90 )
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ( 91 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : وقل يا
محمد للمشركين : إني أنا النذير الذي قد أبان إنذاره لكم من البلاء والعقاب أن ينزل بكم من الله على تماديكم في غيكم ، كما أنزلنا على المقتسمين : يقول : مثل الذي أنزل الله تعالى من البلاء والعقاب على الذين اقتسموا القرآن ، فجعلوه عضين .
ثم اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله ( المقتسمين ) ، فقال بعضهم : عني به :
اليهود والنصارى ، وقال : كان اقتسامهم أنهم اقتسموا القرآن وعضوه ، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
عيسى بن عثمان الرملي ، قال : ثنا
يحيى بن عيسى ، عن
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12062أبي ظبيان ، عن
ابن عباس ، في قول الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : هم
اليهود والنصارى ، آمنوا ببعض ، وكفروا ببعض .
حدثنا
أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم ، قالا ثنا
هشيم ، قال : أخبرنا
أبو بشر ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : هم
أهل الكتاب ، جزءوه فجعلوه أعضاء أعضاء ، فآمنوا ببعضه ، وكفروا ببعضه .
[ ص: 143 ] حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
سفيان ، عن
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12062أبي ظبيان ، عن
ابن عباس ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : الذين آمنوا ببعض ، وكفروا ببعض .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
ابن أبي عدي ، عن
شعبة ، عن
سليمان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12062أبي ظبيان ، عن
ابن عباس ، قال : ( المقتسمين )
أهل الكتاب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : يؤمنون ببعض ، ويكفرون ببعض .
حدثني
مطر بن محمد الضبي ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
شعبة ، قال : ثنا
أبو بشر ، عن
سعيد بن جبير ، أنه قال في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين ) قال : هم
أهل الكتاب .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
شعبة ، عن
أبي بشر ، عن
سعيد بن جبير أنه قال في هذه الآية (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : هم
أهل الكتاب ، آمنوا ببعضه ، وكفروا ببعضه .
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون ، قال : ثنا
هشيم ، قال : أخبرنا
أبو بشر ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : هم
أهل الكتاب جزءوه فجعلوه أعضاء ، فآمنوا ببعضه ، وكفروا ببعضه .
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون ، قال : أخبرنا
هشيم ، عن
جويبر ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس ، قال : جزءوه فجعلوه أعضاء كأعضاء الجزور .
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون ، قال : أخبرنا
هشيم ، عن
منصور ، عن
الحسن ، قال : هم
أهل الكتاب .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين ) قال : هم
اليهود والنصارى من
أهل الكتاب قسموا الكتاب ، فجعلوه أعضاء ، يقول : أحزابا ، فآمنوا ببعض ، وكفروا ببعض .
[ ص: 144 ] حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : قال
ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90المقتسمين )
أهل الكتاب ، ولكنهم سموا المقتسمين ، لأن بعضهم قال استهزاء بالقرآن : هذه السورة لي ، وقال بعضهم : هذه لي .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
شعبة ، عن
سماك ، عن
عكرمة أنه قال في هذه الآية
nindex.php?page=treesubj&link=30542_19047 ( nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : كانوا يستهزءون ، يقول هذا : لي سورة البقرة ، ويقول هذا : لي سورة آل عمران .
وقال آخرون : هم
أهل الكتاب ، ولكنهم قيل لهم : المقتسمون : لاقتسامهم كتبهم ، وتفريقهم ذلك بإيمان بعضهم ببعضها ، وكفره ببعض ، وكفر آخرين بما آمن به غيرهم ، وإيمانهم بما كفر به الآخرون .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
جرير ، عن
عبد الملك ، عن
قيس ، عن
مجاهد (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : هم
اليهود والنصارى ، قسموا كتابهم ففرقوه . وجعلوه أعضاء .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثني
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، وحدثني
المثنى ، قال : ثنا
أبو حذيفة ، قال : ثنا
شبل جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين ) قال :
أهل الكتاب فرقوه وبدلوه .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين ) قال :
أهل الكتاب .
وقال آخرون : عني بذلك رهط من كفار قريش بأعيانهم .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين ) رهط خمسة من
قريش ، عضهوا كتاب الله .
وقال آخرون : عني بذلك رهط من
قوم صالح الذين تقاسموا على تبييت
صالح وأهله .
[ ص: 145 ] ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين ) قال : الذين تقاسموا
بصالح ، وقرأ قول الله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) قال : تقاسموا بالله حتى بلغ الآية .
وقال بعضهم : هم قوم اقتسموا طرق
مكة أيام قدوم الحاج عليهم ، كان أهلها بعثوهم في عقابها ، وتقدموا إلى بعضهم أن يشيع في الناحية التي توجه إليها لمن سأله عن نبي الله صلى الله عليه وسلم من القادمين عليهم ، أن يقول : هو مجنون ، وإلى آخر : إنه شاعر ، وإلى بعضهم : إنه ساحر .
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعلم قومه الذين عضوا القرآن ففرقوه ، أنه نذير لهم من سخط الله تعالى وعقوبته ، أن يحل بهم على كفرهم ربهم ، وتكذيبهم نبيهم ، ما حل بالمقتسمين من قبلهم ومنهم ، وجائز أن يكون عني بالمقتسمين : أهل الكتابين : التوراة والإنجيل ، لأنهم اقتسموا كتاب الله ، فأقرت
اليهود ببعض التوراة وكذبت ببعضها ، وكذبت بالإنجيل والفرقان ، وأقرت
النصارى ببعض الإنجيل وكذبت ببعضه وبالفرقان . وجائز أن يكون عني بذلك : المشركون من
قريش ، لأنهم اقتسموا القرآن ، فسماه بعضهم شعرا ، وبعض كهانة ، وبعض أساطير الأولين . وجائز أن يكون عني به الفريقان ، وممكن أن يكون عني به المقتسمون على
صالح من قومه ، فإذ لم يكن في التنزيل دلالة على أنه عني به أحد الفرق الثلاثة دون الآخرين ، ولا في خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا في فطرة عقل ، وكان ظاهر الآية محتملا ما وصفت ، وجب أن يكون مقتضيا بأن كل من اقتسم كتابا لله بتكذيب بعض وتصديق بعض ، واقتسم على معصية الله ممن حل به عاجل نقمة الله في الدار الدنيا قبل نزول هذه الآية ، فداخل في ذلك لأنهم لأشكالهم من أهل الكفر بالله ، كانوا عبرة ، وللمتعظين بهم منهم عظة .
واختلف أهل التأويل في معنى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ) فقال بعضهم : معناه : الذين جعلوا القرآن فرقا مفترقة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثني
[ ص: 146 ] معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : فرقا .
حدثنا
أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم ، قالا ثنا
هشيم ، قال : أخبرنا
أبو بشر ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال : جزءوه فجعلوه أعضاء ، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه .
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون ، قال : أخبرنا
هشيم ، عن
جويبر ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس ، قال : جزءوه فجعلوه أعضاء كأعضاء الجزور .
حدثنا
أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا
أبو أحمد ، قال : ثنا
طلحة ، عن
عطاء (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : المشركون من
قريش ، عضوا القرآن فجعلوه أجزاء ، فقال بعضهم : ساحر ، وقال بعضهم : شاعر ، وقال بعضهم : مجنون ، فذلك العضون .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول : في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91جعلوا القرآن عضين ) : جعلوا كتابهم أعضاء كأعضاء الجزور ، وذلك أنهم تقطعوه زبرا ، كل حزب بما لديهم فرحون ، وهو قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159فرقوا دينهم وكانوا شيعا ) .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ) عضهوا كتاب الله ، زعم بعضهم أنه سحر ، وزعم بعضهم أنه شعر ، وزعم بعضهم أنه كاهن .
قال
أبو جعفر : هكذا قال كاهن ، وإنما هو كهانة ، وزعم بعضهم أنه أساطير الأولين .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
جرير ، عن
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12062أبي ظبيان ، عن
ابن عباس (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : آمنوا ببعض ، وكفروا ببعض .
حدثني
يونس ، قال : أخبرني
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : جعلوه أعضاء كما تعضى الشاة . قال بعضهم : كهانة ، وقال بعضهم : هو سحر ، وقال بعضهم : شعر ، وقال
[ ص: 147 ] بعضهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5أساطير الأولين اكتتبها ) . . الآية ، جعلوه أعضاء كما تعضى الشاة فوجه قائلو هذه المقالة قوله ( عضين ) إلى أن واحدها : عضو ، وأن عضين جمعه ، وأنه مأخوذ من قولهم عضيت الشيء تعضية : إذا فرقته ، كما قال
رؤبة :
وليس دين الله بالمعضى
يعني بالمفرق ، وكما قال الآخر :
وعضى بني عوف فأما عدوهم فأرضى وأما العز منهم فغيرا يعني بقوله : وعضى : سباهم ، وقطعاهم بألسنتهما . وقال آخرون : بل هي جمع عضة ، جمعت عضين ، كما جمعت البرة برين ، والعزة عزين ، فإذا وجه ذلك إلى هذا التأويل كان أصل الكلام عضهة ، ذهبت هاؤها الأصلية ، كما نقصوا الهاء من الشفة وأصلها شفهة ، ومن الشاة ، وأصلها شاهة ، يدل على أن ذلك الأصل تصغيرهم الشفة : شفيهة ، والشاة : شويهة ، فيردون الهاء التي تسقط في غير حال التصغير ، إليها في حال التصغير ، يقال منه : عضهت الرجل أعضهه عضها . إذا بهته ، وقذفته ببهتان ، وكأن تأويل من تأول
[ ص: 148 ] ذلك كذلك : الذين عضهوا القرآن ، فقالوا : هو سحر ، أو هو شعر ، نحو القول الذي ذكرناه عن
قتادة .
وقد قال جماعة من أهل التأويل : إنه إنما عنى بالعضه في هذا الموضع ، نسبتهم إياه إلى أنه سحر خاصة دون غيره من معاني الذم ، كما قال الشاعر :
للماء من عضاتهن زمزمه
يعني : من سحرهن .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا
أبو أحمد ، قال : ثنا
ابن عيينة ، عن
عمرو ، عن
عكرمة (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : سحرا .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91عضين ) قال : عضهوه وبهتوه .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، قال : كان
عكرمة يقول : العضه : السحر بلسان
قريش ، تقول للساحرة : إنها العاضهة .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، وحدثني
المثنى ، قال : ثنا
أبو حذيفة ، قال : ثنا
شبل ، وحدثني
المثنى ، قال : ثنا
إسحاق ، قال : ثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91جعلوا القرآن عضين ) قال : سحرا أعضاء الكتب كلها
وقريش فرقوا القرآن ، قالوا : هو سحر .
[ ص: 149 ] والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعلم قوما عضهوا القرآن أنه لهم نذير من عقوبة تنزل بهم بعضههم إياه مثل ما أنزل بالمقتسمين ، وكان عضههم إياه : قذفهموه بالباطل ، وقيلهم إنه شعر وسحر ، وما أشبه ذلك .
وإنما قلنا إن ذلك أولى التأويلات به لدلالة ما قبله من ابتداء السورة وما بعده ، وذلك قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=95إنا كفيناك المستهزئين ) على صحة ما قلنا ، وإنه إنما عنى بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ) مشركي قومه ، وإذا كان ذلك كذلك ، فمعلوم أنه لم يكن في مشركي قومه من يؤمن ببعض القرآن ويكفر ببعض ، بل إنما كان قومه في أمره على أحد معنيين : إما مؤمن بجميعه ، وإما كافر بجميعه . وإذ كان ذلك كذلك ، فالصحيح من القول في معنى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ) الذين زعموا أنهم عضهوه ، فقال بعضهم : هو سحر ، وقال بعضهم : هو شعر ، وقال بعضهم : هو كهانة ، وما أشبه ذلك من القول ، أو عضهوه ففرقوه ، بنحو ذلك من القول ، وإذا كان ذلك معناه احتمل قوله عضين ، أن يكون جمع : عضة ، واحتمل أن يكون جمع عضو ، لأن معنى التعضية : التفريق ، كما تعضى الجزور والشاة ، فتفرق أعضاء . والعضه : البهت ، ورميه بالباطل من القول ، فهما متقاربان في المعنى .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=89nindex.php?page=treesubj&link=28986_32028_32026وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ ( 89 )
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ( 90 )
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ( 91 ) )
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَقُلْ يَا
مُحَمَّدُ لِلْمُشْرِكِينَ : إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الَّذِي قَدْ أَبَانَ إِنْذَارَهُ لَكُمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْعِقَابِ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمْ مِنَ اللَّهِ عَلَى تَمَادِيكُمْ فِي غَيِّكُمْ ، كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ : يَقُولُ : مِثْلَ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْبَلَاءِ وَالْعِقَابِ عَلَى الَّذِينَ اقْتَسَمُوا الْقُرْآنَ ، فَجَعَلُوهُ عِضِينَ .
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ عُنُوا بِقَوْلِهِ ( الْمُقْتَسِمِينَ ) ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : عُنِيَ بِهِ :
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، وَقَالَ : كَانَ اقْتِسَامُهُمْ أَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا الْقُرْآنَ وَعَضُّوهُ ، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
عِيسَى بْنُ عُثْمَانَ الرَّمْلِيُّ ، قَالَ : ثَنَا
يَحْيَى بْنُ عِيسَى ، عَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12062أَبِي ظَبْيَانَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : هُمُ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، آمَنُوا بِبَعْضٍ ، وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ .
حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَا ثَنَا
هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
أَبُو بِشْرٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : هُمْ
أَهْلُ الْكِتَابِ ، جَزَّءُوهُ فَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً أَعْضَاءً ، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ ، وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ .
[ ص: 143 ] حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : ثَنَا
مُؤَمَّلٌ ، قَالَ : ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12062أَبِي ظَبْيَانِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : الَّذِينَ آمَنُوا بِبَعْضٍ ، وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ .
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا
ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ
شُعْبَةَ ، عَنْ
سُلَيْمَانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12062أَبِي ظَبْيَانِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : ( الْمُقْتَسِمِينَ )
أَهْلُ الْكِتَابِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : يُؤْمِنُونَ بِبَعْضٍ ، وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ .
حَدَّثَنِي
مَطَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا
شُعْبَةُ ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو بِشْرٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ) قَالَ : هُمْ
أَهْلُ الْكِتَابِ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثَنَا
شُعْبَةُ ، عَنْ
أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : هُمْ
أَهْلُ الْكِتَابِ ، آمَنُوا بِبَعْضِهِ ، وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ .
حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، قَالَ : ثَنَا
هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
أَبُو بِشْرٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : هُمْ
أَهْلُ الْكِتَابِ جَزَّءُوهُ فَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً ، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ ، وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ .
حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
هُشَيْمٌ ، عَنْ
جُوَيْبِرٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : جَزَّءُوهُ فَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً كَأَعْضَاءِ الْجَزُورِ .
حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
هُشَيْمٌ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنِ
الْحَسَنِ ، قَالَ : هُمْ
أَهْلُ الْكِتَابِ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ) قَالَ : هُمُ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ قَسَّمُوا الْكِتَابَ ، فَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً ، يَقُولُ : أَحْزَابًا ، فَآمَنُوا بِبَعْضٍ ، وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ .
[ ص: 144 ] حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90الْمُقْتَسِمِينَ )
أَهْلُ الْكِتَابِ ، وَلَكِنَّهُمْ سُمُّوا الْمُقْتَسِمِينَ ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ اسْتِهْزَاءً بِالْقُرْآنِ : هَذِهِ السُّورَةُ لِي ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هَذِهِ لِي .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثَنَا
شُعْبَةُ ، عَنْ
سِمَاكٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=30542_19047 ( nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : كَانُوا يَسْتَهْزِءُونَ ، يَقُولُ هَذَا : لِي سُورَةُ الْبَقَرَةِ ، وَيَقُولُ هَذَا : لِي سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ
أَهْلُ الْكِتَابِ ، وَلَكِنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ : الْمُقْتَسِمُونَ : لِاقْتِسَامِهِمْ كُتُبَهُمْ ، وَتَفْرِيقِهِمْ ذَلِكَ بِإِيمَانِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِهَا ، وَكُفْرِهِ بِبَعْضٍ ، وَكُفْرِ آخَرِينَ بِمَا آمَنَ بِهِ غَيْرُهُمْ ، وَإِيمَانِهِمْ بِمَا كَفَرَ بِهِ الْآخَرُونَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
جَرِيرٌ ، عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ
قَيْسٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : هُمُ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، قَسَّمُوا كِتَابَهُمْ فَفَرَّقُوهُ . وَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنِي
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، وَحَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : ثَنَا
شِبْلٌ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ) قَالَ :
أَهْلُ الْكِتَابِ فَرَّقُوهُ وَبَدَّلُوهُ .
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ) قَالَ :
أَهْلُ الْكِتَابِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ رَهْطٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ بِأَعْيَانِهِمْ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) رَهْطٌ خَمْسَةٌ مِنْ
قُرَيْشٍ ، عَضَهُوا كِتَابَ اللَّهِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ رَهْطٌ مِنْ
قَوْمِ صَالِحٍ الَّذِينَ تَقَاسَمُوا عَلَى تَبْيِيتِ
صَالِحٍ وَأَهْلِهِ .
[ ص: 145 ] ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ) قَالَ : الَّذِينَ تَقَاسَمُوا
بِصَالِحٍ ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ) قَالَ : تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ حَتَّى بَلَغَ الْآيَةَ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُمْ قَوْمٌ اقْتَسَمُوا طُرُقَ
مَكَّةَ أَيَّامَ قُدُومِ الْحَاجِّ عَلَيْهِمْ ، كَانَ أَهْلُهَا بَعَثُوهُمْ فِي عِقَابِهَا ، وَتَقَدَّمُوا إِلَى بَعْضِهِمْ أَنْ يُشِيعَ فِي النَّاحِيَةِ الَّتِي تَوَجَّهَ إِلَيْهَا لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقَادِمِينَ عَلَيْهِمْ ، أَنْ يَقُولَ : هُوَ مَجْنُونٌ ، وَإِلَى آخَرَ : إِنَّهُ شَاعِرٌ ، وَإِلَى بَعْضِهِمْ : إِنَّهُ سَاحِرٌ .
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْلِمَ قَوْمَهُ الَّذِينَ عَضُّوا الْقُرْآنَ فَفَرَّقُوهُ ، أَنَّهُ نَذِيرٌ لَهُمْ مَنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعَالَى وَعُقُوبَتِهِ ، أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ رَبَّهُمْ ، وَتَكْذِيبِهِمْ نَبِيَّهُمْ ، مَا حَلَّ بِالْمُقْتَسِمِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمِنْهُمْ ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عُنِيَ بِالْمُقْتَسِمِينَ : أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ : التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، لِأَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا كِتَابَ اللَّهِ ، فَأَقَرَّتِ
الْيَهُودُ بِبَعْضِ التَّوْرَاةِ وَكَذَّبَتْ بِبَعْضِهَا ، وَكَذَّبَتْ بِالْإِنْجِيلِ وَالْفَرْقَانِ ، وَأَقَرَّتِ
النَّصَارَى بِبَعْضِ الْإِنْجِيلِ وَكَذَّبَتْ بِبَعْضِهِ وَبِالْفُرْقَانِ . وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عُنِيَ بِذَلِكَ : الْمُشْرِكُونَ مِنْ
قُرَيْشٍ ، لِأَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا الْقُرْآنَ ، فَسَمَّاهُ بَعْضُهُمْ شِعْرًا ، وَبَعْضٌ كِهَانَةً ، وَبَعْضٌ أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ . وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عُنِيَ بِهِ الْفَرِيقَانِ ، وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ عُنِيَ بِهِ الْمُقْتَسِمُونَ عَلَى
صَالِحٍ مِنْ قَوْمِهِ ، فَإِذْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّنْزِيلِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ عُنِيَ بِهِ أَحَدُ الْفِرَقِ الثَّلَاثَةِ دُونَ الْآخَرِينَ ، وَلَا فِي خَبَرٍ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا فِي فِطْرَةِ عَقْلٍ ، وَكَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ مُحْتَمِلًا مَا وَصَفْتُ ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُقْتَضِيًا بِأَنَّ كُلَّ مَنِ اقْتَسَمَ كِتَابًا لِلَّهِ بِتَكْذِيبِ بَعْضٍ وَتَصْدِيقِ بَعْضٍ ، وَاقْتَسَمَ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ مِمَّنْ حَلَّ بِهِ عَاجِلُ نِقْمَةِ اللَّهِ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ ، فَدَاخِلٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لِأَشْكَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ ، كَانُوا عِبْرَةً ، وَلِلْمُتَّعِظِينَ بِهِمْ مِنْهُمْ عِظَةً .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ : الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ فِرَقًا مُفْتَرِقَةً .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ ، قَالَ : ثَنِي
[ ص: 146 ] مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : فِرَقًا .
حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَا ثَنَا
هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
أَبُو بِشْرٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : جَزَّءُوهُ فَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً ، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ .
حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
هُشَيْمٌ ، عَنْ
جُوَيْبِرٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : جَزَّءُوهُ فَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً كَأَعْضَاءِ الْجَزُورٍ .
حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ ، قَالَ : ثَنَا
طَلْحَةُ ، عَنْ
عَطَاءٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : الْمُشْرِكُونَ مِنْ
قُرَيْشٍ ، عَضُّوا الْقُرْآنَ فَجَعَلُوهُ أَجْزَاءً ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : سَاحِرٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : شَاعِرٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَجْنُونٌ ، فَذَلِكَ الْعِضُونَ .
حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ ، قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ : أَخْبَرَنَا
عُبَيْدٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ
الضَّحَّاكَ يَقُولُ : فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) : جَعَلُوا كِتَابَهُمْ أَعْضَاءً كَأَعْضَاءِ الْجَزُورِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ تَقْطَعُوهُ زُبُرًا ، كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ) .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) عَضَهُوا كِتَابَ اللَّهِ ، زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ سِحْرٌ ، وَزَعْمُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ شِعْرٌ ، وَزَعْمُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَاهِنٌ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : هَكَذَا قَالَ كَاهِنٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ كِهَانَةٌ ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
جَرِيرٌ ، عَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12062أَبِي ظَبْيَانَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : آمَنُوا بِبَعْضٍ ، وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ .
حَدَّثَنِي
يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي
ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : جَعَلُوهُ أَعْضَاءً كَمَا تُعَضَى الشَّاةُ . قَالَ بَعْضُهُمْ : كِهَانَةٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ سِحْرٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : شِعْرٌ ، وَقَالَ
[ ص: 147 ] بَعْضُهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا ) . . الْآيَةَ ، جَعَلُوهُ أَعْضَاءً كَمَا تُعْضَى الشَّاةُ فَوَجَّهَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ قَوْلَهُ ( عِضِينَ ) إِلَى أَنَّ وَاحِدَهَا : عُضْوٌ ، وَأَنَّ عِضِينَ جَمْعُهُ ، وَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ عَضَيْتُ الشَّيْءَ تَعْضِيَةً : إِذَا فَرَّقْتُهُ ، كَمَا قَالَ
رُؤْبَةُ :
وَلَيْسَ دِينُ اللَّهِ بِالْمُعَضَّى
يَعْنِي بِالْمُفَرَّقِ ، وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ :
وعَضَّى بَنِي عَوْفٍ فَأَمَّا عَدُوَّهُمْ فَأَرْضَى وَأَمَّا الْعِزَّ مِنْهُمُ فَغَيَّرَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ : وَعَضَّى : سَبَّاهُمْ ، وَقَطَّعَاهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ جَمْعُ عِضَةٍ ، جُمِعَتْ عِضِينَ ، كَمَا جُمِعَتِ الْبُرَّةُ بُرِينَ ، وَالْعِزَةُ عِزِينَ ، فَإِذَا وُجِّهَ ذَلِكَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ كَانَ أَصْلُ الْكَلَامِ عِضَهَةٌ ، ذَهَبَتْ هَاؤُهَا الْأَصْلِيَّةُ ، كَمَا نَقَصُوا الْهَاءَ مِنَ الشَّفَةِ وَأَصْلُهَا شَفَهَةٌ ، وَمِنَ الشَّاةِ ، وَأَصْلُهَا شَاهَةٌ ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْأَصْلَ تَصْغِيرُهُمُ الشَّفَةَ : شُفَيْهَةً ، وَالشَّاةَ : شُوَيْهَةً ، فَيَرُدُّونَ الْهَاءَ الَّتِي تَسْقُطُ فِي غَيْرِ حَالِ التَّصْغِيرِ ، إِلَيْهَا فِي حَالِ التَّصْغِيرِ ، يُقَالُ مِنْهُ : عَضَهْتُ الرَّجُلَ أَعْضَهُهُ عَضْهًا . إِذَا بَهَتُّهُ ، وَقَذَفْتُهُ بِبُهْتَانٍ ، وَكَأَنَّ تَأْوِيلَ مَنْ تَأَوَّلَ
[ ص: 148 ] ذَلِكَ كَذَلِكَ : الَّذِينَ عَضَهُوا الْقُرْآنَ ، فَقَالُوا : هُوَ سِحْرٌ ، أَوْ هُوَ شِعْرٌ ، نَحْوَ الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ
قَتَادَةَ .
وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ : إِنَّهُ إِنَّمَا عَنَى بِالْعَضْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، نِسْبَتَهُمْ إِيَّاهُ إِلَى أَنَّهُ سِحْرٌ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ مِنْ مَعَانِي الذَّمِّ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
لِلْمَاءِ مِنْ عِضَاتِهِنَّ زَمْزَمَهْ
يَعْنِي : مِنْ سِحْرِهِنْ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ ، قَالَ : ثَنَا
ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ
عَمْرٍو ، عَنْ
عِكْرِمَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : سِحْرًا .
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91عِضِينَ ) قَالَ : عَضَهُوهُ وَبَهَتُوهُ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَالَ : كَانَ
عِكْرِمَةُ يَقُولُ : الْعَضْهُ : السِّحْرُ بِلِسَانِ
قُرَيْشٍ ، تَقُولُ لِلسَّاحِرَةِ : إِنَّهَا الْعَاضِهَةُ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ ، قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، وَحَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : ثَنَا
شِبْلٌ ، وَحَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا
إِسْحَاقُ ، قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ ، عَنْ
وَرْقَاءَ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قَالَ : سِحْرًا أَعْضَاءَ الْكُتُبِ كُلِّهَا
وَقُرَيْشٌ فَرَّقُوا الْقُرْآنَ ، قَالُوا : هُوَ سِحْرٌ .
[ ص: 149 ] وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْلِمَ قَوْمًا عَضَهُوا الْقُرْآنَ أَنَّهُ لَهُمْ نَذِيرٌ مِنْ عُقُوبَةٍ تَنْزِلُ بِهِمْ بِعَضْهِهِمْ إِيَّاهُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ بِالْمُقْتَسِمِينَ ، وَكَانَ عَضْهُهُمْ إِيَّاهُ : قَذْفَهُمُوهُ بِالْبَاطِلِ ، وَقِيلَهُمْ إِنَّهُ شِعْرٌ وَسِحْرٌ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ بِهِ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ مِنَ ابْتِدَاءِ السُّورَةِ وَمَا بَعْدَهُ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=95إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا ، وَإِنَّهُ إِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) مُشْرِكِي قَوْمِهِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مُشْرِكِي قَوْمِهِ مَنْ يُؤْمِنُ بِبَعْضِ الْقُرْآنِ وَيَكْفُرُ بِبَعْضٍ ، بَلْ إِنَّمَا كَانَ قَوْمُهُ فِي أَمْرِهِ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ : إِمَّا مُؤْمِنٌ بِجَمِيعِهِ ، وَإِمَّا كَافِرٌ بِجَمِيعِهِ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَالصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ عَضَهُوهُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ سِحْرٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ شِعْرٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ كِهَانَةٌ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ ، أَوْ عَضَّهُوهُ فَفَرَّقُوهُ ، بِنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ احْتَمَلَ قَوْلُهُ عِضِينَ ، أَنْ يَكُونَ جَمْعَ : عِضَةٍ ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ عُضْوٍ ، لِأَنَّ مَعْنَى التَّعْضِيَةِ : التَّفْرِيقُ ، كَمَا تُعَضَّى الْجَزُورُ وَالشَّاةُ ، فَتُفَرَّقُ أَعْضَاءً . وَالْعَضْهُ : الْبَهْتُ ، وَرَمْيُهُ بِالْبَاطِلِ مِنَ الْقَوْلِ ، فَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى .