القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=30293_29009وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ( 16 ) )
يقول - تعالى ذكره - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15وما ينظر هؤلاء ) المشركون بالله من
قريش (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15إلا صيحة واحدة ) يعني بالصيحة الواحدة : النفخة الأولى في الصور (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15ما لها من فواق ) يقول : ما لتلك الصيحة من فيقة ، يعني من فتور ولا انقطاع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله
[ ص: 161 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ) يعني : أمة
محمد (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15ما لها من فواق )
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
المحاربي عن
إسماعيل بن رافع عن
يزيد بن زياد عن رجل من
الأنصار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=812509إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور ، فأعطاه إسرافيل ، فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر " . قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : يا رسول الله وما الصور ؟ قال : " قرن " قال : كيف هو ؟ قال : " قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات : نفخة الفزع الأولى ، والثانية : نفخة الصعق ، والثالثة : نفخة القيام لرب العالمين ، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى ، فيقول : انفخ نفخة الفزع ، فيفزع أهل السماوات وأهل الأرض إلا من شاء الله ، ويأمره الله فيديمها ويطولها ، فلا يفتر وهي التي يقول الله ( nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ) . واختلف أهل التأويل في معنى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15ما لها من فواق ) فقال بعضهم : يعني بذلك : ما لتلك الصيحة من ارتداد ولا رجوع .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
عبد الله قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15ما لها من فواق ) يقول : من ترداد .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15ما لها من فواق ) يقول : ما لها من رجعة .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15ما لها من فواق ) قال : من رجوع .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15ما لها من فواق ) يعني الساعة ما لها من رجوع ولا ارتداد .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ما لهؤلاء المشركين بعد ذلك إفاقة ولا
[ ص: 162 ] رجوع إلى الدنيا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15ما لها من فواق ) يقول : ليس لهم بعدها إفاقة ولا رجوع إلى الدنيا .
وقال آخرون : الصيحة في هذا الموضع : العذاب . ومعنى الكلام : ما ينتظر هؤلاء المشركون إلا عذابا يهلكهم ، لا إفاقة لهم منه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15ما لها من فواق ) قال : ما ينتظرون إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ، يا لها من صيحة لا يفيقون فيها كما يفيق الذي يغشى عليه وكما يفيق المريض تهلكهم ، ليس لهم فيها إفاقة .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء
المدينة والبصرة وبعض
أهل الكوفة ( من فواق ) بفتح الفاء . وقرأته عامة أهل
الكوفة : " من فواق " بضم الفاء .
واختلفت أهل العربية في معناها إذا قرئت بفتح الفاء وضمها ، فقال بعض البصريين منهم : معناها ، إذا فتحت الفاء : ما لها من راحة ، وإذا ضمت جعلها فواق ناقة ما بين الحلبتين . وكان بعض الكوفيين منهم يقول : معنى الفتح والضم فيها واحد ، وإنما هما لغتان مثل السواف والسواف ، وجمام المكوك وجمامه ، وقصاص الشعر وقصاصه .
والصواب من القول في ذلك أنهما لغتان ، وذلك أنا لم نجد أحدا من المتقدمين على اختلافهم في قراءته يفرقون بين معنى الضم فيه والفتح ، ولو كان مختلف المعنى باختلاف الفتح فيه والضم ، لقد كانوا فرقوا بين ذلك في المعنى .
[ ص: 163 ] فإذ كان ذلك كذلك ، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب ، وأصل ذلك من قولهم : أفاقت الناقة ، فهي تفيق إفاقة ، وذلك إذا ردت ما بين الرضعتين ولدها إلى الرضعة الأخرى ، وذلك أن ترضع البهيمة أمها ، ثم تتركها حتى ينزل شيء من اللبن ، فتلك الإفاقة ، يقال إذا اجتمع ذلك في الضرع فيقة ، كما قال
الأعشى :
حتى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت جاءت لترضع شق النفس لو رضعا
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=30549_30550_29009وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ) يقول - تعالى ذكره - : وقال هؤلاء المشركون بالله من
قريش : يا ربنا عجل لنا كتبنا قبل يوم القيامة . والقط في كلام العرب : الصحيفة المكتوبة ، ومنه قول
الأعشى :
ولا الملك النعمان يوم لقيته بنعمته يعطي القطوط ويأفق
[ ص: 164 ] يعني بالقطوط : جمع القط ، وهي الكتب بالجوائز .
واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أراد هؤلاء المشركون بمسألتهم تعجيل القط لهم ، فقال بعضهم : إنما سألوا ربهم تعجيل حظهم من العذاب الذي أعد لهم في الآخرة في الدنيا ، كما قال بعضهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) .
[ ص: 165 ] ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
عبد الله قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16ربنا عجل لنا قطنا ) يقول : العذاب .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ) قال : سألوا الله أن يعجل لهم العذاب قبل يوم القيامة .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
محمد بن عبد الرحمن عن
القاسم بن أبي بزة عن
مجاهد ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16لنا قطنا ) قال : عذابنا .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16عجل لنا قطنا ) قال : عذابنا .
حدثني
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ) أي نصيبنا حظنا من العذاب قبل يوم القيامة قال : قد قال ذلك
أبو جهل : اللهم إن كان ما يقول
محمد حقا (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32فأمطر علينا حجارة من السماء ) . . . الآية .
وقال آخرون : بل إنما سألوا ربهم تعجيل أنصبائهم ومنازلهم من الجنة حتى يروها فيعلموا حقيقة ما يعدهم
محمد - صلى الله عليه وسلم - فيؤمنوا حينئذ به ويصدقوه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16عجل لنا قطنا ) قالوا : أرنا منازلنا في الجنة حتى نتابعك .
وقال آخرون : مسألتهم نصيبهم من الجنة ، ولكنهم سألوا تعجيله لهم في الدنيا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
عبد الرحمن قال : ثنا
سفيان ، عن
ثابت الحداد قال : سمعت
سعيد بن جبير يقول في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ) قال : نصيبنا من الجنة .
وقال آخرون : بل سألوا ربهم تعجيل الرزق .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمر بن علي قال : ثنا
أشعث السجستاني قال : ثنا
شعبة عن
إسماعيل بن أبي خالد في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16عجل لنا قطنا ) قال : رزقنا .
وقال آخرون : سألوا أن يعجل لهم كتبهم التي قال الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=19فأما من أوتي كتابه بيمينه ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=25وأما من أوتي كتابه بشماله ) في الدنيا ، لينظروا بأيمانهم يعطونها أم بشمائلهم ، ولينظروا من أهل الجنة هم ، أم من أهل النار قبل يوم القيامة - استهزاء منهم بالقرآن وبوعد الله .
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال : إن القوم سألوا ربهم تعجيل صكاكهم بحظوظهم من الخير أو الشر الذي وعد الله عباده أن يؤتيهموها في الآخرة قبل يوم القيامة في الدنيا - استهزاء بوعيد الله .
وإنما قلنا إن ذلك كذلك ، لأن القط هو ما وصفت من الكتب بالجوائز والحظوظ ، وقد أخبر الله عن هؤلاء المشركين أنهم سألوه تعجيل ذلك لهم ، ثم أتبع ذلك قوله لنبيه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17اصبر على ما يقولون ) فكان معلوما بذلك أن مسألتهم
[ ص: 166 ] ما سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - لو لم تكن على وجه الاستهزاء منهم لم يكن بالذي يتبع الأمر بالصبر عليه ، ولكن لما كان ذلك استهزاء ، وكان فيه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذى ، أمره الله بالصبر عليه حتى يأتيه قضاؤه فيهم ، ولما لم يكن في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16عجل لنا قطنا ) بيان أي القطوط إرادتهم ، لم يكن توجيه ذلك إلى أنه معني به القطوط ببعض معاني الخير أو الشر ، فلذلك قلنا إن مسألتهم كانت بما ذكرت من حظوظهم من الخير والشر .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=30293_29009وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ( 16 ) )
يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ ) الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ
قُرَيْشٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً ) يَعْنِي بِالصَّيْحَةِ الْوَاحِدَةِ : النَّفْخَةَ الْأُولَى فِي الصُّورِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ) يَقُولُ : مَا لِتِلْكَ الصَّيْحَةِ مِنْ فِيْقَةٍ ، يَعْنِي مِنْ فُتُورٍ وَلَا انْقِطَاعٍ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلَهُ
[ ص: 161 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً ) يَعْنِي : أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ )
حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ : ثَنَا
الْمُحَارِبِيُّ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ
يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ
الْأَنْصَارِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=812509إِنَّ اللَّهَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ خَلَقَ الصُّورَ ، فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيلَ ، فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ شَاخِصٌ بِبَصَرِهِ إِلَى الْعَرْشِ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ " . قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الصُّورُ ؟ قَالَ : " قَرْنٌ " قَالَ : كَيْفَ هُوَ ؟ قَالَ : " قَرْنٌ عَظِيمٌ يُنْفَخُ فِيهِ ثَلَاثُ نَفَخَاتٍ : نَفْخَةُ الْفَزَعِ الْأُولَى ، وَالثَّانِيَةُ : نَفْخَةُ الصَّعْقِ ، وَالثَّالِثَةُ : نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ، يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى ، فَيَقُولُ : انْفُخْ نَفْخَةَ الْفَزَعِ ، فَيَفْزَعُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَيَأْمُرُهُ اللَّهُ فَيُدِيمُهَا وَيُطَوِّلُهَا ، فَلَا يَفْتُرُ وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ ( nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15مَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ) . وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَعْنِي بِذَلِكَ : مَا لِتِلْكَ الصَّيْحَةِ مِنِ ارْتِدَادٍ وَلَا رُجُوعٍ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : ثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ) يَقُولُ : مِنْ تَرْدَادٍ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : ثَنِي أَبِي قَالَ : ثَنِي عَمِّي قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ) يَقُولُ : مَا لَهَا مِنْ رَجْعَةٍ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ) قَالَ : مِنْ رُجُوعٍ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ) يَعْنِي السَّاعَةَ مَا لَهَا مِنْ رُجُوعٍ وَلَا ارْتِدَادٍ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : مَا لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ ذَلِكَ إِفَاقَةٌ وَلَا
[ ص: 162 ] رُجُوعٌ إِلَى الدُّنْيَا .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : ثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ : ثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ) يَقُولُ : لَيْسَ لَهُمْ بَعْدَهَا إِفَاقَةٌ وَلَا رُجُوعٌ إِلَى الدُّنْيَا .
وَقَالَ آخَرُونَ : الصَّيْحَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : الْعَذَابُ . وَمَعْنَى الْكَلَامِ : مَا يَنْتَظِرُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ إِلَّا عَذَابًا يُهْلِكُهُمْ ، لَا إِفَاقَةَ لَهُمْ مِنْهُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ) قَالَ : مَا يَنْتَظِرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ، يَا لَهَا مِنْ صَيْحَةٍ لَا يُفِيقُونَ فِيهَا كَمَا يُفِيقُ الَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ وَكَمَا يُفِيقُ الْمَرِيضُ تُهْلِكُهُمْ ، لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا إِفَاقَةٌ .
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ
الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ
أَهْلِ الْكُوفَةِ ( مِنْ فَوَاقٍ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ . وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ أَهْلِ
الْكُوفَةِ : " مِنْ فُوَاقٍ " بِضَمِّ الْفَاءِ .
وَاخْتَلَفَتْ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَاهَا إِذَا قُرِئَتْ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا ، فَقَالَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ مِنْهُمْ : مَعْنَاهَا ، إِذَا فُتِحَتِ الْفَاءُ : مَا لَهَا مِنْ رَاحَةٍ ، وَإِذَا ضُمَّتْ جَعَلَهَا فُوَاقَ نَاقَةٍ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ . وَكَانَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ مِنْهُمْ يَقُولُ : مَعْنَى الْفَتْحِ وَالضَّمِّ فِيهَا وَاحِدٌ ، وَإِنَّمَا هُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ السَّوَافِ وَالسُّوَافِ ، وَجَمَامُ الْمَكُّوكِ وَجُمَامُهُ ، وَقَصَاصُ الشَّعْرِ وَقُصَاصُهُ .
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا لُغَتَانِ ، وَذَلِكَ أَنَّا لَمْ نَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي قِرَاءَتِهِ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَعْنَى الضَّمِّ فِيهِ وَالْفَتْحِ ، وَلَوْ كَانَ مُخْتَلِفَ الْمَعْنَى بِاخْتِلَافِ الْفَتْحِ فِيهِ وَالضَّمِّ ، لَقَدْ كَانُوا فَرَّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ فِي الْمَعْنَى .
[ ص: 163 ] فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ ، وَأَصْلُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ : أَفَاقَتِ النَّاقَةُ ، فَهِيَ تُفِيقُ إِفَاقَةً ، وَذَلِكَ إِذَا رَدَّتْ مَا بَيْنَ الرَّضْعَتَيْنِ وَلَدَهَا إِلَى الرَّضْعَةِ الْأُخْرَى ، وَذَلِكَ أَنْ تُرْضِعَ الْبَهِيمَةَ أُمُّهَا ، ثُمَّ تَتْرُكُهَا حَتَّى يَنْزِلَ شَيْءٌ مِنَ اللَّبَنِ ، فَتِلْكَ الْإِفَاقَةُ ، يُقَالُ إِذَا اجْتَمَعَ ذَلِكَ فِي الضَّرْعِ فِيْقَةٌ ، كَمَا قَالَ
الْأَعْشَى :
حَتَّى إِذَا فِيْقَةٌ فِي ضَرْعِهَا اجْتَمَعَتْ جَاءَتْ لِتُرْضِعَ شِقَّ النَّفْسِ لَوْ رَضَعَا
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=30549_30550_29009وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : وَقَالَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ
قُرَيْشٍ : يَا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا كُتُبَنَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَالْقِطُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : الصَّحِيفَةُ الْمَكْتُوبَةُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
الْأَعْشَى :
وَلَا الْمَلِكُ النُّعْمَانُ يَوْمَ لَقِيتُهُ بِنِعْمَتِهِ يُعْطِي الْقُطُوطَ وَيَأْفِقُ
[ ص: 164 ] يَعْنِي بِالْقُطُوطِ : جَمْعَ الْقِطِّ ، وَهِيَ الْكُتُبُ بِالْجَوَائِزِ .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِمَسْأَلَتِهِمْ تَعْجِيلَ الْقِطِّ لَهُمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا سَأَلُوا رَبَّهُمْ تَعْجِيلَ حَظِّهِمْ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ فِي الدُّنْيَا ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) .
[ ص: 165 ] ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : ثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا ) يَقُولُ : الْعَذَابُ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : ثَنِي أَبِي قَالَ : ثَنِي عَمِّي قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ) قَالَ : سَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
حَكَّامٌ ، عَنْ
عَنْبَسَةَ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ
الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16لَنَا قِطَّنَا ) قَالَ : عَذَابَنَا .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا ) قَالَ : عَذَابَنَا .
حَدَّثَنِي
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ) أَيْ نَصِيبَنَا حَظَّنَا مِنَ الْعَذَابِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ : قَدْ قَالَ ذَلِكَ
أَبُو جَهْلٍ : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ
مُحَمَّدٌ حَقًّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ ) . . . الْآيَةَ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ إِنَّمَا سَأَلُوا رَبَّهُمْ تَعْجِيلَ أَنْصِبَائِهِمْ وَمَنَازِلِهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرَوْهَا فَيَعْلَمُوا حَقِيقَةَ مَا يَعِدُهُمْ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُؤْمِنُوا حِينَئِذٍ بِهِ وَيُصَدِّقُوهُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : ثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ : ثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا ) قَالُوا : أَرِنَا مَنَازِلَنَا فِي الْجَنَّةِ حَتَّى نُتَابِعَكَ .
وَقَالَ آخَرُونَ : مَسْأَلَتُهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَلَكِنَّهُمْ سَأَلُوا تَعْجِيلَهُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ : ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
ثَابِتٍ الْحَدَّادِ قَالَ : سَمِعْتُ
سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ) قَالَ : نَصِيبَنَا مِنَ الْجَنَّةِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ تَعْجِيلَ الرِّزْقِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ : ثَنَا
أَشْعَثُ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ : ثَنَا
شُعْبَةُ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا ) قَالَ : رِزْقَنَا .
وَقَالَ آخَرُونَ : سَأَلُوا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُمْ كُتُبَهُمُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=19فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=25وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ ) فِي الدُّنْيَا ، لِيَنْظُرُوا بِأَيْمَانِهِمْ يُعْطَوْنَهَا أَمْ بِشَمَائِلِهِمْ ، وَلِيَنْظُرُوا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ هُمْ ، أَمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ - اسْتِهْزَاءً مِنْهُمْ بِالْقُرْآنِ وَبِوَعْدِ اللَّهِ .
وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ الْقَوْمَ سَأَلُوا رَبَّهُمْ تَعْجِيلَ صِكَاكِهِمْ بِحُظُوظِهِمْ مِنَ الْخَيْرِ أَوِ الشَّرِّ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ عِبَادَهُ أَنْ يُؤْتِيَهُمُوهَا فِي الْآخِرَةِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي الدُّنْيَا - اسْتِهْزَاءً بِوَعِيدِ اللَّهِ .
وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّ الْقِطَّ هُوَ مَا وَصَفْتُ مِنَ الْكُتُبِ بِالْجَوَائِزِ وَالْحُظُوظِ ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ تَعْجِيلَ ذَلِكَ لَهُمْ ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِنَبِيِّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ) فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ مَسْأَلَتَهُمْ
[ ص: 166 ] مَا سَأَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ لَمْ تَكُنْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِهْزَاءِ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ بِالَّذِي يُتْبِعُ الْأَمْرَ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ اسْتِهْزَاءً ، وَكَانَ فِيهِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذًى ، أَمَرَهُ اللَّهُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ قَضَاؤُهُ فِيهِمْ ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا ) بَيَانُ أَيِّ الْقُطُوطِ إِرَادَتُهُمْ ، لَمْ يَكُنْ تَوْجِيهُ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ الْقُطُوطُ بِبَعْضِ مَعَانِي الْخَيْرِ أَوِ الشَّرِّ ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا إِنَّ مَسْأَلَتَهُمْ كَانَتْ بِمَا ذَكَرْتُ مِنْ حُظُوظِهِمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ .