[ ص: 547 ] فصل
nindex.php?page=treesubj&link=30730فيما أصاب المهاجرين من حمى المدينة رضي الله عنهم أجمعين وقد سلم الرسول صلى الله عليه وسلم بحول الله وقوته ، ودعا الله فأزاحها عن
المدينة
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
عبد الله بن يوسف ، ثنا
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة ، أنها قالت :
nindex.php?page=treesubj&link=30730لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال . قالت : فدخلت عليهما فقلت : يا أبه كيف تجدك ؟ ويا بلال كيف تجدك ؟ قالت : وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول :
كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته ، ويقول :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذخر وجليل
[ ص: 548 ] وهل أردن يوما مياه مجنة وهل يبدون لي شامة وطفيل
قالت عائشة : فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : " اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد ، وصححها ، وبارك لنا في صاعها ومدها ، وانقل حماها فاجعلها بالجحفة " . ورواه
مسلم عن
أبي بكر بن أبي شيبة عن
عبيدة عن
هشام مختصرا .
وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري له عن
أبي أسامة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة ، فذكره . وزاد بعد شعر
بلال ، ثم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510260اللهم العن عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأمية بن خلف ، كما أخرجونا إلى أرض الوباء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد ، اللهم بارك لنا في صاعها ، وفي مدها ، وصححها لنا ، وانقل حماها إلى الجحفة " . وقدمنا إلى
المدينة وهي أوبأ أرض الله ، وكان بطحان يجري نجلا . يعني ماء آجنا .
وقال
زياد ، عن
محمد بن إسحاق ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة وعمر بن عبد الله ، عن
عروة بن الزبير ، عن
عائشة ، قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510261لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 549 ] المدينة ، قدمها وهي أوبأ أرض الله ، من الحمى ، فأصاب أصحابه منها بلاء وسقم ، وصرف الله ذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم . قالت : فكان أبو بكر ، وعامر بن فهيرة ، وبلال; موليا أبى بكر في بيت واحد ، فأصابتهم الحمى ، فدخلت عليهم أعودهم ، وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب ، وبهم ما لا يعلمه إلا الله من شدة الوعك ، فدنوت من أبي بكر ، فقلت : كيف تجدك يا أبه ؟ فقال :
كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله
قالت : والله ما يدري أبى ما يقول . قالت : ثم دنوت إلى عامر بن فهيرة فقلت : كيف تجدك يا عامر ؟ قال :
لقد وجدت الموت قبل ذوقه إن الجبان حتفه من فوقه
كل امرئ مجاهد بطوقه كالثور يحمي جلده بروقه
قالت : فقلت : والله ما يدري عامر ما يقول . قالت : وكان بلال إذا أدركته الحمى اضطجع بفناء البيت ، ثم رفع عقيرته فقال :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بفخ وحولي إذخر وجليل
[ ص: 550 ] وهل أردن يوما مياه مجنة وهل يبدون لي شامة وطفيل
قالت عائشة : فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعت منهم ، وقلت : إنهم ليهذون ، وما يعقلون من شدة الحمى . فقال : " اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد ، وبارك لنا في مدها ، وصاعها ، وانقل وباءها إلى مهيعة " . ومهيعة هي
الجحفة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
يونس ، ثنا
ليث ، عن
يزيد بن أبي حبيب ، عن
أبي بكر بن إسحاق بن يسار ، عن
عبد الله بن عروة ، عن
عروة ، عن
عائشة ، قالت :
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة اشتكى أصحابه ، واشتكى أبو بكر ، وعامر بن فهيرة ، مولى أبي بكر ، وبلال ، فاستأذنت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادتهم ، فأذن لها ، فقالت : لأبي بكر : كيف تجدك فقال :
كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله
وسألت عامرا فقال :
إني وجدت الموت قبل ذوقه إن الجبان حتفه من فوقه
وسألت بلالا فقال :
يا ليت شعري هل أبيتن ليلة بفخ وحولي إذخر وجليل
[ ص: 551 ] فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فنظر إلى السماء ، وقال : " اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد ، اللهم بارك لنا في صاعها ، وفي مدها ، وانقل وباءها إلى مهيعة " . وهي
الجحفة فيما زعموا . وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، عن
قتيبة ، عن
الليث به . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، من طريق
عبد الرحمن بن الحارث عنها مثله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالا : ثنا
أبو العباس الأصم ، حدثنا
أحمد بن عبد الجبار ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة ، قالت :
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وهي أوبأ أرض الله ، وواديها بطحان نجل . قال
هشام : وكان وباؤها معروفا في الجاهلية ، وكان إذا كان الوادي وبيئا ، فأشرف عليه الإنسان ، قيل له أن ينهق نهيق الحمار; فإذا فعل ذلك لم يضره وباء ذلك الوادي ، وقد قال الشاعر حين أشرف على
المدينة :
لعمري لئن عشرت من خيفة الردى نهيق الحمار إنني لجزوع
[ ص: 552 ] وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، عن
سالم ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى قامت بمهيعة - وهي الجحفة - فأولت أن وباء المدينة نقل إليها : . هذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ولم يخرجه
مسلم . ورواه
الترمذي وصححه ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة .
وقد روى
حماد بن زيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن
عائشة ، قالت :
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهي وبيئة . فذكر الحديث بطوله إلى قوله :
" وانقل حماها إلى الجحفة " . قال
هشام : فكان المولود يولد
بالجحفة ، فلا يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " دلائل النبوة " . وقال
يونس ، عن
ابن إسحاق ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510262قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وهي وبيئة ، فأصاب أصحابه منها بلاء وسقم حتى أجهدهم ذلك ، وصرف الله ذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم .
وقد ثبت في " الصحيحين " عن
ابن عباس ، قال :
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 553 ] وأصحابه - صبيحة رابعة يعني مكة - عام عمرة القضاء ، فقال المشركون : إنه يقدم عليكم وفد قد وهنهم حمى يثرب . فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ، وأن يمشوا ما بين الركنين . ولم يمنعه أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم .
قلت :
nindex.php?page=treesubj&link=33053وعمرة القضاء كانت في سنة سبع في ذي القعدة ، فإما أن يكون تأخر دعاؤه عليه الصلاة والسلام بنقل الوباء إلى قريب من ذلك ، أو أنه رفع وبقي آثار منه قليل ، أو أنهم بقوا في خمار ما كان أصابهم من ذلك إلى تلك المدة . والله أعلم .
وقال
زياد ، عن
ابن إسحاق ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510263أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة هو وأصحابه ، أصابتهم حمى المدينة ، حتى جهدوا مرضا ، وصرف الله ذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، حتى كانوا ما يصلون إلا وهم قعود . قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يصلون كذلك ، فقال لهم : " اعلموا أن nindex.php?page=treesubj&link=1526_1759صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم " . فتجشم المسلمون القيام ، على ما بهم من الضعف والسقم; التماس الفضل .
[ ص: 547 ] فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=30730فِيمَا أَصَابَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ حُمَّى الْمَدِينَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَقَدْ سَلِمَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَوَلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ ، وَدَعَا اللَّهَ فَأَزَاحَهَا عَنِ
الْمَدِينَةِ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، ثَنَا
مَالِكٌ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ :
nindex.php?page=treesubj&link=30730لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ . قَالَتْ : فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ : يَا أَبَهْ كَيْفَ تَجِدُكَ ؟ وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ ؟ قَالَتْ : وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ :
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبِّحٌ فِي أَهْلِهِ وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ ، وَيَقُولُ :
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
[ ص: 548 ] وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
قَالَتْ عَائِشَةُ : فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : " اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ ، وَصَحِّحْهَا ، وَبَارَكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ " . وَرَوَاهُ
مُسْلِمٌ عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ
عُبَيْدَةَ عَنْ
هِشَامٍ مُخْتَصَرًا .
وَفِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ لَهُ عَنْ
أَبِي أُسَامَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، فَذَكَرَهُ . وَزَادَ بَعْدَ شِعْرِ
بِلَالٍ ، ثُمَّ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510260اللَّهُمَّ الْعَنْ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ ، كَمَا أَخْرَجُونَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا ، وَفِي مُدِّهَا ، وَصَحِّحْهَا لَنَا ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ " . وَقَدِمْنَا إِلَى
الْمَدِينَةِ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ ، وَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا . يَعْنِي مَاءً آجِنًا .
وَقَالَ
زِيَادٌ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510261لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ ص: 549 ] الْمَدِينَةَ ، قَدِمَهَا وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ ، مِنَ الْحُمَّى ، فَأَصَابَ أَصْحَابَهُ مِنْهَا بَلَاءٌ وَسَقَمٌ ، وَصَرَفَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَتْ : فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، وَبِلَالٌ; مَوْلَيَا أَبَى بَكْرٍ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ ، فَأَصَابَتْهُمُ الْحُمَّى ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَعُودُهُمْ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ ، وَبِهِمْ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ مِنْ شِدَّةِ الْوَعْكِ ، فَدَنَوْتُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ ، فَقُلْتُ : كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَبَهْ ؟ فَقَالَ :
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبِّحٌ فِي أَهْلِهِ وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
قَالَتْ : وَاللَّهِ مَا يَدْرِي أَبَى مَا يَقُولُ . قَالَتْ : ثُمَّ دَنَوْتُ إِلَى عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ فَقُلْتُ : كَيْفَ تَجِدُكَ يَا عَامِرُ ؟ قَالَ :
لَقَدْ وَجَدْتُ الْمَوْتَ قَبْلَ ذَوْقِهِ إِنَّ الْجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ
كُلُّ امْرِئٍ مُجَاهِدٌ بِطَوْقِهِ كَالثَّوْرِ يَحْمِي جِلْدَهُ بِرَوْقِهِ
قَالَتْ : فَقُلْتُ : وَاللَّهِ مَا يَدْرِي عَامِرٌ مَا يَقُولُ . قَالَتْ : وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أَدْرَكَتْهُ الْحُمَّى اضْطَجَعَ بِفِنَاءِ الْبَيْتِ ، ثُمَّ رَفَعَ عَقِيرَتَهُ فَقَالَ :
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِفَخٍّ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
[ ص: 550 ] وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
قَالَتْ عَائِشَةُ : فَذَكَرْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَمِعْتُ مِنْهُمْ ، وَقُلْتُ : إِنَّهُمْ لَيَهْذُونَ ، وَمَا يَعْقِلُونَ مِنْ شِدَّةِ الْحُمَّى . فَقَالَ : " اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ ، وَبَارَكْ لَنَا فِي مُدِّهَا ، وَصَاعِهَا ، وَانْقُلْ وَبَاءَهَا إِلَى مَهْيَعَةَ " . وَمَهْيَعَةُ هِيَ
الْجُحْفَةُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
يُونُسُ ، ثَنَا
لَيْثٌ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ
عُرْوَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، قَالَتْ :
لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ اشْتَكَى أَصْحَابُهُ ، وَاشْتَكَى أَبُو بَكْرٍ ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ ، وَبِلَالٌ ، فَاسْتَأْذَنَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِيَادَتِهِمْ ، فَأَذِنَ لَهَا ، فَقَالَتْ : لِأَبِي بَكْرٍ : كَيْفَ تَجِدُكَ فَقَالَ :
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبِّحٌ فِي أَهْلِهِ وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
وَسَأَلْتُ عَامِرًا فَقَالَ :
إِنِّي وَجَدْتُ الْمَوْتَ قَبْلَ ذَوْقِهِ إِنَّ الْجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ
وَسَأَلَتْ بِلَالًا فَقَالَ :
يَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِفَخٍّ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
[ ص: 551 ] فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ، وَقَالَ : " اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا ، وَفِي مُدِّهَا ، وَانْقُلْ وَبَاءَهَا إِلَى مَهْيَعَةَ " . وَهِيَ
الْجُحْفَةُ فِيمَا زَعَمُوا . وَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ ، عَنْ
قُتَيْبَةَ ، عَنِ
اللَّيْثِ بِهِ . وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، مِنْ طَرِيقِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْهَا مِثْلَهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ : أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالَا : ثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17416يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، قَالَتْ :
قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ ، وَوَادِيهَا بُطْحَانُ نَجْلٌ . قَالَ
هِشَامٌ : وَكَانَ وَبَاؤُهَا مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانَ إِذَا كَانَ الْوَادِي وَبِيئًا ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ ، قِيلَ لَهُ أَنْ يَنْهَقَ نَهِيقَ الْحِمَارِ; فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ وَبَاءُ ذَلِكَ الْوَادِي ، وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى
الْمَدِينَةِ :
لَعَمْرِي لَئِنْ عَشَّرْتُ مِنْ خِيفَةِ الرَّدَى نَهِيقَ الْحِمَارِ إِنَّنِي لَجَزُوعُ
[ ص: 552 ] وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=17177مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ
سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" رَأَيْتُ كَأَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ - وَهِيَ الْجُحْفَةُ - فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِلَيْهَا : . هَذَا لَفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ
مُسْلِمٌ . وَرَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=17177مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ .
وَقَدْ رَوَى
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، قَالَتْ :
قَدِمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهِيَ وَبِيئَةٌ . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى قَوْلِهِ :
" وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ " . قَالَ
هِشَامٌ : فَكَانَ الْمَوْلُودُ يُولَدُ
بِالْجُحْفَةِ ، فَلَا يَبْلُغُ الْحُلُمَ حَتَّى تَصْرَعَهُ الْحُمَّى . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ " . وَقَالَ
يُونُسُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510262قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، وَهِيَ وَبِيئَةٌ ، فَأَصَابَ أَصْحَابَهُ مِنْهَا بَلَاءٌ وَسَقَمٌ حَتَّى أَجْهَدَهُمْ ذَلِكَ ، وَصَرَفَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ :
قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ ص: 553 ] وَأَصْحَابُهُ - صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ يَعْنِي مَكَّةَ - عَامَ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَفْدٌ قَدْ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ . فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ . وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ .
قُلْتُ :
nindex.php?page=treesubj&link=33053وَعُمْرَةُ الْقَضَاءِ كَانَتْ فِي سَنَةِ سَبْعٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَأَخَّرَ دُعَاؤُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِنَقْلِ الْوَبَاءِ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ ، أَوْ أَنَّهُ رُفِعَ وَبَقِيَ آثَارٌ مِنْهُ قَلِيلٌ ، أَوْ أَنَّهُمْ بَقُوا فِي خُمَارِ مَا كَانَ أَصَابَهُمْ مِنْ ذَلِكَ إِلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
زِيَادٌ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510263أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ، أَصَابَتْهُمْ حُمَّى الْمَدِينَةِ ، حَتَّى جَهَدُوا مَرَضًا ، وَصَرَفَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى كَانُوا مَا يُصَلُّونَ إِلَّا وَهُمْ قُعُودٌ . قَالَ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يُصَلُّونَ كَذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُمْ : " اعْلَمُوا أَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=1526_1759صَلَاةَ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ " . فَتَجَشَّمَ الْمُسْلِمُونَ الْقِيَامَ ، عَلَى مَا بِهِمْ مِنَ الضَّعْفِ وَالسَّقَمِ; الْتِمَاسَ الْفَضْلِ .