nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142nindex.php?page=treesubj&link=28977_28798ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين
عطف حمولة على :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141جنات معروشات أي : وأنشأ من الأنعام حمولة وفرشا ، فينسحب عليه القصر الذي في المعطوف عليه ؛ أي : هو الذي أنشأ من الأنعام حمولة وفرشا لا آلهة المشركين ، فكان المشركون ظالمين في جعلهم للأصنام حقا في الأنعام .
و ( من ) في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142ومن الأنعام ابتدائية لأن الابتداء معنى يصلح
[ ص: 125 ] للحمولة وللفرش ؛ لأنه أوسع معاني ( من ) والمجرور : إما متعلق بـ ( أنشأ ) وإما حال من ( حمولة ) أصلها صفة ، فلما قدمت تحولت .
وأيا ما كان فتقديم المجرور على المفعول الذي هو أولى بالتقديم في ترتيب المتعلقات ، أو تقديم الصفة على الموصوف ، لقصد الاهتمام بأمر الأنعام ؛ لأنها المقصود الأصلي من سياق الكلام ، وهو إبطال تحريم بعضها ، وإبطال جعل نصيب منها للأصنام ، وأما الحمل والفرش فذلك امتنان أدمج في المقصود توفيرا للأغراض ؛ ولأن للامتنان بذلك أثرا واضحا في إبطال تحريم بعضها الذي هو تضييق في المنة ونبذ للنعمة ، وليتم الإيجاز إذ يغني عن أن يقول : وأنشأ لكم الأنعام وأنشأ منها حمولة وفرشا كما سيأتي .
والأنعام : الإبل والبقر والشاء والمعز ، وقد تقدم في صدر سورة العقود ، والحمولة - بفتح الحاء - ما يحمل عليه المتاع أو الناس يقال : حمل المتاع وحمل فلانا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=92إذا ما أتوك لتحملهم ويلزمها التأنيث والإفراد مثل ( صرورة ) للذي لم يحج يقال : امرأة صرورة ورجل صرورة .
والفرش : اختلف في تفسيره في هذه الآية ، فقيل : الفرش ما لا يطيق الحمل من الإبل ؛ أي : فهو يركب كما يفرش الفرش ، وهذا قول الراغب ، وقيل : الفرش الصغار من الإبل أو من الأنعام كلها ؛ لأنها قريبة من الأرض فهي كالفرش ، وقيل : الفرش ما يذبح ؛ لأنه يفرش على الأرض حين الذبح أو بعده ؛ أي : فهو الضأن والمعز والبقر ؛ لأنها تذبح ، وفي اللسان عن
أبي إسحاق : أجمع أهل اللغة على أن الفرش هو صغار الإبل .
زاد في الكشاف : أو الفرش : ما ينسج من وبره وصوفه وشعره الفرش يريد أنه كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ،
[ ص: 126 ] وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=6ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7وتحمل أثقالكم الآية ، ولأنهم كانوا يفترشون جلود الغنم والمعز للجلوس عليها .
ولفظ ( فرشا ) صالح لهذه المعاني كلها ، ومحامله كلها مناسبة للمقام ، فينبغي أن تكون مقصودة من الآية ، وكأن لفظ الفرش لا يوازنه غيره في جمع هذه المعاني ، وهذا من إعجاز القرآن من جانب فصاحته ، فالحمولة الإبل خاصة ، والفرش يكون من الإبل والبقر والغنم على اختلاف معاني اسم الفرش الصالحة لكل نوع مع ضميمته إلى كلمة من الصالحة للابتداء .
فالمعنى : وأنشأ من الأنعام ما تحملون عليه وتركبونه ، وهو الإبل الكبيرة والإبل الصغيرة ، وما تأكلونه وهو البقر والغنم ، وما هو فرش لكم وهو ما يجز منها ، وجلودها ، وقد علم السامع أن الله لما أنشأ حمولة وفرشا من الأنعام أن يتذكروا أنهم يأكلون منها ، فحصل إيجاز في الكلام ولذلك عقب بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142كلوا مما رزقكم الله .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142كلوا مما رزقكم الله معترضة مثل آية
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141كلوا من ثمره إذا أثمر ومناسبة الأمر بالأكل بعد ذكر الأنعام أنه لما كان قوله : ( وفرشا ) شيئا ملائما للذبح كما تقدم ، عقب بالإذن بأكل ما يصلح للأكل منها ، واقتصر على الأمر بالأكل ؛ لأنه المقصود من السياق إبطالا لتحريم ما حرموه على أنفسهم ، وتمهيدا لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142ولا تتبعوا خطوات الشيطان فالأمر بالأكل هنا مستعمل في النهي عن ضده وهو عدم الأكل من بعضها ؛ أي : لا تحرموا ما أحل لكم منها اتباعا لتغرير الشيطان بالوسوسة لزعماء المشركين الذين سنوا لهم تلك السنن الباطلة ، وليس المراد بالأمر الإباحة فقط .
وعدل عن الضمير بأن يقال : كلوا منها إلى الإتيان بالموصول
[ ص: 127 ] nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142مما رزقكم الله لما في صلة الموصول من الإيماء إلى تضليل الذين حرموا على أنفسهم أو على بعضهم الأكل من بعضها ، فعطلوا على أنفسهم بعضا مما رزقهم الله .
ومعنى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142ولا تتبعوا خطوات الشيطان النهي عن شئون الشرك فإن أول خطوات الشيطان في هذا الغرض هي تسويله لهم تحريم بعض ما رزقهم الله على أنفسهم .
وخطوات الشيطان تمثيل ، وقد تقدم عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=168يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان في سورة البقرة .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142إنه لكم عدو مبين تعليل للنهي ، وموقع ( إن ) فيه يغني عن فاء التفريع كما تقدم غير مرة ، وقد تقدم بيانه في آية البقرة .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142nindex.php?page=treesubj&link=28977_28798وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطْوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ
عُطِفَ حَمُولَةً عَلَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ أَيْ : وَأَنْشَأَ مِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا ، فَيَنْسَحِبُ عَلَيْهِ الْقَصْرُ الَّذِي فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ؛ أَيْ : هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ مِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا لَا آلِهَةَ الْمُشْرِكِينَ ، فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ ظَالِمِينَ فِي جَعْلِهِمْ لِلْأَصْنَامِ حَقًّا فِي الْأَنْعَامِ .
وَ ( مِنْ ) فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142وَمِنَ الْأَنْعَامِ ابْتِدَائِيَّةٌ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ مَعْنًى يَصْلُحُ
[ ص: 125 ] لِلْحَمُولَةِ وَلِلْفَرْشِ ؛ لِأَنَّهُ أَوْسَعُ مَعَانِي ( مِنْ ) وَالْمَجْرُورُ : إِمَّا مُتَعَلِّقٌ بِـ ( أَنْشَأَ ) وَإِمَّا حَالٌ مِنْ ( حَمُولَةً ) أَصْلُهَا صِفَةٌ ، فَلَمَّا قُدِّمَتْ تَحَوَّلَتْ .
وَأَيًّا مَا كَانَ فَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ عَلَى الْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ فِي تَرْتِيبِ الْمُتَعَلِّقَاتِ ، أَوْ تَقْدِيمِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ ، لِقَصْدِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْأَنْعَامِ ؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ ، وَهُوَ إِبْطَالُ تَحْرِيمِ بَعْضِهَا ، وَإِبْطَالُ جَعْلِ نَصِيبٍ مِنْهَا لِلْأَصْنَامِ ، وَأَمَّا الْحَمْلُ وَالْفَرْشُ فَذَلِكَ امْتِنَانٌ أُدْمِجَ فِي الْمَقْصُودِ تَوْفِيرًا لِلْأَغْرَاضِ ؛ وَلِأَنَّ لِلِامْتِنَانِ بِذَلِكَ أَثَرًا وَاضِحًا فِي إِبْطَالِ تَحْرِيمِ بَعْضِهَا الَّذِي هُوَ تَضْيِيقٌ فِي الْمِنَّةِ وَنَبْذٌ لِلنِّعْمَةِ ، وَلِيَتِمَّ الْإِيجَازُ إِذْ يُغْنِي عَنْ أَنْ يَقُولَ : وَأَنْشَأَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ وَأَنْشَأَ مِنْهَا حَمُولَةً وَفَرْشًا كَمَا سَيَأْتِي .
وَالْأَنْعَامُ : الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالشَّاءُ وَالْمَعْزُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ سُورَةِ الْعُقُودِ ، وَالْحَمُولَةُ - بِفَتْحِ الْحَاءِ - مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَتَاعُ أَوِ النَّاسُ يُقَالُ : حَمَلَ الْمَتَاعَ وَحَمَلَ فُلَانًا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=92إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ وَيَلْزَمُهَا التَّأْنِيثُ وَالْإِفْرَادُ مِثْلُ ( صَرُورَةٍ ) لِلَّذِي لَمْ يَحُجَّ يُقَالُ : امْرَأَةٌ صَرُورَةٌ وَرَجُلٌ صَرُورَةٌ .
وَالْفَرْشُ : اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، فَقِيلَ : الْفَرْشُ مَا لَا يُطِيقُ الْحَمْلَ مِنَ الْإِبِلِ ؛ أَيْ : فَهُوَ يُرْكَبُ كَمَا يُفْرَشُ الْفَرْشُ ، وَهَذَا قَوْلُ الرَّاغِبِ ، وَقِيلَ : الْفَرْشُ الصِّغَارُ مِنَ الْإِبِلِ أَوْ مِنَ الْأَنْعَامِ كُلِّهَا ؛ لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنَ الْأَرْضِ فَهِيَ كَالْفَرْشِ ، وَقِيلَ : الْفَرْشُ مَا يُذْبَحُ ؛ لِأَنَّهُ يُفْرَشُ عَلَى الْأَرْضِ حِينَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدِهِ ؛ أَيْ : فَهُوَ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ وَالْبَقَرُ ؛ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ ، وَفِي اللِّسَانِ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ : أَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّ الْفَرْشَ هُوَ صِغَارُ الْإِبِلِ .
زَادَ فِي الْكَشَّافِ : أَوِ الْفَرْشُ : مَا يُنْسَجُ مِنْ وَبَرِهِ وَصُوفِهِ وَشَعْرِهِ الْفَرْشَ يُرِيدُ أَنَّهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ،
[ ص: 126 ] وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=6وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ الْآيَةَ ، وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْتَرِشُونَ جُلُودَ الْغَنَمِ وَالْمَعْزِ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهَا .
وَلَفْظُ ( فَرْشًا ) صَالِحٌ لِهَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا ، وَمَحَامِلُهُ كُلُّهَا مُنَاسِبَةٌ لِلْمَقَامِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَقْصُودَةً مِنَ الْآيَةِ ، وَكَأَنَّ لَفْظَ الْفَرْشِ لَا يُوَازِنُهُ غَيْرُهُ فِي جَمْعِ هَذِهِ الْمَعَانِي ، وَهَذَا مِنْ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ مِنْ جَانِبِ فَصَاحَتِهِ ، فَالْحَمُولَةُ الْإِبِلُ خَاصَّةً ، وَالْفَرْشُ يَكُونُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ عَلَى اخْتِلَافِ مَعَانِي اسْمِ الْفَرْشِ الصَّالِحَةِ لِكُلِّ نَوْعٍ مَعَ ضَمِيمَتِهِ إِلَى كَلِمَةِ مِنَ الصَّالِحَةِ لِلِابْتِدَاءِ .
فَالْمَعْنَى : وَأَنْشَأَ مِنَ الْأَنْعَامِ مَا تَحْمِلُونَ عَلَيْهِ وَتَرْكَبُونَهُ ، وَهُوَ الْإِبِلُ الْكَبِيرَةُ وَالْإِبِلُ الصَّغِيرَةُ ، وَمَا تَأْكُلُونَهُ وَهُوَ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ ، وَمَا هُوَ فَرْشٌ لَكُمْ وَهُوَ مَا يُجَزُّ مِنْهَا ، وَجُلُودُهَا ، وَقَدْ عَلِمَ السَّامِعُ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَنْشَأَ حَمُولَةً وَفَرْشًا مِنَ الْأَنْعَامِ أَنْ يَتَذَكَّرُوا أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ مِنْهَا ، فَحَصَلَ إِيجَازٌ فِي الْكَلَامِ وَلِذَلِكَ عَقَّبَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ مُعْتَرِضَةٌ مِثْلُ آيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَمُنَاسَبَةُ الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَنْعَامِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ : ( وَفَرْشًا ) شَيْئًا مُلَائِمًا لِلذَّبْحِ كَمَا تَقَدَّمَ ، عَقَّبَ بِالْإِذْنِ بِأَكْلِ مَا يَصْلُحُ لِلْأَكْلِ مِنْهَا ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنَ السِّيَاقِ إِبْطَالًا لِتَحْرِيمِ مَا حَرَّمُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، وَتَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142وَلَا تَتَّبِعُوا خُطْوَاتِ الشَّيْطَانِ فَالْأَمْرُ بِالْأَكْلِ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ وَهُوَ عَدَمُ الْأَكْلِ مِنْ بَعْضِهَا ؛ أَيْ : لَا تُحَرِّمُوا مَا أُحِلَّ لَكُمْ مِنْهَا اتِّبَاعًا لِتَغْرِيرِ الشَّيْطَانِ بِالْوَسْوَسَةِ لِزُعَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ سَنُّوا لَهُمْ تِلْكَ السُّنَنِ الْبَاطِلَةِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ الْإِبَاحَةَ فَقَطْ .
وَعَدَلَ عَنِ الضَّمِيرِ بِأَنْ يُقَالَ : كُلُوا مِنْهَا إِلَى الْإِتْيَانِ بِالْمَوْصُولِ
[ ص: 127 ] nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ لِمَا فِي صِلَةِ الْمَوْصُولِ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى تَضْلِيلِ الَّذِينَ حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَوْ عَلَى بَعْضِهِمُ الْأَكْلَ مِنْ بَعْضِهَا ، فَعَطَّلُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بَعْضًا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ .
وَمَعْنَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142وَلَا تَتَّبِعُوا خُطْوَاتِ الشَّيْطَانِ النَّهْيُ عَنْ شُئُونِ الشِّرْكِ فَإِنَّ أَوَّلَ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فِي هَذَا الْغَرَضِ هِيَ تَسْوِيلُهُ لَهُمْ تَحْرِيمَ بَعْضِ مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ .
وَخُطُوَاتُ الشَّيْطَانِ تَمْثِيلٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=168يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطْوَاتِ الشَّيْطَانِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ ، وَمَوْقِعُ ( إِنَّ ) فِيهِ يُغْنِي عَنْ فَاءِ التَّفْرِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ .