قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101nindex.php?page=treesubj&link=28987_22177_27881وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : أنه إذا بدل آية مكان آية ، بأن نسخ آية أو أنساها ، وأتى بخير منها أو مثلها أن الكفار يجعلون ذلك سببا للطعن في الرسول - صلى الله عليه وسلم - ; بادعاء أنه كاذب على الله ، مفتر عليه . زعما منهم أن نسخ الآية بالآية يلزمه البداء ، وهو الرأي المجدد ، وأن ذلك مستحيل على الله . فيفهم عندهم من ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مفتر على الله ، زاعمين أنه لو كان من الله لأقره وأثبته ، ولم يطرأ له فيه رأي متجدد حتى ينسخه .
والدليل على أن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101بدلنا آية مكان آية [ 16 \ 101 ] ، معناه : نسخنا آية وأنسيناها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106ما ننسخ من آية أو ننسها [ 2 \ 106 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سنقرئك فلا [ ص: 446 ] تنسى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إلا ما شاء الله [ 87 \ 6 ، 7 ] ، أي : أن تنساه .
والدليل على أنه إن نسخ آية أو أنساها ، لا بد أن يأتي ببدل خير منها أو مثلها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106نأت بخير منها أو مثلها [ 2 \ 106 ] ، وقوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101بدلنا آية مكان آية [ 16 \ 101 ] .
وما زعمه المشركون
واليهود : من أن النسخ مستحيل على الله ; لأنه يلزمه البداء ، وهو الرأي المتجدد ظاهر السقوط ، واضح البطلان لكل عاقل ; لأن
nindex.php?page=treesubj&link=22176النسخ لا يلزمه البداء البتة ، بل الله - جل وعلا - يشرع الحكم وهو عالم بأن مصلحته ستنقضي في الوقت المعين ، وأنه عند ذلك الوقت ينسخ ذلك الحكم ويبدله بالحكم الجديد الذي فيه المصلحة ; فإذا جاء ذلك الوقت المعين أنجز - جل وعلا - ما كان في علمه السابق من نسخ ذلك الحكم ، الذي زالت مصلحته بذلك الحكم الجديد الذي فيه المصلحة . كما أن حدوث المرض بعد الصحة وعكسه ، وحدوث الغنى بعد الفقر وعكسه ، ونحو ذلك لا يلزم فيه البداء ; لأن الله عالم بأن حكمته الإلهية تقتضي ذلك التغيير في وقته المعين له ، على وفق ما سبق في العلم الأزلي كما هو واضح .
وقد أشار - جل وعلا - إلى علمه بزوال المصلحة من المنسوخ ، وتمحضها في الناسخ بقوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101والله أعلم بما ينزل [ 16 \ 101 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير [ 2 \ 106 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سنقرئك فلا تنسى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى [ 87 \ 6 ، 7 ] ، فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إنه يعلم الجهر وما يخفى [ 87 \ 7 ] ، بعد قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إلا ما شاء الله [ 87 \ 7 ] ، يدل على أنه أعلم بما ينزل . فهو عالم بمصلحة الإنسان ، ومصلحة تبديل الجديد من الأول المنسي .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101nindex.php?page=treesubj&link=28987_22177_27881وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ، ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : أَنَّهُ إِذَا بَدَّلَ آيَةً مَكَانَ آيَةٍ ، بِأَنْ نَسَخَ آيَةً أَوْ أَنْسَاهَا ، وَأَتَى بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَنَّ الْكُفَّارَ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِلطَّعْنِ فِي الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; بِادِّعَاءِ أَنَّهُ كَاذِبٌ عَلَى اللَّهِ ، مُفْتَرٍ عَلَيْهِ . زَعْمًا مِنْهُمْ أَنَّ نَسْخَ الْآيَةِ بِالْآيَةِ يَلْزَمُهُ الْبُدَاءُ ، وَهُوَ الرَّأْيُ الْمُجَدَّدُ ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ عَلَى اللَّهِ . فَيُفْهَمُ عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُفْتَرٍ عَلَى اللَّهِ ، زَاعِمِينَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ اللَّهِ لَأَقَرَّهُ وَأَثْبَتَهُ ، وَلَمْ يَطْرَأْ لَهُ فِيهِ رَأْيٌ مُتَجَدِّدٌ حَتَّى يَنْسَخَهُ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ [ 16 \ 101 ] ، مَعْنَاهُ : نَسَخْنَا آيَةً وَأَنْسَيْنَاهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا [ 2 \ 106 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سَنُقْرِئُكَ فَلَا [ ص: 446 ] تَنْسَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ [ 87 \ 6 ، 7 ] ، أَيْ : أَنْ تَنْسَاهُ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ نَسَخَ آيَةً أَوْ أَنْسَاهَا ، لَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِ خَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا [ 2 \ 106 ] ، وَقَوْلُهُ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ [ 16 \ 101 ] .
وَمَا زَعَمَهُ الْمُشْرِكُونَ
وَالْيَهُودُ : مِنْ أَنَّ النَّسْخَ مُسْتَحِيلٌ عَلَى اللَّهِ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبُدَاءُ ، وَهُوَ الرَّأْيُ الْمُتَجَدِّدُ ظَاهِرُ السُّقُوطِ ، وَاضِحُ الْبُطْلَانِ لِكُلِّ عَاقِلٍ ; لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22176النَّسْخَ لَا يَلْزَمُهُ الْبُدَاءُ الْبَتَّةَ ، بَلِ اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - يُشَرِّعُ الْحُكْمَ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ سَتَنْقَضِي فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ ، وَأَنَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ يَنْسَخُ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَيُبَدِّلُهُ بِالْحُكْمِ الْجَدِيدِ الَّذِي فِيهِ الْمَصْلَحَةُ ; فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ الْمُعَيَّنُ أَنْجَزَ - جَلَّ وَعَلَا - مَا كَانَ فِي عِلْمِهِ السَّابِقِ مِنْ نَسْخِ ذَلِكَ الْحُكْمِ ، الَّذِي زَالَتْ مَصْلَحَتُهُ بِذَلِكَ الْحُكْمِ الْجَدِيدِ الَّذِي فِيهِ الْمَصْلَحَةُ . كَمَا أَنَّ حُدُوثَ الْمَرَضِ بَعْدَ الصِّحَّةِ وَعَكْسَهُ ، وَحُدُوثَ الْغِنَى بَعْدَ الْفَقْرِ وَعَكْسَهُ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ فِيهِ الْبُدَاءُ ; لِأَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِأَنَّ حِكْمَتَهُ الْإِلَهِيَّةَ تَقْتَضِي ذَلِكَ التَّغْيِيرَ فِي وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ ، عَلَى وَفْقِ مَا سَبَقَ فِي الْعِلْمِ الْأَزَلِيِّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ .
وَقَدْ أَشَارَ - جَلَّ وَعَلَا - إِلَى عِلْمِهِ بِزَوَالِ الْمَصْلَحَةِ مِنَ الْمَنْسُوخِ ، وَتَمَحُّضِهَا فِي النَّاسِخِ بِقَوْلِهِ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ [ 16 \ 101 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ 2 \ 106 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى [ 87 \ 6 ، 7 ] ، فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى [ 87 \ 7 ] ، بَعْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ [ 87 \ 7 ] ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ . فَهُوَ عَالِمٌ بِمَصْلَحَةِ الْإِنْسَانِ ، وَمَصْلَحَةِ تَبْدِيلِ الْجَدِيدِ مِنَ الْأَوَّلِ الْمَنْسِيِّ .