nindex.php?page=treesubj&link=28741_32450_20759_28899إعجاز القرآن بسلامته من الاختلاف :
( الوجه الرابع ) : سلامته على طوله من التعارض والتناقض والاختلاف ، خلافا لجميع كلام البشر ، وهو المراد بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=82ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) ( 4 : 82 ) وإننا نجد كبار العلماء في كل عصر يصنفون الكتاب فيسودون ، ثم يصححون ويبيضون ، ثم يطبعون وينشرون ، ثم يظهر لهم ولغيرهم كثير من التعارض والاختلاف والأغلاط اللفظية والمعنوية ولا سيما إذا طال الزمان ، وهذا أمر مشهور في جميع الأمم .
( فإن قيل ) : إن غير المؤمنين بالقرآن قد استخرجوا منه بعض الاختلاف والتعارض ، فاضطر علماء المسلمين إلى الجواب عنها يزعمون أنه دفع الإيراد ، وأظهر بطلان الانتقاد ، وأن المسلم يقبل ذلك منهم تقليدا ، وإن لم يكن في نفسه سديدا ( قلت ) : إذا كانت عين الرضى متهمة فعين السخط أولى بالتهمة ، وإننا إذا لم نلتفت إلى كلام أعداء القرآن الذين يخترعون التهم أو يزينونها بخلابة القول - ولا إلى المقلدين من المسلمين - وعرضنا ما ذكر من ظواهر الاختلاف على فريق المستدلين المستقلين من الفريقين نرى أنه ليس في القرآن تعارض حقيقي معنوي يعد مطعنا صحيحا فيه ، ويرى الناظر في تفسيرنا هذا وفي مجلتنا ( المنار ) بيان كل ما علمناه من ذلك مع الجواب المعقول عنه ، ولكن هذا النوع من الإعجاز إنما يظهر في جملة القرآن في السور الطويلة منه لا في كل سورة ، فإن سلامة السورة القصيرة من ذلك لا يعد أمرا معجزا يتحدى به .
nindex.php?page=treesubj&link=28741_32450_20759_28899إِعْجَازُ الْقُرْآنِ بِسَلَامَتِهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ :
( الْوَجْهُ الرَّابِعُ ) : سَلَامَتُهُ عَلَى طُولِهِ مِنَ التَّعَارُضِ وَالتَّنَاقُضِ وَالِاخْتِلَافِ ، خِلَافًا لِجَمِيعِ كَلَامِ الْبَشَرِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=82وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) ( 4 : 82 ) وَإِنَّنَا نَجِدُ كِبَارَ الْعُلَمَاءِ فِي كُلِّ عَصْرٍ يُصَنِّفُونَ الْكِتَابَ فَيُسَوِّدُونَ ، ثُمَّ يُصَحِّحُونَ وَيُبَيِّضُونَ ، ثُمَّ يَطْبَعُونَ وَيَنْشُرُونَ ، ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ كَثِيرٌ مِنَ التَّعَارُضِ وَالِاخْتِلَافِ وَالْأَغْلَاطِ اللَّفْظِيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا طَالَ الزَّمَانُ ، وَهَذَا أَمْرٌ مَشْهُورٌ فِي جَمِيعِ الْأُمَمِ .
( فَإِنْ قِيلَ ) : إِنَّ غَيْرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْقُرْآنِ قَدِ اسْتَخْرَجُوا مِنْهُ بَعْضَ الِاخْتِلَافِ وَالتَّعَارُضِ ، فَاضْطُرَّ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْجَوَابِ عَنْهَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ دَفَعَ الْإِيرَادَ ، وَأَظْهَرَ بُطْلَانَ الِانْتِقَادِ ، وَأَنَّ الْمُسْلِمَ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ تَقْلِيدًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِهِ سَدِيدًا ( قُلْتُ ) : إِذَا كَانَتْ عَيْنُ الرِّضَى مُتَّهَمَةً فَعَيْنُ السُّخْطِ أَوْلَى بِالتُّهْمَةِ ، وَإِنَّنَا إِذَا لَمْ نَلْتَفِتْ إِلَى كَلَامِ أَعْدَاءِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ يَخْتَرِعُونَ التُّهَمَ أَوْ يُزَيِّنُونَهَا بِخِلَابَةِ الْقَوْلِ - وَلَا إِلَى الْمُقَلِّدِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - وَعَرَضْنَا مَا ذُكِرَ مِنْ ظَوَاهِرِ الِاخْتِلَافِ عَلَى فَرِيقِ الْمُسْتَدِلِّينَ الْمُسْتَقِلِّينَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ نَرَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ تَعَارُضٌ حَقِيقِيٌّ مَعْنَوِيٌّ يُعَدُّ مَطْعَنًا صَحِيحًا فِيهِ ، وَيَرَى النَّاظِرُ فِي تَفْسِيرِنَا هَذَا وَفِي مِجَلَّتِنَا ( الْمَنَارِ ) بَيَانَ كُلِّ مَا عَلِمْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ الْجَوَابِ الْمَعْقُولِ عَنْهُ ، وَلَكِنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْإِعْجَازِ إِنَّمَا يَظْهَرُ فِي جُمْلَةِ الْقُرْآنِ فِي السُّوَرِ الطَّوِيلَةِ مِنْهُ لَا فِي كُلِّ سُورَةٍ ، فَإِنَّ سَلَامَةَ السُّورَةِ الْقَصِيرَةِ مِنْ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ أَمْرًا مُعْجِزًا يُتَحَدَّى بِهِ .