[ ص: 51 ] نظائر : قال
العبدي :
nindex.php?page=treesubj&link=20329التي تثبت بالشاهد واليمين أربعة : الأموال ، والخلطة ، والكفالة ، والقصاص في جراح العمد ،
nindex.php?page=treesubj&link=15232_20329والتي لا تثبت بالشاهد واليمين ثلاثة عشر : النكاح ، والطلاق ، والعتق ، والولاء ، والأحباس ، والوصايا لغير المعين ، وهلال رمضان ، وذي الحجة ، والموت ، والقذف ، والإيصاء ، ونقل الشهادة ، وترشيد السفيه . والمختلف فيها تثبت بذلك أم لا ؟ خمس : الوكالة قد ماتت ، والتجريح ، والتعديل . ووافقنا ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، ومنع ( ح ) الحكم بالشاهد واليمين ، قال وينقض القضاء إن وقع وهو نزعه ، وأول من قضى به
معاوية . وليس كما قال ، بل أكثر العلماء قاله ، والفقهاء السبعة وغيرهم ، لنا : ما في الموطأ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349779قضى باليمين مع الشاهد ) وروي في المسانيد بألفاظ متقاربة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ذلك في الأموال ، وإجماع الصحابة على غير ذلك . روي ذلك عن
أبي بكر وعمر وعلي nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب وعدد كثير من غير مخالف ، روى ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وغيره ، ولأن اليمين شرع في حق من ظهر وقوي جانبه ، وقد ظهر ذلك في حقه ليشاهده ، ولأنه أحد المتداعيين فشرع اليمين في حقه إذا رجح جانبه كالمدعى عليه ، وقياسا للشاهد على اليد ، ولأن اليمين أقوى من المواثيق لدخولها في اللعان دون المواثيق ، وقد حكم بالمواثيق مع الشاهد ، فيحكم باليمين ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349738البينة على من ادعى ) وهي مشتقة من البيان ، والشاهد واليمين يبين الحق ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=6إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) وهذا ليس بفاسق ،
[ ص: 52 ] فوجب أن يقبل قوله مع الشاهد ، لأنه قابل بالفرق ، احتجوا بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282واستشهدوا شهيدين من رجالكم ، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) فحصر المشروع عند عدم الشاهدين في الرجل والمرأتين ، فالشاهد واليمين زيادة في النص ، والزيادة نسخ ، وهو لا يقبل في الكتاب بخبر الواحد ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لحضرمي ادعى على كندي : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349778شاهداك أو يمينه ) ولم يقل : شاهدك ويمينك . وقال - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349738البينة على من ادعى ، واليمين على من أنكر ) فحصر البينة في المدعي واليمين في جهة المنكر ، لأن المبتدأ محصور في خبره ، واللام للعموم ، فلم يبق يمين في جهة المدعي ، ولأنه لما تعذر نقل البينة للمنكر تعذر نقل اليمين للمدعي ، وقياسا على أحكام الأبدان ، ولأن اليمين لو كان كالشاهد لجاز تقديمه كأحد الشاهدين مع الآخر .
والجواب عن الأول : أنا نسلم أنه زيادة ، لكن نمنع أنه نسخ ، لأن النسخ الرفع ، ولم يرتفع شيء ، وارتفاع الحصر يرجع إلى أن غير المذكور غير مشروع ، وكونه غير مشروع يرجع إلى البراءة الأصلية ، والبراءة الأصلية ترتفع بخبر الواحد اتفاقا ، ولأن الآية واردة في التحمل دون الأداء ، لقوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) واليمين مع الشاهد لا تدخل في التحمل ، فالحصر في التحمل باق ، ولا نسخ بكل تفسير ، ولأن اليمين تشرع فيمن ادعى رد الوديعة ، وجميع الأمناء ، والقسامة ، واختلاف المتبايعين ، وينتقض ما ذكر ثم بالنكول وهو زيادة في حكم . وعن الثاني : أن الحصر ليس مرادا بدليل الشاهد
[ ص: 53 ] والمرأتين ، ولأنه قضي بلفظ يختص باثنين لخصوص حالهما فيعم ذلك النوع وكل من وجد بتلك الصفة لا تقبل منه إلا بشاهدين ، وعليكم أن تبينوا أن تلك الحالة مما قلنا نحن فيها بالشاهد واليمين . وعن الثالث : أن
nindex.php?page=treesubj&link=20329_20333اليمين التي على المنكر لا تتعداه ، لأنها اليمين التي عليه ، وهي اليمين الرافعة ، واليمين التي مع الشاهد هي الجالبة فهي غيرها ، فلم يبطل الحصر ، وهو الجواب عن قولهم : إنما لم يتحول اليمين ، فإنا لم نحول تلك اليمين ، بل أثبتنا يمينا أخرى بالسنة ، مع أن التحول واقع غير منكر ، لأنه لو ادعى عليه فأنكر لم يكن للمنكر إقامة البينة ، ولو ادعى القضاء ، كان له إقامة البينة مع أنها بينة ، فأقيمت في الحالين . وعن الرابع : الفرق بأن الشاهدين معناهما مستويان ، فلا مزية لأحدهما في التقديم ، وأما اليمين فإنها تدخل القوة لجهة المدعي بالشاهد ، فلا قوة فلا تشرع ، والشاهدان شرعا لأنهما حجة مستقلة مع الضعف ، ووافقنا ( ح ) في أحكام الأبدان ، وخالفنا ( ش ) يحلف المدعي قبل قيام شاهد ، فإن نكل حلف المدعي . لنا : قوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349760لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يثبت إلا بهما ، فمن قال باليمين مع النكول فعليه الدليل ، وقال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2وأشهدوا ذوي عدل منكم ) وإنما أمر بهذه الشهادة لأنها سبب الثبوت ، ولأن الشاهد والمرأتين أقوى من اليمين والنكول ، لأنها حجة من غير
[ ص: 54 ] جهة المدعي ولم يثبت بها فلا يثبت بالآخر ، ولأن ما ذكروه يؤدي إلى استباحة الفروج بالباطل ، لأنها إذا أحبها ادعى عليها فتنكر ، فيحلفها فتنكر ، فيحلف فيستبيحها بتواطئ منها ، ولأن المرأة قد تكره زوجها فتدعي عليه في كل يوم فتحلفه ، وكذلك الأمة تدعي العتق ، وهذا ضرر عظيم . احتجوا بقضية
حويصة ومحيصة في قضية
عبد الرحمن بن سهل ، وهي في الصحاح . وقال فيها - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349780يحلف لكم يهود خمسين يمينا ) ولأن كل حق توجهت اليمين فيه على المدعى عليه ، فإذا نكل ردت على المدعي ، أصله : المال ، وقياسا على اللعان ، فإن المرأة تحد بيمين الزوج ، ونكولها عن اليمين ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349738البينة على من ادعى ، واليمين على من أنكر ) وهو عام يتناول صورة التنازع ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال
لركانة لما طلق امرأته البتة : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349781ما أردت بالبتة ؟ فقال : واحدة ، فقال له : آلله : والله ما أردت إلا واحدة ؟ ! فقال : والله ما أردت إلا واحدة ) فحلفه بعد دعوى امرأته الثلاث ، والجواب : أن الأيمان تمت بعد الموت ، وهو وجوده مطروحا بينهم وهم أعداؤه ، وغلظه خمسين ، بخلاف صورة النزاع في المعنيين ، ولأن القتل نادر وفي الخلوات حيث يتعذر الإشهاد فغلظ أمره لحرمة الدماء . وعن الثاني : أن المدعى عليه هاهنا لا يحلف بمجرد الدعوى فانحسمت المادة . وعن الثالث : أن اللعان مستثنى للضرورة ، فجعلت الأيمان مقام الشهادة لتعذرها وضرورة
[ ص: 55 ] الأزواج لنفي العار وحفظ النسب . وعن الرابع : أنه مخصوص بما ذكرنا من الضرورة وخطر الباب . وعن الخامس : أنه وإن صح فالفرق : أن أصل الطلاق ثبت بلفظ صالح بل ظاهر للثلاث ، ودعوى المرأة أصل الطلاق : وليس فيه ظهور ، بل مرجوح باستصحاب العصمة .
[ ص: 51 ] نَظَائِرُ : قَالَ
الْعَبْدِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=20329الَّتِي تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَرْبَعَةٌ : الْأَمْوَالُ ، وَالْخُلْطَةُ ، وَالْكَفَالَةُ ، وَالْقِصَاصُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=15232_20329وَالَّتِي لَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ : النِّكَاحُ ، وَالطَّلَاقُ ، وَالْعِتْقُ ، وَالْوَلَاءُ ، وَالْأَحْبَاسُ ، وَالْوَصَايَا لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ ، وَهِلَالُ رَمَضَانَ ، وَذِي الْحِجَّةِ ، وَالْمَوْتُ ، وَالْقَذْفُ ، وَالْإِيصَاءُ ، وَنَقْلُ الشَّهَادَةِ ، وَتَرْشِيدُ السَّفِيهِ . وَالْمُخْتَلَفُ فِيهَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ أَمْ لَا ؟ خَمْسٌ : الْوَكَالَةُ قَدْ مَاتَتْ ، وَالتَّجْرِيحُ ، وَالتَّعْدِيلُ . وَوَافَقَنَا ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ ، وَمَنَعَ ( ح ) الْحُكْمَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ، قَالَ وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ إِنْ وَقَعَ وَهُوَ نَزَعَهُ ، وَأَوَّلُ مَنْ قَضَى بِهِ
مُعَاوِيَةُ . وَلَيْسَ كَمَا قَالَ ، بَلْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ قَالَهُ ، وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ وَغَيْرُهُمْ ، لَنَا : مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349779قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ) وَرُوِيَ فِي الْمَسَانِيدِ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16666عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ رِوَايَةً عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ ، وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ . رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ ، رَوَى ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ شُرِعَ فِي حَقِّ مَنْ ظَهَرَ وَقَوِيَ جَانِبُهُ ، وَقَدْ ظَهَرَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ لِيُشَاهِدَهُ ، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فَشُرِعَ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ إِذَا رَجَحَ جَانِبُهُ كَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، وَقِيَاسًا لِلشَّاهِدِ عَلَى الْيَدِ ، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ أَقْوَى مِنَ الْمَوَاثِيقِ لِدُخُولِهَا فِي اللِّعَانِ دُونَ الْمَوَاثِيقِ ، وَقَدْ حُكِمَ بِالْمَوَاثِيقِ مَعَ الشَّاهِدِ ، فَيُحْكَمُ بِالْيَمِينِ ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349738الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى ) وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْبَيَانِ ، وَالشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ يُبَيِّنُ الْحَقَّ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=6إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ) وَهَذَا لَيْسَ بِفَاسِقٍ ،
[ ص: 52 ] فَوَجَبَ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ مَعَ الشَّاهِدِ ، لِأَنَّهُ قَابِلٌ بِالْفَرْقِ ، احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ) فَحَصَرَ الْمَشْرُوعَ عِنْدَ عَدَمِ الشَّاهِدَيْنِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ ، فَالشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ زِيَادَةٌ فِي النَّصِّ ، وَالزِّيَادَةُ نَسْخٌ ، وَهُوَ لَا يَقْبَلُ فِي الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَضْرَمِيٍّ ادَّعَى عَلَى كِنْدِيٍّ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349778شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ ) وَلَمْ يَقُلْ : شَاهِدُكَ وَيَمِينُكَ . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349738الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى ، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ) فَحَصَرَ الْبَيِّنَةَ فِي الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ فِي جِهَةِ الْمُنْكِرِ ، لِأَنَّ الْمُبْتَدَأَ مَحْصُورٌ فِي خَبَرِهِ ، وَاللَّامُ لِلْعُمُومِ ، فَلَمْ يَبْقَ يَمِينٌ فِي جِهَةِ الْمُدَّعِي ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ نَقْلُ الْبَيِّنَةِ لِلْمُنْكِرِ تَعَذَّرَ نَقْلُ الْيَمِينِ لِلْمُدَّعِي ، وَقِيَاسًا عَلَى أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ ، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ لَوْ كَانَ كَالشَّاهِدِ لَجَازَ تَقْدِيمُهُ كَأَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ مَعَ الْآخَرِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّهُ زِيَادَةٌ ، لَكِنْ نَمْنَعُ أَنَّهُ نَسْخٌ ، لِأَنَّ النَّسْخَ الرَّفْعُ ، وَلَمْ يَرْتَفِعْ شَيْءٌ ، وَارْتِفَاعُ الْحَصْرِ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَذْكُورِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ ، وَكَوْنُهُ غَيْرَ مَشْرُوعٍ يَرْجِعُ إِلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ ، وَالْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ تَرْتَفِعُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ اتِّفَاقًا ، وَلِأَنَّ الْآيَةَ وَارِدَةٌ فِي التَّحَمُّلِ دُونَ الْأَدَاءِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ) وَالْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ لَا تَدْخُلُ فِي التَّحَمُّلِ ، فَالْحَصْرُ فِي التَّحَمُّلِ بَاقٍ ، وَلَا نَسْخَ بِكُلِّ تَفْسِيرٍ ، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ تُشْرَعُ فِيمَنِ ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ ، وَجَمِيعِ الْأُمَنَاءِ ، وَالْقَسَامَةِ ، وَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ ، وَيَنْتَقِضُ مَا ذُكِرَ ثَمَّ بِالنُّكُولِ وَهُوَ زِيَادَةٌ فِي حُكْمٍ . وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّ الْحَصْرَ لَيْسَ مُرَادًا بِدَلِيلِ الشَّاهِدِ
[ ص: 53 ] وَالْمَرْأَتَيْنِ ، وَلِأَنَّهُ قُضِيَ بِلَفْظٍ يَخْتَصُّ بِاثْنَيْنِ لِخُصُوصِ حَالِهِمَا فَيَعُمُّ ذَلِكَ النَّوْعَ وَكُلُّ مَنْ وُجِدَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ ، وَعَلَيْكُمْ أَنْ تُبَيِّنُوا أَنَّ تِلْكَ الْحَالَةَ مِمَّا قُلْنَا نَحْنُ فِيهَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ . وَعَنِ الثَّالِثِ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20329_20333الْيَمِينَ الَّتِي عَلَى الْمُنْكِرِ لَا تَتَعَدَّاهُ ، لِأَنَّهَا الْيَمِينُ الَّتِي عَلَيْهِ ، وَهِيَ الْيَمِينُ الرَّافِعَةُ ، وَالْيَمِينُ الَّتِي مَعَ الشَّاهِدِ هِيَ الْجَالِبَةُ فَهِيَ غَيْرُهَا ، فَلَمْ يَبْطُلِ الْحَصْرُ ، وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ : إِنَّمَا لَمْ يَتَحَوَّلِ الْيَمِينُ ، فَإِنَّا لَمْ نُحَوِّلْ تِلْكَ الْيَمِينَ ، بَلْ أَثْبَتْنَا يَمِينًا أُخْرَى بِالسُّنَّةِ ، مَعَ أَنَّ التَّحَوُّلَ وَاقِعٌ غَيْرُ مُنْكَرٍ ، لِأَنَّهُ لَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُنْكِرِ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ ، وَلَوِ ادَّعَى الْقَضَاءَ ، كَانَ لَهُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ مَعَ أَنَّهَا بَيِّنَةٌ ، فَأُقِيمَتْ فِي الْحَالَيْنِ . وَعَنِ الرَّابِعِ : الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ مَعْنَاهُمَا مُسْتَوِيَانِ ، فَلَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا فِي التَّقْدِيمِ ، وَأَمَّا الْيَمِينُ فَإِنَّهَا تُدْخِلُ الْقُوَّةَ لِجِهَةِ الْمُدَّعِي بِالشَّاهِدِ ، فَلَا قُوَّةَ فَلَا تُشْرَعُ ، وَالشَّاهِدَانِ شُرِعَا لِأَنَّهُمَا حُجَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مَعَ الضَّعْفِ ، وَوَافَقَنَا ( ح ) فِي أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ ، وَخَالَفَنَا ( ش ) يَحْلِفُ الْمُدَّعِي قَبْلَ قِيَامِ شَاهِدٍ ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي . لَنَا : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349760لَا نِكَاحَ إِلَّا بَوْلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ ) فَأَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِهِمَا ، فَمَنْ قَالَ بِالْيَمِينِ مَعَ النُّكُولِ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) وَإِنَّمَا أَمَرَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا سَبَبُ الثُّبُوتِ ، وَلِأَنَّ الشَّاهِدَ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَقْوَى مِنَ الْيَمِينِ وَالنُّكُولِ ، لِأَنَّهَا حُجَّةٌ مِنْ غَيْرِ
[ ص: 54 ] جِهَةِ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَثْبُتْ بِهَا فَلَا يَثْبُتُ بِالْآخَرِ ، وَلِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ يُؤَدِّي إِلَى اسْتِبَاحَةِ الْفُرُوجِ بِالْبَاطِلِ ، لِأَنَّهَا إِذَا أَحَبَّهَا ادَّعَى عَلَيْهَا فَتُنْكِرُ ، فَيُحَلِّفُهَا فَتُنْكِرُ ، فَيَحْلِفُ فَيَسْتَبِيحُهَا بِتَوَاطُئٍ مِنْهَا ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَكْرَهُ زَوْجَهَا فَتَدَّعِي عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَتُحَلِّفُهُ ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ تَدَّعِي الْعِتْقَ ، وَهَذَا ضَرَرٌ عَظِيمٌ . احْتَجُّوا بِقَضِيَّةِ
حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ فِي قَضِيَّةِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ ، وَهِيَ فِي الصِّحَاحِ . وَقَالَ فِيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349780يَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ خَمْسِينَ يَمِينًا ) وَلِأَنَّ كُلَّ حَقٍّ تَوَجَّهَتِ الْيَمِينُ فِيهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَإِذَا نَكَلَ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي ، أَصْلُهُ : الْمَالُ ، وَقِيَاسًا عَلَى اللِّعَانِ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تُحَدُّ بِيَمِينِ الزَّوْجِ ، وَنُكُولِهَا عَنِ الْيَمِينِ ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349738الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى ، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ) وَهُوَ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ صُورَةَ التَّنَازُعِ ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
لِرُكَانَةَ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349781مَا أَرَدْتَ بِالْبَتَّةِ ؟ فَقَالَ : وَاحِدَةً ، فَقَالَ لَهُ : آللَّهِ : وَاللَّهِ مَا أَرَدْتَ إِلَّا وَاحِدَةً ؟ ! فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً ) فَحَلَّفَهُ بَعْدَ دَعْوَى امْرَأَتِهِ الثَّلَاثَ ، وَالْجَوَابُ : أَنَّ الْأَيْمَانَ تَمَّتْ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَهُوَ وُجُودُهُ مَطْرُوحًا بَيْنَهُمْ وَهُمْ أَعْدَاؤُهُ ، وَغَلَّظَهُ خَمْسِينَ ، بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ فِي الْمَعْنَيَيْنِ ، وَلِأَنَّ الْقَتْلَ نَادِرٌ وَفِي الْخَلَوَاتِ حَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْإِشْهَادُ فَغَلُظَ أَمْرُهُ لِحُرْمَةِ الدِّمَاءِ . وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَاهُنَا لَا يَحْلِفُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى فَانْحَسَمَتِ الْمَادَّةُ . وَعَنِ الثَّالِثِ : أَنَّ اللِّعَانَ مُسْتَثْنًى لِلضَّرُورَةِ ، فَجُعِلَتِ الْأَيْمَانُ مَقَامَ الشَّهَادَةِ لِتَعَذُّرِهَا وَضَرُورَةِ
[ ص: 55 ] الْأَزْوَاجِ لِنَفْيِ الْعَارِ وَحِفْظِ النَّسَبِ . وَعَنِ الرَّابِعِ : أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الضَّرُورَةِ وَخَطَرِ الْبَابِ . وَعَنِ الْخَامِسِ : أَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ فَالْفَرْقُ : أَنَّ أَصْلَ الطَّلَاقِ ثَبَتَ بِلَفْظٍ صَالِحٍ بَلْ ظَاهِرٍ لِلثَّلَاثِ ، وَدَعْوَى الْمَرْأَةِ أَصْلَ الطَّلَاقِ : وَلَيْسَ فِيهِ ظُهُورٌ ، بَلْ مَرْجُوحٌ بِاسْتِصْحَابِ الْعِصْمَةِ .