[ ص: 129 ] الجنس الثالث من الموانع :
nindex.php?page=treesubj&link=11001رق المرأة ، وهو ضربان . رقيقة يملكها ، ورقيقة لا يملكها . الضرب الأول : مملوكته ، فليس له نكاح من يملكها أو بعضها . ولو ملك بعض زوجته ، انفسخ نكاحه ، وليس لها نكاح من تملك بعضه . ولو ملكت زوجها ، انفسخ نكاحها .
الضرب الثاني : أمة غيره ، فلا تحل للحر إلا بشروط .
أحدها :
nindex.php?page=treesubj&link=10993أن لا يكون تحته حرة يتيسر الاستمتاع بها مسلمة أو كتابية . وفي وجه : لا يمنع كون الكتابية تحته . فإن لم يتيسر الاستمتاع ، بأن كانت تحته صغيرة ، أو هرمة ، أو غائبة ، أو مجنونة ، أو مجذومة ، أو برصاء ، أو رتقاء ، أو مضناة لا تحتمل الجماع ، فوجهان . أحدهما : يصح نكاح الأمة ، وهذا أصح عند صاحب " المهذب "
والقاضي حسين ، وقطع به
ابن الصباغ وجماعة من العراقيين . والثاني : المنع ، وبه قطع الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي والبغوي . فعلى هذا ، لا يصح نكاح الأمة حتى تبين منه الحرة .
( الشرط ) الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=10992أن لا يقدر على نكاح حرة لعدم الحرة ، أو عدم صداقها . فلو قدر على نكاح حرة رتقاء ، أو قرناء ، أو مجنونة ، أو مجذومة ، أو رضيعة ، أو معتدة من غيره ، فله نكاح الأمة على الأصح . ولو قدر على حرة كتابية ، لم تحل الأمة على الأصح ، وقول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات )
[ النساء : 25 ] قيد بالمؤمنات ، لأنه الغالب ، لا للاشتراط .
ولو قدر على حرة غائبة ، قال الأصحاب : إن كان يخاف العنت في مدة قطع المسافة ، أو يلحقه مشقة ظاهرة بالخروج إليها ، فله نكاح الأمة ، وإلا ، فلا . قال الإمام : المشقة المعتبرة ، أن ينسب متحملها في طلب زوجه إلى الإسراف . ولو لم يجد
[ ص: 130 ] إلا حرة لا ترضى إلا بأكثر من مهر مثلها ، وهو واجده ، فنقل
البغوي : أنه لا ينكح أمة . ونقل
المتولي جوازه . وقال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي : إن كانت زيادة يعد بذلها إسرافا ، حلت الأمة ، وإلا ، فلا . وفرقوا بينه وبين الماء في التيمم ، بأن الحاجة إلى الماء تتكرر ، وبأن هذا الناكح لا يعد مغبونا .
قلت : قطع آخرون بموافقة
المتولي ، وهو الأصح . - والله أعلم - .
ولو لم يقدر على مهر ، ووجد حرة ترضى بمهر مؤجل ، وهو يتوقع القدرة عليه عند المحل ، أو وجد من يبيعه نسيئة ما يفي بصداقها ، أو وجد من يستأجره بأجرة معجلة ، أو رضيت حرة بأن ينكحها بلا مهر ، حلت الأمة على الأصح . ولو أقرض مهرها ، لم يجب القبول على المذهب ، لاحتمال المطالبة في الحال . وقيل بالوجهين . ولو رضيت حرة بدون مهر مثلها ، وهو يجده ، لم تحل الأمة على المذهب ، لأن المنة فيه قليلة ، إذ العادة المسامحة في المهور . ولو وهب له مال أو جارية ، لم يلزمه القبول ، وحلت الأمة . ومن له مسكن وخادم ، هل له نكاح الأمة ، أم عليه بيعهما وصرفهما إلى طول حرة ؟ وجهان حكاهما
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج .
قلت : أصحهما الأول . - والله أعلم - .
nindex.php?page=treesubj&link=25800والمال الغائب لا يمنع نكاح الأمة ، كما لا يمنع ابن السبيل الزكاة . ومن هو معسر ، وله ابن موسر ، يجوز له نكاح الأمة إن لم نوجب على الابن إعفافه . وإن أوجبناه ، فوجهان ، لأنه مستغن بمال الابن .
قلت : أصحهما : المنع ، وبه قطع جماعة . - والله أعلم - .
[ ص: 131 ] الشرط الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=25800_11002خوف العنت ، والمراد به هنا الزنا ، قال الإمام : ليس المراد بالخوف أن يغلب على ظنه الوقوع في الزنا ، بل أن يتوقعه لا على الندور . وليس المراد بغير الخائف أن يعلم اجتنابه ، بل غلبة الظن بالتقوى ، والاجتناب ينافي الخوف ، فمن غلبت عليه شهوته ، وضعف تقواه ، فهو خائف . ومن ضعفت شهوته ، وهو يستبدع الزنا لدين أو مروءة أو حياء ، فهو غير خائف . وإن غلبت شهوته ، وقوي تقواه ، ففيه احتمالان للإمام . أصحهما : لا يجوز نكاح الأمة ، وبه قطع
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ، لأنه لا يخاف الوقوع في الزنا . والثاني : إن كان ترك الوقاع يجر ضررا أو مرضا ، فله نكاح الأمة . وأما المجبوب ، فلا يتصور منه الزنا . قال الإمام
والمتولي : ليس له نكاح الأمة . قال
المتولي : فلو
nindex.php?page=treesubj&link=25023_25530نكح حر أمة ، فوجدته مجبوبا ، وأرادت الفسخ ، فقال الزوج : جب ذكري بعد النكاح . فإن كان قوله غير محتمل ، بأن كان الموضع مندملا ، وقد عقد النكاح أمس ، فالنكاح باطل . وإن كان محتملا ، فإن صدقته ، فذاك ، وإن كذبته ، فدعواها باطلة لأن مقتضى قولها ، بطلان النكاح من أصله . وقال
الروياني في البحر : للخصي والمجبوب نكاح الأمة عند خوف الوقوع في الفعل المأثوم به ، لأن العنت المشقة .
فرع
nindex.php?page=treesubj&link=25800_24132القادر على شراء أمة يتسراها ، لا يحل له نكاح أمة على المذهب . ولو كان في ملكه أمة ، لم ينكح أمة قطعا ، وطرد الحناطي الخلاف فيه ، فعلى المذهب لو كانت الأمة التي يملكها غير مباحة ، فإن وفت قيمتها بمهر حرة ، أو ثمن أمة يتسراها ، لم ينكح الأمة ، وإلا ، فينكحها .
[ ص: 132 ] الشرط الرابع :
nindex.php?page=treesubj&link=25800كون الأمة المنكوحة مسلمة ، ولا يشترط كونها لمسلم على الأصح ، ويجوز
nindex.php?page=treesubj&link=25800للحر الكتابي نكاح الأمة الكتابية على الأصح ، ويقال : الأظهر ، ولا يجوز نكاحها للعبد المسلم على المشهور . وأما نكاح العبد المسلم الأمة المسلمة ، فسيأتي إن شاء الله تعالى في باب ( نكاح ) المشرك . والعبد الكتابي ، ينكح الأمة الكتابية إن نكحها الحر الكتابي ، وإلا ، فوجهان . أصحهما : الجواز .
قلت : ونكاح الحر المجوسي والوثني الأمة
المجوسية والوثنية ، كالكتابي الأمة الكتابية . - والله أعلم - .
فرع
nindex.php?page=treesubj&link=11006للحر المسلم وطء أمته الكتابية دون المجوسية والوثنية ، كالنكاح في حرائرهم .
فصل
من استجمع
nindex.php?page=treesubj&link=25800شروط نكاح الأمة ، ليس له نكاح أمة صغيرة لا توطأ على الأصح ، لأنه لا يأمن بها العنت . ومن
nindex.php?page=treesubj&link=25800بعضها رقيق كالرقيقة ، لا ينكحها حر إلا بالشروط . ولو قدر على نكاحها ، فهل يباح له نكاح الرقيقة المحضة ؟ فيه تردد للإمام ، لأن إرقاق بعض الولد أهون من إرقاق كله . وحكي عن بعض الأصحاب أن من بعضه رقيق كالرقيق ، فينكح الأمة مع القدرة على الحرة ، لأنه كالرقيق في الولاية والنظر .
[ ص: 133 ] فصل
ولد الأمة المنكوحة رقيق لمالكها ، سواء كان زوجها الحر عربيا أو غيره ، وفي القديم قول أن العرب لا يجري عليهم الرق ، فيكون ولد العربي حرا ، وهل على الزوج قيمته كالمغرور ؟ أم لا شيء عليه لأن السيد رضي حين زوجها عربيا ؟ فيه قولان .
فرع
في " فتاوى "
القاضي حسين : أنه
nindex.php?page=treesubj&link=25800لو زوج أمته بواجد طول حرة ، فأولدها ، فالأولاد أرقاء ، لأن شبهة النكاح كالنكاح الصحيح .
فصل
nindex.php?page=treesubj&link=25800نكح الحر أمة بشروطه ، ثم أيسر أو نكح حرة ، لا ينفسح نكاح الأمة . وقال
المزني : ينفسخ .
فصل
جمع حر حرة وأمة في عقد ، فإن كان ممن لا يحل له نكاح الأمة ، فنكاح الأمة باطل ، ونكاح الحرة صحيح على الأظهر . وإن كان ممن يحل له نكاح الأمة ، بأن وجد حرة تسمح بمهر مؤجل ، أو بلا مهر ، أو بدون مهر المثل ، أو حرة
[ ص: 134 ] كتابية ، وقلنا : إن هذه المعاني لا تمنع نكاح الأمة ، بطل نكاح الأمة قطعا ، لاستغنائه عنه . وفي الحرة طريقان . أظهرهما عند الإمام وبه قال صاحب " التلخيص " : أنه على القولين . وقال
ابن الحداد وأبو زيد وآخرون : يبطل قطعا ، لأنه جمع بين امرأتين يجوز إفراد كل منهما ، ولا يجوز الجمع ، فأشبه الأختين ، ومن قال بالأول ، فرق بأن الأختين ليس فيهما أقوى ( والحرة أقوى ) . ولو جمع بين مسلمة ووثنية ، أو أجنبية ومحرم ، أو خلية ومعتدة أو مزوجة ، فهو كالجمع بين الحرة والأمة لمن لا تحل له الأمة . وإذا صححنا نكاح من تحل ( له ) ، فقد سبق في تفريق " الصفقة " قول : أنها تستحق جميع المسمى ، وأن المذهب أنها لا تستحق جميعه ، بل تستحق مهر المثل في قول ، وما يخص مهر مثلها من المسمى إذا وزع على مهر مثلها ومهر مثل الأخرى في قول . فإن قلنا : تستحق جميع المسمى ، فللزوج الخيار في فسخ الصداق والرجوع إلى مهر المثل كما ذكرنا في باب " التفريق " . وإن قلنا : تستحق مهر المثل ، فلا فسخ ، إذ لا فائدة ( فيه ) ، فإنه لو فسخ لرجع إليه . وإن قلنا : تستحق حصة مهر المثل من المسمى ، قال
الشيخ أبو علي : إن كان المسمى مما يمكن قسمته ، كالحبوب ، فلا خيار . وإن كان مما لا يمكن ، كالعبد ، فله الخيار ، لتضرره بالتشقيص . فإن فسخ ، فعليه مهر المثل .
واعلم أن الجميع بين من يحل ومن لا يحل ، يتصور بأن يكون المزوج وليهما ، بأن زوج أمته وبنته ، أو كان وكيلا لوليين ، أو ولي إحداهما ووكيلا في الأخرى . وموضع الخلاف إذا قال : زوجتك هذه وهذه بكذا ، فقال : قبلت نكاحهما بكذا . فأما إذا قال : زوجتك بنتي هذه ، وزوجتك أمتي هذه ، فقال : قبلت نكاح بنتك ، وقبلت نكاح أمتك ، أو اقتصر على قبول نكاح البنت ، فنكاح البنت صحيح بلا خلاف ، ولو فصل المزوج ، وقال الزوج : قبلت نكاحهما ، أو جمع المزوج ، وفصل الزوج ، فهل هو كما لو فصلا جميعا ، أو كما جمعا جميعا ؟ وجهان . أصحهما : الأول .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=10988_10993جمع بين أختين وأمة وهو ممن يحل له [ ص: 135 ] نكاح الأمة ، فنكاح الأختين باطل ، وفي الأمة الخلاف . ولو قال : زوجتك بنتي ، وبعتك هذا الزق من الخمر بكذا ، فقبلهما ، أو زوجتك بنتي وابني أو فرسي ، أو وهذا الزق ، صح نكاح البنت على المذهب ، لأن المضموم لا يقبل النكاح ، فلغا .
وقيل بطرد القولين . فإن صححنا ، فلها مهر المثل إن قلنا فيمن جمع بين محللة ومحرمة : للمحللة مهر المثل . وإن قلنا هناك : لها حصة مهر المثل من المسمى ، فقال
البغوي : يجب لها هنا جميع المسمى ، لتعذر التوزيع .
قلت : ولو تزوج أمتين في عقد ، بطل نكاحهما قطعا كالأختين . وجميع ما ذكرناه في نكاح أمة غيره ، أردنا به غير أمة ولده ، وأما أمة ولده ، ففيها خلاف وتفصيل يأتي إن شاء الله تعالى في " الباب العاشر " . - والله أعلم - .
[ ص: 129 ] الْجِنْسُ الثَّالِثُ مِنَ الْمَوَانِعِ :
nindex.php?page=treesubj&link=11001رِقُّ الْمَرْأَةِ ، وَهُوَ ضَرْبَانِ . رَقِيقَةٌ يَمْلِكُهَا ، وَرَقِيقَةٌ لَا يَمْلِكُهَا . الضَّرْبُ الْأَوَّلُ : مَمْلُوكَتُهُ ، فَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ مَنْ يَمْلِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا . وَلَوْ مَلَكَ بَعْضَ زَوْجَتِهِ ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُ ، وَلَيْسَ لَهَا نِكَاحُ مَنْ تَمْلِكُ بَعْضَهُ . وَلَوْ مَلَكَتْ زَوْجَهَا ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا .
الضَّرْبُ الثَّانِي : أَمَةُ غَيْرِهِ ، فَلَا تَحِلُّ لِلْحُرِّ إِلَّا بِشُرُوطٍ .
أَحَدُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=10993أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ يَتَيَسَّرُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً . وَفِي وَجْهٍ : لَا يَمْنَعُ كَوْنُ الْكِتَابِيَّةِ تَحْتَهُ . فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرِ الِاسْتِمْتَاعُ ، بِأَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ ، أَوْ هَرِمَةٌ ، أَوْ غَائِبَةٌ ، أَوْ مَجْنُونَةٌ ، أَوْ مَجْذُومَةٌ ، أَوْ بَرْصَاءُ ، أَوْ رَتْقَاءُ ، أَوْ مُضْنَاةٌ لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ ، فَوَجْهَانِ . أَحَدُهُمَا : يَصِحُّ نِكَاحُ الْأَمَةِ ، وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ صَاحِبِ " الْمُهَذَّبِ "
وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ ، وَقَطَعَ بِهِ
ابْنُ الصَّبَّاغِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ . وَالثَّانِي : الْمَنْعُ ، وَبِهِ قَطَعَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14847وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ . فَعَلَى هَذَا ، لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْأَمَةِ حَتَّى تَبِينَ مِنْهُ الْحُرَّةُ .
( الشَّرْطُ ) الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=10992أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ لِعَدَمِ الْحُرَّةِ ، أَوْ عَدَمِ صَدَاقِهَا . فَلَوْ قَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ رَتْقَاءَ ، أَوْ قَرْنَاءَ ، أَوْ مَجْنُونَةٍ ، أَوْ مَجْذُومَةٍ ، أَوْ رَضِيعَةٍ ، أَوْ مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ ، فَلَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ . وَلَوْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ كِتَابِيَّةٍ ، لَمْ تَحِلَّ الْأَمَةُ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ )
[ النِّسَاءِ : 25 ] قَيَّدَ بِالْمُؤْمِنَاتِ ، لِأَنَّهُ الْغَالِبُ ، لَا لِلِاشْتِرَاطِ .
وَلَوْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ غَائِبَةٍ ، قَالَ الْأَصْحَابُ : إِنْ كَانَ يَخَافُ الْعَنَتَ فِي مُدَّةِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ ، أَوْ يَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِالْخُرُوجِ إِلَيْهَا ، فَلَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ ، وَإِلَّا ، فَلَا . قَالَ الْإِمَامُ : الْمَشَقَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ ، أَنْ يُنْسَبَ مُتَحَمِّلُهَا فِي طَلَبِ زَوْجِهِ إِلَى الْإِسْرَافِ . وَلَوْ لَمْ يَجِدْ
[ ص: 130 ] إِلَّا حُرَّةً لَا تَرْضَى إِلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا ، وَهُوَ وَاجِدُهُ ، فَنَقَلَ
الْبَغَوِيُّ : أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ أَمَةً . وَنَقَلَ
الْمُتَوَلِّي جَوَازَهُ . وَقَالَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14847وَالْغَزَالِيُّ : إِنْ كَانَتْ زِيَادَةً يُعَدُّ بَذْلُهَا إِسْرَافًا ، حَلَّتِ الْأَمَةُ ، وَإِلَّا ، فَلَا . وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ ، بِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْمَاءِ تَتَكَرَّرُ ، وَبِأَنَّ هَذَا النَّاكِحَ لَا يُعَدُّ مَغْبُونًا .
قُلْتُ : قَطَعَ آخَرُونَ بِمُوَافَقَةِ
الْمُتَوَلِّي ، وَهُوَ الْأَصَحُّ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَهْرٍ ، وَوَجَدَ حُرَّةً تَرْضَى بِمَهْرٍ مُؤَجَّلٍ ، وَهُوَ يَتَوَقَّعُ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ ، أَوْ وَجَدَ مَنْ يَبِيعُهُ نَسِيئَةً مَا يَفِي بِصَدَاقِهَا ، أَوْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ ، أَوْ رَضِيَتْ حُرَّةٌ بِأَنْ يَنْكِحَهَا بِلَا مَهْرٍ ، حَلَّتِ الْأَمَةُ عَلَى الْأَصَحِّ . وَلَوْ أُقْرِضَ مَهْرَهَا ، لَمْ يَجِبِ الْقَبُولُ عَلَى الْمَذْهَبِ ، لِاحْتِمَالِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ . وَقِيلَ بِالْوَجْهَيْنِ . وَلَوْ رَضِيَتْ حُرَّةٌ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا ، وَهُوَ يَجِدُهُ ، لَمْ تَحِلَّ الْأَمَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ ، لِأَنَّ الْمِنَّةَ فِيهِ قَلِيلَةٌ ، إِذِ الْعَادَةُ الْمُسَامَحَةُ فِي الْمُهُورِ . وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَالٌ أَوْ جَارِيَةٌ ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ ، وَحَلَّتِ الْأَمَةُ . وَمَنْ لَهُ مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ ، هَلْ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ ، أَمْ عَلَيْهِ بَيْعُهُمَا وَصَرْفُهُمَا إِلَى طَوْلِ حُرَّةٍ ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابْنُ كَجٍّ .
قُلْتُ : أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
nindex.php?page=treesubj&link=25800وَالْمَالُ الْغَائِبُ لَا يَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ ، كَمَا لَا يَمْنَعُ ابْنُ السَّبِيلِ الزَّكَاةَ . وَمَنْ هُوَ مُعْسِرٌ ، وَلَهُ ابْنٌ مُوسِرٌ ، يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ إِنْ لَمْ نُوجِبْ عَلَى الِابْنِ إِعْفَافَهُ . وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ ، فَوَجْهَانِ ، لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ بِمَالِ الِابْنِ .
قُلْتُ : أَصَحُّهُمَا : الْمَنْعُ ، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
[ ص: 131 ] الشَّرْطُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=25800_11002خَوْفُ الْعَنَتِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الزِّنَا ، قَالَ الْإِمَامُ : لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الْوُقُوعُ فِي الزِّنَا ، بَلْ أَنْ يَتَوَقَّعَهُ لَا عَلَى النُّدُورِ . وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِغَيْرِ الْخَائِفِ أَنْ يُعْلَمَ اجْتِنَابُهُ ، بَلْ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِالتَّقْوَى ، وَالِاجْتِنَابُ يُنَافِي الْخَوْفَ ، فَمَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ ، وَضَعْفُ تَقْوَاهُ ، فَهُوَ خَائِفٌ . وَمَنْ ضَعُفَتْ شَهْوَتُهُ ، وَهُوَ يَسْتَبْدِعُ الزِّنَا لِدِينٍ أَوْ مُرُوءَةٍ أَوْ حَيَاءٍ ، فَهُوَ غَيْرُ خَائِفٍ . وَإِنْ غَلَبَتْ شَهْوَتُهُ ، وَقَوِيَ تَقْوَاهُ ، فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ . أَصَحُّهُمَا : لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ ، وَبِهِ قَطَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ ، لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ الْوُقُوعَ فِي الزِّنَا . وَالثَّانِي : إِنْ كَانَ تَرْكُ الْوِقَاعِ يَجُرُّ ضَرَرًا أَوْ مَرَضًا ، فَلَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ . وَأَمَّا الْمَجْبُوبُ ، فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الزِّنَا . قَالَ الْإِمَامُ
وَالْمُتَوَلِّي : لَيْسَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ . قَالَ
الْمُتَوَلِّي : فَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=25023_25530نَكَحَ حُرٌّ أَمَةً ، فَوَجَدَتْهُ مَجْبُوبًا ، وَأَرَادَتِ الْفَسْخَ ، فَقَالَ الزَّوْجُ : جُبَّ ذَكَرِي بَعْدَ النِّكَاحِ . فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ غَيْرَ مُحْتَمَلٍ ، بِأَنْ كَانَ الْمَوْضِعُ مُنْدَمِلًا ، وَقَدْ عُقِدَ النِّكَاحُ أَمْسِ ، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ . وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ ، فَذَاكَ ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ ، فَدَعْوَاهَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهَا ، بُطْلَانُ النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ . وَقَالَ
الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ : لِلْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ نِكَاحُ الْأَمَةِ عِنْدَ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي الْفِعْلِ الْمَأْثُومِ بِهِ ، لِأَنَّ الْعَنَتَ الْمَشَقَّةُ .
فَرْعٌ
nindex.php?page=treesubj&link=25800_24132الْقَادِرُ عَلَى شِرَاءِ أَمَةٍ يَتَسَرَّاهَا ، لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ . وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ أَمَةٌ ، لَمْ يَنْكِحْ أَمَةً قَطْعًا ، وَطَرَدَ الْحَنَّاطِيُّ الْخِلَافَ فِيهِ ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَوْ كَانَتِ الْأَمَةُ الَّتِي يَمْلِكُهَا غَيْرَ مُبَاحَةٍ ، فَإِنْ وَفَتْ قِيمَتُهَا بِمَهْرِ حُرَّةٍ ، أَوْ ثَمَنِ أَمَةٍ يَتَسَرَّاهَا ، لَمْ يَنْكِحِ الْأَمَةَ ، وَإِلَّا ، فَيَنْكِحُهَا .
[ ص: 132 ] الشَّرْطُ الرَّابِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=25800كَوْنُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ مُسْلِمَةً ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا لِمُسْلِمٍ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَيَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=25800لِلْحُرِّ الْكِتَابِيِّ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَيُقَالُ : الْأَظْهَرُ ، وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا لِلْعَبْدِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمَشْهُورِ . وَأَمَّا نِكَاحُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ ، فَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ ( نِكَاحِ ) الْمُشْرِكِ . وَالْعَبْدُ الْكِتَابِيُّ ، يَنْكِحُ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ إِنْ نَكَحَهَا الْحُرُّ الْكِتَابِيُّ ، وَإِلَّا ، فَوَجْهَانِ . أَصَحُّهُمَا : الْجَوَازُ .
قُلْتُ : وَنِكَاحُ الْحُرِّ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ الْأَمَةَ
الْمَجُوسِيَّةَ وَالْوَثَنِيَّةَ ، كَالْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
فَرْعٌ
nindex.php?page=treesubj&link=11006لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَطْءُ أَمَتِهِ الْكِتَابِيَّةِ دُونَ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ ، كَالنِّكَاحِ فِي حَرَائِرِهِمْ .
فَصْلٌ
مَنِ اسْتَجْمَعَ
nindex.php?page=treesubj&link=25800شُرُوطَ نِكَاحِ الْأَمَةِ ، لَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ صَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ عَلَى الْأَصَحِّ ، لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ بِهَا الْعَنَتَ . وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=25800بَعْضُهَا رَقِيقٌ كَالرَّقِيقَةِ ، لَا يَنْكِحُهَا حُرٌّ إِلَّا بِالشُّرُوطِ . وَلَوْ قَدَرَ عَلَى نِكَاحِهَا ، فَهَلْ يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُ الرَّقِيقَةِ الْمَحْضَةِ ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ ، لِأَنَّ إِرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ مِنْ إِرْقَاقِ كُلِّهِ . وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ مَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ كَالرَّقِيقِ ، فَيَنْكِحُ الْأَمَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحُرَّةِ ، لِأَنَّهُ كَالرَّقِيقِ فِي الْوِلَايَةِ وَالنَّظَرِ .
[ ص: 133 ] فَصْلٌ
وَلَدُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ رَقِيقٌ لِمَالِكِهَا ، سَوَاءٌ كَانَ زَوْجُهَا الْحُرُّ عَرَبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ ، وَفِي الْقَدِيمِ قَوْلٌ أَنَّ الْعَرَبَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمُ الرِّقُّ ، فَيَكُونُ وَلَدُ الْعَرَبِيِّ حُرًّا ، وَهَلْ عَلَى الزَّوْجِ قِيمَتُهُ كَالْمَغْرُورِ ؟ أَمْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ السَّيِّدَ رَضِيَ حِينَ زَوَّجَهَا عَرَبِيًّا ؟ فِيهِ قَوْلَانِ .
فَرْعٌ
فِي " فَتَاوَى "
الْقَاضِي حُسَيْنٍ : أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=25800لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِوَاجِدٍ طَوْلَ حُرَّةٍ ، فَأَوْلَدَهَا ، فَالْأَوْلَادُ أَرِقَّاءُ ، لِأَنَّ شُبْهَةَ النِّكَاحِ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ .
فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=25800نَكَحَ الْحُرُّ أَمَةً بِشُرُوطِهِ ، ثُمَّ أَيْسَرَ أَوْ نَكَحَ حُرَّةً ، لَا يَنْفَسِحُ نِكَاحُ الْأَمَةِ . وَقَالَ
الْمُزَنِيُّ : يَنْفَسِخُ .
فَصْلٌ
جَمَعَ حُرٌّ حُرَّةً وَأَمَةً فِي عَقْدٍ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ ، فَنِكَاحُ الْأَمَةِ بَاطِلٌ ، وَنِكَاحُ الْحُرَّةِ صَحِيحٌ عَلَى الْأَظْهَرِ . وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ ، بِأَنْ وَجَدَ حُرَّةً تَسْمَحُ بِمَهْرٍ مُؤَجَّلٍ ، أَوْ بِلَا مَهْرٍ ، أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ ، أَوْ حُرَّةً
[ ص: 134 ] كِتَابِيَّةً ، وَقُلْنَا : إِنَّ هَذِهِ الْمَعَانِيَ لَا تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ ، بَطَلَ نِكَاحُ الْأَمَةِ قَطْعًا ، لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ . وَفِي الْحُرَّةِ طَرِيقَانِ . أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَبِهِ قَالَ صَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " : أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ . وَقَالَ
ابْنُ الْحَدَّادِ وَأَبُو زَيْدٍ وَآخَرُونَ : يَبْطُلُ قَطْعًا ، لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ يَجُوزُ إِفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا ، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ ، فَأَشْبَهَ الْأُخْتَيْنِ ، وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ ، فَرَّقَ بِأَنَّ الْأُخْتَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا أَقْوَى ( وَالْحُرَّةُ أَقْوَى ) . وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُسْلِمَةٍ وَوَثَنِيَّةٍ ، أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ وَمَحْرَمٍ ، أَوْ خَلِيَّةٍ وَمُعْتَدَّةٍ أَوْ مُزَوَّجَةٍ ، فَهُوَ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ لِمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ . وَإِذَا صَحَّحْنَا نِكَاحَ مَنْ تَحِلُّ ( لَهُ ) ، فَقَدْ سَبَقَ فِي تَفْرِيقِ " الصَّفْقَةِ " قَوْلُ : أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمُسَمَّى ، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَهُ ، بَلْ تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي قَوْلٍ ، وَمَا يَخُصُّ مَهْرَ مِثْلِهَا مِنَ الْمُسَمَّى إِذَا وُزِّعَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَمَهْرِ مِثْلِ الْأُخْرَى فِي قَوْلٍ . فَإِنْ قُلْنَا : تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمُسَمَّى ، فَلِلزَّوْجِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الصَّدَاقِ وَالرُّجُوعِ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ " التَّفْرِيقِ " . وَإِنْ قُلْنَا : تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ ، فَلَا فَسْخَ ، إِذْ لَا فَائِدَةَ ( فِيهِ ) ، فَإِنَّهُ لَوْ فَسَخَ لَرَجَعَ إِلَيْهِ . وَإِنْ قُلْنَا : تَسْتَحِقُّ حِصَّةَ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنَ الْمُسَمَّى ، قَالَ
الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ : إِنْ كَانَ الْمُسَمَّى مِمَّا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ ، كَالْحُبُوبِ ، فَلَا خِيَارَ . وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ ، كَالْعَبْدِ ، فَلَهُ الْخِيَارُ ، لِتَضَرُّرِهِ بِالتَّشْقِيصِ . فَإِنْ فُسِخَ ، فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَمِيعَ بَيْنَ مَنْ يَحِلُّ وَمَنْ لَا يَحِلُّ ، يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَكُونَ الْمُزَوِّجُ وَلِيَّهُمَا ، بِأَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَبِنْتَهُ ، أَوْ كَانَ وَكِيلًا لِوَلِيَّيْنِ ، أَوْ وَلِيَّ إِحْدَاهُمَا وَوَكِيلًا فِي الْأُخْرَى . وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ إِذَا قَالَ : زَوَّجْتُكَ هَذِهِ وَهَذِهِ بِكَذَا ، فَقَالَ : قَبِلْتُ نِكَاحَهُمَا بِكَذَا . فَأَمَّا إِذَا قَالَ : زَوَّجْتُكَ بِنْتِي هَذِهِ ، وَزَوَّجْتُكَ أَمَتِي هَذِهِ ، فَقَالَ : قَبِلْتُ نِكَاحَ بِنْتِكَ ، وَقَبِلْتُ نِكَاحَ أَمَتِكَ ، أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَبُولِ نِكَاحِ الْبِنْتِ ، فَنِكَاحُ الْبِنْتِ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ ، وَلَوْ فَصَّلَ الْمُزَوِّجُ ، وَقَالَ الزَّوْجُ : قَبِلْتُ نِكَاحَهُمَا ، أَوْ جَمَعَ الْمُزَوِّجُ ، وَفَصَّلَ الزَّوْجُ ، فَهَلْ هُوَ كَمَا لَوْ فَصَّلَا جَمِيعًا ، أَوْ كَمَا جَمَعَا جَمِيعًا ؟ وَجْهَانِ . أَصَحُّهُمَا : الْأَوَّلُ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10988_10993جَمَعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَأَمَةٍ وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ [ ص: 135 ] نِكَاحُ الْأَمَةِ ، فَنِكَاحُ الْأُخْتَيْنِ بَاطِلٌ ، وَفِي الْأَمَةِ الْخِلَافُ . وَلَوْ قَالَ : زَوَّجْتُكَ بِنْتِي ، وَبِعْتُكَ هَذَا الزِّقَّ مِنَ الْخَمْرِ بِكَذَا ، فَقَبِلَهُمَا ، أَوْ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي وَابْنِي أَوْ فَرَسِي ، أَوْ وَهَذَا الزِّقَّ ، صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ عَلَى الْمَذْهَبِ ، لِأَنَّ الْمَضْمُومَ لَا يَقْبَلُ النِّكَاحَ ، فَلَغَا .
وَقِيلَ بِطَرْدِ الْقَوْلَيْنِ . فَإِنْ صَحَّحْنَا ، فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ إِنْ قُلْنَا فِيمَنْ جَمَعَ بَيْنَ مُحَلَّلَةٍ وَمُحَرَّمَةٍ : لِلْمُحَلَّلَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ . وَإِنْ قُلْنَا هُنَاكَ : لَهَا حِصَّةُ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنَ الْمُسَمَّى ، فَقَالَ
الْبَغَوِيُّ : يَجِبُ لَهَا هُنَا جَمِيعُ الْمُسَمَّى ، لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ .
قُلْتُ : وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَتَيْنِ فِي عَقْدٍ ، بَطَلَ نِكَاحُهُمَا قَطْعًا كَالْأُخْتَيْنِ . وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي نِكَاحِ أَمَةِ غَيْرِهِ ، أَرَدْنَا بِهِ غَيْرَ أَمَةِ وَلَدِهِ ، وَأَمَّا أَمَةُ وَلَدِهِ ، فَفِيهَا خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي " الْبَابِ الْعَاشِرِ " . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .