فصل
ولهؤلاء الفرق
nindex.php?page=treesubj&link=20339خواص وعلامات في الجملة ، وعلامات أيضا في التفصيل .
[ ص: 160 ] فأما علامات الجملة; فثلاث :
إحداها : الفرقة التي نبه عليها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء [ الأنعام : 159 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=105ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا [ آل عمران : 105 ] وغير ذلك من الأدلة .
قال بعض المفسرين : صاروا فرقا لاتباع أهوائهم ، وبمفارقة الدين تشتت أهواؤهم فافترقوا ، وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا [ الأنعام : 159 ] ثم برأه الله منهم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159لست منهم في شيء [ الأنعام : 159 ] وهم أصحاب البدع وأصحاب الضلالات والكلام فيما لم يأذن الله فيه ، ولا رسوله .
قال : ووجدنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده قد اختلفوا في أحكام الدين ، ولم يفترقوا ، ولم يصيروا شيعا; لأنهم لم يفارقوا الدين ، وإنما اختلفوا فيما أذن لهم من اجتهاد الرأي ، والاستنباط من الكتاب والسنة فيما لم يجدوا فيه نصا ، واختلفت في ذلك أقوالهم; فصاروا محمودين لأنهم اجتهدوا فيما أمروا به; كاختلاف
أبي بكر وعمر وعلي وزيد في الجد مع الأم ، وقول
عمر [ ص: 161 ] [ ص: 162 ] وعلي في أمهات الأولاد ، وخلافهم في الفريضة المشتركة ، وخلافهم في
[ ص: 163 ] الطلاق قبل النكاح ، وفي البيوع . . وغير ذلك مما اختلفوا فيه ، وكانوا مع هذا أهل مودة وتناصح ، وأخوة الإسلام فيما بينهم قائمة ، فلما حدثت الأهواء المردية التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وظهرت العداوات ، وتحزب أهلها فصاروا شيعا; دل على أنه إنما حدث ذلك من المسائل المحدثة التي ألقاها الشيطان على أفواه أوليائه .
قال : فكل مسألة حدثت في الإسلام فاختلف الناس فيها ، ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ، ولا بغضاء ، ولا فرقة; علمنا أنها من مسائل الإسلام ، وكل مسألة طرأت فأوجبت العداوة والتنافر والتنابز والقطيعة علمنا أنها ليست
[ ص: 164 ] من أمر الدين في شيء ، وأنها التي عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتفسير الآية ، وهي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا [ الأنعام : 159 ] وقد تقدمت; فيجب على كل ذي دين وعقل أن يجتنبها ، ودليل ذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا [ آل عمران : 103 ] فإذا اختلفوا وتقاطعوا; كان ذلك لحدث أحدثوه من اتباع الهوى .
هذا ما قاله ، وهو ظاهر في أن
nindex.php?page=treesubj&link=28640الإسلام يدعو إلى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف; فكل رأي أدى إلى خلاف ذلك فخارج عن الدين .
وهذه الخاصية موجودة في كل فرقة من تلك الفرق ، ألا ترى كيف كانت ظاهرة في
nindex.php?page=treesubj&link=20467الخوارج الذين أخبر بهم النبي عليه الصلاة والسلام في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337919يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان وأي فرقة توازي هذا إلا الفرقة التي بين أهل الإسلام وأهل الكفر ؟ وهكذا تجد الأمر في سائر من عرف من
[ ص: 165 ] الفرق أو من ادعى ذلك فيهم .
والخاصية الثانية : هي التي نبه عليها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة الآية [ آل عمران : 7 ] ; فجعل أهل الزيغ والميل عن الحق ممن شأنهم اتباع المتشابهات وقد تبين معناه .
وقال عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337906فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه; فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم .
والخاصية الثالثة : اتباع الهوى ، وهي التي نبه عليها قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7فأما الذين في قلوبهم زيغ [ آل عمران : 7 ] وهو
nindex.php?page=treesubj&link=20366الميل عن الحق اتباعا للهوى .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7فأما الذين في قلوبهم زيغ [ القصص : 50 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=23أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم الآية [ الجاثية : 23 ] إلا أن هذه الخاصية راجعة إلى كل أحد في خاصة نفسه; لأنها أمر باطن ، فلا يعرفها غير صاحبها; إلا أن يكون عليها دليل في الظاهر ، والتي قبلها راجعة إلى العلماء الراسخين في العلم; لأن بيان المحكم والمتشابه راجع إليهم ، فهم يعرفونها ويعرفون أهلها بمعرفتهم لها ، والتي قبلها تعم جميع العقلاء من أهل الإسلام; لأن التواصل أو التقاطع معروف للناس كلهم ، وبمعرفته يعرف أهله .
[ ص: 166 ] وأما العلامات التفصيلية في كل فرقة; فقد نبه عليها وأشير إليها كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول . . . إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=60ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا [ النساء : 59 ، 60 ] وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=117إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله [ الأنعام : 116 ، 117 ] .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى [ النساء : 115 ] إلى آخرها وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما الآية [ التوبة : 37 ] .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=47وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه الآية [ يس : 47 ] .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11ومن الناس من يعبد الله على حرف [ الحج : 11 ] إلى آخر الآيتين .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء . . . إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=105لا يضركم من ضل إذا اهتديتم [ المائدة : 101 - 105 ]
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=140قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها الآية [ الأنعام : 140 ] .
[ ص: 167 ] وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=143ثمانية أزواج من الضأن اثنين إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144إن الله لا يهدي القوم الظالمين [ الأنعام : 143 - 144 ] .
إلى غير ذلك مما نبه عليه القرآن الحكيم .
وكذلك في الحديث كقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337920nindex.php?page=treesubj&link=32125إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلماء ، حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا ، فسئلوا فأفتوا بغير علم; فضلوا وأضلوا .
وكذلك ما تقدم ذكره في قسم زلة العالم وغيره مما في الأحاديث المختصة بهذا المعنى ، وإنما نبه عليها لتنبيه الشرع عليها ، ولم يصرح بها على الإطلاق لما تقدم ذكره ، فمن تهدى إليها فذاك ، وإلا فلا عليه ألا يعلمها ، والله الموفق للصواب .
فَصْلٌ
وَلِهَؤُلَاءِ الْفِرَقِ
nindex.php?page=treesubj&link=20339خَوَاصُّ وَعَلَامَاتُ فِي الْجُمْلَةِ ، وَعَلَامَاتٌ أَيْضًا فِي التَّفْصِيلِ .
[ ص: 160 ] فَأَمَّا عَلَامَاتُ الْجُمْلَةِ; فَثَلَاثٌ :
إِحْدَاهَا : الْفُرْقَةُ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [ الْأَنْعَامِ : 159 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=105وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا [ آلِ عِمْرَانَ : 105 ] وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ .
قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : صَارُوا فِرَقًا لِاتِّبَاعِ أَهْوَائِهِمْ ، وَبِمُفَارَقَةِ الدِّينِ تَشَتَّتْ أَهْوَاؤُهُمْ فَافْتَرَقُوا ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا [ الْأَنْعَامِ : 159 ] ثُمَّ بَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [ الْأَنْعَامِ : 159 ] وَهُمْ أَصْحَابُ الْبِدَعِ وَأَصْحَابُ الضَّلَالَاتِ وَالْكَلَامِ فِيمَا لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ فِيهِ ، وَلَا رَسُولُهُ .
قَالَ : وَوَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْدِهِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي أَحْكَامِ الدِّينِ ، وَلَمْ يَفْتَرِقُوا ، وَلَمْ يَصِيرُوا شِيَعًا; لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوا الدِّينَ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا أُذِنَ لَهُمْ مِنَ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ ، وَالِاسْتِنْبَاطِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِيمَا لَمْ يَجِدُوا فِيهِ نَصًّا ، وَاخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ أَقْوَالُهُمْ; فَصَارُوا مَحْمُودِينَ لِأَنَّهُمُ اجْتَهَدُوا فِيمَا أُمِرُوا بِهِ; كَاخْتِلَافِ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدٍ فِي الْجَدِّ مَعَ الْأُمِّ ، وَقَوْلِ
عُمَرَ [ ص: 161 ] [ ص: 162 ] وَعَلِيٍّ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ ، وَخِلَافِهِمْ فِي الْفَرِيضَةِ الْمُشْتَرِكَةِ ، وَخِلَافِهِمْ فِي
[ ص: 163 ] الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ ، وَفِي الْبُيُوعِ . . وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ ، وَكَانُوا مَعَ هَذَا أَهْلَ مَوَدَّةٍ وَتَنَاصُحٍ ، وَأُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَيْنَهُمْ قَائِمَةٌ ، فَلَمَّا حَدَثَتِ الْأَهْوَاءُ الْمُرْدِيَةُ الَّتِي حَذَّرَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَظَهَرَتِ الْعَدَاوَاتُ ، وَتَحَزَّبَ أَهْلُهَا فَصَارُوا شِيَعًا; دَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا حَدَثَ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُحْدَثَةِ الَّتِي أَلْقَاهَا الشَّيْطَانُ عَلَى أَفْوَاهِ أَوْلِيَائِهِ .
قَالَ : فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ حَدَثَتْ فِي الْإِسْلَامِ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا ، وَلَمْ يُوَرِّثْ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةً ، وَلَا بَغْضَاءَ ، وَلَا فُرْقَةً; عَلِمْنَا أَنَّهَا مِنْ مَسَائِلِ الْإِسْلَامِ ، وَكُلُّ مَسْأَلَةٍ طَرَأَتْ فَأَوْجَبَتِ الْعَدَاوَةَ وَالتَّنَافُرَ وَالتَّنَابُزَ وَالْقَطِيعَةَ عَلِمْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ
[ ص: 164 ] مِنْ أَمْرِ الدِّينِ فِي شَيْءٍ ، وَأَنَّهَا الَّتِي عَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَفْسِيرِ الْآيَةِ ، وَهِيَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا [ الْأَنْعَامِ : 159 ] وَقَدْ تَقَدَّمَتْ; فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ ذِي دِينٍ وَعَقْلٍ أَنْ يَجْتَنِبَهَا ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا [ آلِ عِمْرَانَ : 103 ] فَإِذَا اخْتَلَفُوا وَتَقَاطَعُوا; كَانَ ذَلِكَ لِحَدَثٍ أَحْدَثُوهُ مِنَ اتِّبَاعِ الْهَوَى .
هَذَا مَا قَالَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28640الْإِسْلَامَ يَدْعُو إِلَى الْأُلْفَةِ وَالتَّحَابِّ وَالتَّرَاحُمِ وَالتَّعَاطُفِ; فَكُلُّ رَأْيٍ أَدَّى إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَخَارِجٌ عَنِ الدِّينِ .
وَهَذِهِ الْخَاصِّيَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْ تِلْكَ الْفِرَقِ ، أَلَا تَرَى كَيْفَ كَانَتْ ظَاهِرَةً فِي
nindex.php?page=treesubj&link=20467الْخَوَارِجِ الَّذِينَ أَخْبَرَ بِهِمُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337919يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ وَأَيُّ فُرْقَةٍ تُوَازِي هَذَا إِلَّا الْفُرْقَةَ الَّتِي بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الْكُفْرِ ؟ وَهَكَذَا تَجِدُ الْأَمْرَ فِي سَائِرِ مَنْ عُرِفَ مِنَ
[ ص: 165 ] الْفِرَقِ أَوْ مَنِ ادَّعَى ذَلِكَ فِيهِمْ .
وَالْخَاصِّيَّةُ الثَّانِيَةُ : هِيَ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ الْآيَةَ [ آلِ عِمْرَانَ : 7 ] ; فَجَعَلَ أَهْلَ الزَّيْغِ وَالْمَيْلِ عَنِ الْحَقِّ مِمَّنْ شَأْنُهُمُ اتِّبَاعُ الْمُتَشَابِهَاتِ وَقَدْ تَبَيَّنَ مَعْنَاهُ .
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337906فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ; فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ .
وَالْخَاصِّيَّةُ الثَّالِثَةُ : اتِّبَاعُ الْهَوَى ، وَهِيَ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ [ آلِ عِمْرَانَ : 7 ] وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=20366الْمَيْلُ عَنِ الْحَقِّ اتِّبَاعًا لِلْهَوَى .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ [ الْقَصَصِ : 50 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=23أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ الْآيَةَ [ الْجَاثِيَةِ : 23 ] إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةَ رَاجِعَةٌ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ; لِأَنَّهَا أَمْرٌ بَاطِنٌ ، فَلَا يَعْرِفُهَا غَيْرُ صَاحِبِهَا; إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ فِي الظَّاهِرِ ، وَالَّتِي قَبْلَهَا رَاجِعَةٌ إِلَى الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ; لِأَنَّ بَيَانَ الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ رَاجِعٌ إِلَيْهِمْ ، فَهُمْ يَعْرِفُونَهَا وَيَعْرِفُونَ أَهْلَهَا بِمَعْرِفَتِهِمْ لَهَا ، وَالَّتِي قَبْلَهَا تَعُمُّ جَمِيعَ الْعُقَلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ; لِأَنَّ التَّوَاصُلَ أَوِ التَّقَاطُعَ مَعْرُوفٌ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ ، وَبِمَعْرِفَتِهِ يُعْرَفُ أَهْلُهُ .
[ ص: 166 ] وَأَمَّا الْعَلَامَاتُ التَّفْصِيلِيَّةُ فِي كُلِّ فِرْقَةٍ; فَقَدْ نُبِّهَ عَلَيْهَا وَأُشِيرَ إِلَيْهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ . . . إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=60وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا [ النِّسَاءِ : 59 ، 60 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=117إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ [ الْأَنْعَامِ : 116 ، 117 ] .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى [ النِّسَاءِ : 115 ] إِلَى آخِرِهَا وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا الْآيَةَ [ التَّوْبَةِ : 37 ] .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=47وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ الْآيَةَ [ يس : 47 ] .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ [ الْحَجِّ : 11 ] إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ . . . إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=105لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [ الْمَائِدَةِ : 101 - 105 ]
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=140قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا الْآيَةَ [ الْأَنْعَامِ : 140 ] .
[ ص: 167 ] وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=143ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [ الْأَنْعَامِ : 143 - 144 ] .
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ الْحَكِيمُ .
وَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337920nindex.php?page=treesubj&link=32125إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا ، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ; فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا .
وَكَذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي قِسْمِ زَلَّةِ الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ مِمَّا فِي الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى ، وَإِنَّمَا نُبِّهَ عَلَيْهَا لِتَنْبِيهِ الشَّرْعِ عَلَيْهَا ، وَلَمْ يُصَرَّحْ بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ، فَمَنْ تَهَدَّى إِلَيْهَا فَذَاكَ ، وَإِلَّا فَلَا عَلَيْهِ أَلَّا يُعْلِمَهَا ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ .