المسألة الثامنة : في
nindex.php?page=treesubj&link=28796_28798كيفية الوسوسة بناء على ما ورد في الآثار : ذكروا أنه يغوص في باطن الإنسان ، ويضع رأسه على حبة قلبه ، ويلقي إليه الوسوسة واحتجوا عليه بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011124إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم ، ألا فضيقوا مجاريه بالجوع " وقال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011125لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات " .
ومن الناس من قال : هذه الأخبار لا بد من تأويلها ؛ لأنه يمتنع حملها على ظواهرها ، واحتج عليه بوجوه :
الأول : أن نفوذ الشياطين في بواطن الناس محال ؛ لأنه يلزم إما اتساع تلك المجاري أو تداخل تلك الأجسام .
الثاني : ما ذكرنا أن العداوة الشديدة حاصلة بينه وبين أهل الدين ، فلو قدر على هذا النفوذ فلم لا يخصهم بمزيد الضرر ؟
الثالث : أن
nindex.php?page=treesubj&link=28796_31766الشيطان مخلوق من النار ، فلو دخل في داخل البدن لصار كأنه نفذ النار في داخل البدن ، ومعلوم أنه لا يحس بذلك .
الرابع : أن الشياطين يحبون المعاصي وأنواع الكفر والفسق ، ثم إنا نتضرع بأعظم الوجوه إليهم ليظهروا أنواع الفسق فلا نجد منه أثرا ولا فائدة ، وبالجملة فلا نرى لا من عداوتهم ضررا ولا من صداقتهم نفعا .
وأجاب مثبتو الشياطين عن السؤال الأول بأن على القول بأنها نفوس مجردة فالسؤال زائل ، وعلى القول بأنها أجسام لطيفة كالضوء والهواء فالسؤال أيضا زائل ، وعن الثاني لا يبعد أن يقال : إن الله وملائكته يمنعونهم عن إيذاء علماء البشر ، وعن الثالث أنه لما جاز أن يقول الله تعالى لنار
إبراهيم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=69يانار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) [ الأنبياء : 69 ] فلم لا يجوز مثله ههنا ، وعن الرابع أن الشياطين مختارون ولعلهم يفعلون بعض القبائح دون بعض .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28796_28798كَيْفِيَّةِ الْوَسْوَسَةِ بِنَاءً عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْآثَارِ : ذَكَرُوا أَنَّهُ يَغُوصُ فِي بَاطِنِ الْإِنْسَانِ ، وَيَضَعُ رَأْسَهُ عَلَى حَبَّةِ قَلْبِهِ ، وَيُلْقِي إِلَيْهِ الْوَسْوَسَةَ وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011124إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ ، أَلَا فَضَيِّقُوا مَجَارِيَهُ بِالْجُوعِ " وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011125لَوْلَا أَنَّ الشَّيَاطِينَ يَحُومُونَ عَلَى قُلُوبِ بَنِي آدَمَ لَنَظَرُوا إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ " .
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ : هَذِهِ الْأَخْبَارُ لَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهَا ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ حَمْلُهَا عَلَى ظَوَاهِرِهَا ، وَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِوُجُوهٍ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ نُفُوذَ الشَّيَاطِينِ فِي بَوَاطِنِ النَّاسِ مُحَالٌ ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إِمَّا اتِّسَاعُ تِلْكَ الْمَجَارِي أَوْ تَدَاخُلُ تِلْكَ الْأَجْسَامِ .
الثَّانِي : مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْعَدَاوَةَ الشَّدِيدَةَ حَاصِلَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الدِّينِ ، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى هَذَا النُّفُوذِ فَلِمَ لَا يَخُصُّهُمْ بِمَزِيدِ الضَّرَرِ ؟
الثَّالِثُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28796_31766الشَّيْطَانَ مَخْلُوقٌ مِنَ النَّارِ ، فَلَوْ دَخَلَ فِي دَاخِلِ الْبَدَنِ لَصَارَ كَأَنَّهُ نَفَّذَ النَّارَ فِي دَاخِلِ الْبَدَنِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُحَسُّ بِذَلِكَ .
الرَّابِعُ : أَنَّ الشَّيَاطِينَ يُحِبُّونَ الْمَعَاصِيَ وَأَنْوَاعَ الْكُفْرِ وَالْفِسْقِ ، ثُمَّ إِنَّا نَتَضَرَّعُ بِأَعْظَمِ الْوُجُوهِ إِلَيْهِمْ لِيُظْهِرُوا أَنْوَاعَ الْفِسْقِ فَلَا نَجِدُ مِنْهُ أَثَرًا وَلَا فَائِدَةً ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا نَرَى لَا مِنْ عَدَاوَتِهِمْ ضَرَرًا وَلَا مِنْ صَدَاقَتِهِمْ نَفْعًا .
وَأَجَابَ مُثْبِتُو الشَّيَاطِينِ عَنِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا نُفُوسٌ مُجَرَّدَةٌ فَالسُّؤَالُ زَائِلٌ ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ كَالضَّوْءِ وَالْهَوَاءِ فَالسُّؤَالُ أَيْضًا زَائِلٌ ، وَعَنِ الثَّانِي لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يَمْنَعُونَهُمْ عَنْ إِيذَاءِ عُلَمَاءِ الْبَشَرِ ، وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَارِ
إِبْرَاهِيمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=69يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 69 ] فَلِمَ لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ هَهُنَا ، وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الشَّيَاطِينَ مُخْتَارُونَ وَلَعَلَّهُمْ يَفْعَلُونَ بَعْضَ الْقَبَائِحِ دُونَ بَعْضٍ .