nindex.php?page=treesubj&link=28659_28723_29717_32440_32441_32442_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=61ذلك فصل للخطاب وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=60ومن عاقب شروع في قصة أخرى لأولئك السادة بعد قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=58والذين هاجروا الآيتين اهـ .
وتعقب بأن الآية تقتضي ابتداء ثم جزاء ثم بغيا ثم جزاء والقصة لم تدل عليه إلا أن يجعل ما بينهم من التعادي معاقبة بالمثل ويجعل البغي مناواتهم لقتال المسلمين في الشهر الحرام وهو خلاف الظاهر ، وأما الموافقة لتأليف النظم فعلى ما ذكره غيره أبين لأنه لما ذكر حال المقتولين منهم والميتين منهم قيل الأمر ذلك فيما يرجع إلى حال الآخرة وفيما يرجع إلى حال الدنيا إنهم لهم المنصورون لأنهم بين معاقب وعاف وكلاهما منصوران أما الأول فنصا وأما الثاني فمن فحوى الخطاب أعني مفهوم الموافقة ، وفيه وعيد شديد للباغي وأنه مخذول في الدارين مسلوك في قرن من كان في مرية حتى أتته الساعة أو العذاب اهـ ، وهو كلام رصين ، ولا يعكر عليه قولهم : إنه أتى بذلك للاقتضاب فتأمل ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك أن الآية مدنية وهي في القصاص والجراحات .
واستدل بها
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على وجوب رعاية المماثلة في القصاص ، وعندنا لا قود إلا بالسيف كما جاء في الخبر والمراد به السلاح وخبر «من غرق غرقناه ومن حرق حرقناه » لم يصح وبتسليم صحته محمول على السياسة ، وينبغي أن يعلم أن المعاقبة بالمثل على الإطلاق غير مشروعة فإن الرجل قد يعاقب بنحو يا زاني وقد قالوا : إنه إذا قيل له ذلك فقال لا بل أنت زان حد هو والقائل الأول فليحفظ ( ذلك ) إشارة إلى النصرة المدلول عليه بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=60لينصرنه وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو رتبته ، وقيل لعدم ذكر المشار إليه صريحا ، ومحله الرفع على الابتداء وخبره قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=61بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل والباء فيه سببية ، والسبب ما دل عليه ما بعد بطريق اللزوم أي ذلك النصر كائن لسبب أن الله تعالى شأنه قادر على تغليب بعض مخلوقاته على بعض والمداولة بين الأشياء المتضادة ومن شأنه ذلك .
وعبر عن ذلك بإدخال أحد الملوين في الآخر بأن يزيد فيه ما ينقص من الآخر كما هو الأوفق بالإيلاج أو بتحصيل أحدهما في مكان الآخر كما قيل لا بأن يجعل بين كل نهارين ليلا وبين كل ليلين نهارا كما قد توهم لكونه أظهر المواد وأوضحها أو كائن بسبب أنه تعالى خالق الليل والنهار ومصرفهما فلا يخفى ما يجري فيهما على أيدي عباده من الخير والشر والبغي والانتصار كما قيل ، وعلى الأول قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=61وأن الله سميع بكل المسموعات التي من جملتها ما يقول المعاقب
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=61بصير بكل المبصرات التي من جملتها ما يقع منه من الأفعال من تتمة الحكم لا بد منه إذ لا بد للناصر من القدرة على نصر المظلوم ومن العلم بأنه كذلك ، وعلى الثاني هو تتميم وتأكيد والأول أولى ، وقيل : لا يبعد أن يكون المعنى ذلك النصر بسبب تعاقب الليل والنهار وتناوب الأزمان والأدوار
[ ص: 191 ] إلى أن يجيء الوقت الذي قدره الملك الجبار لانتصار المظلوم وغلبته ، وفيه أنه لا محصل له ما لم يلاحظ قدرة الفاعل لذلك ، وقيل : يجوز أن تكون الإشارة إلى الاتصاف بالعفو والغفران أي ذلك الاتصاف بسبب أنه تعالى لم يؤاخذ الناس بذنوبهم فيجعل الليل والنهار سرمدا فتتعطل المصالح ، وفيه أنه مع كونه لا يناسب السياق غير ظاهر لا سيما إذا لوحظ عطف قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=61وأن الله سميع بصير على مدخول الباء فيما قبل ،
nindex.php?page=treesubj&link=28659_28723_29717_32440_32441_32442_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=61ذَلِكَ فَصْلٌ لِلْخِطَابِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=60وَمَنْ عَاقَبَ شُرُوعٌ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى لِأُولَئِكَ السَّادَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=58وَالَّذِينَ هَاجَرُوا الْآيَتَيْنِ اهَـ .
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي ابْتِدَاءً ثُمَّ جَزَاءً ثُمَّ بَغْيًا ثُمَّ جَزَاءً وَالْقِصَّةُ لَمْ تَدُلَّ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُجْعَلَ مَا بَيْنَهُمْ مِنَ التَّعَادِي مُعَاقَبَةً بِالْمِثْلِ وَيُجْعَلَ الْبَغْيُ مُنَاوَاتَهُمْ لِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ ، وَأَمَّا الْمُوَافَقَةُ لِتَأْلِيفِ النَّظْمِ فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَبْيَنُ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ حَالَ الْمَقْتُولِينَ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ مِنْهُمْ قِيلَ الْأَمْرُ ذَلِكَ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى حَالِ الْآخِرَةِ وَفِيمَا يَرْجِعُ إِلَى حَالِ الدُّنْيَا إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ لِأَنَّهُمْ بَيْنَ مُعَاقِبٍ وَعَافٍ وَكِلَاهُمَا مَنْصُورَانِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَصًّا وَأَمَّا الثَّانِي فَمِنْ فَحْوَى الْخِطَابِ أَعْنِي مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ ، وَفِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِلْبَاغِي وَأَنَّهُ مَخْذُولٌ فِي الدَّارَيْنِ مَسْلُوكٌ فِي قَرْنٍ مَنْ كَانَ فِي مِرْيَةٍ حَتَّى أَتَتْهُ السَّاعَةُ أَوِ الْعَذَابِ اهَـ ، وَهُوَ كَلَامٌ رَصِينٌ ، وَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ : إِنَّهُ أَتَى بِذَلِكَ لِلِاقْتِضَابِ فَتَأَمَّلْ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكِ أَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ فِي الْقِصَّاصِ وَالْجِرَاحَاتِ .
وَاسْتَدَلَّ بِهَا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ عَلَى وُجُوبِ رِعَايَةِ الْمُمَاثِلَةِ فِي الْقِصَّاصِ ، وَعِنْدَنَا لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ وَالْمُرَادُ بِهِ السِّلَاحُ وَخَبَرُ «مَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ وَمَنْ حَرَّقَ حَرَّقْنَاهُ » لَمْ يَصِحَّ وَبِتَسْلِيمِ صِحَّتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى السِّيَاسَةِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُعَاقَبَةَ بِالْمَثَلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ فَإِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُعَاقَبُ بِنَحْوِ يَا زَانِي وَقَدْ قَالُوا : إِنَّهُ إِذَا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَا بَلْ أَنْتَ زَانٍ حُدَّ هُوَ وَالْقَائِلُ الْأَوَّلُ فَلْيُحْفَظْ ( ذَلِكَ ) إِشَارَةً إِلَى النُّصْرَةِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=60لَيَنْصُرَنَّهُ وَمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْبُعْدِ لِلْإِيذَانِ بِعُلُوِّ رُتْبَتِهِ ، وَقِيلَ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ صَرِيحًا ، وَمَحَلُّهِ الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=61بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارِ فِي اللَّيْلَ وَالْبَاءُ فِيهِ سَبَبِيَّةٌ ، وَالسَّبَبُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا بَعْدُ بِطْرِيقِ اللُّزُومِ أَيْ ذَلِكَ النَّصْرُ كَائِنٌ لِسَبَبِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَأْنُهُ قَادِرٌ عَلَى تَغْلِيبِ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ عَلَى بَعْضٍ وَالْمُدَاوَلَةُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْمُتَضَادَّةِ وَمِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ .
وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِإِدْخَالِ أَحَدِ الْمَلَوَيْنِ فِي الْآخَرِ بِأَنْ يَزِيدَ فِيهِ مَا يَنْقُصُ مِنَ الْآخَرِ كَمَا هُوَ الْأَوْفَقُ بِالْإِيلَاجِ أَوْ بِتَحْصِيلِ أَحَدِهِمَا فِي مَكَانِ الْآخَرِ كَمَا قِيلَ لَا بِأَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ كُلِّ نَهَارَيْنِ لَيْلًا وَبَيْنَ كُلِّ لَيْلَيْنِ نَهَارًا كَمَا قَدْ تُوُهِّمَ لِكَوْنِهِ أَظْهَرَ الْمَوَادِّ وَأَوْضَحَهَا أَوْ كَائِنٌ بِسَبَبِ أَنَّهُ تَعَالَى خَالِقُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَصْرِفُهُمَا فَلَا يَخْفَى مَا يَجْرِي فِيهِمَا عَلَى أَيْدِي عِبَادِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْبَغْيِ وَالِانْتِصَارِ كَمَا قِيلَ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=61وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بِكُلِّ الْمَسْمُوعَاتِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا مَا يَقُولُ الْمُعَاقِبُ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=61بَصِيرٌ بِكُلِّ الْمُبْصِرَاتِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا مَا يَقَعُ مِنْهُ مِنَ الْأَفْعَالِ مِنْ تَتِمَّةِ الْحُكْمِ لَا بُدَّ مِنْهُ إِذْ لَا بُدَّ لِلنَّاصِرِ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى نَصْرِ الْمَظْلُومِ وَمِنَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ كَذَلِكَ ، وَعَلَى الثَّانِي هُوَ تَتْمِيمٌ وَتَأْكِيدٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ، وَقِيلَ : لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى ذَلِكَ النَّصْرَ بِسَبَبِ تَعَاقُبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَتَنَاوُبِ الْأَزْمَانِ وَالْأَدْوَارِ
[ ص: 191 ] إِلَى أَنْ يَجِيءَ الْوَقْتُ الَّذِي قَدَّرَهُ الْمَلِكُ الْجَبَّارُ لِانْتِصَارِ الْمَظْلُومِ وَغَلَبَتِهِ ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا مُحَصِّلَ لَهُ مَا لَمْ يُلَاحِظْ قُدْرَةَ الْفَاعِلِ لِذَلِكَ ، وَقِيلَ : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى الِاتِّصَافِ بِالْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ أَيْ ذَلِكَ الِاتِّصَافُ بِسَبَبِ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُؤَاخِذِ النَّاسَ بِذُنُوبِهِمْ فَيَجْعَلُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ سَرْمَدًا فَتَتَعَطَّلُ الْمَصَالِحُ ، وَفِيهِ أَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ لَا يُنَاسِبُ السِّيَاقَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لَا سِيَّمَا إِذَا لُوحِظَ عَطْفُ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=61وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ فِيمَا قَبْلُ ،