قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=2646_28328_28639_28640_28723_29677_30489_30504_31037_31848_34086_34113_34114_34134_34219_34274_34275_844_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير
قالت فرقة: هذه آية أمر الله -تعالى- فيها بالجهاد في سبيله، وهو قتال الكفار، وقالت فرقة: هي أعم من ذلك، وهو جهاد النفس، وجهاد الكافرين، وجهاد الظلمة، وغير ذلك، أمر الله عباده بأن يفعلوا ذلك في ذات الله حق فعله.
قال القاضي
أبو محمد -رحمه الله-:
والعموم حسن. وبين أن عرف اللفظة يقتضي الجهاد في سبيل الله، وقال
هبة الله [ ص: 276 ] وغيره: إن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78حق جهاده وقوله في الأخرى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102حق تقاته [آل عمران: 102] منسوخ بالتخفيف إلى الاستطاعة.
قال القاضي
أبو محمد -رحمه الله-:
ومعنى الاستطاعة في هذه الأوامر هو المراد من أول الأمر، فلم يستقر تكليف بلوغ الغاية شرعا ثابتا فيقال: إنه نسخ بالتخفيف، وإطلاقهم النسخ في هذا غير محدق.و"اجتباكم" معناه: تخيركم.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وما جعل عليكم في الدين من حرج معناه: من تضييق، يريد: في شرعة الملة، وذلك أنها حنيفية سمحة، ليست كشدائد بني إسرائيل وغيرهم، بل فيها التوبة والكفارات والرخص ونحو هذا مما كثر عده.و"الحرجة": الشجر الملتف المتضايق، ورفع الحرج صح لجمهور هذه الأمة ولمن استقام على منهاج الشرع، وأما السلابة والسراق وأصحاب الحدود فعليهم الحرج، وهم جاعلوه على أنفسهم بمفارقتهم الدين، وليس في الشرع أعظم حرجا من إلزام ثبوت رجل لاثنين في سبيل الله -تعالى- ومع صحة اليقين وجودة العزم ليس بحرج.
وقوله: "ملة" نصب بفعل مضمر تقديره: بل جعلها، أو نحوه من أفعال الإغراء، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : هو نصب على تقدير حذف الكاف كأنه قال: "كملة"، وقيل: هو كما ينصب المصدر. وقوله: "هو سماكم"، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : الضمير
لإبراهيم والإشارة إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128ومن ذريتنا أمة مسلمة لك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد : الضمير لله -تعالى- و"من قبل" معناه: في الكتب القديمة، "وفي هذا": في القرآن، وهذه اللفظة تضعف قول من قال: الضمير،
لإبراهيم ، ولا يتوجه إلا على تقدير محذوف من الكلام
[ ص: 277 ] مستأنف. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78ليكون الرسول شهيدا عليكم أي: بالتبليغ، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وتكونوا شهداء على الناس أي: بتبليغ رسلهم إليهم على ما أخبركم نبيكم.
وأسند
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أنه قال: أعطيت هذه الأمة ما لم يعطه إلا نبي، كان يقال للنبي: أنت شهيد على أمتك، وقيل لهذه الأمة:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وتكونوا شهداء على الناس ، وكان يقال للنبي: ليس عليك حرج، وقيل لهذه الأمة:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وما جعل عليكم في الدين من حرج ، وكان يقال للنبي: سل تعط، وقيل لهذه الأمة:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60ادعوني أستجب لكم .
ثم أمر -تعالى- بالصلاة المفروضة أن تقام ويدام عليها بجميع حدودها، وبالزكاة أن تؤدى، كما أنعم عليكم فافعلوا كذا، ثم أمر بالاعتصام بالله -تعالى- أي: بالتعلق به والخلوص له، وطلب النجاة منه ورفض التوكل على سواه.و"المولى" في هذه الآية معناه: الذي يليكم نصره وحفظه. وباقي الآية بين. كمل تفسير سورة الحج بحمد الله تعالى وعونه
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=2646_28328_28639_28640_28723_29677_30489_30504_31037_31848_34086_34113_34114_34134_34219_34274_34275_844_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
قَالَتْ فِرْقَةٌ: هَذِهِ آيَةٌ أَمَرَ اللَّهُ -تَعَالَى- فِيهَا بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ، وَهُوَ قِتَالُ الْكُفَّارِ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: هِيَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ جِهَادُ النَّفْسِ، وَجِهَادُ الْكَافِرِينَ، وَجِهَادُ الظَّلَمَةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِأَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فِي ذَاتِ اللَّهِ حَقَّ فِعْلِهِ.
قَالَ الْقَاضِي
أَبُو مُحَمَّدٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:
وَالْعُمُومُ حَسَنٌ. وَبَيَّنَ أَنَّ عُرْفَ اللَّفْظَةِ يَقْتَضِي الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَالَ
هِبَةُ اللَّهِ [ ص: 276 ] وَغَيْرُهُ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78حَقَّ جِهَادِهِ وَقَوْلَهُ فِي الْأُخْرَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102حَقَّ تُقَاتِهِ [آل عِمْرَانَ: 102] مَنْسُوخٌ بِالتَّخْفِيفِ إِلَى الِاسْتِطَاعَةِ.
قَالَ الْقَاضِي
أَبُو مُحَمَّدٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:
وَمَعْنَى الِاسْتِطَاعَةُ فِي هَذِهِ الْأَوَامِرِ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، فَلَمْ يَسْتَقِرَّ تَكْلِيفُ بُلُوغِ الْغَايَةِ شَرْعًا ثَابِتًا فَيُقَالُ: إِنَّهُ نُسِخَ بِالتَّخْفِيفِ، وَإِطْلَاقُهُمُ النَّسْخَ فِي هَذَا غَيْرُ مُحْدِقٍ.و"اجْتَبَاكُمْ" مَعْنَاهُ: تَخَيَّرَكُمْ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مَعْنَاهُ: مِنْ تَضْيِيقٍ، يُرِيدُ: فِي شِرْعَةِ الْمِلَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا حَنِيفِيَّةٌ سَمْحَةٌ، لَيْسَتْ كَشَدَائِدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمْ، بَلْ فِيهَا التَّوْبَةُ وَالْكَفَّارَاتُ وَالرُّخَصُ وَنَحْوِ هَذَا مِمَّا كَثُرَ عَدُّهُ.و"الْحَرَجَةُ": الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ الْمُتَضَايِقُ، وَرَفْعُ الْحَرَجِ صَحَّ لِجُمْهُورِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلِمَنِ اسْتَقَامَ عَلَى مِنْهَاجِ الشَّرْعِ، وَأَمَّا السَّلَّابَةُ وَالسُّرَّاقُ وَأَصْحَابُ الْحُدُودِ فَعَلَيْهِمُ الْحَرَجُ، وَهُمْ جَاعِلُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمُفَارَقَتِهِمُ الدِّينَ، وَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ أَعْظَمُ حَرَجًا مِنْ إِلْزَامِ ثُبُوتِ رَجُلٍ لِاثْنَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -تَعَالَى- وَمَعَ صِحَّةِ الْيَقِينِ وَجَوْدَةِ الْعَزْمِ لَيْسَ بِحَرَجٍ.
وَقَوْلُهُ: "مِلَّةَ" نُصِبَ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ: بَلْ جَعَلَهَا، أَوْ نَحْوَهُ مِنْ أَفْعَالِ الْإِغْرَاءِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفِرَاءُ : هُوَ نَصْبٌ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْكَافِ كَأَنَّهُ قَالَ: "كَمِلَّةِ"، وَقِيلَ: هُوَ كَمَا يُنْصَبُ الْمَصْدَرُ. وَقَوْلُهُ: "هُوَ سَمَّاكُمْ"، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابْنُ زَيْدِ : الضَّمِيرُ
لِإِبْرَاهِيمَ وَالْإِشَارَةُ إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدُ : الضَّمِيرُ لِلَّهِ -تَعَالَى- و"مِنْ قَبْلُ" مَعْنَاهُ: فِي الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ، "وَفِي هَذَا": فِي الْقُرْآنِ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ تُضَعِّفُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: الضَّمِيرُ،
لِإِبْرَاهِيمَ ، وَلَا يَتَوَجَّهُ إِلَّا عَلَى تَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ مِنَ الْكَلَامِ
[ ص: 277 ] مُسْتَأْنَفٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ أَيْ: بِالتَّبْلِيغِ، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ أَيْ: بِتَبْلِيغِ رُسُلِهِمْ إِلَيْهِمْ عَلَى مَا أَخْبَرَكُمْ نَبِيُّكُمْ.
وَأَسْنَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرَيُّ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: أُعْطِيتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ مَا لَمْ يُعْطَهُ إِلَّا نَبِيٌّ، كَانَ يُقَالُ لِلنَّبِيِّ: أَنْتَ شَهِيدٌ عَلَى أُمَّتِكَ، وَقِيلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ، وَكَانَ يُقَالُ لِلنَّبِيِّ: لَيْسَ عَلَيْكَ حَرَجٌ، وَقِيلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ، وَكَانَ يُقَالُ لِلنَّبِيِّ: سَلْ تُعْطَ، وَقِيلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ .
ثُمْ أَمَرَ -تَعَالَى- بِالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ أَنْ تُقَامَ وَيُدَامَ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ حُدُودِهَا، وَبِالزَّكَاةِ أَنْ تُؤَدَّى، كَمَا أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ فَافْعَلُوا كَذَا، ثُمْ أَمَرَ بِالِاعْتِصَامِ بِاللَّهِ -تَعَالَى- أَيْ: بِالتَّعَلُّقِ بِهِ وَالْخُلُوصِ لَهُ، وَطَلَبِ النَّجَاةِ مِنْهُ وَرَفَضِ التَّوَكُّلِ عَلَى سِوَاهُ.و"الْمَوْلَى" فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعْنَاهُ: الَّذِي يَلِيكُمْ نَصْرُهُ وَحِفْظُهُ. وَبَاقِي الْآيَةِ بَيِّنٌ. كَمُلَ تَفْسِيرُ سُورَةِ الْحَجِّ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَوْنِهِ