الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
3708 3923 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن عبد الله، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14906محمد بن يوسف: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال: حدثني عطاء بن يزيد الليثي قال: حدثني nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد- رضي الله عنه- قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=653630جاء أعرابي إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فسأله عن الهجرة فقال: " nindex.php?page=treesubj&link=30495_32955ويحك، إن الهجرة شأنها شديد، فهل لك من إبل؟". قال: نعم. قال "فتعطي صدقتها". قال: نعم. قال: "فهل تمنح منها؟". قال: نعم. قال: "فتحلبها يوم ورودها؟". قال: نعم. قال: "فاعمل من وراء البحار، فإن الله لن يترك من عملك شيئا". [انظر: 1452- مسلم: 1865- فتح: 7 \ 257]
حديث عبد الله بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة سلفا في باب: nindex.php?page=hadith&LINKID=656704لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار. وحديث أبي موسى سلف قريبا في باب هجرة الحبشة، و"وهلي": وهمي.
وقوله: ("فإذا هي يثرب") خاطبهم بما عقلوا حينئذ ولا ينبغي أن تسمى اليوم بذلك، وقد قيل: من قاله وهو عالم كتبت عليه خطيئة.
ثم ساق nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري (أحد عشر) حديثا:
[ ص: 534 ] أحدها:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب- رضي الله عنه-: هاجرنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نريد وجه الله.. الحديث، سلف في الكفن من الجنائز.
ومعنى: (أينعت له ثمرته): أدركت ونضجت يقال: ينع الثمر وأينع يينع ويونع فهو يانع ومونع، وقال الفراء: ينع أكثر من أينع، و(يهدبها) بكسر الدال وضمها: يجتنيها ويقطفها.
وفيه أن nindex.php?page=treesubj&link=2123الكفن من رأس المال كما سلف هناك، والنمرة: كساء ملون أي: مخطط أو بردة يلبسها الإمام، والجمع: نمرات ونمار.
الحديث الثاني:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: nindex.php?page=hadith&LINKID=681008 "إنما الأعمال بالنية" سلف في أول الكتاب وغيره.
الحديث الثالث:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: nindex.php?page=hadith&LINKID=652575 (لا هجرة بعد الفتح) هذا قد سلف مرفوعا مع تأويله، وشيخه فيه إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الدمشقي الفراديسي، مولى nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز مات سنة سبع وعشرين ومائتين. رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=17311يحيى بن حمزة قاضي دمشق مات سنة ثلاث وثمانين ومائة، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي واسمه: عبد الرحمن بن عمرو مات سنة سبع وخمسين ومائة.
[ ص: 535 ] الحديث الرابع:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لا هجرة اليوم..) إلى آخره. والفتنة فيه: الكفر، وكان المقام بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يمنع الخروج كما قاله ابن التين.
وقولها: (وأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام); لأن مكة صارت بعد الفتح دار إيمان.
الحديث الخامس:
حديثها أيضا أن سعدا قال: اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلي أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11792أبان بن يزيد: ثنا هشام، عن أبيه، أخبرتني nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: من قوم كذبوا نبيك وأخرجوه من قريش.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: قوله (من قوم كذبوا رسولك)، يعني: بني قريظة، وكانوا يهود أشد الناس عداوة للمؤمنين كما وصفهم الله.
دعاء سعد لا يميته الله حتى تقر عينه بهلاكهم، فأستجيب له، وكان جرح في أكحله بنبل، فنزلوا على حكمه فحكم بقتل المقاتلة وسبي الذرية كما سلف في ترجمته، ثم انفجر أكحله فمات.
قال: وقوله ثانيا: (من قريش) ليس بمحفوظ.
وظاهر القول جميعا أنهم من قريش; لأنه قال: (وأخرجوه) ولم يخرجه بنو قريظة، فدعا هنا على قريش، ودعا على قريظة في موضع آخر، وقوله: (وقال أبان ..) إلى آخره. قال في موضع آخر:
[ ص: 536 ] حدثنا زكريا بن يحيى، عن nindex.php?page=showalam&ids=16421عبد الله بن نمير، عن هشام مطولا بلفظ: فإن كان من حرب قريش شيء فأبقني حتى أجاهدهم فيك.
الحديث السادس:
حديث هشام - هو ابن حسان- عن عكرمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=653613بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لأربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثم أمر بالهجرة، فهاجر عشر سنين، ثم مات وهو ابن ثلاث وستين.
سلف في المبعث.
ثم ساقه عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: nindex.php?page=hadith&LINKID=653614nindex.php?page=treesubj&link=29394_30656مكث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بمكة ثلاث عشرة، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في "موطئه" أنه أقام بمكة عشرا وبالمدينة عشرا وتوفي وهو ابن ستين، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه توفي ابن خمس وستين، وقيل: ابن اثنتين وستين.
الحديث السابع:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري السالف في فضائل أبي بكر- رضي الله عنه- وجلوسه على المنبر لضعفه.
وفيه: خير الله نبيه وهو أعلم بما يسره الله إليه كما سبق في علمه.
وفيه: مدح المرء بحضرته إذا أمن عليه الفتنة.
[ ص: 537 ] وقوله: ("إلا خلة الإسلام") كذا هنا، وقال هناك: "إلا أخوة الإسلام". قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: وهو المحفوظ; لأنه نفى الخلة، وأنكر القزاز (خوة الإسلام) بحذف الألف، وقيل: إنه نفى الخلة المختصة فالإنسان مفردا وأوجب الخلة العامة، التي هي الإسلام في سائر الناس.
والخوخة: باب صغير وكان بعض الصحابة فتحوا أبوابا في ديارهم إلى المسجد، فأمر الشارع بسدها إلا خوخة الصديق; ليتميز بذلك فضله.
وفيه: إيماء إلى الخلافة كما سلف.
الحديث الثامن:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين.
فذكر حديث الهجرة بطوله وقد سلف قطعة منه في الكفالة في باب: جوار أبي بكر.
معنى (يدينان الدين) تعني: مسلمين، وولدت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها في الإسلام.
و(برك الغماد): موضع في أقاصي هجر، والأكثر فتح الباء، ومنهم من كسرها. قاله nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض.
[ ص: 538 ] و(الغماد): بكسر الغين، وهو عند ابن فارس بضمها قال: وهو أرض.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: وأفصح اللغتين حذف الألف، ومنع القزاز إثباتها وجوزها nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي، وقد سلف إيضاح ذلك في أول الكتاب في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي. قال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: وهذا الفعل مما جاء على فعل يفعل.
و(المعدوم) في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في بدء الوحي أي: المعدوم منه. و(تصل الرحم) أي: لا تمنع قرابتك من خيرك. و(تحمل الكل): أي: المنقطع به، أو العيال أو اليتيم، أو الثقل من كل ما يتكلف، (وتقري الضيف) تأتيه بالقرى وهو ما نأثره به، وقيل: لجمعه إليك من قريت الماء في الحوض إذا جمعته.
(وتعين على نوائب الحق) أي: تعين بما تقدر عليه من أصابته
[ ص: 539 ] نوائب. وقوله: (فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة) أي: لم ترده، وكل من كذب في شيء فقد رده.
وقوله: (فيقرأ القرآن فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم) أي: يتدافعون عند ازدحامهم عليه، وفي رواية: فيتقصف. قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: وهو المحفوظ أي: يزدحم، والأول تصحيف، قال: وأصل القصف الكسر، وأما ينقذف فلا وجه له إلا أن يجعل من القذف، وهو الدفع، فيقذف بعضهم بعضا فيتساقطون عليه، قال: وفي هذا بعد.
قلت: بل البعد التصحيف لبعد ما بين الدال والصاد.
وقوله: (قد كرهنا أن نخفرك) أي: ننقض عهدك - بضم النون- يقال: أخفرت إذا نقضت العهد، وخفرت إذا وفيت به.
وقوله: (على رسلك) هو بكسر الراء أي: أمهل لا تعجل; لأن الرسل بالفتح: الهينة، وبالكسر: التؤدة والحفظ.
وقوله: (ورق السمر، وهو الخبط) قال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: يقال: خبط الورق من الشجرة، فإذا سقط فهو خبط.
و(نحر الظهيرة): اشتداد الحر، وقال الداودي: هو أول ما يفيء الفيء. (متقنعا) أي: متغطيا و(أحث الجهاز): أسرعه، والسفرة من الجلد إما بزود أو غيره (يصنع) فيه الطعام.
[ ص: 540 ] و(الجراب) بكسر الجيم، وربما فتح، و(النطاق): إزار به تكة تلبسه النساء، والمنطق: كل شيء شددت به وسطك، قاله nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: هو مئزر، والمنطق: الحقوة، وقال الهروي: النطاق: المنطق، وهو أن تأخذ المرأة ثوبا فتلبسه ثم تشد إزارها وسطها بحبل، ثم ترسل الأعلى على الأسفل قال: وبه nindex.php?page=treesubj&link=31526سميت أسماء ذات النطاقين; لأنها كانت تطارق نطاقا على نطاق، وقيل: كان لها نطاقان تلبس أحدهما وتحمل في الآخر الزاد لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو في الغار.
وقوله: (وهو غلام شاب ثقف لقن). قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: الثقافة حسن التلقي (للأدب) يقال: غلام ثقف، واللقن: الحسن التلقي لما يسمعه ويعلمه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: ثقفت الشيء إذا أقمت عوجه، ورجل ثقف، وقال: اللقن: السريع الفهم.
فصل:
قوله: (فيدلج من عندهما بسحر) أي: يسير سحرا من عندهما إلى مكة. يقال: أدلج: سار سحرا، وادلج (رباعيا) إذا سار الليل كله، وقد سلف.
وقوله (فلا يسمع أمرا يكادان به إلا وعاه) هو افتعال من الكيد، وفي رواية غير الشيخ أبي الحسن (يكتادان به) قال ابن التين: وهو أبين; لأن
[ ص: 541 ] كاد لا يتعدى إلى مفعولين، وإن قيل: (يكادان به) بالياء فتسقط النون بعد عامل. قلت: وعليه اقتصر nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي حيث قال: (يكتادان به) هو من الكيد، أخرجه على وجه الافتعال.
والمنحة: الشاة ذات اللبن يمنحها الرجل صاحبه يشرب لبنها، وترد رقبتها قال ابن فارس: والمنحة والمنيحة منحة اللبن، والمنحة الناقة أو الشاة يعطي لبنها، وقيل: هذا أصل المنحة ثم جعلت كل عطية منحة.
وقوله: (فيبيتان في رسل) هو بكسر الراء: اللبن، ولذلك قال: (وهو لبن منحتهما ورضيفهما).
والرضيف: أن تحمى الحجارة فتلقى في اللبن الحليب فتذهب وخامته وثقله، والجمع رضف، وشواء مرضوف أي: مشوي على الرضف، وقيل: هو اللبن يحسى به السقاء يعني خاثرا ثم يصب في القدح، وقد سخنت له الرضافة فتوضع الرضفة المحماة فتكسر من برده، وروي: صريفها، والصريف اللبن ساعة يحلب
وقوله: (حتى ينعق بها عامر بن فهيرة) أي: يصيح، و(الغلس): ظلام آخر الليل.
وقوله: (واستأجر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر رجلا من بني الديل) هو عبد الله بن أريقط، وكان كافرا، وقال nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة: أريقط وقيل: عبد الله بن أريقد.
[ ص: 542 ] قوله: (والخريت الماهر بالهداية) قيل: هو مأخوذ من خرات الإبرة، كأنه يهتدي بمثل خرتها ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: سمي بذلك لشقه المفازة، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي خرتنا الأرض: إذا عرفناها، ولم تخف علينا طرقها.
وقوله في الرجل من بني الديل: (وهو من بني عبد بن عدي)، ثم قال: (قد غمس حلفا في آل العاصي ابن وائل السهمي) وفي رواية: غمس يمين حلف، يريد أنه كان حليفا لهم، وكانوا إذا تحالفوا غمسوا أيديهم في دم أو خلوق أو نحوهما من شيء فيه تلوين فيكون تأكيدا للحلف.
والحلف: بفتح الحاء وكسر اللام مصدر حلفت، وتسكين اللام: العهد بين القوم.
وقوله في فرسه: (فرفعتها تقرب) من التقريب ودون الحضر، وفوق سير العادة. قال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: وهما تقريبان أدنى وأعلى.
وقوله: (ساخت يدا فرسي في الأرض) يعني: دخلت كما يدخل في الماء والطين والتراب غير أن الأرض عليها شديدة.
وقوله: (فلم يرزآني) أي: لم يأخذا مني شيئا، ولم ينقصاه.
[ ص: 543 ] وقوله: (فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أدم) وجاء أن أبا بكر كتب له في عظم فلقيه به قوم يوم فتح مكة بالجعرانة.
و(الركب): جمع راكب كتاجر وتجر، (وقافلين): راجعين. وما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير من أنه لقي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في طريق الهجرة وأنه كساه وكسا الصديق ثياب بياض، غريب.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي: لم يذكره nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار ولا أهل السير، وإنما هو nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله. قال ابن سعد: لما ارتحل النبي- صلى الله عليه وسلم- من الخرار في هجرته إلى المدينة لقيه nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله من الغد جاء من الشام فكسا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر من ثياب الشام، وأخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن [من] بالمدينة من المسلمين استبطئوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فعجل رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
وقوله: (أوفى رجل من يهود على أطم) أي: قام في أعلاه، والأطم: الحصن، وقيل: هو بناء معمول من حجارة كالقصر.
قوله: (مبيضين) أي: مبيضة ثيابهم، ويحتمل أن يريد مستعجلين. قال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: حمس بائض: مستعجل، ويدل عليه قولهم: (يزول بهم السراب) ويحتمل أن يريد في وقت الهاجرة، وشدة الحر، وقد ضبط بتشديد الضاد.
وقوله: (هذا جدكم) أي: حظكم ودولتكم التي تتوقعون مجيئه.
[ ص: 544 ] وقوله: (فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يحيي أبا بكر) سببه أن أبا بكر كان يسافر إلى الشام فعرف بالمدينة ولم يأتها النبي- صلى الله عليه وسلم- بعد أن كبر فيعرفه أهلها.
وقوله (فلبث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة) قيل: نزل على كلثوم بن الهدم أو سعد بن خيثمة، وقيل: أقام فيهم ثلاث ليال، حكاه الشيخ أبو محمد ولا خلاف أنه نزل بالمدينة على أبي أيوب.
وقوله (وأسس المسجد الذي أسس على التقوى) هذا صريح أنه مسجده، وقد اختلف في ذلك في زمانه، وقال: إنه رواية nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري، وقيل: إنه مسجد قباء، والأول أثبت، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: إنه ليس باختلاف كلاهما أسس على التقوى.
(المربد): الموضع الذي يجفف فيه التمر، ويسميه أهل العراق: البندر، وأهل الشام: الأندر، وأهل البصرة: الخوخان، وأهل مصر: الجرين، وبعض أهل اليمامة: المسطح.
وقوله: (ثم دعا الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا، فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله فأبى أن يقبله منهما هدية حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجدا) وسلف في أحكام المساجد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فأرسل إلى ملإ بني النجار فقال: "يا بني النجار ثامنوني بحائطكم" قالوا: لا والله
[ ص: 545 ] لا نطلب ثمنه إلا إلى الله. لا منافاة بينهما فقد يكلمهما ويستشفع بالملإ، ويتحمله الملأ إن كان الغلامين تحت الحجر.
وقوله: (فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي) هو nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة.
وقوله: (قال nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب: ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تمثل ببيت شعر تام غير هذه الأبيات). أنكر عليه هذا من وجهين:
أحدهما: أنه رجز وليس بشعر، ولا يطلق على الرجز شعر. قالوا: وإنما هو كالكلام المسجع بدليل أنه يقال لصاحبه: راجز، ويقال: أنشد رجزا، لا شعرا.
والثاني: أنه ليس برجز ولا موزون.
واختلف هل يحكي الشاعر الشعر وعلى القول بنفي الحكاية عنه، اختلف هل يحكي بيتا واحدا، فقال قوم: لا يتمه إلا شعرا، وقال آخرون: ليس البيت الواحد شعرا. وفيه بعد.
وقوله:
(هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر)
أي: هذا الحمل والمحمول من اللبن أبر عند الله وأطهر أي: أنقى ذخرا، وأدوم منفعة (لا حمال خيبر) من التمر والزبيب والطعام المحمول
[ ص: 546 ] منها الذي يتغبط به حاملوه والذي كنا نحمله ونتغبط به، والحمال والحمل واحد، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=15230المستملي بالجيم ضما وله وجه، والأول أظهر.
الحديث التاسع:
حديث أسماء رضي الله عنها صنعت سفرة لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر حين أرادا المدينة، فقلت لأبي: ما أجد شيئا أربطه إلا نطاقي. قال: فشقيه. ففعلت، فسميت ذات النطاقين.
قد سلف ذلك في الحديث قبله واضحا.
الحديث العاشر:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء- رضي الله عنه-: لما أقبل النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة تبعه سراقة.. الحديث، وقد سلف في حديث الهجرة قبله، وزاد هنا: فعطش النبي- صلى الله عليه وسلم- فمر براع، قال أبو بكر: فأخذت قدحا فحلبت فيه كثبة لبن، فأتيته فشرب حتى رضيت. وقد سلف الجواب عن ذلك.
الحديث الحادي عشر:
حديث زكريا بن يحيى، عن nindex.php?page=showalam&ids=11804أبي أسامة، عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة، عن أبيه، nindex.php?page=hadith&LINKID=655047عن أسماء أنها حملت nindex.php?page=showalam&ids=16414بعبد الله بن الزبير، قالت: فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة، فنزلت بقباء، فولدته بقباء، ثم أتيت به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة، فمضغها، ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه هو ريق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم حنكه بتمرة، ثم دعا له وبرك عليه، وكان nindex.php?page=treesubj&link=31666أول مولود ولد في الإسلام.
تابعه nindex.php?page=showalam&ids=15801خالد بن مخلد، عن nindex.php?page=showalam&ids=16637علي بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن أسماء أنها هاجرت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهي حبلى.
[ ص: 547 ] ثم ساق الثاني عشر:
عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت: أول مولود ولد في الإسلام عبد الله بن الزبير، فذكرت تحنيكه.
وشيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري (زكريا) من أفراده، وهو أبو يحيى، زكريا بن يحيى بن صالح بن سليمان بن مطر اللؤلؤي البلخي الحافظ الفقيه إمام مصنف، مات سنة اثنتين وثمانين ومائتين حكاه nindex.php?page=showalam&ids=15094الكلاباذي وقال غيره: سنة ثلاثين.
وخالد بن مخلد هو القطواني الكوفي من رجال nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا كنيته أبو الهيثم، نسب إلى التشيع، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره له مناكير. مات سنة ثلاث عشرة ومائتين.
وشيخ خالد علي بن مسهر، أبو الحسن، قاضي الموصل الجرمكي الكوفي الحافظ المحدث الفقيه أخو عبد الرحمن مات سنة تسع وثمانين ومائة. ومتابعة خالد أخرجها nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من حديث سويد بن سعيد، ثنا أبو مسهر، عن هشام، ومن حديث عثمان ثنا خالد به.
ومعنى (متم) حانت ولادتها قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي، وفي "الصحاح" مثله، قال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: امرأة حبلى متم، وولدت لتمام.
وقولها: (وكان أول مولود ولد في الإسلام) أي: بالمدينة من المهاجرين. قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: المشهور أنها ولدته لسنة ونصف من
[ ص: 548 ] الهجرة; لأنهم لما قدموا المدينة تأخرت ولادة نسائهم حتى خافوا أن يكون اليهود سحرتهم، فلما ولد عبد الله فرح المسلمون ثم ولد بعده في ذلك العام nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير ولد للانصار بعدها. والمشهور في قباء المد والقصر.
ومعنى (تفل في فيه) من ريقه، وهو بالتاء: المجة بثنتين. والتحنيك: أن يمضغ التمرة ثم يدلكها بحنك الصبي، يقال: حنكه وحنكته فالصبي محنك ومحنوك.
ومعنى (برك عليه): دعا له بالثبات على الخير والدوام ومنه: تبارك الله أي: ثبت الخير عنده في [...] ومنه سميت بركة الماء بركة لإقامة الماء فيها.
وقوله: (فلاكها، ثم أدخلها في فيه). ظاهره أن اللوك كان قبل أن يدخلها في فيه، والذي عن أهل اللغة أن التلوك في الفم كما نبه عليه ابن التين.
الحديث (الثاني عشر) :
حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس- رضي الله عنه- قال: أقبل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مردف أبا بكر.. الحديث بطوله في الهجرة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: يحتمل أن يردفه على الراحلة التي هو عليها أو على
[ ص: 549 ] راحلة أخرى وراءه قال تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9بألف من الملائكة مردفين [الأنفال: 9] أي: يتلو بعضهم بعضا، والتأويل هو الأول، ولا يصح الثاني كما نبه عليه ابن التين; لأن الردف على قول الداودي يكون خلف، ولا يصح أن يكون أبو بكر يمشي بين يدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وذلك لأن في الحديث: (يلقى الرجل أبا بكر فيقول له: من هذا؟) وكان ذلك في انتقالهم من بني عمرو بن عوف، والحديث نص في أنه كان في مسيرهم إلى المدينة.
قال غيره: وكان ركوبهم من بني عمرو يوم الجمعة، فمر ببني سالم فصلى فيهم الجمعة.
قوله: (وأبو بكر شيخ والنبي- صلى الله عليه وسلم- شاب) كان أبو بكر أسرع الشيب إليه بخلاف رسول الله- صلى الله عليه وسلم-; لأنه مات وليس في لحيته ورأسه عشرون شعرة بيضاء; وأبو بكر كان (أسن) منه; لأنه مات بعده بسنتين ونيف، وماتا وعمرهما واحد. قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر أبناء ستين سنة، وقيل: ثلاث وستين، وقيل في عمر عمر: ابن خمس وخمسين.
وقوله: (فصرعه الفرس- وفي رواية: (فرسه)- ثم قامت تحمحم)
[ ص: 550 ] قال ابن التين: فيه نظر; لأنه لا يخلو أن يكون الفرس أنثى فلا يجوز: فصرعه. وإنما يجوز: فصرعته، أو يكون يعني ذكرا فلا تقول: قامت تحمحم، وإنما يجوز: قام يحمحم، وتحمحم: يصيح صياحة إذا رأى العلف.
وقوله: (إذ سمع به nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام وهو في نخل لأهله يخترف لهم) أي: يجتني لهم الثمار.
وقوله: ("فهيئ لنا مقيلا") أي: مكانا نقيل فيه. والمقيل: النوم نصف النهار، وقال الأزهري: القيلولة والمقيل: الاستراحة نصف النهار كان معها نوم أم لا بدليل قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=24وأحسن مقيلا [الفرقان: 24] والجنة لا نوم فيها: يقال: قلت، أقيل، قيلولة، وقائلة، ومقيلا.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: "فهيئ لنا مقيلا": يعني دار nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب. و(سلام) مخفف اللام.
الحديث الثالث عشر:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنهما قال: كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف في أربعة، وفرض nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقيل له: هو من المهاجرين، فلم نقصته من أربعة آلاف؟ فقال: إنما هاجر به أبواه. يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه.
[ ص: 551 ] اعترض ابن التين حيث قال: رواه nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=2 (عمر) : فإن يكن أدركه، أو هو وهم في النقل، أو هو حديث مرسل.
قلت: nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع إنما رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فزال الإشكال، فلعل نسخة وقعت له كذلك.
وقوله: (أربع آلاف في أربعة) قيل: معناه أربعة آلاف وأربعة آلاف. وقيل: معناه في أربعة أعوام. قال سعيد بن المسيب: المهاجرون الأولون هم الذين صلوا القبلتين، هم السابقون، ثم سائر من هاجر قبل الفتح، وفرض nindex.php?page=showalam&ids=2عمر- رضي الله عنه- لحسن وحسين وأسامة كما فرض لهؤلاء، وإنما نقص ابنه لقرابته منه; لأنه من بني عدي ويضاهى به قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي. وقيل: كان نائبا وأتى أبو بكر بمال كان فيه سيوف، وكان فيه سيف محلى فقال له ابنه عبد الرحمن: أعطنيه، فناوله إياه أبو بكر، فبادر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فقال: أنا آخذه فأعطاه إياه فنزع حليته، فردها في المال، وأعطى النصل لعبد الرحمن، وقال: لم أنفسك في السيف إنما خشيت أن يتقول الناس على أبيك. وقال المسور لعبد الرحمن صبيحة بايع nindex.php?page=showalam&ids=7لعثمان قبل أن يبايعه: إنك لها لأهل، فقال: أنا آتي بعد عمر! لقد أتعب من بعده.
وقوله: (إنما هاجر به أبواه) يعني: أنه كان في عيال أبيه، وكان عمره حينئذ ثنتي عشرة (سنة وأشهرا).
[ ص: 552 ] الحديث الرابع عشر:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب تقدم قريبا، وفي الجنائز أيضا.
الحديث الخامس عشر:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=11935أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال: قال لي nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر: هل تدري ما قال أبي لأبيك؟ قال: قلت: لا. قال: فإن أبي قال لأبيك.. الحديث.
قاله له إشفاقا وقد كانت أعمالهم حسنة زكية، ولم ينالوا فوق الكفاف، وكان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر- رضي الله عنه- من أزهد الناس; لأنه قدر فترك.
قوله: (فقال أبي: لكني أنا والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك برد لنا، وأن كل شيء عملناه بعد نجونا منه كفافا رأسا برأس) يقال: برد الشيء إذا ثبت، وبرد لي على الغريم حق إذا وجب، ويقال: ما برد ذلك على فلان فهو علي.
الحديث السادس عشر:
حديث أبي عثمان قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما إذا قيل له: هاجر قبل أبيه. يغضب.. الحديث.
سبب غضبه; لئلا يرفع فوق قدره، ولئلا ينافس والده.
وقوله (فوجدناه قائلا) أي: في قائلة نصف النهار، وذلك حين قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مهاجرا، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي.
وقوله (فدخلت فبايعته ثم انطلقت إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر) إنما بايع قبله; تنافسا في الخير; لأن تأخير ذلك لا ينفع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فنقص حظ نفسه بغير نفع أخيه، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي.
[ ص: 553 ] قال ابن التين: وفيه تجوز; لأنه كان ينفع عمر لو فعل باستعجال بيعته بمقدار تأخره في بيعته إلا أنها منفعة يسيرة، ومنفعة ابن عمر كثيرة. وقوله (نهرول) الهرولة بين المشي والعدو، ففيه المسارعة إلى الخير.
الحديث السابع عشر:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء قال: ابتاع أبو بكر من عازب رحلا.. الحديث. سلف في باب: علامات النبوة، وزاد هنا: قال nindex.php?page=showalam&ids=48البراء: فدخلت مع أبي بكر على أهله فإذا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ابنته مضطجعة قد أصابها حمى فرأيت أباها يقبل خدها، وقال: كيف أنت يا بنية؟
قوله (قد روأتها لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-) يقال: روأت في الأمر وبه إذا نظرت فيه ولم تعجل بجواب.
وقوله (كثبة من لبن) كذا هي بالثاء المثلثة، وكذا سلف هناك، وقد أسلفنا عن الخطابي (كثفة) بالفاء، وأنه غلط، والكثيف ضد القليل، وضبطه في بعض النسخ: كنفة بالنون والكنف: الوعاء.
الحديث الثامن عشر:
حديث عقبة بن وساج عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس- رضي الله عنه-: قدم النبي- صلى الله عليه وسلم- وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر، فغلفها.
وقال دحيم: ثنا الوليد، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي قال: حدثني nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد عن عقبة به ولفظه: فكان أسن أصحابه أبو بكر، فغلفها بالحناء والكتم حتى قنأ لونها.
[ ص: 554 ] هذا تابعي من أفراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وثقه أبو داود، قتل سنة اثنتين وثمانين.
و(أبو عبيد) حي-وقيل: حوي- حاجب سليمان بن عبد الملك المذحجي روى عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أيضا وثقه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك.
والأشمط: الذي يخالط شعره سواد وبياض، رجل أشمط وامرأة شمطاء.
وقوله (فغلفها) يعني: لحيته دل على ذلك قوله: (أشمط) ومعنى غلفها: خضبها وكل شيء ستر شيئا فهو غلاف له، وغلفها مشدد اللام يقال: غلفت لحيته ويغلفها، ومنه تغلفت السكين: جعلت لها غلافا، وكذلك إذا أدخلتها في الغلاف. (وقنأ لونها) اشتدت حمرته حتى ضرب إلى السواد. يقال: قنأ يقنؤ قنوءا: احمر، يقال: أحمر قان، وأبيض ناصع، وأصفر فاقع.
و(الحناء): جمع حناءة ممدود، وأصله الهمز، يقال: حنأت لحيته بها، وبها سمي الرجل حناة، وهو شجر كبار مثل شجر السدر، وهو يرزق في كل عام مرتين.
وزعم أبو زيد السهيلي أنه يجمع على حنان-بضم الحاء وتشديد النون- على غير قياس، وأنشد فيه شعرا، قال: وهو عندي لغة في الحناء لا جمع له، وقال في "المحكم": الحنان بكسر الحاء لغة في الحناء عن ثعلب.
[ ص: 555 ] وفي "المعجم" nindex.php?page=showalam&ids=14687للطبراني أنه- صلى الله عليه وسلم- سماه طيبا، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه، فلا يجوزونه للمحرم، وخالفوه.
و(الكتم): ورق يخضب به، وقيل: إنه يلطخ مع الوسمة، وقيل: إنه الوسمة، وأطال بعضهم في وصفه وهو بالتخفيف خلافا لأبي عبيدة حيث شدده. ذكره في "ديوان الأدب"، وفيه جواز الصبغ، وقد سلف ذكره، ويشبه أن يريد استعمال الكتم مجردا عن الحناء، فإن الحناء إذا غسل بالكتم جاء أسود، وعلى قول من كره تغيير الشيب بالسواد لا يجوز، وذكر بعضهم أنه حناء قريش يعني الذي صبغه أصفر. وقال بعضهم: هو النيل.
الحديث التاسع عشر:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها، أن أبا بكر- رضي الله عنه- تزوج امرأة من كلب يقال لها: أم بكر، فلما هاجر أبو بكر طلقها، فتزوجها ابن عمها هذا الشاعر الذي قال هذه القصيدة، ورثى بها كفار قريش:
وماذا بالقليب قليب بدر من الشيزى تزين بالسنام وماذا بالقليب قليب بدر من القينات والشرب الكرام تحيي بالسلامة أم بكر فهل لي بعد قومي من سلام يحدثنا الرسول بأن سنحيا وكيف حياة أصداء وهام
[ ص: 556 ] هذا الرجل سماه nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق في "السيرة": شداد بن الأسود بن عبد شمس بن مالك بن جعونة -بإسكان العين مع فتح الجيم- ابن عورة - بضم العين- بن أشجع بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة يكنى أبا بكر، ويعرف: شعوب، وعن ابن هشام قال أبو عبيدة: كان أسلم ثم ارتد.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب: شعوب، أمه من خزاعة، واسمه عمرو بن شمر بن ليث بن عبد شمس بن مالك، له شعر كثير قاله وهو كافر، ثم أسلم بعد. وقال nindex.php?page=showalam&ids=15197المرزباني: كان شاعرا رثى قتلى بدر من المشركين، وفي "صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي" أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها كانت تدعو على من يقول: إن أبا بكر قال هذه القصيدة.
والقليب: البئر قبل أن تطوى، وقيل البئر العارية، و(الشيزى) مقصور: خشب أسود يتخذ منه قصاع وجفان، وكذا الشيز.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: يقال للقصاع والجفان شيزى (...) الشيز، وربما قالوا: الشزية فنسبوها إليه وكذلك محلات السكر، وذلك لسواد الجفان، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي: إنما هي من خشب الجوز يسود من الدسم، والشيزى جمع شيز، والشيز يغلظ حتى ينحت منه، وقد أكثر الشعراء ذكر الشيزى والشيزية. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: الشيزى شجر يتخذ منه الجفان، وكانوا يسمون الرجل المطعم جفنة; لأنه يطعم الناس فيها، وتبعه ابن التين.
[ ص: 557 ] والمعنى: ماذا ببدر من أصحاب الجفان وأصحاب القينات كقوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82واسأل القرية [يوسف: 82]. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: هي الجمال، قال: ومعنى (تزين بالسنام) يعني: بالأسنمة الإبل; لأن الإبل إذا سمنت تعظم أسنمتها، ويعظم جمالها، وهذا غلط منه كما قاله ابن التين، وإنما أراد بالقليب المطعمين في الجفان، وكان العرب تسمي الرجل الكريم جفنة; لأنه يطعم الأضياف و(القينات): جمع، واحدهن: قينة، وهي المغنية، ويقال ذلك للماشطة وللأمة، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: وللحرة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: القين والقينة: العبد والأمة، قال: والعرب تسمي المغنية القينة. و(الشرب) بفتح المعجمة، جمع شارب في قول الأخفش، واسم الجمع في قول nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه وجزم nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي بأنه جمع شارب يعني: الندماء الذين يجتمعون للشرب، وتبعه ابن التين، مثل: تاجر وتجر، وصاحب وصحب.
وقوله: (تحيي بالسلامة أم بكر) فيه دلالة على أن معنى السلام الذي هو التحية: السلامة، ومصدر قولهم: سلم الرجل سلاما وسلامة، ألا تراه كيف عطف عليه في المصراع الأخير بالسلام، يريد: وهل لي بعد هلاك قومي من سلام.
والأصداء: جمع صدى، وهو ما كان يزعمه أهل الجاهلية من أن روح الإنسان تصير طائرا يقال له: الصدى. وقيل: هو الذكر من الهام. وذلك من ترهات الجاهلية وأباطيلهم وإنكاراتهم للبعث. وقال الداودي: الصدى: عظام الميت.
[ ص: 558 ] والهام: جمع هامة، وهم الموتى، يقال: أصبح فلان هامة: إذا مات. ويحتمل أن يريد الأشراف; لأن هامة القوم سيدهم. وذكر الداودي عن (أبي عبيدة) في "تفسيره" أن العرب كانت تقول: إذا مات الميت تكون من عظامه [هامة] تطير.
قال الهروي: يسمون ذلك الطائر الذي يخرج من هامة الميت: الصدى. وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس أن العرب كانت تقول: إن القتيل إذا لم يدرك بثأره يصير هامة في القبر، (فتزقو) فتقول: اسقوني اسقوني. فإذا أدرك ثأره طارت.
ويحتمل أن يريد بالهام الرئيس، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي، والظاهر ما سلف; لقوله: (وكيف حياة أصداء وهام) فذلك لا يقال للرئيس; بلي وصار لا يرجى.
الحديث العشرون:
حديث أبي بكر،- رضي الله عنه-: كنت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فرفعت رأسي، فإذا أنا بأقدام المشركين، فقلت: يا نبي الله، لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا. قال: "اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما".
[ ص: 559 ] فيه: الفضل الباهر لهما.
الحديث الحادي بعد العشرين:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد،- رضي الله عنه-: جاء أعرابي إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فسأله عن الهجرة.
الحديث سلف في الزكاة، في باب زكاة الإبل فراجعه.
وزاد هنا: "فهل تمنح منها؟ " قال: نعم. قال "فتحلبها يوم وردها؟ " قال: نعم.
ومعنى ("يترك"): ينقصك، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي أن nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي قاله بالتشديد، والله أعلم.
الشيخ الإمام الحجة ، أمير المؤمنين في الحديث ، أبو الحسن ، [ ص: 42 ] علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح بن بكر بن سعد السعدي ، مولاهم البصري ، المعروف بابن المديني ، مولى عروة بن عطية السعدي كان أبوه محدثا مشهورا لين الحديث .
مات سنة ثمان وسبعين ومائة . يروي عن عبد الله بن دينار وطبقته من علماء المدينة . وقد روى والده جعفر بن نجيح يسيرا عن عبد الرحمن بن القاسم التيمي .
سمع علي : أباه ، وحماد بن زيد ، وجعفر بن سليمان ، ويزيد بن زريع ، وعبد الوارث ، وهشيم بن بشير ، وعبد العزيز الدراوردي . ومعتمر بن سليمان ، وسفيان بن عيينة ، وجرير بن عبد الحميد ، والوليد بن مسلم ، وبشر بن المفضل ، وغندرا ، ويحيى بن سعيد ، وخالد بن الحارث ، ومعاذ بن معاذ ، وحاتم بن وردان ، وابن وهب ، وعبد الأعلى السامي ، وعبد العزيز بن أبي حازم ، وعبد العزيز العمي ، وعمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص الليثي ، وفضيل بن سليمان النميري ، ومحمد بن طلحة التيمي ، ومرحوم بن عبد العزيز ، ومعاوية بن عبد الكريم ويوسف بن الماجشون ، وعبد الوهاب الثقفي ، وهشام بن يوسف ، وعبد الرزاق ، وخلقا كثيرا . [ ص: 43 ] وبرع في هذا الشأن ، وصنف ، وجمع ، وساد الحفاظ في معرفة العلل . ويقال : إن تصانيفه بلغت مائتي مصنف .
حدث عنه : أحمد بن حنبل ، وأبو يحيى صاعقة ، والزعفراني ، وأبو بكر الصاغاني ، وأبو عبد الله البخاري ، وأبو حاتم ، وحنبل بن إسحاق ، ومحمد بن يحيى ، وعلي بن أحمد بن النضر ، ومحمد بن أحمد بن البراء ، والحسن بن شبيب المعمري ، وولده عبد الله بن علي ، والبخاري فأكثر ، وأبو داود ، وحميد بن زنجويه ، وصالح بن محمد جزرة ، وعبيد الله بن عثمان العثماني ، وهلال بن العلاء ، والحسن البزار ، وأبو داود الحراني ، وإسماعيل القاضي ، وأبو مسلم الكجي ، وعلي بن غالب البتلهي وأبو خليفة الفضل بن الحباب ، ومحمد بن جعفر بن الإمام بدمياط ، وابن يعلى الموصلي ، ومحمد بن محمد الباغندي ، وأبو القاسم البغوي ، وعبد الله بن محمد بن أيوب الكاتب خاتمة من روى عنه .
وقد روى عنه من شيوخه جماعة : منهم سفيان بن عيينة ، وعاش هذا الكاتب بعد سفيان مائة وثمانيا وعشرين سنة .
مولد علي في سنة إحدى وستين ومائة قاله علي بن أحمد بن النصر ، ولد بالبصرة .
قال أبو حاتم الرازي : كان ابن المديني علما في الناس في معرفة الحديث والعلل . وكان أحمد بن حنبل لا يسميه ، إنما يكنيه تبجيلا له ، ما سمعت أحمد سماه قط .
أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي ، عن زينب بنت أبي القاسم ، [ ص: 44 ] وأخبرنا ابن عساكر عن زينب ، وعبد المعز البزاز ، قالا : أخبرنا زاهر بن طاهر ، أخبرنا أبو سعد الأديب ، أخبرنا محمد بن محمد الحافظ ، حدثنا عبيد الله بن عثمان العثماني ببغداد ، حدثنا علي بن عبد الله المديني ، حدثنا محمد بن طلحة التيمي ، حدثني أبو سهيل نافع بن مالك ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفا وأوصلها .
أخرجه النسائي عن حميد بن زنجويه النسائي ، عن علي ابن المديني ، فوقع بدلا عاليا بدرجتين .
أنبأنا المسلم بن علان ، والمؤمل بن محمد قالا : أخبرنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا أبو منصور الشيباني ، أخبرنا أبو بكر الحافظ أخبرنا أبو سعد الماليني ، أخبرنا ابن عدي ، حدثنا ابن ناجية ، وعلي بن أحمد بن مروان ، ومحمد بن خالد البردعي ، قالوا : أخبرنا أبو رفاعة عبد الله بن محمد العدوي ، حدثنا إبراهيم بن بشار ، حدثنا سفيان بن عيينة ، حدثني علي ابن المديني ، عن أبي عاصم ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، فذكر حديثا . ثم قال سفيان : تلومني على حب علي ، والله لقد كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني .
وروى الحسين بن محمد بن عفير ، حدثنا أحمد بن سنان قال : كان ابن عيينة يقول لعلي ابن المديني - ويسميه حية الوادي - : إذا استثبت سفيان أو سئل عن شيء ، يقول : لو كان حية الوادي .
وقال العباس العنبري : كان سفيان يسمي علي ابن المديني حية الوادي . [ ص: 45 ] وعن ابن عيينة قال : إني لأرغب عن مجالستكم ، ولولا علي ابن المديني ما جلست .
وقال خلف بن الوليد الجوهري : خرج علينا ابن عيينة يوما ، ومعنا علي ابن المديني ، فقال : لولا علي ، لم أخرج إليكم .
وروى علي بن سعيد الرازي ، عن سهل بن زنجلة قال : كنا عند ابن عيينة وعنده رؤساء أصحاب الحديث ، فقال : الرجل الذي روينا عنه أربعة أحاديث الذي يحدث عن الصحابة ؟ فقال ابن المديني : زياد بن علاقة ؟ فقال نعم .
قال الساجي : سمعت العباس بن عبد العظيم يقول : سمعت روح بن عبد المؤمن ، سمعت ابن مهدي يقول : علي ابن المديني أعلم الناس بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخاصة بحديث ابن عيينة .
وقال ابن عدي : حدثنا عبد الرحمن بن أبي قرصافة ، حدثنا محمد بن علي ابن أخت غزال ، سمعت القواريري ، سمعت يحيى بن سعيد يقول : الناس يلومونني في قعودي مع علي ، وأنا أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني . روى نحوها صالح جزرة ، عن القواريري .
وقال عباس العنبري : كان يحيى القطان ربما قال : لا أحدث شهرا ولا أحدث كذا ، فحدثت أنه حدث ابن المديني قبل انقضاء الشهر . قال : فكلمت يحيى في ذلك ، فقال : إني أستثني عليا ، ونحن نستفيد منه أكثر مما يستفيد منا .
وقال يحيى بن معين : علي من أروى الناس عن يحيى القطان ، [ ص: 46 ] أرى عنده أكثر من عشرة آلاف ، عنده عنه أكثر من مسدد . كان يحيى يدني عليا وكان صديقه . قال أبو قدامة السرخسي : سمعت عليا يقول : رأيت كأن الثريا تدلت حتى تناولتها .
قال أبو قدامة : صدق الله رؤياه ، بلغ في الحديث مبلغا لم يبلغه أحد .
قال يعقوب الفسوي : سمعت عبد الرحمن بن أبي عباد القلزمي - وكان من أصحاب علي - قال : جاءنا علي ابن المديني يوما ، فقال : رأيت في هذه الليلة كأني مددت يدي فتناولت أنجما . فمضينا معه إلى معبر ، فقال : ستنال علما ، فانظر كيف تكون . فقال له بعض أصحابنا : لو نظرت في الفقه - كأنه يريد الرأي - فقال : إن اشتغلت بذاك انسلخت مما أنا فيه .
أنبأنا أحمد بن سلامة ، عن ابن بوش ، عن أبي سعد الصيرفي ، عن محمد بن علي الصوري ، سمعت عبد الغني بن سعيد ، سمعت وليد بن القاسم سمعت أبا عبد الرحمن النسائي يقول : كأن الله خلق علي ابن المديني لهذا الشأن .
قال إبراهيم بن معقل : سمعت البخاري يقول : ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي ابن المديني .
قال عباس العنبري : بلغ علي ما لو قضي أن يتم على ذلك ، لعله كان يقدم على الحسن البصري ، كان الناس يكتبون قيامه وقعوده ولباسه ، وكل شيء يقول أو يفعل أو نحو هذا . [ ص: 47 ] يعقوب الفسوي : قال علي ابن المديني : صنفت " المسند " مستقصى ، وخلفته في المنزل ، وغبت في الرحلة ، فخالطته الأرضة ، فلم أنشط بعد لجمعه .
قال أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم : كان علي إذا قدم بغداد ، تصدر في الحلقة ، وجاء ابن معين ، وأحمد بن حنبل ، والمعيطي ، والناس يتناظرون . فإذا اختلفوا في شيء ، تكلم فيه علي .
قال أحمد بن أبي خيثمة : سمعت ابن معين يقول : كان علي ابن المديني إذا قدم علينا ، أظهر السنة ، وإذا ذهب إلى البصرة أظهر التشيع .
قلت : كان إظهاره لمناقب الإمام علي بالبصرة لمكان أنهم عثمانية ، فيهم انحراف على علي .
أخبرنا أبو الحسين اليونيني أخبرنا جعفر ، أخبرنا السلفي ، أخبرنا المبارك الطيوري أخبرنا الفالي أخبرنا أحمد بن خربان ، حدثنا أبو محمد الرامهرمزي حدثنا زنجويه بن محمد النيسابوري [ ص: 48 ] بمكة ، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، سمعت علي ابن المديني يقول : التفقه في معاني الحديث نصف العلم ، ومعرفة الرجال نصف العلم .
قال أبو العباس السراج : سمعت محمد بن يونس ، سمعت علي ابن المديني يقول : تركت من حديثي مائة ألف حديث ، منها ثلاثون ألفا لعباد بن صهيب .
وعن البخاري : وقيل له : ما تشتهي ؟ قال : أن أقدم العراق ، وعلي ابن المديني حي ، فأجالسه . سمعها أبو العباس السراج من البخاري .
قال أبو عبيد الآجري : قيل لأبي داود : أحمد بن حنبل أعلم أم علي ؟ فقال : علي أعلم باختلاف الحديث من أحمد .
قال عبد المؤمن النسفي : سألت صالح بن محمد : هل كان يحيى بن معين يحفظ ؟ فقال : لا إنما كان عنده معرفة . قلت : فعلي ؟ قال : كان يحفظ ويعرف .
قال أبو داود : علي ابن المديني خير من عشرة آلاف مثل الشاذكوني .
قال عبد الله بن أبي زياد القطواني : سمعت أبا عبيد يقول : انتهى العلم إلى أربعة : أبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له ، وأحمد بن حنبل أفقههم فيه ، وعلي ابن المديني أعلمهم به ، ويحيى بن معين أكتبهم له . [ ص: 49 ] قال الفرهياني وغيره من الحفاظ : أعلم أهل زمانه بعلل الحديث علي . يعقوب الفسوي في " تاريخه " حدثني بكر بن خلف قال : قدمت مكة وبها شاب حافظ ، كان يذاكرني المسند بطرقها . فقلت له : من أين لك هذا ؟ قال : أخبرك ، طلبت إلى علي أيام سفيان أن يحدثني بالمسند ، فقال : قد عرفت ، إنما تريد بذلك المذاكرة . فإن ضمنت لي أنك تذاكر ولا تسميني ، فعلت ، قال : فضمنت له ، واختلفت إليه ، فجعل يحدثني بذا الذي أذاكرك به حفظا .
قال الفسوي : فذكرت هذا لبعض من كان يلزم عليا ، فقال : سمعت عليا يقول : غبت عن البصرة في مخرجي إلى اليمن - أظنه ذكر ثلاث سنين - وأمي حية . فلما قدمت ، قالت : يا بني : فلان لك صديق ، وفلان لك عدو . قلت : من أين علمت يا أمه ؟ قالت : كان فلان وفلان ، فذكرت منهم يحيى بن سعيد يجيئون مسلمين ، فيعزوني ، ويقولون : اصبري ، فلو قدم عليك ، سرك الله بما ترين .
فعلمت أن هؤلاء أصدقاء . وفلان وفلان إذا جاءوا ، يقولون لي : اكتبي إليه ، وضيقي عليه ليقدم .
فأخبرني العباس بن عبد العظيم أو غيره ، قال : قال علي : كنت صنفت " المسند " على الطرق مستقصى ، كتبته في قراطيس وصيرته في قمطر كبير ، وخلفته في المنزل ، وغبت هذه الغيبة . قال : فجئت [ ص: 50 ] فحركت القمطر ، فإذا هو ثقيل بخلاف ما كانت ، ففتحتها ، فإذا الأرضة قد خالطت الكتب ، فصارت طينا .
قال أحمد بن يوسف البجيري : سمعت الأعين يقول : رأيت علي ابن المديني مستلقيا ، وأحمد عن يمينه ، وابن معين عن يساره ، وهو يملي عليهما .
قال أبو أمية الطرسوسي : سمعت عليا يقول : ربما أذكر الحديث في الليل ، فآمر الجارية تسرج السراج فأنظر فيه . البخاري : سمعت أحمد بن سعيد الرباطي قال : قال علي : ما نظرت في كتاب شيخ فاحتجت إلى السؤال به عن غيري .
وعن العباس بن سورة قال : سئل يحيى بن معين ، عن علي ابن المديني والحميدي ، فقال : ينبغي للحميدي أن يكتب عن آخر عن علي ابن المديني .
قال محمد بن طالب بن علي النسفي : سمعت صالح بن محمد يقول : أعلم من أدركت بالحديث وعلله علي ابن المديني ، وأفقههم في الحديث أحمد ، وأمهرهم بالحديث سليمان الشاذكوني . وقال عبد المؤمن بن خلف : سمعت صالح بن محمد ، سمعت إبراهيم بن محمد بن عرعرة ، سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول لابن المديني : ويحك يا علي ، إني أراك تتبع الحديث تتبعا لا أحسبك تموت حتى تبتلى . الفسوي : سمعت عليا ، وقوم يختلفون إليه يقرأ عليهم أبواب [ ص: 51 ] السجدة ، كان يذكر له طرف حديث ، فيمر على الصفحة والورقة ، فإذا تعايى في شيء ، لقنوه الحرف والشيء منه ، ثم يمر ويقول : الله المستعان ، هذه الأبواب أيام نطلب كنا نتلاقى به المشايخ ، ونذاكرهم بها ، ونستفيد ما يذهب علينا منها ، وكنا نحفظها . وقد احتجنا اليوم إلى أن نلقن في بعضها . قال أزهر بن جميل : كنا عند يحيى بن سعيد أنا وعبد الرحمن ، وسفيان الرؤاسي وعلي ابن المديني ، وغيرهم ، إذ جاء عبد الرحمن بن مهدي منتقع اللون أشعث ، فسلم . فقال له يحيى : ما حالك أبا سعيد ؟ قال : خير . رأيت البارحة في المنام كأن قوما من أصحابنا قد نكسوا . قال علي ابن المديني : يا أبا سعيد هو خير . قال الله - تعالى - : ومن نعمره ننكسه في الخلق قال : اسكت ، فوالله إنك لفي القوم .