وأما
nindex.php?page=treesubj&link=3591_3582الطواف بالصفا والمروة فيختص بالحج والعمرة، لا يشرع منفردا، بل ولا يشرع إلا بعد الطواف بالبيت، ولهذا يجيء في الحديث:
"طاف بالبيت وبين الصفا والمروة" . قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158 *إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ، لم يشرع ذلك مطلقا كما شرع الطواف والاعتكاف والصلاة، وقد ثبت في الصحيح : أن ناسا كانوا يظنون أن الصفا والمروة ليس من شعائر الله، بل ظنوا ذلك من أعمال الجاهلية، وآخرون كانوا لا يطوفون بهما في الجاهلية. فلما جاء الإسلام سألوا عن ذلك، فأنزل الله هذه الآية، يبين أن الصفا والمروة من شعائره، وقد شرع لعباده الطواف بهما، فلا جناح في ذلك على من حج أو اعتمر، وأزال بذلك ما كان قد حصل من الشك والظن. وهذا كما يسأل الرجل عن عبادة مأمور بها، فيظن أنها منهي عنها، فيقال له: لا بأس بذلك، وإن كان ذلك مشروعا مستحبا.
ولم يكن حين نزول هذه الآية قد أوجب الله الحج، بل بين أن
[ ص: 203 ] ذلك مشروع بقوله: إنهما
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158من شعائر الله ، وبقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم . فهذا وهذا يبين أن ذلك عمل صالح، وأن قوله "فلا جناح" لنفي الشبهة التي وقعت لهم في ذلك، وأن قوله "لا جناح عليه" أي لا جناح في التقرب بالطواف واتخاذه عبادة، فإن أحدا لا يطوف بهما إلا على وجه التعبد، ليس ذلك كالسفر الذي يفعل على وجه العبادة وغير وجه العبادة. فلما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فلا جناح عليه أن يطوف بهما وهو لا يفعل إلا عبادة، كان المعنى: لا جناح [على] من عبد الله بهما، فيدل ذلك على أن الطواف بهما عبادة لله.
وهذا متفق عليه بين المسلمين، لكن تنازعوا: هل ذلك ركن؟
كما يقوله
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، أو واجب يجبره دم؟ أم لا شيء في تركهما؟ كما يقوله طائفة من السلف، وهي ثلاث روايات عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . وأقوى الأقوال أنه واجب يجبره دم.
وهذا كما يقول: تقام الجمعة في القرى، وبدون إذن الإمام، وإن كان ذلك واجبا، لما في ذلك من الشبهة. وكما يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=3519_23855الجمع بين الصلاتين بعرفة ومزدلفة، وإن كان ذلك هو السنة. وكما يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=23858إشعار الهدي، وإن كان ذلك هو السنة. وكما يقول: يجوز قضاء الفوائت في أوقات النهي، وإن كان ذلك واجبا، لأن قضاءها على الفور. وكما يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=1779قصر الصلاة في السفر وإن كان آمنا، وهذا هو السنة، بل هو واجب في أحد قولي العلماء. ونظائر ذلك كثيرة.
والمقصود هنا أن الطواف بالصفا والمروة مما لا يكون إلا في
[ ص: 204 ] حج أو عمرة بالكتاب والسنة والإجماع، فلا يفعل مفردا كالطواف، ولا يختص بالحج كالوقوف. وكذلك الإحرام والتلبية والحلق أو التقصير هو مما يشترك فيه الحج والعمرة.
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=3591_3582الطَّوَافُ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَيَخْتَصُّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، لَا يُشْرَعُ مُنْفَرِدًا، بَلْ وَلَا يُشْرَعُ إِلَّا بَعْدَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلِهَذَا يَجِيءُ فِي الْحَدِيثِ:
"طَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ" . قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158 *إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ، لَمْ يُشْرَعْ ذَلِكَ مُطْلَقًا كَمَا شُرِعَ الطَّوَافُ وَالِاعْتِكَافُ وَالصَّلَاةُ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ : أَنَّ نَاسًا كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ لَيْسَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، بَلْ ظَنُّوا ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَآخَرُونَ كَانُوا لَا يَطُوفُونَ بِهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، يُبَيِّنُ أَنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِهِ، وَقَدْ شَرَعَ لِعِبَادِهِ الطَّوَافَ بِهِمَا، فَلَا جُنَاحَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ، وَأَزَالَ بِذَلِكَ مَا كَانَ قَدْ حَصَلَ مِنَ الشَّكِّ وَالظَّنِّ. وَهَذَا كَمَا يَسْأَلُ الرَّجُلُ عَنْ عِبَادَةٍ مَأْمُورٍ بِهَا، فَيَظُنُّ أَنَّهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا، فَيُقَالُ لَهُ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوعًا مُسْتَحَبًّا.
وَلَمْ يَكُنْ حِينَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ الْحَجَّ، بَلْ بَيَّنَ أَنَّ
[ ص: 203 ] ذَلِكَ مَشْرُوعٌ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُمَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ، وَبِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ . فَهَذَا وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ صَالِحٌ، وَأَنَّ قَوْلَهُ "فَلَا جُنَاحَ" لِنَفْيِ الشُّبْهَةِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ قَوْلَهُ "لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ" أَيْ لَا جُنَاحَ فِي التَّقَرُّبِ بِالطَّوَافِ وَاتِّخَاذِهِ عِبَادَةً، فَإِنَّ أَحَدًا لَا يَطُوفُ بِهِمَا إِلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعَبُّدِ، لَيْسَ ذَلِكَ كَالسَّفَرِ الَّذِي يُفْعَلُ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِ وَجْهِ الْعِبَادَةِ. فَلَمَّا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَهُوَ لَا يُفْعَلُ إِلَّا عِبَادَةً، كَانَ الْمَعْنَى: لَا جُنَاحَ [عَلَى] مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِهِمَا، فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ بِهِمَا عِبَادَةٌ لِلَّهِ.
وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، لَكِنْ تَنَازَعُوا: هَلْ ذَلِكَ رُكْنٌ؟
كَمَا يَقُولُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ، أَوْ وَاجِبٌ يَجْبُرُهُ دَمٌ؟ أَمْ لَا شَيْءَ فِي تَرْكِهِمَا؟ كَمَا يَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ، وَهِيَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ . وَأَقْوَى الْأَقْوَالِ أَنَّهُ وَاجِبٌ يَجْبُرُهُ دَمٌ.
وَهَذَا كَمَا يَقُولُ: تُقَامُ الْجُمُعَةُ فِي الْقُرَى، وَبِدُونِ إِذْنِ الْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الشُّبْهَةِ. وَكَمَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=3519_23855الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ السُّنَّةَ. وَكَمَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=23858إِشْعَارُ الْهَدْيِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ السُّنَّةَ. وَكَمَا يَقُولُ: يَجُوزُ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا، لِأَنَّ قَضَاءَهَا عَلَى الْفَوْرِ. وَكَمَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=1779قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَإِنْ كَانَ آمِنًا، وَهَذَا هُوَ السُّنَّةُ، بَلْ هُوَ وَاجِبٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ. وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الطَّوَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِمَّا لَا يَكُونُ إِلَّا فِي
[ ص: 204 ] حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، فَلَا يُفْعَلُ مُفْرَدًا كَالطَّوَافِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْحَجِّ كَالْوُقُوفِ. وَكَذَلِكَ الْإِحْرَامُ وَالتَّلْبِيَةُ وَالْحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ هُوَ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ.