مكية ، وهي سبع وتسعون آية
مكية في قول
الحسن وعكرمة وجابر nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء . وقال
ابن قتادة : إلا آية منها نزلت
بالمدينة وهي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=82وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون . وقال
الكلبي : مكية إلا أربع آيات ، منها آيتان
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=81أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون نزلتا في سفره إلى
مكة ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=39ثلة من الأولين وثلة من الآخرين نزلتا في سفره إلى
المدينة . وقال
مسروق : من أراد أن يعلم نبأ الأولين والآخرين ، ونبأ أهل الجنة ، ونبأ أهل النار ، ونبأ أهل الدنيا ، ونبأ أهل الآخرة ، فليقرأ سورة الواقعة . وذكر
أبو عمر بن عبد البر في ( التمهيد ) و ( التعليق )
والثعلبي أيضا : أن
عثمان دخل على
ابن مسعود يعوده في مرضه الذي مات فيه فقال : ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي . قال : فما تشتهي ؟ قال : رحمة ربي . قال : أفلا ندعو لك طبيبا ؟ قال : الطبيب أمرضني . قال : أفلا نأمر لك بعطاء لك ؟ قال : لا حاجة لي فيه ، حبسته عني في حياتي ، وتدفعه لي عند مماتي ؟ قال : يكون لبناتك من بعدك . قال : أتخشى على بناتي الفاقة من بعدي ؟ إني أمرتهن أن يقرأن سورة ( الواقعة ) كل ليلة ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا .
[ ص: 177 ] بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا nindex.php?page=treesubj&link=29027قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1إذا وقعت الواقعة أي قامت القيامة ، والمراد النفخة الأخيرة . وسميت واقعة لأنها تقع عن قرب . وقيل : لكثرة ما يقع فيها من الشدائد . وفيه إضمار ، أي : اذكروا إذا وقعت الواقعة . وقال
الجرجاني : " إذا " صلة ، أي وقعت الواقعة ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقتربت الساعة و
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله وهو كما يقال : قد جاء الصوم أي دنا واقترب . وعلى الأول " إذا " للوقت ، والجواب قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2ليس لوقعتها كاذبة الكاذبة مصدر بمعنى الكذب ، والعرب قد تضع الفاعل والمفعول موضع المصدر ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=11لا تسمع فيها لاغية أي لغوا ، والمعنى لا يسمع لها كذب ؛ قاله
الكسائي . ومنه قول العامة : عائذا بالله أي معاذ الله ، وقم قائما أي قم قياما . ولبعض نساء العرب ترقص ابنها :
قم قائما قم قائما أصبت عبدا نائما
وقيل : الكاذبة صفة والموصوف محذوف ، أي ليس لوقعتها حال كاذبة ، أو نفس كاذبة ، أي كل من يخبر عن وقعتها صادق . وقال
الزجاج :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2ليس لوقعتها كاذبة أي لا يردها شيء . ونحوه قول
الحسن وقتادة . وقال
الثوري : ليس لوقعتها أحد يكذب بها . وقال
الكسائي أيضا : ليس لها تكذيب ، أي ينبغي ألا يكذب بها أحد . وقيل : إن قيامها جد لا هزل فيه .
nindex.php?page=treesubj&link=29027قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=3خافضة رافعة قال
عكرمة ومقاتل nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : خفضت الصوت فأسمعت من دنا ورفعت من نأى ، يعني أسمعت القريب والبعيد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : خفضت المتكبرين ورفعت المستضعفين . وقال
قتادة : خفضت أقواما في عذاب الله ، ورفعت أقواما إلى طاعة الله . وقال
عمر بن الخطاب رضي الله عنه : خفضت أعداء الله في النار ، ورفعت أولياء الله في الجنة . وقال
محمد بن كعب : خفضت أقواما كانوا في الدنيا مرفوعين ، ورفعت أقواما كانوا في
[ ص: 178 ] الدنيا مخفوضين . وقال
ابن عطاء : خفضت أقواما بالعدل ، ورفعت آخرين بالفضل . والخفض والرفع يستعملان عند العرب في المكان والمكانة ، والعز والمهانة . ونسب سبحانه الخفض والرفع للقيامة توسعا ومجازا على عادة العرب في إضافتها الفعل إلى المحل والزمان وغيرهما مما لم يكن منه الفعل ، يقولون : ليل نائم ونهار صائم . وفي التنزيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=33بل مكر الليل والنهار والخافض والرافع على الحقيقة إنما هو الله وحده ، فرفع أولياءه في أعلى الدرجات ، وخفض أعداءه في أسفل الدركات . وقرأ
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16748وعيسى الثقفي " خافضة رافعة " بالنصب . الباقون بالرفع على إضمار مبتدإ ، ومن نصب فعلى الحال . وهو عند
الفراء على إضمار فعل ، والمعنى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1إذا وقعت الواقعة nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2ليس لوقعتها كاذبة وقعت
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=3خافضة رافعة . والقيامة لا شك في وقوعها ، وأنها ترفع أقواما وتضع آخرين على ما بيناه .
nindex.php?page=treesubj&link=29027قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=4إذا رجت الأرض رجا أي زلزلت وحركت عن
مجاهد وغيره ، يقال : رجه يرجه رجا أي حركه وزلزله . وناقة رجاء أي عظيمة السنام . وفي الحديث :
من ركب البحر حين يرتج فلا ذمة له يعني إذا اضطربت أمواجه . قال
الكلبي : وذلك أن الله تعالى إذا أوحى إليها اضطربت فرقا من الله تعالى . قال المفسرون : ترتج كما يرتج الصبي في المهد حتى ينهدم كل ما عليها ، وينكسر كل شيء عليها من الجبال وغيرها . وعن
ابن عباس : الرجة الحركة الشديدة يسمع لها صوت . وموضع " إذا " نصب على البدل من " إذا وقعت " . ويجوز أن ينتصب ب
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=3خافضة رافعة أي تخفض وترفع وقت رج الأرض وبس الجبال ، لأن عند ذلك ينخفض ما هو مرتفع ، ويرتفع ما هو منخفض . وقيل : أي وقعت الواقعة إذا رجت الأرض ؛ قاله
الزجاج والجرجاني . وقيل : أي : اذكر
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=4إذا رجت الأرض رجا مصدر وهو دليل على تكرير الزلزلة .
nindex.php?page=treesubj&link=29027قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=5وبست الجبال بسا أي فتتت ، عن
ابن عباس .
مجاهد : كما يبس الدقيق أي يلت . والبسيسة السويق أو الدقيق يلت بالسمن أو بالزيت ثم يؤكل ولا يطبخ وقد يتخذ زادا . قال
الراجز :
لا تخبزا خبزا وبسا بسا ولا تطيلا بمناخ حبسا
وذكر
أبو عبيدة : أنه لص من
غطفان أراد أن يخبز فخاف أن يعجل عن ذلك فأكله
[ ص: 179 ] عجينا . والمعنى أنها خلطت فصارت كالدقيق الملتوت بشيء من الماء . أي تصير الجبال ترابا فيختلط البعض بالبعض . وقال
الحسن : و " بست " قلعت من أصلها فذهبت ، نظيره :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105ينسفها ربي نسفا . وقال
عطية : بسطت كالرمل والتراب . وقيل : البس : السوق أي سيقت الجبال . قال
أبو زيد : البس : السوق ، وقد بسست الإبل أبسها بالضم بسا . وقال
أبو عبيد : بسست الإبل وأبسست - لغتان - إذا زجرتها وقلت لها : بس بس . وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866346يخرج قوم من المدينة إلى اليمن والشام والعراق يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ومنه الحديث الآخر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866347جاءكم أهل اليمن يبسون عيالهم والعرب تقول : جيء به من حسك وبسك . ورواهما
أبو زيد بالكسر ، فمعنى من حسك من حيث أحسسته ، وبسك من حيث بلغه مسيرك . وقال
مجاهد : سالت سيلا .
عكرمة : هدت هدا .
محمد بن كعب : سيرت سيرا ، ومنه قول
الأغلب العجلي : وقال
الحسن : قطعت قطعا . والمعنى متقارب .
nindex.php?page=treesubj&link=29027قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=6فكانت هباء منبثا قال
علي رضي الله عنه : الهباء الرهج الذي يسطع من حوافر الدواب ثم يذهب ، فجعل الله أعمالهم كذلك . وقال
مجاهد : الهباء هو الشعاع الذي يكون في الكوة كهيئة الغبار . وروي نحوه عن
ابن عباس . وعنه أيضا : هو ما تطاير من النار إذا اضطربت يطير منها شرر فإذا وقع لم يكن شيئا . وقاله
عطية . وقد مضى في ( الفرقان ) عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وقراءة العامة منبثا بالثاء المثلثة أي متفرقا من قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164وبث فيها من كل دابة أي فرق ونشر . وقرأ
مسروق والنخعي وأبو حيوة " منبتا " بالتاء المثناة أي منقطعا من قولهم : بته الله أي قطعه ، ومنه البتات .
مَكِّيَّةٌ ، وَهِيَ سَبْعٌ وَتِسْعُونَ آيَةً
مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ
الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَجَابِرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ . وَقَالَ
ابْنُ قَتَادَةَ : إِلَّا آيَةً مِنْهَا نَزَلَتْ
بِالْمَدِينَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=82وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : مَكِّيَّةٌ إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ ، مِنْهَا آيَتَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=81أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ نَزَلَتَا فِي سَفَرِهِ إِلَى
مَكَّةَ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=39ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ نَزَلَتَا فِي سَفَرِهِ إِلَى
الْمَدِينَةِ . وَقَالَ
مَسْرُوقٌ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ نَبَأَ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ ، وَنَبَأَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَنَبَأَ أَهْلِ النَّارِ ، وَنَبَأَ أَهْلِ الدُّنْيَا ، وَنَبَأَ أَهْلِ الْآخِرَةِ ، فَلْيَقْرَأْ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ . وَذَكَرَ
أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي ( التَّمْهِيدِ ) وَ ( التَّعْلِيقِ )
وَالثَّعْلَبِيُّ أَيْضًا : أَنَّ
عُثْمَانَ دَخَلَ عَلَى
ابْنِ مَسْعُودٍ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ : مَا تَشْتَكِي ؟ قَالَ : ذُنُوبِي . قَالَ : فَمَا تَشْتَهِي ؟ قَالَ : رَحْمَةَ رَبِّي . قَالَ : أَفَلَا نَدْعُو لَكَ طَبِيبًا ؟ قَالَ : الطَّبِيبُ أَمْرَضَنِي . قَالَ : أَفَلَا نَأْمُرُ لَكَ بِعَطَاءٍ لَكَ ؟ قَالَ : لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ ، حَبَسْتَهُ عَنِّي فِي حَيَاتِي ، وَتَدْفَعُهُ لِي عِنْدَ مَمَاتِي ؟ قَالَ : يَكُونُ لِبَنَاتِكَ مِنْ بَعْدِكَ . قَالَ : أَتَخْشَى عَلَى بَنَاتِي الْفَاقَةَ مِنْ بَعْدِي ؟ إِنِّي أَمَرْتُهُنَّ أَنْ يَقْرَأْنَ سُورَةَ ( الْوَاقِعَةِ ) كُلَّ لَيْلَةٍ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ أَبَدًا .
[ ص: 177 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا nindex.php?page=treesubj&link=29027قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ أَيْ قَامَتِ الْقِيَامَةُ ، وَالْمُرَادُ النَّفْخَةُ الْأَخِيرَةُ . وَسُمِّيَتْ وَاقِعَةٌ لِأَنَّهَا تَقَعُ عَنْ قُرْبٍ . وَقِيلَ : لِكَثْرَةِ مَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ الشَّدَائِدِ . وَفِيهِ إِضْمَارٌ ، أَيِ : اذْكُرُوا إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ . وَقَالَ
الْجُرْجَانِيُّ : " إِذَا " صِلَةٌ ، أَيْ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ وَهُوَ كَمَا يُقَالُ : قَدْ جَاءَ الصَّوْمُ أَيْ دَنَا وَاقْتَرَبَ . وَعَلَى الْأَوَّلِ " إِذَا " لِلْوَقْتِ ، وَالْجَوَابُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ الْكَاذِبَةُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْكَذِبِ ، وَالْعَرَبُ قَدْ تَضَعُ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=11لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً أَيْ لَغْوًا ، وَالْمَعْنَى لَا يُسْمَعُ لَهَا كَذِبٌ ؛ قَالَهُ
الْكِسَائِيُّ . وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَامَّةِ : عَائِذًا بِاللَّهِ أَيْ مَعَاذَ اللَّهِ ، وَقُمْ قَائِمًا أَيْ قُمْ قِيَامًا . وَلِبَعْضِ نِسَاءِ الْعَرَبِ تُرَقِّصُ ابْنَهَا :
قُمْ قَائِمًا قُمْ قَائِمَا أَصَبْتَ عَبْدًا نَائِمَا
وَقِيلَ : الْكَاذِبَةُ صِفَةٌ وَالْمَوْصُوفُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا حَالٌ كَاذِبَةٌ ، أَوْ نَفْسٌ كَاذِبَةٌ ، أَيْ كُلُّ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ وَقْعَتِهَا صَادِقٌ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ أَيْ لَا يَرُدُّهَا شَيْءٌ . وَنَحْوُهُ قَوْلُ
الْحَسَنِ وَقَتَادَةُ . وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ : لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا أَحَدٌ يُكَذِّبُ بِهَا . وَقَالَ
الْكِسَائِيُّ أَيْضًا : لَيْسَ لَهَا تَكْذِيبٌ ، أَيْ يَنْبَغِي أَلَّا يُكَذِّبَ بِهَا أَحَدٌ . وَقِيلَ : إِنَّ قِيَامَهَا جَدٌّ لَا هَزْلَ فِيهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29027قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=3خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ قَالَ
عِكْرِمَةُ وَمُقَاتِلٌ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ : خَفَضَتِ الصَّوْتَ فَأَسْمَعَتْ مَنْ دَنَا وَرَفَعَتْ مَنْ نَأَى ، يَعْنِي أَسْمَعَتِ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : خَفَضَتِ الْمُتَكَبِّرِينَ وَرَفَعَتِ الْمُسْتَضْعَفِينَ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : خَفَضَتْ أَقْوَامًا فِي عَذَابِ اللَّهِ ، وَرَفَعَتْ أَقْوَامًا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ . وَقَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : خَفَضَتْ أَعْدَاءَ اللَّهِ فِي النَّارِ ، وَرَفَعَتْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ . وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ : خَفَضَتْ أَقْوَامًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا مَرْفُوعِينَ ، وَرَفَعَتْ أَقْوَامًا كَانُوا فِي
[ ص: 178 ] الدُّنْيَا مَخْفُوضِينَ . وَقَالَ
ابْنُ عَطَاءٍ : خَفَضَتْ أَقْوَامًا بِالْعَدْلِ ، وَرَفَعَتْ آخَرِينَ بِالْفَضْلِ . وَالْخَفْضُ وَالرَّفْعُ يُسْتَعْمَلَانِ عِنْدَ الْعَرَبِ فِي الْمَكَانِ وَالْمَكَانَةِ ، وَالْعِزِّ وَالْمَهَانَةِ . وَنَسَبَ سُبْحَانَهُ الْخَفْضَ وَالرَّفْعَ لِلْقِيَامَةِ تَوَسُّعًا وَمَجَازًا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي إِضَافَتِهَا الْفِعْلَ إِلَى الْمَحَلِّ وَالزَّمَانِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ الْفِعْلُ ، يَقُولُونَ : لَيْلٌ نَائِمٌ وَنَهَارٌ صَائِمٌ . وَفِي التَّنْزِيلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=33بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْخَافِضُ وَالرَّافِعُ عَلَى الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ ، فَرَفَعَ أَوْلِيَاءَهُ فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ ، وَخَفَضَ أَعْدَاءَهُ فِي أَسْفَلِ الدَّرَكَاتِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=16748وَعِيسَى الثَّقَفِيُّ " خَافِضَةً رَافِعَةً " بِالنَّصْبِ . الْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَإٍ ، وَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى الْحَالِ . وَهُوَ عِنْدَ
الْفَرَّاءِ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ ، وَالْمَعْنَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ وَقَعَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=3خَافِضَةً رَافِعَةً . وَالْقِيَامَةُ لَا شَكَّ فِي وُقُوعِهَا ، وَأَنَّهَا تَرْفَعُ أَقْوَامًا وَتَضَعُ آخَرِينَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=29027قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=4إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا أَيْ زُلْزِلَتْ وَحُرِّكَتْ عَنْ
مُجَاهِدٍ وَغَيْرُهُ ، يُقَالُ : رَجَّهُ يَرُجُّهُ رَجًّا أَيْ حَرَّكَهُ وَزَلْزَلَهُ . وَنَاقَةٌ رَجَّاءُ أَيْ عَظِيمَةُ السَّنَامِ . وَفِي الْحَدِيثِ :
مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ حِينَ يَرْتَجُّ فَلَا ذِمَّةَ لَهُ يَعْنِي إِذَا اضْطَرَبَتْ أَمْوَاجُهُ . قَالَ
الْكَلْبِيُّ : وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَوْحَى إِلَيْهَا اضْطَرَبَتْ فَرَقًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : تَرْتَجُّ كَمَا يَرْتَجُّ الصَّبِيُّ فِي الْمَهْدِ حَتَّى يَنْهَدِمَ كُلُّ مَا عَلَيْهَا ، وَيَنْكَسِرَ كُلُّ شَيْءٍ عَلَيْهَا مِنَ الْجِبَالِ وَغَيْرِهَا . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : الرَّجَّةُ الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ يُسْمَعُ لَهَا صَوْتٌ . وَمَوْضِعٌ " إِذَا " نَصْبٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ " إِذَا وَقَعَتْ " . وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ بِ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=3خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ أَيْ تَخْفِضُ وَتَرْفَعُ وَقْتَ رَجِّ الْأَرْضِ وَبَسِّ الْجِبَالِ ، لِأَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ يَنْخَفِضُ مَا هُوَ مُرْتَفِعٌ ، وَيَرْتَفِعُ مَا هُوَ مُنْخَفِضٌ . وَقِيلَ : أَيْ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ ؛ قَالَهُ
الزَّجَّاجُ وَالْجُرْجَانِيُّ . وَقِيلَ : أَيِ : اذْكُرْ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=4إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا مَصْدَرٌ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى تَكْرِيرِ الزَّلْزَلَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29027قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=5وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا أَيْ فُتِّتَتْ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ .
مُجَاهِدٌ : كَمَا يُبَسُّ الدَّقِيقُ أَيْ يُلَتُّ . وَالْبَسِيسَةُ السَّوِيقُ أَوِ الدَّقِيقُ يُلَتُّ بِالسَّمْنِ أَوْ بِالزَّيْتِ ثُمَّ يُؤْكَلُ وَلَا يُطْبَخُ وَقَدْ يُتَّخَذُ زَادًا . قَالَ
الرَّاجِزُ :
لَا تَخْبِزَا خُبْزًا وَبُسَّا بَسًّا وَلَا تُطِيلَا بِمُنَاخٍ حَبْسَا
وَذَكَرَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : أَنَّهُ لِصٌّ مِنْ
غَطَفَانَ أَرَادَ أَنْ يَخْبِزَ فَخَافَ أَنْ يُعْجَلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَكَلَهُ
[ ص: 179 ] عَجِينًا . وَالْمَعْنَى أَنَّهَا خُلِطَتْ فَصَارَتْ كَالدَّقِيقِ الْمَلْتُوتِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَاءِ . أَيْ تَصِيرُ الْجِبَالُ تُرَابًا فَيَخْتَلِطُ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : وَ " بُسَّتْ " قُلِعَتْ مِنْ أَصْلِهَا فَذَهَبَتْ ، نَظِيرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا . وَقَالَ
عَطِيَّةُ : بُسِطَتْ كَالرَّمْلِ وَالتُّرَابِ . وَقِيلَ : الْبَسُّ : السُّوقُ أَيْ سِيقَتِ الْجِبَالُ . قَالَ
أَبُو زَيْدٍ : الْبَسُّ : السُّوقُ ، وَقَدْ بَسَسْتُ الْإِبِلَ أَبُسُّهَا بِالضَّمِّ بَسًّا . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : بَسَسْتَ الْإِبِلَ وَأَبْسَسْتَ - لُغَتَانِ - إِذَا زَجَرْتَهَا وَقُلْتَ لَهَا : بِسْ بِسْ . وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866346يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْيَمَنِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ يَبُسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866347جَاءَكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ يَبُسُّونَ عِيَالَهُمْ وَالْعَرَبُ تَقُولُ : جِيءَ بِهِ مِنْ حَسِّكَ وَبَسِّكَ . وَرَوَاهُمَا
أَبُو زَيْدٍ بِالْكَسْرِ ، فَمَعْنَى مِنْ حَسِّكَ مِنْ حَيْثُ أَحْسَسْتَهُ ، وَبَسِّكَ مِنْ حَيْثُ بَلَغَهُ مَسِيرُكَ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : سَالَتْ سَيْلًا .
عِكْرِمَةُ : هُدَّتْ هَدًّا .
مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ : سُيَّرَتْ سَيْرًا ، وَمِنْهُ قَوْلُ
الْأَغْلَبِ الْعِجْلِيِّ : وَقَالَ
الْحَسَنُ : قُطِعَتْ قَطْعًا . وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=29027قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=6فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا قَالَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الْهَبَاءُ الرَّهْجُ الَّذِي يَسْطَعُ مِنْ حَوَافِرِ الدَّوَابِّ ثُمَّ يَذْهَبُ ، فَجَعَلَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ كَذَلِكَ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الْهَبَاءُ هُوَ الشُّعَاعُ الَّذِي يَكُونُ فِي الْكُوَّةِ كَهَيْئَةِ الْغُبَارِ . وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ . وَعَنْهُ أَيْضًا : هُوَ مَا تَطَايَرَ مِنَ النَّارِ إِذَا اضْطَرَبَتْ يَطِيرُ مِنْهَا شَرَرٌ فَإِذَا وَقَعَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا . وَقَالَهُ
عَطِيَّةُ . وَقَدْ مَضَى فِي ( الْفُرْقَانِ ) عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ مُنْبَثًّا بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ مُتَفَرِّقًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ أَيْ فَرَّقَ وَنَشَرَ . وَقَرَأَ
مَسْرُوقٌ وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو حَيْوَةَ " مُنْبَتًّا " بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ مُنْقَطِعًا مِنْ قَوْلِهِمْ : بَتَّهُ اللَّهُ أَيْ قَطَعَهُ ، وَمِنْهُ الْبَتَاتُ .