القول في تأويل
nindex.php?page=treesubj&link=28973_12869قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف )
قال
أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك ، وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم مراضع غير أمهاتهم إذا أبت أمهاتهم أن يرضعنهم بالذي يرضعنهم به غيرهن من الأجر ، أو من خيفة ضيعة منكم على أولادكم بانقطاع ألبان أمهاتهم ، أو غير ذلك من الأسباب فلا حرج عليكم في استرضاعهن ، إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
5056 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم " خيفة الضيعة على الصبي ، " فلا جناح عليكم " .
5057 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
5058 - حدثني
عبد الله بن محمد الحنفي قال : حدثنا
عبد الله بن عثمان قال : أخبرنا
ابن المبارك قال : أخبرنا
أبو بشر ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
[ ص: 72 ] 5059 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم " إن قالت المرأة : " لا طاقة لي به فقد ذهب لبني " فتسترضع له أخرى .
5060 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
سويد قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
جويبر ، عن
الضحاك قال : ليس للمرأة أن تترك ولدها بعد أن يصطلحا على أن ترضع ، ويسلمان ، ويجبران على ذلك . قال : فإن تعاسروا عند طلاق أو موت في الرضاع ، فإنه يعرض على الصبي المراضع . فإن قبل مرضعا جاز ذلك وأرضعته ، وإن لم يقبل مرضعا فعلى أمه أن ترضعه بالأجر إن كان له مال أو لعصبته . فإن لم يكن له مال ولا لعصبته ، أكرهت على رضاعه .
5061 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
مهران وحدثني
علي قال : حدثنا
زيد جميعا ، عن
سفيان : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم " إذا أبت الأم أن ترضعه ، فلا جناح على الأب أن يسترضع له غيرها .
5062 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " قال : إذا رضيت الوالدة أن تسترضع ولدها ، ورضي الأب أن يسترضع ولده ، فليس عليهما جناح .
واختلفوا في قوله : " إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " .
فقال بعضهم : معناه : إذا سلمتم لأمهاتهم ما فارقتموهن عليه من الأجرة على رضاعهن ، بحساب ما استحقته إلى انقطاع لبنها أو الحال التي عذر أبو الصبي بطلب مرضع لولده غير أمه ، واسترضاعه له .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 73 ] 5063 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " قال : حساب ما أرضع به الصبي .
5064 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " حساب ما يرضع به الصبي .
5065 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " إن قالت - يعني الأم - : " لا طاقة لي به ، فقد ذهب لبني " فتسترضع له أخرى ، وليسلم لها أجرها بقدر ما أرضعت .
5066 - حدثني
المثنى قال : حدثني
سويد قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قلت - يعني
لعطاء - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم " ؟ قال : أمه وغيرها "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233فلا جناح عليكم إذا سلمتم " قال : إذا سلمت لها أجرها " ما آتيتم " قال : ما أعطيتم .
وقال آخرون : معنى ذلك : إذا سلمتم للاسترضاع ، عن مشورة منكم ومن أمهات أولادكم الذين تسترضعون لهم ، وتراض منكم ومنهن باسترضاعهم .
ذكر من قال ذلك :
5067 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " يقول : إذا كان ذلك عن مشورة ورضا منهم .
5068 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : أخبرني
الليث قال : حدثني
عقيل ، عن
ابن شهاب : لا جناح عليهما أن يسترضعا أولادهما - يعني أبوي المولود - إذا سلما ولم يتضارا .
[ ص: 74 ] 5069 - حدثت عن
عمار قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " يقول : إذا كان ذلك عن مشورة ورضا منهم .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف إلى التي استرضعتموها بعد إباء أم المرضع ، من الأجرة ، بالمعروف .
ذكر من قال ذلك :
5070 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
مهران وحدثني
علي قال : حدثنا
زيد جميعا ، عن
سفيان في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " قال : إذا سلمتم إلى هذه التي تستأجرون أجرها بالمعروف - يعني : إلى من استرضع للمولود ، إذا أبت الأم رضاعه .
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك ، قول من قال : " تأويله : وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم إلى تمام رضاعهن ، ولم تتفقوا أنتم ووالدتهم على فصالهم ، ولم تروا ذلك من صلاحهم ، فلا جناح عليكم أن تسترضعوهم ظؤورة ، إن امتنعت أمهاتهم من رضاعهم لعلة بهن أو لغير علة إذا سلمتم إلى أمهاتهم وإلى المسترضعة الآخرة حقوقهن التي آتيتموهن بالمعروف .
يعني بذلك المعنى : الذي أوجبه الله لهن عليكم ، وهو أن يوفيهن أجورهن على ما فارقهن عليه ، في حال الاسترضاع ووقت عقد الإجارة .
وهذا هو المعنى الذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، ووافقه على بعضه
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ومن قال بقولهم في ذلك .
[ ص: 75 ] وإنما قضينا لهذا التأويل أنه أولى بتأويل الآية من غيره ، لأن الله - تعالى ذكره - ذكر قبل قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم " أمر فصالهم ، وبين الحكم في فطامهم قبل تمام الحولين الكاملين فقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233فإن أرادا فصالا عن تراض منهما " في الحولين الكاملين " فلا جناح عليهما " . فالذي هو أولى بحكم الآية - إذ كان قد بين فيها وجه الفصال قبل الحولين - أن يكون الذي يتلو ذلك حكم ترك الفصال وإتمام الرضاع إلى غاية نهايته وأن يكون - إذ كان قد بين حكم الأم إذا هي اختارت الرضاع بما يرضع به غيرها من الأجرة - أن يكون الذي يتلو ذلك من الحكم ، بيان حكمها وحكم الولد إذا هي امتنعت من رضاعه ، كما كان ذلك كذلك في غير هذا الموضع من كتاب الله تعالى ، وذلك في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ) [ سورة الطلاق : 6 ] . فأتبع ذكر بيان رضا الوالدات برضاع أولادهن ، ذكر بيان امتناعهن من رضاعهن ، فكذلك ذلك في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم " .
وإنما اخترنا في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " - ما اخترنا من التأويل ، لأن الله - تعالى ذكره - فرض على أبي المولود تسليم حق والدته إليها مما آتاها من الأجرة على رضاعها له بعد بينونتها منه ، كما فرض عليه ذلك لمن استأجره لذلك ممن ليس من مولده بسبيل ، وأمره بإيتاء كل واحدة منهما حقها بالمعروف على رضاع ولده . فلم يكن قوله : " إذا سلمتم " بأن يكون معنيا به : إذا سلمتم إلى أمهات أولادكم الذين يرضعون حقوقهن ، بأولى منه بأن يكون معنيا به : إذا سلمتم ذلك إلى المراضع سواهن ، ولا الغرائب من المولود بأولى أن يكن معنيات بذلك من الأمهات إذ كان الله - تعالى ذكره - قد أوجب على أبي المولود لكل من
[ ص: 76 ] استأجره لرضاع ولده ، من تسليم أجرتها إليها مثل الذي أوجب عليه من ذلك للأخرى . فلم يكن لنا أن نحيل ظاهر تنزيل إلى باطن ، ولا نقل عام إلى خاص ، إلا بحجة يجب التسليم لها - فصح بذلك ما قلنا .
قال
أبو جعفر : وأما معنى قوله : " بالمعروف " فإن معناه : بالإجمال والإحسان ، وترك البخس والظلم فيما وجب للمراضع .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ
nindex.php?page=treesubj&link=28973_12869قَوْلِهِ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي - تَعَالَى ذِكْرُهُ - بِذَلِكَ ، وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ مَرَاضِعَ غَيْرَ أُمَّهَاتِهِمْ إِذَا أَبَتْ أُمَّهَاتُهُمْ أَنْ يُرْضِعْنَهُمْ بِالَّذِي يُرْضِعْنَهُمْ بِهِ غَيْرُهُنَّ مِنَ الْأَجْرِ ، أَوْ مِنْ خِيفَةِ ضَيْعَةٍ مِنْكُمْ عَلَى أَوْلَادِكُمْ بِانْقِطَاعِ أَلْبَانِ أُمَّهَاتِهِمْ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي اسْتِرْضَاعِهِنَّ ، إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
5056 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
عِيسَى ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ " خِيفَةَ الضَّيْعَةِ عَلَى الصَّبِيِّ ، " فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ " .
5057 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
شِبْلٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ .
5058 - حَدَّثَنِي
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
أَبُو بِشْرٍ وَرْقَاءَ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ .
[ ص: 72 ] 5059 - حَدَّثَنِي
مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرٌو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ " إِنْ قَالَتِ الْمَرْأَةُ : " لَا طَاقَةَ لِي بِهِ فَقَدْ ذَهَبَ لَبَنِي " فَتُسْتَرْضَعُ لَهُ أُخْرَى .
5060 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
سُوَيْدٌ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ
جُوَيْبِرٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ قَالَ : لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتْرُكَ وَلَدَهَا بَعْدَ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ ، وَيُسَلِّمَانِ ، وَيُجْبَرَانِ عَلَى ذَلِكَ . قَالَ : فَإِنْ تَعَاسَرُوا عِنْدَ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ فِي الرَّضَاعِ ، فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَرَاضِعَ . فَإِنْ قَبِلَ مُرْضِعًا جَازَ ذَلِكَ وَأَرْضَعَتْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ مُرْضِعًا فَعَلَى أُمِّهِ أَنْ تُرْضِعَهُ بِالْأَجْرِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لِعَصَبَتِهِ . فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا لِعَصَبَتِهِ ، أُكْرِهَتْ عَلَى رَضَاعِهِ .
5061 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
مِهْرَانُ وَحَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا
زَيْدٌ جَمِيعًا ، عَنْ
سُفْيَانَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ " إِذَا أَبَتِ الْأُمُّ أَنْ تُرْضِعَهُ ، فَلَا جُنَاحَ عَلَى الْأَبِ أَنْ يَسْتَرْضِعَ لَهُ غَيْرَهَا .
5062 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ " قَالَ : إِذَا رَضِيَتِ الْوَالِدَةُ أَنْ تَسْتَرْضِعَ وَلَدَهَا ، وَرَضِيَ الْأَبُ أَنْ يَسْتَرْضِعَ وَلَدَهُ ، فَلَيْسَ عَلَيْهِمَا جُنَاحٌ .
وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ : " إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ " .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ : إِذَا سَلَّمْتُمْ لِأُمَّهَاتِهِمْ مَا فَارَقْتُمُوهُنَّ عَلَيْهِ مِنَ الْأُجْرَةِ عَلَى رَضَاعِهِنَّ ، بِحِسَابِ مَا اسْتَحَقَّتْهُ إِلَى انْقِطَاعِ لَبَنِهَا أَوِ الْحَالِ الَّتِي عُذِرَ أَبُو الصَّبِيِّ بِطَلَبِ مُرْضِعٍ لِوَلَدِهِ غَيْرِ أُمِّهِ ، وَاسْتِرْضَاعِهِ لَهُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
[ ص: 73 ] 5063 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
عِيسَى ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ " قَالَ : حِسَابُ مَا أُرْضِعَ بِهِ الصَّبِيُّ .
5064 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
شِبْلٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ " حِسَابُ مَا يُرْضَعُ بِهِ الصَّبِيُّ .
5065 - حَدَّثَنِي
مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرٌو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ " إِنْ قَالَتْ - يَعْنِي الْأُمَّ - : " لَا طَاقَةَ لِي بِهِ ، فَقَدْ ذَهَبَ لَبَنِي " فَتُسْتَرْضَعُ لَهُ أُخْرَى ، وَلْيُسَلَّمْ لَهَا أَجْرُهَا بِقَدْرِ مَا أَرْضَعَتْ .
5066 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنِي
سُوَيْدٌ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْتُ - يَعْنِي
لِعَطَاءٍ - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ " ؟ قَالَ : أُمُّهُ وَغَيْرُهَا "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ " قَالَ : إِذَا سَلَّمْتَ لَهَا أَجْرَهَا " مَا آتَيْتُمْ " قَالَ : مَا أَعْطَيْتُمْ .
وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا سَلَّمْتُمْ لِلِاسْتِرْضَاعِ ، عَنْ مَشُورَةٍ مِنْكُمْ وَمِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِكُمِ الَّذِينَ تَسْتَرْضِعُونَ لَهُمْ ، وَتَرَاضٍ مِنْكُمْ وَمِنْهُنَّ بِاسْتِرْضَاعِهِمْ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
5067 - حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ " يَقُولُ : إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ مَشُورَةٍ وَرِضَا مِنْهُمْ .
5068 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي
اللَّيْثُ قَالَ : حَدَّثَنِي
عُقَيْلٌ ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ : لَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَسْتَرْضِعَا أَوْلَادَهُمَا - يَعْنِي أَبَوَيِ الْمَوْلُودِ - إِذَا سَلَّمَا وَلَمْ يَتَضَارَّا .
[ ص: 74 ] 5069 - حُدِّثْتُ عَنْ
عَمَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ " يَقُولُ : إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ مَشُورَةٍ وَرِضَا مِنْهُمْ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ إِلَى الَّتِي اسْتَرْضَعْتُمُوهَا بَعْدَ إِبَاءِ أُمِّ الْمُرْضَعِ ، مِنَ الْأُجْرَةِ ، بِالْمَعْرُوفِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
5070 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
مِهْرَانُ وَحَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا
زَيْدٌ جَمِيعًا ، عَنْ
سُفْيَانَ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ " قَالَ : إِذَا سَلَّمْتُمْ إِلَى هَذِهِ الَّتِي تَسْتَأْجِرُونَ أَجْرَهَا بِالْمَعْرُوفِ - يَعْنِي : إِلَى مَنِ اسْتُرْضِعَ لِلْمَوْلُودِ ، إِذَا أَبَتِ الْأُمُّ رَضَاعَهُ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ ، قَوْلُ مَنْ قَالَ : " تَأْوِيلُهُ : وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ إِلَى تَمَامِ رَضَاعِهِنَّ ، وَلَمْ تَتَّفِقُوا أَنْتُمْ وَوَالِدَتُهُمْ عَلَى فِصَالِهِمْ ، وَلَمْ تَرَوْا ذَلِكَ مِنْ صَلَاحِهِمْ ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوهُمْ ظُؤُورَةً ، إِنِ امْتَنَعَتْ أُمَّهَاتُهُمْ مِنْ رَضَاعِهِمْ لِعِلَّةٍ بِهِنَّ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ إِذَا سَلَّمْتُمْ إِلَى أُمَّهَاتِهِمْ وَإِلَى الْمُسْتَرْضَعَةِ الْآخِرَةِ حُقُوقَهُنَّ الَّتِي آتَيْتُمُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ .
يَعْنِي بِذَلِكَ الْمَعْنَى : الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ ، وَهُوَ أَنْ يُوَفِّيهِنَّ أُجُورَهُنَّ عَلَى مَا فَارَقَهُنَّ عَلَيْهِ ، فِي حَالِ الِاسْتِرْضَاعِ وَوَقْتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ .
وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ ، وَوَافَقَهُ عَلَى بَعْضِهِ
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ .
[ ص: 75 ] وَإِنَّمَا قَضَيْنَا لِهَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ مِنْ غَيْرِهِ ، لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - ذَكَرَ قَبْلَ قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ " أَمْرَ فِصَالِهِمْ ، وَبَيَّنَ الْحُكْمَ فِي فِطَامِهِمْ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ الْكَامِلَيْنِ فَقَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا " فِي الْحَوْلَيْنِ الْكَامِلَيْنِ " فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا " . فَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِحُكْمِ الْآيَةِ - إِذْ كَانَ قَدْ بَيَّنَ فِيهَا وَجْهَ الْفِصَالِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ - أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَتْلُو ذَلِكَ حُكْمَ تَرْكِ الْفِصَالِ وَإِتْمَامِ الرَّضَاعِ إِلَى غَايَةِ نِهَايَتِهِ وَأَنْ يَكُونَ - إِذْ كَانَ قَدْ بَيَّنَ حُكْمَ الْأُمِّ إِذَا هِيَ اخْتَارَتِ الرَّضَاعَ بِمَا يُرْضِعُ بِهِ غَيْرُهَا مِنَ الْأُجْرَةِ - أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَتْلُو ذَلِكَ مِنَ الْحُكْمِ ، بَيَانَ حُكْمِهَا وَحُكْمِ الْوَلَدِ إِذَا هِيَ امْتَنَعَتْ مِنْ رَضَاعِهِ ، كَمَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ) [ سُورَةُ الطَّلَاقِ : 6 ] . فَأَتْبَعَ ذِكْرَ بَيَانِ رِضَا الْوَالِدَاتِ بِرَضَاعِ أَوْلَادِهِنَّ ، ذِكْرَ بَيَانِ امْتِنَاعِهِنَّ مِنْ رَضَاعِهِنَّ ، فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ " .
وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ " - مَا اخْتَرْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ ، لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - فَرَضَ عَلَى أَبِي الْمَوْلُودِ تَسْلِيمَ حَقِّ وَالِدَتِهِ إِلَيْهَا مِمَّا آتَاهَا مِنَ الْأُجْرَةِ عَلَى رَضَاعِهَا لَهُ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْهُ ، كَمَا فَرَضَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِمَنِ اسْتَأْجَرَهُ لِذَلِكَ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ مَوْلِدِهِ بِسَبِيلٍ ، وَأَمَرَهُ بِإِيتَاءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَقَّهَا بِالْمَعْرُوفِ عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ . فَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ : " إِذَا سَلَّمْتُمْ " بِأَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ : إِذَا سَلَّمْتُمْ إِلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِكُمِ الَّذِينَ يُرْضِعُونَ حُقُوقَهُنَّ ، بِأَوْلَى مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ : إِذَا سَلَّمْتُمْ ذَلِكَ إِلَى الْمَرَاضِعِ سِوَاهُنَّ ، وَلَا الْغَرَائِبُ مِنَ الْمَوْلُودِ بِأَوْلَى أَنْ يَكُنَّ مَعْنِيَّاتٍ بِذَلِكَ مِنَ الْأُمَّهَاتِ إِذْ كَانَ اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - قَدْ أَوْجَبَ عَلَى أَبِي الْمَوْلُودِ لِكُلِّ مَنِ
[ ص: 76 ] اسْتَأْجَرَهُ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ ، مِنْ تَسْلِيمِ أُجْرَتِهَا إِلَيْهَا مِثْلَ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ لِلْأُخْرَى . فَلَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نُحِيلَ ظَاهِرَ تَنْزِيلٍ إِلَى بَاطِنٍ ، وَلَا نَقْلَ عَامٍّ إِلَى خَاصٍّ ، إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا - فَصَحَّ بِذَلِكَ مَا قُلْنَا .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ : " بِالْمَعْرُوفِ " فَإِنَّ مَعْنَاهُ : بِالْإِجْمَالِ وَالْإِحْسَانِ ، وَتَرْكِ الْبَخْسِ وَالظُّلْمِ فِيمَا وَجَبَ لِلْمَرَاضِعِ .