[ ص: 377 ] القول في تأويل
nindex.php?page=treesubj&link=28973_29688_29629قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=252تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين ( 252 ) )
قال
أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " تلك آيات الله " هذه الآيات التي اقتص الله فيها أمر الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت ، وأمر الملأ من
بني إسرائيل من بعد
موسى الذين سألوا نبيهم أن يبعث لهم
طالوت ملكا وما بعدها من الآيات إلى قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152والله ذو فضل على العالمين " .
ويعني بقوله : " آيات الله " : حججه وأعلامه وأدلته .
يقول الله - تعالى ذكره - : فهذه الحجج التي أخبرتك بها يا
محمد ، وأعلمتك - من قدرتي على إماتة من هرب من الموت في ساعة واحدة وهم ألوف ، وإحيائي إياهم بعد ذلك ، وتمليكي
طالوت أمر
بني إسرائيل بعد إذ كان سقاء أو دباغا من غير أهل بيت المملكة ، وسلبي ذلك إياه بمعصيته أمري ، وصرفي ملكه إلى
داود لطاعته إياي ، ونصرتي أصحاب
طالوت مع قلة عددهم ، وضعف شوكتهم على
جالوت وجنوده مع كثرة عددهم ، وشدة بطشهم - حججي على من جحد نعمتي ، وخالف أمري ، وكفر برسولي من أهل الكتابين التوراة والإنجيل ، العالمين بما اقتصصت عليك من الأنباء الخفية ، التي يعلمون أنها من عندي لم تتخرصها ولم تتقولها أنت يا
محمد ؛ لأنك أمي ، ولست ممن قرأ الكتب ، فيلتبس عليهم أمرك ، ويدعوا أنك قرأت ذلك فعلمته من بعض أسفارهم ، ولكنها حججي عليهم أتلوها
[ ص: 378 ] عليك يا
محمد بالحق اليقين كما كان ، لا زيادة فيه ولا تحريف ولا تغيير شيء منه عما كان . " وإنك " يا
محمد " لمن المرسلين " يقول : إنك لمرسل متبع في طاعتي ، وإيثار مرضاتي على هواك ، فسالك في ذلك من أمرك سبيل من قبلك من رسلي الذين أقاموا على أمري ، وآثروا رضاي على هواهم ، ولم تغيرهم الأهواء ، ومطامع الدنيا ، كما غير
طالوت هواه ، وإيثاره ملكه على ما عندي لأهل ولايتي ، ولكنك مؤثر أمري كما آثره المرسلون الذين قبلك .
[ ص: 377 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ
nindex.php?page=treesubj&link=28973_29688_29629قَوْلِهِ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=252تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 252 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي - تَعَالَى ذِكْرُهُ - بِقَوْلِهِ : " تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ " هَذِهِ الْآيَاتُ الَّتِي اقْتَصَّ اللَّهُ فِيهَا أَمْرَ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ ، وَأَمْرَ الْمَلَأِ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ
مُوسَى الَّذِينَ سَأَلُوا نَبِيَّهُمْ أَنْ يَبْعَثَ لَهُمْ
طَالُوتَ مَلِكًا وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ " .
وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : " آيَاتُ اللَّهِ " : حُجَجُهُ وَأَعْلَامُهُ وَأَدِلَّتُهُ .
يَقُولُ اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : فَهَذِهِ الْحُجَجُ الَّتِي أَخْبَرْتُكَ بِهَا يَا
مُحَمَّدُ ، وَأَعْلَمْتُكَ - مِنْ قُدْرَتِي عَلَى إِمَاتَةِ مَنْ هَرَبَ مِنَ المَوْتِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُمْ أُلُوفٌ ، وَإِحْيَائِي إِيَّاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَتَمْلِيكِي
طَالُوتَ أَمْرَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ إِذْ كَانَ سَقَّاءً أَوْ دَبَّاغًا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ بَيْتِ الْمَمْلَكَةِ ، وَسَلْبِي ذَلِكَ إِيَّاهُ بِمَعْصِيَتِهِ أَمْرِي ، وَصَرْفِي مُلْكَهُ إِلَى
دَاوُدَ لِطَاعَتِهِ إِيَّايَ ، وَنُصْرَتِي أَصْحَابَ
طَالُوتَ مَعَ قِلَّةِ عَدَدِهِمْ ، وَضَعْفِ شَوْكَتِهِمْ عَلَى
جَالُوتَ وَجُنُودِهِ مَعَ كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ ، وَشِدَّةِ بَطْشِهِمْ - حُجَجِي عَلَى مَنْ جَحَدَ نِعْمَتِي ، وَخَالَفَ أَمْرِي ، وَكَفَرَ بِرَسُولِي مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، الْعَالِمِينَ بِمَا اقْتَصَصْتُ عَلَيْكَ مِنَ الْأَنْبَاءِ الْخَفِيَّةِ ، الَّتِي يَعْلَمُونَ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِي لَمْ تَتَخَرَّصْهَا وَلَمْ تَتَقَوَّلْهَا أَنْتَ يَا
مُحَمَّدُ ؛ لِأَنَّكَ أُمِّيٌّ ، وَلَسْتَ مِمَّنْ قَرَأَ الْكُتُبَ ، فَيَلْتَبِسُ عَلَيْهِمْ أَمْرُكَ ، وَيَدَّعُوَا أَنَّكَ قَرَأْتَ ذَلِكَ فَعَلِمْتَهُ مِنْ بَعْضِ أَسْفَارِهِمْ ، وَلَكِنَّهَا حُجَجِي عَلَيْهِمْ أَتْلُوهَا
[ ص: 378 ] عَلَيْكَ يَا
مُحَمَّدُ بِالْحَقِّ الْيَقِينِ كَمَا كَانَ ، لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَلَا تَحْرِيفَ وَلَا تَغْيِيرَ شَيْءٍ مِنْهُ عَمَّا كَانَ . " وَإِنَّكَ " يَا
مُحَمَّدُ " لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ " يَقُولُ : إِنَّكَ لَمُرْسَلٌ مُتَّبِعٌ فِي طَاعَتِي ، وَإِيثَارِ مَرْضَاتِي عَلَى هَوَاكَ ، فَسَالِكٌ فِي ذَلِكَ مِنْ أَمْرِكَ سَبِيلَ مَنْ قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِي الَّذِينَ أَقَامُوا عَلَى أَمْرِي ، وَآثَرُوا رِضَايَ عَلَى هَوَاهُمْ ، وَلَمْ تُغَيِّرْهُمُ الْأَهْوَاءُ ، وَمَطَامِعُ الدُّنْيَا ، كَمَا غَيَّرَ
طَالُوتَ هَوَاهُ ، وَإِيثَارُهُ مُلْكَهُ عَلَى مَا عِنْدِي لِأَهْلِ وَلَايَتِي ، وَلَكِنَّكَ مُؤْثِرٌ أَمْرِي كَمَا آثَرَهُ الْمُرْسَلُونَ الَّذِينَ قَبْلَكَ .