[ ص: 522 ] ثم دخلت
nindex.php?page=treesubj&link=33858سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة
فيها
nindex.php?page=treesubj&link=33858_33853_34063أمر السلطان ببناء قلعة الجبل وإحاطة سور على القاهرة ومصر يشملهما جميعا ، فعمرت قلعة للملك لم يكن في الديار المصرية مثلها ولا على شكلها ، وولي عمارة ذلك الأمير
بهاء الدين قراقوش مملوك
nindex.php?page=showalam&ids=16180تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب .
وفيها كانت
nindex.php?page=treesubj&link=33856وقعة الرملة على المسلمين .
وفي جمادى الأولى منها سار السلطان
الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب من
مصر قاصدا غزو الفرنج ، فانتهى إلى بلاد
الرملة فسبى وسلب وغنم وقسر وكسر وكسب ، ثم تشاغل جيشه بالغنائم ، وتفرقوا في القرى والمحال تفرق الهائم ، وبقي السلطان في طائفة من الجيش منفردا ، فهجمت عليه الفرنج في جحفل من المقاتلة ، فما سلم السلطان إلا بعد جهد جهيد ، ولله الحمد ، ثم تراجع الجيش بعد تفرقهم ، واجتمعوا عليه بعد أيام ، ووقعت الأراجيف في الناس بسبب ذلك ، وما صدق أهل الديار المصرية برؤيته بعدما بلغهم من الإرجاف والإرهاب ، وصار الأمر كما قيل :
[ ص: 523 ] رضيت من الغنيمة بالإياب
ومع هذا دقت البشائر في البلدان فرحا بسلامة السلطان ، ولم تجر مثل هذه الوقعة إلا بعد عشر سنين ، وذلك يوم
حطين والحمد لله رب العالمين ، وقد ثبت السلطان في هذه الوقعة ثباتا عظيما ، وأسر للملك
المظفر تقي الدين عمر ابن أخي السلطان ولده
شاهنشاه ، فبقي عندهم سبع سنين ، وقتل ابنه الآخر ، وكان شابا قد طر شاربه ، فحزن على المقتول والمفقود ، وصبر تأسيا
بأيوب ، وناح كما ناح
داود ، وأسر الفقيهان الأخوان ،
ضياء الدين عيسى ، وظهير الدين ، فافتداهما السلطان بعد سنين بسبعين ألف دينار .
وفيها تخبطت الدولة
بحلب ، وقبض السلطان
الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين على الخادم
كمشتكين ، وألزمه بتسليم قلعة
حارم وكانت له ، فأبى من ذلك ، فعلقه منكوسا ، ودخن تحت أنفه حتى مات من ساعته . وقصدت الفرنج
حارما فامتنعت عليهم ، ثم سلمت إلى
الملك الصالح .
وفيها جاء ملك كبير من ملوك الفرنج يروم أخذ
الشام لغيبة السلطان واشتغال نوابه بلذاتهم .
قال
العماد الكاتب : ومن شرط هدنة الفرنج أنه متى جاء ملك كبير من ملوكهم لا يمكنهم دفعه فإنهم يقاتلون معه ويؤازرونه وينصرونه ، فإذا انصرف
[ ص: 524 ] عنهم عادت الهدنة كما كانت ; فقصد هذا الملك وجملة الفرنج معه مدينة
حماة ، وصاحبها
شهاب الدين محمود خال السلطان مريض ، ونائب
دمشق ومن معه من الأمراء مشغولون بلذاتهم ، فكادوا يأخذون البلد ، ولكن هزمهم الله بعد أربعة أيام ، فانصرفوا إلى
حارم فلم يتمكنوا من أخذها ، وكشفهم عنها
الملك الصالح صاحب
حلب وقد دفع إليهم من الأموال والأسارى ما طلبوه . وتوفي صاحب
حماة الأمير
شهاب الدين محمود بن تكش ، خال السلطان
الناصر ، وتوفي قبله ولده بثلاثة أيام ، رحمهما الله .
ولما سمع
الملك الناصر بنزول الفرنج على
حارم خرج من
مصر قاصدا بلاد
الشام ; لغزو الفرنج - لعنهم الله تعالى - فكان دخوله إلى
دمشق في الرابع والعشرين من شوال ، وصحبته
العماد الكاتب ، وتأخر
القاضي الفاضل بمصر ناويا أداء الحج في هذا العام ، تقبل الله منه .
وفيها جاء كتاب
القاضي الفاضل إلى
الناصر يهنئه بوجود مولود له ، وهو
أبو سليمان داود ، وبه كمل له اثنا عشر ذكرا ، وقد ولد له بعده عدة أولاد ذكور أيضا ، فإنه توفي عن سبعة عشر ذكرا وابنة صغيرة اسمها
مؤنسة ، التي تزوجها ابن عمها
nindex.php?page=showalam&ids=15054الملك الكامل محمد بن العادل ، كما سيأتي بيان ذلك في موضعه ، إن شاء الله تعالى .
وفي هذه السنة جرت
nindex.php?page=treesubj&link=33857فتنة عظيمة بين اليهود والعامة ببغداد ، وكانت بسبب أن مؤذنا عند كنيسة
اليهود نال منه بعض
اليهود بكلام ، فشتمه المسلم ، فاقتتلا ،
[ ص: 525 ] فجاء المؤذن يشتكي منه إلى الديوان ، وتفاقم الحال ، وكثرت العوام ، وأكثروا الضجيج ، ولما كان يوم الجمعة منعت العامة إقامة الخطبة في بعض الجوامع ، وخرجوا من فورهم ، فنهبوا سوق العطارين الذي فيه
اليهود ، وذهبوا إلى كنيسة
اليهود فنهبوها ، ولم يتمكن الشرط من ردهم ، فأمر الخليفة بصلب بعض العامة ، فأخرج في الليل جماعة من الشطار الذين كانوا في الحبوس وقد وجب عليهم القتل فصلبوا ، فظن كثير من الناس أن هذا كان بسبب هذه الكائنة . فسكنت الفتنة ، ولله الحمد .
وفيها خرج وزير الخليفة
عضد الدولة ابن رئيس الرؤساء ابن المسلمة قاصدا الحج ، وخرج الناس في خدمته ليودعوه ، فتقدم إليه ثلاثة من
الباطنية في صورة فقراء ومعهم قصص ، فتقدم أحدهم ليناوله القصة فضربه بالسكين ضربات ، وهجم الثاني ، وكذلك الثالث فهبروه وجرحوا جماعة حوله ، وقتل الثلاثة من فورهم وحرقوا ، ورجع الوزير إلى منزله محمولا فمات في يومه ، وهذا الوزير هو الذي قتل ولدي الوزير
ابن هبيرة وأعدمهما ، فسلط الله عليه من قتله ، وكما تدين تدان ، جزاء وفاقا .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46وما ربك بظلام للعبيد
[ ص: 522 ] ثُمَّ دَخَلَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=33858سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ
فِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=33858_33853_34063أَمَرَ السُّلْطَانُ بِبِنَاءِ قَلْعَةِ الْجَبَلِ وَإِحَاطَةِ سُورٍ عَلَى الْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ يَشْمَلُهُمَا جَمِيعًا ، فَعُمِّرَتْ قَلْعَةٌ لِلْمَلِكِ لَمْ يَكُنْ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مِثْلُهَا وَلَا عَلَى شَكْلِهَا ، وَوَلِيَ عِمَارَةَ ذَلِكَ الْأَمِيرُ
بَهَاءُ الدِّينِ قَرَاقُوشُ مَمْلُوكُ
nindex.php?page=showalam&ids=16180تَقِيِّ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ شَاهِنْشَاهْ بْنِ أَيُّوبَ .
وَفِيهَا كَانَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=33856وَقْعَةُ الرَّمْلَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ .
وَفِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا سَارَ السُّلْطَانُ
الْمَلِكُ النَّاصِرُ صَلَاحُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ مِنْ
مِصْرَ قَاصِدًا غَزْوَ الْفِرِنْجِ ، فَانْتَهَى إِلَى بِلَادِ
الرَّمْلَةِ فَسَبَى وَسَلَبَ وَغَنِمَ وَقَسَرَ وَكَسَرَ وَكَسَبَ ، ثُمَّ تَشَاغَلَ جَيْشُهُ بِالْغَنَائِمِ ، وَتَفَرَّقُوا فِي الْقُرَى وَالْمَحَالِّ تَفَرُّقَ الْهَائِمِ ، وَبَقِيَ السُّلْطَانُ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْجَيْشِ مُنْفَرِدًا ، فَهَجَمَتْ عَلَيْهِ الْفِرِنْجُ فِي جَحْفَلٍ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ ، فَمَا سَلِمَ السُّلْطَانُ إِلَّا بَعْدَ جُهْدٍ جَهِيدٍ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، ثُمَّ تَرَاجَعَ الْجَيْشُ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ ، وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ بَعْدَ أَيَّامٍ ، وَوَقَعَتِ الْأَرَاجِيفُ فِي النَّاسِ بِسَبَبِ ذَلِكَ ، وَمَا صَدَّقَ أَهْلُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِرُؤْيَتِهِ بَعْدَمَا بَلَغَهُمْ مِنَ الْإِرْجَافِ وَالْإِرْهَابِ ، وَصَارَ الْأَمْرُ كَمَا قِيلَ :
[ ص: 523 ] رَضِيتُ مِنَ الْغَنِيمَةِ بِالْإِيَابِ
وَمَعَ هَذَا دَقَّتِ الْبَشَائِرُ فِي الْبُلْدَانِ فَرَحًا بِسَلَامَةِ السُّلْطَانِ ، وَلَمْ تَجْرِ مِثْلُ هَذِهِ الْوَقْعَةِ إِلَّا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ ، وَذَلِكَ يَوْمَ
حِطِّينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَقَدْ ثَبَتَ السُّلْطَانُ فِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ ثَبَاتًا عَظِيمًا ، وَأَسَرَ لِلْمَلِكِ
الْمُظَفَّرِ تَقِيِّ الدِّينِ عُمَرَ ابْنِ أَخِي السُّلْطَانِ وَلَدُهُ
شَاهِنْشَاهْ ، فَبَقِيَ عِنْدَهُمْ سَبْعَ سِنِينَ ، وَقُتِلَ ابْنُهُ الْآخَرُ ، وَكَانَ شَابًّا قَدْ طَرَّ شَارِبُهُ ، فَحَزِنَ عَلَى الْمَقْتُولِ وَالْمَفْقُودِ ، وَصَبَرَ تَأَسِّيًا
بِأَيُّوبَ ، وَنَاحَ كَمَا نَاحَ
دَاوُدُ ، وَأُسِرَ الْفَقِيهَانِ الْأَخَوَانِ ،
ضِيَاءُ الدِّينِ عِيسَى ، وَظَهِيرُ الدِّينِ ، فَافْتَدَاهُمَا السُّلْطَانُ بَعْدَ سِنِينَ بِسَبْعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ .
وَفِيهَا تَخَبَّطَتِ الدَّوْلَةُ
بِحَلَبَ ، وَقَبَضَ السُّلْطَانُ
الْمَلِكُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُورِ الدِّينِ عَلَى الْخَادِمِ
كُمُشْتِكِينَ ، وَأَلْزَمَهُ بِتَسْلِيمِ قَلْعَةِ
حَارِمٍ وَكَانَتْ لَهُ ، فَأَبَى مِنْ ذَلِكَ ، فَعَلَّقَهُ مَنْكُوسًا ، وَدَخَّنَ تَحْتَ أَنْفِهِ حَتَّى مَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ . وَقَصَدَتِ الْفِرِنْجُ
حَارِمًا فَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ سُلِّمَتْ إِلَى
الْمَلِكِ الصَّالِحِ .
وَفِيهَا جَاءَ مَلِكٌ كَبِيرٌ مِنْ مُلُوكِ الْفِرِنْجِ يَرُومُ أَخْذَ
الشَّامِ لِغَيْبَةِ السُّلْطَانِ وَاشْتِغَالِ نُوَّابِهِ بِلَذَّاتِهِمْ .
قَالَ
الْعِمَادُ الْكَاتِبُ : وَمِنْ شَرْطِ هُدْنَةِ الْفِرِنْجِ أَنَّهُ مَتَى جَاءَ مَلِكٌ كَبِيرٌ مِنْ مُلُوكِهِمْ لَا يُمْكِنُهُمْ دَفْعُهُ فَإِنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ مَعَهُ وَيُؤَازِرُونَهُ وَيَنْصُرُونَهُ ، فَإِذَا انْصَرَفَ
[ ص: 524 ] عَنْهُمْ عَادَتِ الْهُدْنَةُ كَمَا كَانَتْ ; فَقَصَدَ هَذَا الْمَلِكُ وَجُمْلَةُ الْفِرِنْجِ مَعَهُ مَدِينَةَ
حَمَاةَ ، وَصَاحِبُهَا
شِهَابُ الدِّينِ مَحْمُودٌ خَالُ السُّلْطَانِ مَرِيضٌ ، وَنَائِبُ
دِمَشْقَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ مَشْغُولُونَ بِلَذَّاتِهِمْ ، فَكَادُوا يَأْخُذُونَ الْبَلَدَ ، وَلَكِنْ هَزَمَهُمُ اللَّهُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فَانْصَرَفُوا إِلَى
حَارِمٍ فَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ أَخْذِهَا ، وَكَشْفَهُمْ عَنْهَا
الْمَلِكُ الصَّالِحُ صَاحِبُ
حَلَبَ وَقَدْ دَفَعَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأُسَارَى مَا طَلَبُوهُ . وَتُوُفِّيَ صَاحِبُ
حَمَاةَ الْأَمِيرُ
شِهَابُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ تِكِشَ ، خَالُ السُّلْطَانِ
النَّاصِرِ ، وَتُوُفِّيَ قَبْلَهُ وَلَدُهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ .
وَلَمَّا سَمِعَ
الْمَلِكُ النَّاصِرُ بِنُزُولِ الْفِرِنْجِ عَلَى
حَارِمٍ خَرَجَ مِنْ
مِصْرَ قَاصِدًا بِلَادَ
الشَّامِ ; لِغَزْوِ الْفِرِنْجِ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى - فَكَانَ دُخُولُهُ إِلَى
دِمَشْقَ فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ ، وَصُحْبَتُهُ
الْعِمَادُ الْكَاتِبُ ، وَتَأَخَّرَ
الْقَاضِي الْفَاضِلُ بِمِصْرَ نَاوِيًا أَدَاءَ الْحَجِّ فِي هَذَا الْعَامِ ، تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ .
وَفِيهَا جَاءَ كِتَابُ
الْقَاضِي الْفَاضِلِ إِلَى
النَّاصِرِ يُهَنِّئُهُ بِوُجُودِ مَوْلُودٍ لَهُ ، وَهُوَ
أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدُ ، وَبِهِ كَمَلَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ ذَكَرًا ، وَقَدْ وُلِدَ لَهُ بَعْدَهُ عِدَّةُ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ أَيْضًا ، فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ عَنْ سَبْعَةَ عَشَرَ ذَكَرًا وَابْنَةٍ صَغِيرَةٍ اسْمُهَا
مُؤْنِسَةُ ، الَّتِي تَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا
nindex.php?page=showalam&ids=15054الْمَلِكُ الْكَامِلُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَادِلِ ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ جَرَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=33857فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالْعَامَّةِ بِبَغْدَادَ ، وَكَانَتْ بِسَبَبِ أَنَّ مُؤَذِّنًا عِنْدَ كَنِيسَةِ
الْيَهُودِ نَالَ مِنْهُ بَعْضُ
الْيَهُودِ بِكَلَامٍ ، فَشَتَمَهُ الْمُسْلِمُ ، فَاقْتَتَلَا ،
[ ص: 525 ] فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ يَشْتَكِي مِنْهُ إِلَى الدِّيوَانِ ، وَتَفَاقَمَ الْحَالُ ، وَكَثُرَتِ الْعَوَامُّ ، وَأَكْثَرُوا الضَّجِيجَ ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ مَنَعَتِ الْعَامَّةُ إِقَامَةَ الْخُطْبَةِ فِي بَعْضِ الْجَوَامِعِ ، وَخَرَجُوا مِنْ فَوْرِهِمْ ، فَنَهَبُوا سُوقَ الْعَطَّارِينَ الَّذِي فِيهِ
الْيَهُودُ ، وَذَهَبُوا إِلَى كَنِيسَةِ
الْيَهُودِ فَنَهَبُوهَا ، وَلَمْ يَتَمَكَّنِ الشُّرَطُ مِنْ رَدِّهِمْ ، فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِصَلْبِ بَعْضِ الْعَامَّةِ ، فَأَخْرَجَ فِي اللَّيْلِ جَمَاعَةً مِنَ الشُّطَّارِ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْحُبُوسِ وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ فَصُلِبُوا ، فَظَنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّ هَذَا كَانَ بِسَبَبِ هَذِهِ الْكَائِنَةِ . فَسَكَنَتِ الْفِتْنَةُ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
وَفِيهَا خَرَجَ وَزِيرُ الْخَلِيفَةِ
عَضُدُ الدَّوْلَةِ ابْنُ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ ابْنُ الْمُسْلِمَةِ قَاصِدًا الْحَجَّ ، وَخَرَجَ النَّاسُ فِي خِدْمَتِهِ لِيُوَدِّعُوهُ ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ
الْبَاطِنِيَّةِ فِي صُورَةِ فُقَرَاءَ وَمَعَهُمْ قِصَصٌ ، فَتَقَدَّمَ أَحَدُهُمْ لِيُنَاوِلَهُ الْقِصَّةَ فَضَرَبَهُ بِالسِّكِّينِ ضَرَبَاتٍ ، وَهَجَمَ الثَّانِي ، وَكَذَلِكَ الثَّالِثُ فَهَبَرُوهُ وَجَرَحُوا جَمَاعَةً حَوْلَهُ ، وَقُتِلَ الثَّلَاثَةُ مِنْ فَوْرِهِمْ وَحُرِّقُوا ، وَرَجَعَ الْوَزِيرُ إِلَى مَنْزِلِهِ مَحْمُولًا فَمَاتَ فِي يَوْمِهِ ، وَهَذَا الْوَزِيرُ هُوَ الَّذِي قَتَلَ وَلَدَيِ الْوَزِيرِ
ابْنِ هُبَيْرَةَ وَأَعْدَمَهُمَا ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَنْ قَتَلَهُ ، وَكَمَا تَدِينُ تُدَانُ ، جَزَاءً وِفَاقًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ