nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202nindex.php?page=treesubj&link=28978وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون
عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=201الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا عطف الضد على ضده ، فإن الضدية مناسبة يحسن بها عطف حال الضد على ضده ، فلما ذكر شأن المتقين في دفعهم طائف الشياطين ، ذكر شأن أضدادهم من أهل الشرك والضلال ، كما وقعت جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم [ ص: 234 ] من جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3الذين يؤمنون بالغيب في سورة البقرة .
وجعلها
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج عطفا على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=192ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون أي : ويمدونهم في الغي ، يريد أن شركاءهم لا ينفعونهم بل يضرونهم بزيادة الغي .
والإخوان جمع أخ على وزن فعلان مثل جمع خرب وهو ذكر الحبارى على خربان .
nindex.php?page=treesubj&link=28910وحقيقة الأخ المشارك في بنوة الأم والأب أو في بنوة أحدهما ويطلق الأخ مجازا على الصديق الودود ومنه ما آخى النبيء - صلى الله عليه وسلم - بين
المهاجرين والأنصار ، وقول
أبي بكر للنبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341836لما خطب النبيء منه عائشة إنما أنا أخوك . فقال له النبيء - صلى الله عليه وسلم - أنت أخي وهي حلال لي ويطلق الأخ على القرين كقولهم أخو الحرب ، وعلى التابع الملازم كقول عبد بني الحسحاس .
أخوكم ومولى خيركم وحليفكم ومن قد ثوى فيكم وعاشركم دهرا
أراد أنه عبدهم ، وعلى النسب والقرب كقولهم أخو العرب وأخو بني فلان .
فضمير وإخوانهم عائد إلى غير مذكور في الكلام ، إذ لا يصح أن يعود إلى المذكور قبله قريبا : لأن الذي ذكر قبله الذين اتقوا فلا يصح أن يكون الخبر ، وهو "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يمدونهم في الغي " متعلقا بضمير يعود إلى المتقين ، فتعين أن يتطلب السامع لضمير " وإخوانهم " معادا غير ما هو مذكور في الكلام بقربه ، فيحتمل أن يكون الضمير عائدا على معلوم من السياق وهم الجماعة المتحدث عنهم في هذه الآيات أعني المشركين المعنيين بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فتعالى الله عما يشركون nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=191أيشركون ما لا يخلق شيئا إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=192ولا يستطيعون لهم نصرا فيرد السامع الضمير إلى ما دل عليه السياق بقرينة تقدم نظيره في أصل الكلام ، ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هذه الآية متصلة في المعنى بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=192ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون ، أي وإخوان المشركين ، أي أقاربهم ومن هو من قبيلتهم وجماعة دينهم ، كقوله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=156وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أي يمد المشركون بعضهم بعضا في الغي ويتعاونون عليه فلا مخلص لهم من الغي .
[ ص: 235 ] ويجوز أن يعود الضميران إلى الشيطان المذكور آنفا باعتبار إرادة الجنس أو الأتباع ، كما تقدم ، فالمعنى وإخوان الشياطين أي أتباعهم كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين أما الضميران المرفوعان في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يمدونهم وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202لا يقصرون فهما عائدان إلى ما عاد إليه ضمير إخوانهم أي الشياطين ، وإلى هذا مال الجمهور من المفسرين ، والمعنى : وإخوان الشياطين يمدهم الشياطين في الغي ، فجملة " يمدونهم " خبر عن إخوانهم وقد جرى الخبر على غير من هو له ، ولم يبرز فيه ضمير من هو له حيث كان اللبس مأمونا وهذا كقول
يزيد بن منقذ :
وهم إذا الخيل جالوا في كواثبها
فوارس الخيل لا ميل ولا قزم
فجملة " جالوا " خبر عن الخيل وضمير " جالوا " عائد على ما عاد عليه ضمير " وهم " لا عن " الخيل " . وقوله " فوارس " خبر ضمير الجمع .
ويجوز أن يكون المراد من الإخوان الأولياء ويكون الضميران للمشركين أيضا ، أي وإخوان المشركين وأولياؤهم ، فيكون " الإخوان " صادقا بالشياطين كما فسر
قتادة ، لأنه إذا كان
nindex.php?page=treesubj&link=29567المشركون إخوان الشياطين ، كما هو معلوم ، كان الشياطين إخوانا للمشركين لأن نسبة الإخوة تقتضي جانبين ، وصادقا بعظماء المشركين ، فالخبر جار على من هو له ، وقد كانت هذه المعاني مجتمعة في هذه الآيات بسبب هذا النظم البديع .
وقرأ
نافع ، وأبو جعفر : " يمدونهم " بضم الياء وكسر الميم من الإمداد وهو تقوية الشيء بالمدد والنجدة كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=133أمدكم بأنعام وبنين ، وقرأه البقية : "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يمدونهم " بفتح الياء وضم الميم من مد الحبل يمده إذا طوله ، فيقال : مد له إذا أرخى له كقولهم " مد الله في عمرك " وقال
أبو علي الفارسي في كتاب الحجة : " عامة ما جاء في التنزيل مما يستحب أمددت على أفعلت كقوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55أن ما نمدهم به من مال وبنين " "
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=22وأمددناهم بفاكهة " و "
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36أتمدونني بمال " ، وما كان بخلافه يجيء على مددت قال - تعالى - "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15ويمدهم في طغيانهم يعمهون " فهذا يدل على أن الوجه فتح الياء كما ذهب إليه الأكثر من القراء ، والوجه في قراءة من قرأ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يمدونهم " أي بضم الياء أنه مثل "
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=34فبشرهم بعذاب أليم " أي هو استعارة تهكمية ، والقرينة قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202في الغي كما أن القرينة في الآية الأخرى قوله " بعذاب " وقد
[ ص: 236 ] علمت أن وقوع أحد الفعلين أكثر في أحد المعنيين لا يقتضي قصر إطلاقه على ما غلب إطلاقه فيه عند البلغاء ، وقراءة الجمهور "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يمدونهم " بفتح التحتية تقتضي أن يعدى فعل " يمدونهم " إلى المفعول باللام ، يقال مد له إلا أنه كثرت تعديته بنفسه على نزع الخافض كقوله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15ويمدهم في طغيانهم وقد تقدم في سورة البقرة .
والغي الضلال وقد تقدم آنفا .
و " في " من قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يمدونهم في الغي " على قراءة
نافع وأبي جعفر استعارة تبعية بتشبيه الغي بمكان المحاربة ، وأما على قراءة الجمهور فالمعنى : وإخوانهم يمدون لهم في الغي من مد للبعير في الطول .
أي يطيلون لهم الحبل في الغي ، تشبيها لحال أهل الغواية وازديادهم فيها بحال النعم المطال لها الطول في المرعى وهو الغي ، وهو تمثيل صالح لاعتبار تفريق التشبيه في أجزاء الهيئة المركبة ، وهو أعلى أحوال التمثيل ، ويقرب من هذا التمثيل قول طرفة : لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى
لكالطول المرخى وثنياه باليد
وعليه جرى قولهم : مد الله لفلان في عمره ، أو في أجله ، أو في حياته .
والإقصار الإمساك عن الفعل مع قدرة الممسك على أن يزيد .
و " ثم " للترتيب الرتبي أي وأعظم من الإمداد لهم في الغي أنهم لا يألونهم جهدا في الازدياد من الإغواء ، فلذلك تجد إخوانهم أكبر الغاوين .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202nindex.php?page=treesubj&link=28978وَإِخْوَانُهُمْ يُمِدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=201الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا عَطْفُ الضِّدِّ عَلَى ضِدِّهِ ، فَإِنَّ الضِّدْيَةَ مُنَاسَبَةٌ يَحْسُنُ بِهَا عَطْفُ حَالِ الضِّدِّ عَلَى ضِدِّهِ ، فَلَمَّا ذَكَرَ شَأْنَ الْمُتَّقِينَ فِي دَفْعِهِمْ طَائِفَ الشَّيَاطِينِ ، ذَكَرَ شَأْنَ أَضْدَادِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالضَّلَالِ ، كَمَا وَقَعَتْ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمُ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ [ ص: 234 ] مِنْ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَجَعَلَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=192وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ أَيْ : وَيَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ، يُرِيدُ أَنَّ شُرَكَاءَهُمْ لَا يَنْفَعُونَهُمْ بَلْ يَضُرُّونَهُمْ بِزِيَادَةِ الْغَيِّ .
وَالْإِخْوَانُ جَمْعُ أَخٍ عَلَى وَزْنِ فِعْلَانِ مِثْلُ جَمْعِ خَرَبٍ وَهُوَ ذَكَرُ الْحُبَارَى عَلَى خِرْبَانٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=28910وَحَقِيقَةُ الْأَخِ الْمُشَارِكِ فِي بُنُوَّةِ الْأُمِّ وَالْأَبِ أَوْ فِي بُنُوَّةِ أَحَدِهِمَا وَيُطْلِقُ الْأَخُ مَجَازًا عَلَى الصَّدِيقِ الْوَدُودِ وَمِنْهُ مَا آخَى النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، وَقَوْلُ
أَبِي بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341836لَمَّا خَطَبَ النَّبِيءُ مِنْهُ عَائِشَةَ إِنَّمَا أَنَا أَخُوكَ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْتَ أَخِي وَهِيَ حَلَالٌ لِي وَيُطْلَقُ الْأَخُ عَلَى الْقَرِينِ كَقَوْلِهِمْ أَخُو الْحَرْبِ ، وَعَلَى التَّابِعِ الْمُلَازِمِ كَقَوْلِ عَبْدِ بَنِي الْحَسْحَاسِ .
أَخُوكُمْ وَمَوْلَى خَيْرِكُمْ وَحَلِيفُكُمْ وَمَنْ قَدْ ثَوَى فِيكُمْ وَعَاشَرَكُمْ دَهْرَا
أَرَادَ أَنَّهُ عَبْدُهُمْ ، وَعَلَى النَّسَبِ وَالْقُرْبِ كَقَوْلِهِمْ أَخُو الْعَرَبِ وَأَخُو بَنِي فُلَانٍ .
فَضَمِيرُ وَإِخْوَانُهُمْ عَائِدٌ إِلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ فِي الْكَلَامِ ، إِذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَعُودَ إِلَى الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ قَرِيبًا : لِأَنَّ الَّذِي ذُكِرَ قَبْلَهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ ، وَهُوَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يُمِدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ " مُتَعَلِّقًا بِضَمِيرٍ يَعُودُ إِلَى الْمُتَّقِينَ ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَتَطَلَّبَ السَّامِعُ لِضَمِيرِ " وَإِخْوَانُهُمْ " مَعَادًا غَيْرَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْكَلَامِ بِقُرْبِهِ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى مَعْلُومٍ مِنَ السِّيَاقِ وَهُمُ الْجَمَاعَةُ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَعْنِي الْمُشْرِكِينَ الْمَعْنِيِّينَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=191أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=192وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا فَيَرُدُّ السَّامِعُ الضَّمِيرَ إِلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ بِقَرِينَةِ تَقَدُّمِ نَظِيرِهِ فِي أَصْلِ الْكَلَامِ ، وَلِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : هَذِهِ الْآيَةُ مُتَّصِلَةٌ فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=192وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ، أَيْ وَإِخْوَانُ الْمُشْرِكِينَ ، أَيْ أَقَارِبُهُمْ وَمَنْ هُوَ مِنْ قَبِيلَتِهِمْ وَجَمَاعَةِ دِينِهِمْ ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=156وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَيْ يَمُدُّ الْمُشْرِكُونَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا فِي الْغَيِّ وَيَتَعَاوَنُونَ عَلَيْهِ فَلَا مُخَلِّصَ لَهُمْ مِنَ الْغَيِّ .
[ ص: 235 ] وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرَانِ إِلَى الشَّيْطَانِ الْمَذْكُورِ آنِفًا بِاعْتِبَارِ إِرَادَةِ الْجِنْسِ أَوِ الْأَتْبَاعِ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، فَالْمَعْنَى وَإِخْوَانُ الشَّيَاطِينِ أَيْ أَتْبَاعُهُمْ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ أَمَّا الضَّمِيرَانِ الْمَرْفُوعَانِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يُمِدُّونَهُمْ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202لَا يُقْصِرُونَ فَهُمَا عَائِدَانِ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ إِخْوَانِهِمْ أَيِ الشَّيَاطِينِ ، وَإِلَى هَذَا مَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ ، وَالْمَعْنَى : وَإِخْوَانُ الشَّيَاطِينِ يَمُدُّهُمُ الشَّيَاطِينُ فِي الْغَيِّ ، فَجُمْلَةُ " يَمُدُّونَهُمْ " خَبَرٌ عَنْ إِخْوَانِهِمْ وَقَدْ جَرَى الْخَبَرُ عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ ، وَلَمْ يَبْرُزْ فِيهِ ضَمِيرُ مَنْ هُوَ لَهُ حَيْثُ كَانَ اللَّبْسُ مَأْمُونًا وَهَذَا كَقَوْلِ
يَزِيدَ بْنِ مُنْقِذٍ :
وَهُمْ إِذَا الْخَيْلُ جَالُوا فِي كَوَاثِبِهَا
فَوَارِسُ الْخَيْلِ لَا مِيلٌ وَلَا قَزَمُ
فَجُمْلَةُ " جَالُوا " خَبَرٌ عَنِ الْخَيْلِ وَضَمِيرُ " جَالُوا " عَائِدٌ عَلَى مَا عَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرُ " وَهُمْ " لَا عَنِ " الْخَيْلِ " . وَقَوْلُهُ " فَوَارِسُ " خَبَرُ ضَمِيرِ الْجَمْعِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْإِخْوَانِ الْأَوْلِيَاءَ وَيَكُونَ الضَّمِيرَانِ لِلْمُشْرِكِينَ أَيْضًا ، أَيْ وَإِخْوَانُ الْمُشْرِكِينَ وَأَوْلِيَاؤُهُمْ ، فَيَكُونُ " الْإِخْوَانُ " صَادِقًا بِالشَّيَاطِينِ كَمَا فَسَّرَ
قَتَادَةُ ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=29567الْمُشْرِكُونَ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ ، كَانَ الشَّيَاطِينُ إِخْوَانًا لِلْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْإِخْوَةِ تَقْتَضِي جَانِبَيْنِ ، وَصَادِقًا بِعُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ ، فَالْخَبَرُ جَارٍ عَلَى مَنْ هُوَ لَهُ ، وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَعَانِي مُجْتَمِعَةً فِي هَذِهِ الْآيَاتِ بِسَبَبِ هَذَا النَّظْمِ الْبَدِيعِ .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ ، وَأَبُو جَعْفَرٍ : " يُمِدُّونَهُمْ " بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنَ الْإِمْدَادِ وَهُوَ تَقْوِيَةُ الشَّيْءِ بِالْمَدَدِ وَالنَّجْدَةِ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=133أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ، وَقَرَأَهُ الْبَقِيَّةُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يُمِدُّونَهُمْ " بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ مِنْ مَدَّ الْحَبْلَ يَمُدُّهُ إِذَا طَوَّلَهُ ، فَيُقَالُ : مَدَّ لَهُ إِذَا أَرْخَى لَهُ كَقَوْلِهِمْ " مَدَّ اللَّهُ فِي عُمُرِكَ " وَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ فِي كِتَابِ الْحُجَّةِ : " عَامَّةُ مَا جَاءَ فِي التَّنْزِيلِ مِمَّا يُسْتَحَبُّ أَمْدَدْتُ عَلَى أَفْعَلْتُ كَقَوْلِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55أَنَّ مَا نَمُدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ " "
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=22وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ " وَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ " ، وَمَا كَانَ بِخِلَافِهِ يَجِيءُ عَلَى مَدَدْتُ قَالَ - تَعَالَى - "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ " فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ فَتْحُ الْيَاءِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْقُرَّاءِ ، وَالْوَجْهُ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يُمِدُّونَهُمْ " أَيْ بِضَمِّ الْيَاءِ أَنَّهُ مِثْلُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=34فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ " أَيْ هُوَ اسْتِعَارَةٌ تَهَكُّمِيَّةٌ ، وَالْقَرِينَةُ قَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202فِي الْغَيِّ كَمَا أَنَّ الْقَرِينَةَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى قَوْلُهُ " بِعَذَابٍ " وَقَدْ
[ ص: 236 ] عَلِمْتَ أَنَّ وُقُوعَ أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ أَكْثَرَ فِي أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ لَا يَقْتَضِي قَصْرَ إِطْلَاقِهِ عَلَى مَا غَلَبَ إِطْلَاقُهُ فِيهِ عِنْدَ الْبُلَغَاءِ ، وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يُمِدُّونَهُمْ " بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ تَقْتَضِي أَنْ يُعَدَّى فِعْلُ " يَمُدُّونَهُمْ " إِلَى الْمَفْعُولِ بِاللَّامِ ، يُقَالُ مَدَّ لَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَثُرَتْ تَعْدِيَتُهُ بِنَفْسِهِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْغَيُّ الضَّلَالُ وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا .
وَ " فِي " مِنْ قَوْلِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يُمِدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ " عَلَى قِرَاءَةِ
نَافِعٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ بِتَشْبِيهِ الْغَيِّ بِمَكَانِ الْمُحَارِبَةِ ، وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ فَالْمَعْنَى : وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَ لَهُمْ فِي الْغَيِّ مِنْ مَدٍّ لِلْبَعِيرِ فِي الطُّولِ .
أَيْ يُطِيلُونَ لَهُمُ الْحَبَلَ فِي الْغَيِّ ، تَشْبِيهًا لِحَالِ أَهْلِ الْغِوَايَةِ وَازْدِيَادِهِمْ فِيهَا بِحَالِ النَّعَمِ الْمُطَالِ لَهَا الطُّولُ فِي الْمَرْعَى وَهُوَ الْغَيُّ ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ صَالِحٌ لِاعْتِبَارِ تَفْرِيقِ التَّشْبِيهِ فِي أَجْزَاءِ الْهَيْئَةِ الْمُرَكَّبَةِ ، وَهُوَ أَعْلَى أَحْوَالِ التَّمْثِيلِ ، وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا التَّمْثِيلِ قَوْلُ طَرَفَةَ : لَعَمْرُكَ إِنَّ الْمَوْتَ مَا أَخَطَأَ الْفَتَى
لَكَالطِّوَلِ الْمُرْخَى وَثُنْيَاهُ بِالْيَدِ
وَعَلَيْهِ جَرَى قَوْلُهُمْ : مَدَّ اللَّهُ لِفُلَانٍ فِي عُمُرِهِ ، أَوْ فِي أَجَلِهِ ، أَوْ فِي حَيَاتِهِ .
وَالْإِقْصَارُ الْإِمْسَاكُ عَنِ الْفِعْلِ مَعَ قُدْرَةِ الْمُمْسِكِ عَلَى أَنْ يَزِيدَ .
وَ " ثُمَّ " لِلتَّرْتِيبِ الرُّتْبِيِّ أَيْ وَأَعْظَمُ مِنَ الْإِمْدَادِ لَهُمْ فِي الْغَيِّ أَنَّهُمْ لَا يَأْلُونَهُمْ جُهْدًا فِي الِازْدِيَادِ مِنَ الْإِغْوَاءِ ، فَلِذَلِكَ تَجِدُ إِخْوَانَهُمْ أَكْبَرَ الْغَاوِينَ .