nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36nindex.php?page=treesubj&link=28984_29786والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه الواو للاستئناف . وهذا استئناف ابتدائي انتقل به إلى فضل لبعض أهل الكتاب في حسن تلقيهم للقرآن بعد الفراغ من ذكر أحوال المشركين من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=30كذلك أرسلناك في أمة إلخ ، ولذلك جاءت على أسلوبها في التعقيب بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به .
والمناسبة هي أن الذين أرسل إليهم بالقرآن انقسموا في التصديق بالقرآن فرقا : ففريق آمنوا بالله وهم المؤمنون ، وفريق كفروا به وهم مصداق قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=30وهم يكفرون بالرحمن . كما تقدم أنه عائد إلى المشركين المفهومين من المقام كما هو مصطلح القرآن .
وهذا فريق آخر أيضا أهل الكتاب وهو منقسم أيضا في تلقي القرآن فرقتين : فالفريق الأول صدقوا بالقرآن وفرحوا به وهم الذين ذكروا في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=83وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق في سورة العقود ، وكلهم من
النصارى مثل
ورقة بن نوفل وكذلك غيره ممن بلغهم القرآن أيام مقام النبيء صلى الله عليه وسلم
بمكة قبل أن تبلغهم دعوة النبيء صلى الله عليه وسلم فإن
اليهود [ ص: 157 ] كانوا قد سروا بنزول القرآن مصدقا للتوراة ، وكانوا يحسبون دعوة النبيء صلى الله عليه وسلم مقصورة على العرب فكان
اليهود يستظهرون بالقرآن على المشركين ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ، وكان
النصارى يستظهرون به على
اليهود ; وفريق لم يثبت لهم الفرح بالقرآن وهم معظم
اليهود والنصارى البعداء عن
مكة . وما كفر الفريقان به إلا حين علموا أن دعوة الإسلام عامة .
وبهذا التفسير تظهر بلاغة التعبير عنهم ب ( يفرحون ) دون يؤمنون ، وإنما سلكنا هذا الوجه بناء على أن هذه السورة مكية كان نزولها قبل أن يسلم
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام nindex.php?page=showalam&ids=23وسلمان الفارسي وبعض
نصارى نجران وبعض
نصارى اليمن . فإن كانت السورة مدنية أو كان هذا من المدني فلا إشكال . فالمراد بالذين آتيناهم الكتاب الذين أوتوه إيتاء كاملا ، وهو المجرد عن العصبية لما كانوا عليه وعن الحسد ، فهو كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به .
فالأظهر أن المراد بالأحزاب أحزاب الذين أوتوا الكتاب ، كما جاء في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=37فاختلف الأحزاب من بينهم في سورة مريم ، أي ومن أحزابهم من ينكر بعض القرآن . فاللام عوض عن المضاف إليه . ولعل هؤلاء هم خبثاؤهم ودهاتهم الذين توسموا أن القرآن يبطل شرائعهم فأنكروا بعضه . وهو ما فيه من الإيماء إلى ذلك من إبطال أصول عقائدهم مثل عبودية
عيسى عليه السلام بالنسبة
للنصارى . ونبوءته بالنسبة
لليهود .
وفي التعبير عنهم بالأحزاب إيماء إلى أن هؤلاء هم المتحزبون المتصلبون لقومهم ولما كانوا عليه . وهكذا كانت حالة اضطراب أهل الكتاب عندما دمغتهم بعثة النبيء صلى الله عليه وسلم وأخذ أمر الإسلام يفشو .
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36nindex.php?page=treesubj&link=28984_29786وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ . وَهَذَا اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ انْتُقِلَ بِهِ إِلَى فَضْلٍ لِبَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي حُسْنِ تَلَقِّيهِمْ لِلْقُرْآنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ ذِكْرِ أَحْوَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=30كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ إِلَخَّ ، وَلِذَلِكَ جَاءَتْ عَلَى أُسْلُوبِهَا فِي التَّعْقِيبِ بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ .
وَالْمُنَاسَبَةُ هِيَ أَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ بِالْقُرْآنِ انْقَسَمُوا فِي التَّصْدِيقِ بِالْقُرْآنِ فِرَقًا : فَفَرِيقٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ ، وَفَرِيقٌ كَفَرُوا بِهِ وَهُمْ مِصْدَاقُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=30وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ . كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ الْمَفْهُومِينَ مِنَ الْمَقَامِ كَمَا هُوَ مُصْطَلَحُ الْقُرْآنِ .
وَهَذَا فَرِيقٌ آخَرُ أَيْضًا أَهْلُ الْكِتَابِ وَهُوَ مُنْقَسِمٌ أَيْضًا فِي تَلَقِّي الْقُرْآنِ فِرْقَتَيْنِ : فَالْفَرِيقُ الْأَوَّلُ صَدَّقُوا بِالْقُرْآنِ وَفَرِحُوا بِهِ وَهُمُ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=83وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ ، وَكُلُّهُمْ مِنَ
النَّصَارَى مِثْلَ
وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّنْ بَلَغَهُمُ الْقُرْآنُ أَيَّامَ مَقَامِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَهُمْ دَعْوَةُ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ
الْيَهُودَ [ ص: 157 ] كَانُوا قَدْ سُرُّوا بِنُزُولِ الْقُرْآنِ مُصَدِّقًا لِلتَّوْرَاةِ ، وَكَانُوا يَحْسَبُونَ دَعْوَةَ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْصُورَةً عَلَى الْعَرَبِ فَكَانَ
الْيَهُودُ يَسْتَظْهِرُونَ بِالْقُرْآنِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ، وَكَانَ
النَّصَارَى يَسْتَظْهِرُونَ بِهِ عَلَى
الْيَهُودِ ; وَفَرِيقٌ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمُ الْفَرَحُ بِالْقُرْآنِ وَهُمْ مُعْظَمُ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الْبُعَدَاءُ عَنْ
مَكَّةَ . وَمَا كَفَرَ الْفَرِيقَانِ بِهِ إِلَّا حِينَ عَلِمُوا أَنَّ دَعْوَةَ الْإِسْلَامِ عَامَّةٌ .
وَبِهَذَا التَّفْسِيرِ تَظْهَرُ بَلَاغَةُ التَّعْبِيرِ عَنْهُمْ بِ ( يَفْرَحُونَ ) دُونَ يُؤْمِنُونَ ، وَإِنَّمَا سَلَكْنَا هَذَا الْوَجْهَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ كَانَ نُزُولُهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ nindex.php?page=showalam&ids=23وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَبَعْضُ
نَصَارَى نَجْرَانَ وَبَعْضُ
نَصَارَى الْيَمَنِ . فَإِنْ كَانَتِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةً أَوْ كَانَ هَذَا مِنَ الْمَدَنِيِّ فَلَا إِشْكَالَ . فَالْمُرَادُ بِالَّذِينِ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ الَّذِينَ أُوتُوهُ إِيتَاءً كَامِلًا ، وَهُوَ الْمُجَرَّدُ عَنِ الْعَصَبِيَّةِ لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ وَعَنِ الْحَسَدِ ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ .
فَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْزَابِ أَحْزَابُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ، كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=37فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ ، أَيْ وَمِنْ أَحْزَابِهِمْ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَ الْقُرْآنِ . فَاللَّامُ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ . وَلَعَلَّ هَؤُلَاءِ هُمْ خُبَثَاؤُهُمْ وَدُهَاتُهُمُ الَّذِينَ تَوَسَّمُوا أَنَّ الْقُرْآنَ يُبْطِلُ شَرَائِعَهُمْ فَأَنْكَرُوا بَعْضَهُ . وَهُوَ مَا فِيهِ مِنِ الْإِيمَاءِ إِلَى ذَلِكَ مِنْ إِبْطَالِ أُصُولِ عَقَائِدِهِمْ مِثْلَ عُبُودِيَّةِ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالنِّسْبَةِ
لِلنَّصَارَى . وَنُبُوءَتِهِ بِالنِّسْبَةِ
لِلْيَهُودِ .
وَفِي التَّعْبِيرِ عَنْهُمْ بِالْأَحْزَابِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ الْمُتَحَزِّبُونَ الْمُتَصَلِّبُونَ لِقَوْمِهِمْ وَلِمَا كَانُوا عَلَيْهِ . وَهَكَذَا كَانَتْ حَالَةُ اضْطِرَابِ أَهْلِ الْكِتَابِ عِنْدَمَا دَمْغَتْهُمْ بَعْثَةُ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَ أَمْرُ الْإِسْلَامِ يَفْشُو .