[ ص: 196 ] فصل .
قال
ابن أبي الإصبع : لا تخرج
nindex.php?page=treesubj&link=28912فواصل القرآن عن أحد أربعة أشياء : التمكين ، والتصدير ، والتوشيح ، والإيغال .
nindex.php?page=treesubj&link=28912فالتمكين ويسمى ائتلاف القافية : أن يمهد الناثر للقرينة أو الشاعر للقافية تمهيدا تأتي به القافية أو القرينة متمكنة في مكانها ، مستقرة في قرارها مطمئنة في مواضعها غير نافرة ولا قلقة ، متعلقا معناها بمعنى الكلام كله تعلقا تاما ، بحيث لو طرحت لاختل المعنى واضطرب الفهم ، وبحيث لو سكت عنها كمله السامع بطبعه .
ومن أمثلة ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=87ياشعيب أصلاتك تأمرك أن نترك [ هود : 87 ] . الآية فإنه لما تقدم في الآية ذكر العبادة وتلاه ذكر التصرف في الأموال ، اقتضى ذلك ذكر الحلم والرشد على الترتيب; لأن الحلم يناسب العبادات ، والرشد يناسب الأموال .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=26أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون [ السجدة : 26 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=27أولم يروا أنا نسوق الماء إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=27أفلا يبصرون [ السجدة : 27 ] . فأتى في الآية الأولى ب يهد لهم وختمها ب يسمعون لأن الموعظة فيها مسموعة وهي أخبار القرون .
وفي الثانية ب يروا وختمها ب يبصرون لأنها مرئية .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير [ الأنعام : 103 ] . فإن اللطيف يناسب ما لا يدرك بالبصر ، والخبير يناسب ما يدركه .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فتبارك الله أحسن الخالقين [ المؤمنون : 12 - 14 ] . فإن في هذه الفاصلة
nindex.php?page=treesubj&link=28912_28875التمكين التام المناسب لما قبلها ، وقد
[ ص: 197 ] بادر بعض الصحابة حين نزل أول الآية إلى ختمها بها ، قبل أن يسمع آخرها ، فأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، قال : أملى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين إلى قوله nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14خلقا آخر قال nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل فتبارك الله أحسن الخالقين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له معاذ : مم ضحكت يا رسول الله قال : بها ختمت .
وحكي أن أعرابيا سمع قارئا يقرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=209فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات [ البقرة : 209 ] . )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=34فاعلموا أن الله غفور رحيم ( ولم يكن يقرأ القرآن فقال : إن كان هذا كلام الله ، فلا يقول كذا ، الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل ، لأنه إغراء عليه .
[ ص: 196 ] فَصْلٌ .
قَالَ
ابْنُ أَبِي الْإِصْبَعِ : لَا تَخْرُجُ
nindex.php?page=treesubj&link=28912فَوَاصِلُ الْقُرْآنِ عَنْ أَحَدِ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ : التَّمْكِينِ ، وَالتَّصْدِيرِ ، وَالتَّوْشِيحِ ، وَالْإِيغَالِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28912فَالتَّمْكِينُ وَيُسَمَّى ائْتِلَافُ الْقَافِيَةِ : أَنْ يُمَهِّدَ النَّاثِرُ لِلْقَرِينَةِ أَوِ الشَّاعِرُ لِلْقَافِيَةِ تَمْهِيدًا تَأْتِي بِهِ الْقَافِيَةُ أَوِ الْقَرِينَةُ مُتَمَكِّنَةً فِي مَكَانِهَا ، مُسْتَقِرَّةً فِي قَرَارِهَا مُطْمَئِنَةً فِي مَوَاضِعِهَا غَيْرَ نَافِرَةٍ وَلَا قَلِقَةٍ ، مُتَعَلِّقًا مَعْنَاهَا بِمَعْنَى الْكَلَامِ كُلِّهِ تَعَلُّقًا تَامًّا ، بِحَيْثُ لَوْ طُرِحَتْ لَاخْتَلَّ الْمَعْنَى وَاضْطَرَبَ الْفَهْمُ ، وَبِحَيْثُ لَوْ سُكِتَ عَنْهَا كَمَّلَهُ السَّامِعُ بِطَبْعِهِ .
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=87يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ [ هُودٍ : 87 ] . الْآيَةَ فَإِنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ الْعِبَادَةِ وَتَلَاهُ ذِكْرُ التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ ، اقْتَضَى ذَلِكَ ذِكْرَ الْحِلْمِ وَالرُّشْدِ عَلَى التَّرْتِيبِ; لِأَنَّ الْحِلْمَ يُنَاسِبُ الْعِبَادَاتِ ، وَالرُّشْدَ يُنَاسِبُ الْأَمْوَالَ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=26أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ [ السَّجْدَةِ : 26 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=27أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=27أَفَلَا يُبْصِرُونَ [ السَّجْدَةِ : 27 ] . فَأَتَى فِي الْآيَةِ الْأُولَى بِ يَهْدِ لَهُمْ وَخَتَمَهَا بِ يَسْمَعُونَ لِأَنَّ الْمَوْعِظَةَ فِيهَا مَسْمُوعَةٌ وَهِيَ أَخْبَارُ الْقُرُونِ .
وَفِي الثَّانِيَةِ بِ يَرَوْا وَخَتَمَهَا بِ يُبْصِرُونَ لِأَنَّهَا مَرْئِيَّةٌ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [ الْأَنْعَامِ : 103 ] . فَإِنَّ اللَّطِيفَ يُنَاسِبُ مَا لَا يُدْرَكُ بِالْبَصَرِ ، وَالْخَبِيرَ يُنَاسِبُ مَا يُدْرِكُهُ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [ الْمُؤْمِنُونَ : 12 - 14 ] . فَإِنَّ فِي هَذِهِ الْفَاصِلَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=28912_28875التَّمْكِينَ التَّامَّ الْمُنَاسِبَ لِمَا قَبْلَهَا ، وَقَدْ
[ ص: 197 ] بَادَرَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ حِينَ نَزَلَ أَوَّلُ الْآيَةِ إِلَى خَتْمِهَا بِهَا ، قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ آخِرَهَا ، فَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ : أَمْلَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ إِلَى قَوْلِهِ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14خَلْقًا آخَرَ قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ : مِمَّ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : بِهَا خُتِمَتْ .
وَحُكِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=209فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ [ الْبَقَرَةِ : 209 ] . )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=34فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( وَلَمْ يَكُنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَالَ : إِنْ كَانَ هَذَا كَلَامَ اللَّهِ ، فَلَا يَقُولُ كَذَا ، الْحَكِيمُ لَا يَذْكُرُ الْغُفْرَانَ عِنْدَ الزَّلَلِ ، لِأَنَّهُ إِغْرَاءٌ عَلَيْهِ .