مسألة : قال
الشافعي : " ومن لم تتق نفسه إلى ذلك فأحب إلي أن يتخلى لعبادة الله تعالى ( قال ) : وقد ذكر الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60والقواعد من النساء [ النور : 60 ] وذكر عبدا أكرمه فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39وسيدا وحصورا والحصور الذي لا يأتي النساء ولم يندبهن إلى النكاح ، فدل أن المندوب إليه من يحتاج إليه " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، وجملته أنه لا يخلو حال الإنسان من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=10793تائق النفس إلى النكاح ، شديد الشهوة له ، تنازعه نفسه إليه وإن لم يحدثها به ، فهذا مندوب إلى النكاح ومأمور به ، ونكاحه أفضل من تركه : لئلا تدعوه شدة الشهوة إلى مواقعة الفجور ، وفي مثله وردت أخبار الندب .
والقسم الثاني : أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=10794مصروف الشهوة عنه ، غير تائق إليه ، ومتى حدث نفسه به لم ترده ، فالأفضل لمثل هذا أن لا يتعرض له ، وتركه أفضل له من فعله ، لئلا يدعوه الدخول فيه
[ ص: 33 ] إلى العجز عما يلزمه من حقوق ، وفي مثله وردت أخبار الكراهة ، وقد
nindex.php?page=treesubj&link=31977أثنى الله تعالى على يحيى بن زكريا في ترك النساء فقال nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39وسيدا وحصورا [ آل عمران : 39 ] وفيه تأويلان :
أحدهما : أن السيد الخليفة ، والحصور الذي لا يأتي النساء . وهذا قول
قتادة .
والثاني : أن السيد الفقيه ، والحصور الذي لا يقدر على إتيان النساء . وهذا قول
سعيد بن المسيب .
وذكر الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا [ النور : 60 ] والقواعد : هن اللاتي قعدن بالكبر عن الحيض والحمل فلا يردن الرجال ولا يريدهن الرجال .
والقسم الثالث : أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=10792معتدل الشهوة إن صبرت نفسه عنه صبر ، وإن حدثها به فسدت ، فلا يخلو حاله من أحد أمرين :
إما أن يكون مشتغلا بالطاعة ، أو مشتغلا بالدنيا ، فإن كان مشتغلا بطاعة من عبادة أو علم ، فتركه للنكاح تشاغلا بالطاعة أفضل له وأولى به ، وإن كان متشاغلا بالدنيا فالنكاح أولى به من تركه : لأمرين :
أحدهما : للتشاغل به عن الحرص في الدنيا .
والثاني : لطلب الولد ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923838إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده .
وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
سبع يجري على العبد أجرهن بعد موته من كرى نهرا ، أو حفر بئرا ، أو وقف وقفا ، أو ورق مصحفا ، أو بنى مسجدا ، أو علم علما ، أو خلف ولدا صالحا يدعو له ، والله أعلم .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ : " وَمَنْ لَمْ تَتُقْ نَفْسُهُ إِلَى ذَلِكَ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَخَلَّى لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى ( قَالَ ) : وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ [ النُّورِ : 60 ] وَذَكَرَ عَبْدًا أَكْرَمَهُ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَالْحَصُورُ الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَمْ يَنْدُبْهُنَّ إِلَى النِّكَاحِ ، فَدَلَّ أَنَّ الْمَنْدُوبَ إِلَيْهِ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا صَحِيحٌ ، وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُ الْإِنْسَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=10793تَائِقَ النَّفْسِ إِلَى النِّكَاحِ ، شَدِيدَ الشَّهْوَةِ لَهُ ، تُنَازِعُهُ نَفْسُهُ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُحَدِّثْهَا بِهِ ، فَهَذَا مَنْدُوبٌ إِلَى النِّكَاحِ وَمَأْمُورٌ بِهِ ، وَنِكَاحُهُ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ : لِئَلَّا تَدْعُوَهُ شِدَّةُ الشَّهْوَةِ إِلَى مُوَاقَعَةِ الْفُجُورِ ، وَفِي مِثْلِهِ وَرَدَتْ أَخْبَارُ النَّدْبِ .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=10794مَصْرُوفَ الشَّهْوَةِ عَنْهُ ، غَيْرَ تَائِقٍ إِلَيْهِ ، وَمَتَى حَدَّثَ نَفْسَهُ بِهِ لَمْ تُرِدْهُ ، فَالْأَفْضَلُ لِمِثْلِ هَذَا أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لَهُ ، وَتَرَكُهُ أَفْضَلُ لَهُ مِنْ فِعْلِهِ ، لِئَلَّا يَدْعُوَهُ الدُّخُولُ فِيهِ
[ ص: 33 ] إِلَى الْعَجْزِ عَمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ حُقُوقٍ ، وَفِي مِثْلِهِ وَرَدَتْ أَخْبَارُ الْكَرَاهَةِ ، وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=31977أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا فِي تَرْكِ النِّسَاءِ فَقَالَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39وَسَيِّدًا وَحَصُورًا [ آلِ عِمْرَانَ : 39 ] وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ السَّيِّدَ الْخَلِيفَةُ ، وَالْحَصُورَ الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ . وَهَذَا قَوْلُ
قَتَادَةَ .
وَالثَّانِي : أَنَّ السَّيِّدَ الْفَقِيهُ ، وَالْحَصُورَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى إِتْيَانِ النِّسَاءِ . وَهَذَا قَوْلُ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ .
وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا [ النُّورِ : 60 ] وَالْقَوَاعِدُ : هُنَّ اللَّاتِي قَعَدْنَ بِالْكِبَرِ عَنِ الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فَلَا يُرِدْنَ الرِّجَالَ وَلَا يُرِيدُهُنَّ الرِّجَالُ .
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=10792مُعْتَدِلَ الشَّهْوَةِ إِنْ صَبَرَتْ نَفْسُهُ عَنْهُ صَبَرَ ، وَإِنْ حَدَّثَهَا بِهِ فَسَدَتْ ، فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ :
إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُشْتَغِلًا بِالطَّاعَةِ ، أَوْ مُشْتَغِلًا بِالدُّنْيَا ، فَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِطَاعَةٍ مِنْ عِبَادَةٍ أَوْ عِلْمٍ ، فَتَرْكُهُ لِلنِّكَاحِ تَشَاغُلًا بِالطَّاعَةِ أَفْضَلُ لَهُ وَأَوْلَى بِهِ ، وَإِنْ كَانَ مُتَشَاغِلًا بِالدُّنْيَا فَالنِّكَاحُ أَوْلَى بِهِ مِنْ تَرْكِهِ : لِأَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : لِلتَّشَاغُلِ بِهِ عَنِ الْحِرْصِ فِي الدُّنْيَا .
وَالثَّانِي : لِطَلَبِ الْوَلَدِ ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923838إِنَّ الرَّجُلَ لَيُرْفَعُ بِدُعَاءِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ .
وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
سَبْعٌ يَجْرِي عَلَى الْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ مَنْ كَرَى نَهْرًا ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا ، أَوْ وَقَفَ وَقْفًا ، أَوْ وَرَّقَ مُصْحَفًا ، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا ، أَوْ عَلَّمَ عِلْمًا ، أَوْ خَلَّفَ وَلَدًا صَالِحًا يَدْعُو لَهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .